أحكام التظلم وفقاً للقانون الإداري العراقي
المحامية / منال داود العكيدي
التظلم لغة (شكا منه ظلمه والمتظلم الذي يشكو رجلاً ظلمه والمتظلم أيضاً الظالم، ويُقال تظلمني فلان فظلّمه تظليماً أي أنصفهُ من ظالمهِ وإعانهُ عليه ويقال ظلمته فتظلم أي صبر على الظلم) ويعرف فقهاء القانون الاداري التظلم على انه (التماس يقدمه صاحب الشأن الى الجهة الادارية التي اصدرت القرار او الجهة الرئاسية يطلب فيه اعادة النظر في القرار اما بسحبه او الغائه او تعديله وذلك قبل الى دفعه القضاء الاداري لرفع دعوى الالغاء).
والحكمة من التظلم هو انه يعد طريقا اداريا لحل الكثير من المنازعات من دون تدخل القضاء مما يوفر الكثير من الجهد والمال والوقت الذي تستغرقه اجراءات التقاضي البطيئة .
وتكون نتيجة التظلم هو اما ان تقوم الجهة الادارية التي اصدرت القرار الى سحبه او تعديله لعدم الملاءمة وهو ما لايتحقق عند اللجوء الى القضاء كون ان دور الاخير يقتصر على الالغاء الذي يقف عند رقابة المشروعية .
والتظلم قد يكون اختياريا ويقصد به ان لصاحب الحق التوجه الى الادارة للتظلم من قرارها او اللجوء مباشرة الى القضاء للطعن بالقرار الاداري.
وقد يكون التظلم وجوبيا وعند ذلك يجبر صاحب الشان بالتظلم اولا من القرار الاداري امام الجهة التي اصدرته قبل الطعن به امام القضاء وفي هذه الحالة يكون التظلم شرطا لازما لقبول دعوى الالغاء وهذا ما معمول به في العراق حيث ان التظلم امام الجهة الادارية التي اصدرت القرار الاداري يعد شرطا لقبول دعوى الالغاء امام محكمة القضاء الاداري .
حيث تنص المادة ( 7 / ثانيا / 5) من قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 106 لسنة 1989 (يشترط قبل تقديم الطعن الى محكمة القضاء الاداري ان يتظلم صاحب الشان امام الجهة الادارية المتخصصة والتي عليها ان تبت في التظلم وفقا للقانون في مدة ثلاثين يوما من تاريخ تسجيل التظلم لديها وبخلاف ذلك تقوم محكمة القضاء الاداري بتسجيل الطعن لديها بعد استيفاء الرسم القانوني ).
ومن الملاحظ ان النص القانوني انف الذكر قد اغفل تحديد موعد معين لقيام صاحب الشان بالتظلم من القرار امام الجهة الادارية التي عليها ان تبت فيه خلال مدة ثلاثين يوما من تاريخ تسجيله لديها وهذا يعني ان لصاحب الشان ان يقدم التظلم الى الجهة الادارية متى شاء.
ولا بد من توافر عدة شروط للتظلم الاداري ليكون صالحا لفحصه موضوعيا من قبل الجهة الادارية التي قدم اليها هذا التظلم وهذه الشروط هي:
-ان يكون محل التظلم الاداري قرارا اداريا موجودا وقت التظلم منه.
-وان يتضمن التظلم عرضا واضحا للموضوع مع تحديد دقيق لمحل التظلم والطلبات التي يسعى المتظلم الى تحقيقها ويجب ان تكون عبارات التظلم دقيقة ومحددة المعنى وان يشتمل على كل البيانات اللازمة كذكر الجهة التي صدر عنها القرار واسم الطاعن ومكان اقامته.
-كما يجب ان يكون التظلم مجديا بمعنى ان تترتب عليه امكانية سحب القرار الاداري او تعديله اما اذا كانت الجهة الادارية لاتملك العدول عن قرار صدر من الجهة الادارية المتخصصة فعند ذلك يكون التظلم غير مجد وكذلك فانه فلا بد ان يقدم التظلم الاداري الى الجهة الادارية المتخصصة وهي الجهة التي اصدرت القرار الاداري المتظلم منه او الى الجهة الرئاسية لها لان تقديم تظلم الى جهة ادارية غير متخصصة يكون غير منتج لاثاره .
فاذا كان التظلم الاداري مستوفيا لكل الشروط اعلاه فانه يكون منتجا لاثاره لذلك فان الادارة تكون امام خيارين اما اعادة النظر بالقرار الاداري بتعديله او سحبه وعندئذ ينتهي النزاع او اصرارها على موقفها وفي هذه الحالة يتم سلوك الطريق القضائي باقامة دعوى الالغاء لدى محكمة القضاء الاداري .
ولابد من القول ان التظلم يوجب على الادارة فحص القرار الاداري واعادة دراسته والبت فيه سلبا او ايجابا كما اسلفنا وفي حالة سكوتها فان هذا يعتبر رفضا ضمنيا للتظلم او ما يسمى الرفض حكما واذا استمر سكوتها عن البت بمصير القرار الاداري فان انتهاء المدة المقررة وهي ثلاثون يوما يعتبر ابتداء لسريان ميعاد دعوى الالغاء.
وتشير التطبيقات العملية للتظلم في العراق الى انه ياخذ بالتظلم الرئاسي حيث يتم تقديم التظلم الى الوزير المتخصص او رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة لاسيما اذا كان الامر الاداري قد صدر من جهة لا تتمتع بالشخصية المعنوية حيث ان ذلك يحقق الشكلية اللازمة عند رفع دعوى الالغاء لدى محكمة القضاء الاداري من ناحية تحقيق الخصومة والتي تستوجب الاعتراض على القرارات الادارية لدى الوزير المتخصص وهو مايسمى التظلم الرئاسي .
26 أغسطس، 2017 at 10:59 ص
بحث مهم