الحق في المساواة
المؤلف : مروج هادي الجزائري
الكتاب أو المصدر : الحقوق المدنية والسياسية وموقف الدساتير العراقية منها
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
تعتبر المساواة المبدأ الدستوري الأساسي الذي تستند إليه جميع الحقوق والحريات في الوقت الحاضر ، والذي يتصدر جميع اعلانات الحقوق العالمية والمواثيق الدستورية ، فقد نصت المادة الاولى من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ( يولد جميع الناس احرارا متساوين في الكرامة والحقوق ) والمادة الثانية منه ( لكل انسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان ، دون أي تمييز ، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس او اللغة او الدين او الرأي السياسي او أي رأي آخر أو الأصل الوطني أو الاجتماعي او الثروة او الميلاد او أي وضع اخر دون أي تفرقة بين الرجال والنساء ) ، كذلك نصت المادة الثانية /1 من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية ( تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها دون أي تمييز بسبب العرق او الجنس او اللغة او الدين او الرأي سياسيا أو غير سياسي او الاصل القومي او الاجتماعي او الثروة او النسـب او غير ذلك من الاسباب ) .
لذلك نجد الانظمة الديمقراطية تقرر ان تنظيم الحقوق والحريات العامة وما يتضمنه هذا التنظيم من تقييد او تحديد لا يمكن ان يتم الا بموجب قوانين عامة مجردة تكفل المساواة لجميع المواطنين .
واهم مظاهر المساواة : المساواة في الحقوق والمساواة في الاعباء العامة(1).
أولا/ المساواة في الحقوق : تشمل المساواة امام القانون والمساواة امام القضاء والمساواة في تولي الوظائف العامة .
1.المساواة أمام القانون : يقصد بالمساواة أمام القانون عدم التمييز او التفرقة بين المواطنين عند تطبيق القانون عليهم لأي سبب من الأسباب سواء بسبب الأصل او اللون او الدين او اللغة او المركز الاجتماعي او المالي . وقد نصت المادة السابعة مـن الاعلان العالمـي لحقوق الانسان على هذا المبدأ بالقول ( كل الناس سواسية امام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة من دون أي تفرقة ، كما ان لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يخل بـهذا الاعلان وضـد أي تحريض علـى تميـيز كهذا ) ، وكذلك المادة السادسة والعشرون من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية ( الناس جميعا سواء امام القانون ويتمتعون دون أي تمييز بحق متساو في التمتع بحمايته ) .
2.المساواة امام القضاء : تشمل هذه المساواة القضاء بمختلف جهاته ودرجاته ، وتعني ممارسة جميع الافراد لحق التقاضي على قدم المساواة من دون تفرقة ، ويقتضي مضمون هذه المساواة وحدة القضاء أي ان يتقاضى الجميع امام محاكم واحدة لا تختلف باختلاف الأشخاص او الطبقات الاجتماعية ، كذلك يجب ان يكون القانون المطبق على الجميع في منازعاتهم القضائية واحدا وان تكون إجراءات التقاضي موحدة وان توقع ذات العقوبات المقررة للجرائم نفسها على أشخاص مرتكبيها ، وينتج عن ذلك وحدة العقوبات الموقعة نتيجة وحدة القانون المطبق من جهة وشخصية العقوبة من جهة أخرى .
ولا يتعارض مع مضمون المساواة امام القضاء وجود محاكم مختلفة باختلاف أنواع المنازعات او باختلاف طبيعة الجرائم بشرط ان لا تقام تفرقة او يتقرر تمييز بين أشخاص المتقاضين ولا يخالف هذه المساواة وجود محاكم خاصة بطوائف معينة من المواطنين اذا دعت الضرورة بشرط ان لا تكون مدعاة لتمييز فئة من الافراد او انتقاص حقوق طائفة من الناس(2) .
وقد نصت المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على هذا الحق بالقول ( لكل إنسان الحق على قدم المساواة التامة مع الآخرين في ان تنظر قضيته محكمة مستقلة نزيهة نظرا عادلا علنيا للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه اليه ) ، والمادة الرابعة عشر/1 من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية على إن ( الناس جميعا سواء امام القضاء ) .
3.المساواة في تولي الوظائف العامة : يقصد بها ان يتساوى جميع المواطنين في تولي الوظائف العامة وان يعاملوا المعاملة نفسها من حيث المؤهلات والشروط المطلوبة قانونا لكل وظيفة ، ومن حيث المزايا والحقوق والواجبات .
ولا شك في ان التفرقة بين الوظائف المختلفة من حيث المزايا او المرتبات او الضمانات امر لا يتنافى مع المساواة امام الوظائف العامة لان هذه المساواة لا تكون الا بين ذوي الظروف والمؤهلات المتماثلة وليس هناك ما يمنع من وضع انظمة خاصة بفئات معينة من الموظفين تتفق مع طابع الوظائف ونظام العمل فيها ، كما هو حاصل فعلا بشأن رجال القضاء والجيش وغيرهم(3).
ثانيا / المساواة في التكاليف والاعباء العامة :
ان المساواة بين المواطنين لاتكون في التمتع بالحقوق فقط بل تشمل التكاليف والاعباء العامة ايضا ، وبدونها تتحول المساواة في الحقوق الى مساواة نظرية بحته ، وينتج عن هذا المبدأ :
1- المساواة امام الضرائب : تعني هذه المساواة ان تكون مساهمة الافراد في اداء الضرائب وفق مقدار دخولهم او ثرواتهم ولا يتنافى مع ذلك جواز إعفاء ذوي الدخول المحدودة من أداء الضرائب او تقرير قاعدة تصاعد الضريبة وما تتضمنه من رفع نسبتها كلما زادت قيمة الثروة او ارتفع مقدار الدخل شرط ان يكون ذلك وفق قاعدة عامة تنطبق على الجميع(4).
2- المساواة أمام أداء الخدمة العسكرية : يعد أداء الخدمة العسكرية واجبا وطنيا يتساوى المواطنون كافة في القيام به . فالمساواة هنا عامة وشخصية فلا يجوز ان يحل شخص اخر محل الشخص المطلوب تجنيده من ناحية وان تتساوى مدة اداء الخدمة العسكرية لجميع الافراد كقاعدة عامة من ناحية اخرى ولا يتعارض مع هذه المساواة تقرير الاعفاء منها لبعض الافراد لانعدام اللياقة البدنية او لاسباب اجتماعية . اما الاعفاء من هذا الواجب مقابل دفع مبلغ نقدي او بسبب الانتماء الى فئة او طبقة اجتماعية معينة ، فانه يتنافى مع المساواة بين المواطنين في تحمل الاعباء العامة(5). اضافة الى ان هذه الاعفاءات تمثل فهما سيئا لمعنى الجندية ، فالجندية يجب ان يفهمها المشرع قبل ان يفهمها العامة على انها شرف يسعى اليه وليس شراء يرجى الخلاص منه(6).
_____________________________
1- طعيمة الجرف – نظرية الدولة – الاسس العامة للتنظيم السياسي / الكتاب الاول- مكتبة القاهرة الحديثة – 1966 – ص314
2- عبد الغني بسيوني – مصدر سابق – ص373
3- ثروت بدوي – مصدر سابق – ص440
4- محمد عبد العال السناري – النظرية العامة للحقوق والحريات العامة – الطبعة الاولى – المكتبة القانونية –القاهرة – من دون سنة طبع – ص113 .
5-عبد الحكيم حسن العيلي – مصدر سابق – ص94
6- عثمان خليل عثمان – القانون الدستوري ( المبادئ الدستورية العامة ) الكتاب الاول- مطبعة مصر – القاهرة – 1956 – ص141 .
اترك تعليقاً