التعاقد بالعربون
قد يمر المتعاقدان في عقد البيع بمرحلة تمهيدية تؤدي على وجه محقق أو على وجه غير محقق إلى البيع النهائي. وقد يقترن بالبيع الإبتدائي عربون.
دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من طرفيه خيار العدول عنه، ما لم يظهر أنهما قصدا غير ذلك، أو كان العرف يقضي بخلافه.
إذا كانت دلالة العربون جواز الرجوع في عقد البيع، فإنه إذا عدل من دفع العربون فقده، وهو المشتري وإذا عدل البائع عن البيع رد إلى المشتري ضعف قيمة العربون.
ومعنى العربون أن كلاً من المتعاقدين قد أرادا إثبات حق الرجوع لكل منهما ومن ثم دفع العربون هو مقابل الحق في الرجوع، من ثم لا يجوز تخفيض العربون إذا تبين أن الضرر الذي أصاب الطرف الآخر أقل من قيمته ’ كما لا تجوز زيادته إذا تبين أن الضرر الذي أصاب أحد المتعاقدين أكبر من قيمة العربون، مالم يكن هناك تعسف في استعمال حق الرجوع.
إذ لا تكون الزيادة تعويضاً عن التعسف، وليس تعويضاً عن الرجوع في ذاته فالعربون إذاً هو مقابل حق الرجوع في البيع , أي بدل عن هذا الرجوع ومن ثم يمكن تكييفه بأنه “البدل في إلتزام بدلي”ويكون المدين – سواء كان بائعاً أو مشترياً – ملتزم أصلى بالإلتزام الوارد في عقد البيع ودائنا في ذلك الوقت بالحق الذي يقابل هذا الإلتزام , ولكن تبرأ ذمته من الإلتزام ويسقط بداهه الحق المقابل تبعاً لذلك إذا أدى العربون ويترتب على ذلك أن العربون بدل مستحق بالعقد فدفعه إنما هو تنفيذا للعقد وليس فسخاً له.
يختلف العربون عن الشرط الجزائي، لأن الشرط الجزائي هو تعويض اتفق المتعاقدان على تقديره. أي أن الشرط الجزائي هو تعويض إتفاقي عن الضرر الذي ينشأ بسبب الإخلال بأي شرط من شروط التعاقد من جانب أحد طرفي العقد. ومن ثم يجوز للقاضي أن يخفض من مقدار التعويض الاتفاقي المنصوص عليه في الشرط الجزائي، إذا كان مبالغاً فيه إلى درجة كبيرة. بل يجوز للقاضي ألا يحكم بأي تعويض اتفاقي إذا لم يلحق الدائن أي ضرر.
دفع العربون وقت العقد قرينه على جواز العدول عن البيع وجواز اتفاق الطرفين صراحة أو ضمناً على أن يقصد بدفع العربون تأكيد العقد.
وأثره أن للمشتري العدول عن الصفقة مع خسرانه للعربون وللبائع العدول عنها مع إلتزامه برد ضعف العربون.
كما إذا كان اتجاه نية المتعاقدين إلى جعل دفع العربون تأكيدا للصفقة , أثره عدم جواز عدولهما عن البيع واعتبار العربون المدفوع جزءاً من الثمن وجواز مطالبة أي منهما للآخر بتنفيذ العقد أو بالفسخ مع التعويض طبقاً للقواعد العامة.
وتعرضت المادة 76 من القانون المدني تحديد المدة التي يباشر خلالها خيار العدول عن العقد عندما يسمح هو بذلك لأي من المتعاقدين أو لكليهما.
وإذ حدد الاتفاق لذلك مدة أو جرى العرف بتحديدها، لم تكم ثمة صعوبة ووجب مباشرة رخصة العدول خلالها وإلا تأكد قيام العقد .
فإن لم تحدد مدة لمباشرة خيار العدول عن العقد عرفاً أو اتفاقاً، بقى هذا الخيار قائماً للمتعاقد وحق له أن يعدل عن العقد.
أما في حالة استحالة تنفيذ الإلتزامات الناشئة عن العقد (م/77) التي قد تطرأ بعد إبرامه مقترناً بخيار العدول،( ذبح البقرة او هدم المنزل المبيع) وتعذر بذلك الوفاء بالتزامه بالتسليم الى المشترى نتيجة خطئه , تعتبر هنا استحالة التنفيذ في في حكم العدول عن العقد، فلا يكون للمتعاقد الآخر أكثر من قيمة العربون المتفق عليه (م/75) فلا يكون له الحق في التعويض.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
مكتب المحامية موضي الموسى
اترك تعليقاً