التعريف القانوني للأهلية
التعريف القانوني للأهلية :
هي صلاحية الشخص على اكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات و مباشرة الأعمال القانونية التي تكسبه حقا أو تحمله التزاما . ” كما جاء بالنص في القانون المدني ”
و من ثم فالصلاحية شرط لقيام الأهلية . . . فإذا فقدت الصلاحية انتفت مع الأهلية
فمثلاً . . إذا حكم علي شخص بالسجن . . فقد فقدت الصلاحية لمباشرة الأعمال القانونية و من ثم فقد أهليته في إبرام أي تصرف قانوني .
و الأهلية نوعان :
الأول: أهليَّة الوجوب: وهي صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له
الثاني: أهليَّة الأداء: وهي: صلاحية الإنسان لأن يطالب بالأداء، ولأن تعتبر أقواله وأفعاله، وتترتَّب عليها آثارها الشرعية
و قد نصت تقربياً جمبع قوانين الوطن العربي علي هذا المفهوم ، ومنه ما نص عليه القانون المغربي في مواده :
المادة 207 :
أهلية الوجوب هي صلاحية الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات التي يحددها القانون، وهي ملازمة له طول حياته ولا يمكن حرمانه منها•
المادة 208 :
أهلية الأداء هي صلاحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية والمالية ونفاذ تصرفاته، ويحدد القانون شروط اكتسابهأو أسباب نقصانها أو انعدامها•
أقسام الأهلية :
أهليَّة كاملة ، وأهليَّة ناقصة.
1- فأهلية الوجوب الناقصة، ما كانت فيها صلاحيته لوجوب الحقوق له فقط لا عليه. مثل الجنين الذي تثبت له بعض الحقوق، مثل حقِّه في الميراث وحقه في المحافظة عليه من التلف.
2- وأهليَّة الوجوب الكاملة، ما تكون صلاحية الإنسان فيها لثبوت الحقوق له وعليه. كما في الصبي والبالغ حيث تثبت لهما حقوق مثل النفقة، وتثبت عليهما حقوق أيضا مثل نفقة الأقارب من مالِهما.
3- وأهليَّة الأداء الناقصة: هي صلاحية الإنسان لأداء بعض الأعمال وترتّب الأثر عليها دون بعض آخر. كما حَكَمَ الشارع بصحة معاملته المأذون بـإجرائها من قبل وليّه
عوارض الأهلية من الناحية القانونية و الشرعية :
أولهما : العوارض السماوية.
والثاني : العوارض المكتسبة.
والعوارض السماوية هي التي لا دخل للإنسان في اكتسابها وتحصيلها ، وأهمها : الجنون والعته والإغماء والمرض.
أما العوارض المكتسبة فهي التي تحدث للشخص بفعله واختياره وتؤثر على قدراته المختلفة ، وأهمها : الجهل والسكر والخطأ والإكراه.
وفيما يلي بيان معنى أهم العوارض السماوية وتأثيرها على أهلية الأداء.
أولا : الجنون :
الجنون اختلال القوة المميزة بين الأمور الحسنة والقبيحة المدركة للعواقب. ويظهر هذا الاختلال في إتيان المجنون أفعالا لا يقصدها أو لا يقصد إحداث نتائجها. وقد يكون هذا الجنون ممتدا لا تتخلله إفاقة أو متقطعا تتخلله الإفاقة. ويشبه الجنون المتقطع الذي تتخلله الإفاقة بعض الأمراض النفسية الشديدة التي تجعل المصاب بها يتخيل الخيالات الفاسدة ويفزع في أحوال كثيرة من غيرها ما يصلح سببا فيطير قلبه ولا يجتمع ذهنه مما يؤثر على اختلال قصده لأفعاله أو قصده لنتائجها. وليس من الجنون هذا الاضطراب النفسي أو العصبي الذي يظهر في الاستفزاز الشديد بدون سبب يوجبه والاضطراب والهياج والغضب الذي يفقد الشخص تقديره للأمور ، دون أن يفقده القدرة على السيطرة على أفعاله ومعرفة نتائجها وإدراك عواقب ما يصدر عنه من أفعال. سواء رجع هذا الاضطراب والجنوح للاستفزاز الشديد بغير موجب إلى مرض عصبي أو حادثة من حوادث الحياة كخيانة زوجة أو صديق أو تعثر في العمل أو ضياع مال فإن مثل ذلك لا يبلغ مبلغ الجنون ، ويحاسب مثل هذا الشخص على فعله ، ويعتد بتصرفاته القولية والفعلية.
وينافي الجنون أهلية الأداء ، لأن مناطها العقل والتمييز ، ولذا لا تصح عباداته ، ولا يخاطب بها ، وتبطل تصرفاته المالية ، ولا يعاقب بما يرتكبه من جرائم الحدود كالزنا وشرب الخمر والسرقة والقذف ، كما لا يعاقب في جرائم القصاص ، لأنه لا عمد له ، ولو قتل المجنون أحد متعمدا ذلك اعتبر عمده خطأ يوجب الدية. ولا يخفي أن انتفاء أهلية الأداء للمجنون لا يؤثر على ثبوت أهلية الوجوب له ، لأنها ثابتة له بمقتضى الإنسانية.
ثانيا – العته :
يعرفه الأصوليين بأنه آفة توجب اختلال العقل ، فيختلط كلام صاحبه حتى يشبه كلام العقلاء أحيانا وكلام المجانين أحيانا أخرى. والعته كالجنون في الذهاب بسلامة الإدراك ، وإن كان الجنون أقوى ، لأن العته ضعف الإدراك أما الجنون فيكاد يصل إلى درجة انعدامه.
ويفرق الأصوليين لبيان حكم المعتوه بين المميز وغير المميز ، فغير المميز يلحق بالمجنون في عدم مساءلته جنائيا وبطلان تصرفاته القولية بمعنى عدم ترتيب آثارها الشرعية ، وعدم صحة عباداته. أما المميز فحكمه حكم الصبي المميز في منع عقابه وصحة تصرفاته النافعة وبطلان ما كان ضارا كالتبرعات ووقف تصرفاته المترددة بين النفع والضرر كالبيع والشراء على إجازة وليه. وله بهذا أهلية أداء ناقصة.
ثالثا – النسيان :
النسيان هو غفلة الإنسان وذهوله عن بعض ما كان قد علمه بغير قصد منه.
وحكم النسيان ما يلي :
1 – لا ينافي أهلية خطاب الوضع ، ولا يكون عذرا في حقوق العباد ، فلو أتلف مال غيره ناسيا وجب عليه الضمان.
2 – لا ينافي النسيان خطاب التكليف ، لوجود شروطه من العقل والتمييز. ولذا لو غفل عن صلاته وجب عليه أن يؤديها إذا ذكرها.
3 – لا يعذر الناسي فيما يتعلق بحقوق الله تعالى إن وجد مع النسيان تقصير ، كأن يغفل عما يجب عليه تذكره مع وجود دواعي التذكر.من ذلك الأكل في الصلاة ، فإن وقوفه لأدائها وانخراطه فيها يذكره بامتناعه عن الأفعال الخارجة عن الصلاة. ومن ذلك اللعب بمسدس محشو بالرصاص وتوجيهه إلى شخص والضغط على الزناد ناسيا وضع المقذوف الناري فيه من قبل. وإنما عد مقصرا في هذه الحالة لأن عظم الخطر وضخامة النتائج يستوجب زيادة الحذر ، ووضع المقذوف الناري في المسدس مما يجب عدم نسيانه فيضمن ويعاقب بغير القصاص.
4 – يعذر الناسي إن لم ينشأ النسيان بتقصير منه. ولذا لو أكل ناسيا وهو صائم لم يبطل صومه ، وذلك لما في الطبيعة من النزوع إلى الأكل ، ولو سلم في قعوده بعد الركعتين الأوليين في صلاة الظهر أو المغرب لم تفسد صلاته.
رابعا – المرض :
حالة تعرض للإنسان تؤثر في القدرة على الفعل. ويعرفه المرحوم أحمد إبراهيم بأنه هو ” ما يعتري الأجسام الحية من خلل أو نقص تخرج به عن حالة اعتدالها العادية قليلا كان أو كثيرا. وقد ينتهي به الأمر إلى القضاء على الحياة.
المرض بهذا نوعان :
1 – المرض الذي يبرأ منه من ألم به ولا يعقبه الموت. وهو المرض العام.
2 – مرض الموت ، وهو الذي لا يفصل البرء بينه وبين حدوث الموت.وهو المرض الخاص الذي يؤثر في التصرفات المختلفة.
وأحكام النوع الأول من المرض فيما يلي :
1 – لا ينافي المرض أهلية الأداء الكاملة ، وتصح تصرفات المريض المختلفة ، وتترتب عليه آثارها. وذلك لأن المرض لا يؤثر في العقل ولا يمنع من التمييز.
2 – لا ينافي المرض أهلية الوجوب ، فيثبت التكليف بالعبادات والخطاب بالعقوبات.
3 – يعد المرض عذرا تسقط به بعض الواجبات التي لا يستطيعها المريض أو تؤثر على صحته كوجوب الوضوء أو الغسل للصلاة ويصح له التيمم بدلا منهما إن كان الماء يضره.
أما مرض الموت فتتعلق به الأحكام التالية :
1 – لا ينافي أهلية الوجوب ويجري تكليفه بالعبادات والعقوبات.
2 – يعد المرض عذرا تسقط به بعض الواجبات التي لا يطيقها المريض أو تؤثر على صحته كذلك.
3 – أما بالنسبة لتصرفاته التي قد تضر بالغرماء فيحجر عليه فيها ويقضي بمنعه من هذا الضرر ، ولذا تتقيد أهليته في التبرع بما يزيد عن قيمة ديونه. وتتقدم ديون الصحة على ديون مرض الموت حماية لدائني الصحة ، لأن دينهم أقوى.
4 – تتقيد تبرعاته ومحاباته في الشراء والبيع بما لا يجاوز ثلث ماله ، لتلعق حق ورثته بثلثي ماله.
5 – إقرار المريض بدين عليه لوراثة إقرار صحيح موقوف على إذن سائر الورثة لتعلق حقوقهم بالتركة واحتمال محاباة أحدهم فيها ، فينفذ الإقرار إن أجازوه ويبطل إن لم يجيزوه. أما إن كان الإقرار بالدين الأجنبي فإن الإقرار يصح لبعد التهمة في المحاباة. ولا يفرق الشافعية بين إقرار المريض مرض الموت للوارث أو الأجنبي ، ويحملون الإقرارين على الصحة والنفاذ دون توقف على إذن أحد. ويرجع الخلاف بين الشافعية والأحناف في حكم إقرار المريض لوارث إلى الخلاف بينهما في أصل النظر إلى التصرف والحكم بصحته إذا اجتمعت فيه الأسباب الظاهرة للصحة. أما الأحناف فلا يكتفون بالنظر في الأسباب الظاهرة لصحة التصرف ، ويبحثون في القصد والنية عند وجود سبب يدعو إلى هذا البحث. ويعبر الزنجاني عن هذا الأصل بقولة : ” الأصل عند الشافعي رضي الله عنه أن الفعل إذا وجد مطابقا لظاهر الشرع حكم بصحته ، ولا تعتبر التهمة في الأحكام تتبع الأسباب الجبلية ، دون المعاني الخفية. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه كل فعل تمكنت التهمة فيه حكم بفساده لتعارض دليل الصحة والفساد.
6 – يصح نكاح المريض مرض الموت ويثبت به الحق في الميراث والمهر دون توقف على إذن أحد. ويخالف المالكية في هذا ويرون أن المرض المخوف الذي يغلب فيه الهلاك يمثل مانعا من موانع الزواج.
7 – يقع طلاق المريض مرض الموت ، وترثه المطلقة البائنة شريطة :
• حدوث الموت من المرض الذي تم فيه الطلاق.
• وأن يكون موت المطلق أثناء العدة.
• وألا يكون الطلاق بطلبها ولا بسبب من جهتها.
وأنما حكم بتوريثها مع بينونتها لتمكن التهمة من قصده الإضرار بها والفرار من توريثها ، فترثه ، معاملة له بنقيض مقصودة الظالم ومنعا له من التعسف في استعمال حق من الحقوق التي يرتبها الزواج. لقد شرع الطلاق لتحقيق مقاصد معينه ، هي إنهاء الحياة الزوجية التي فشل الطرفان في تحقيق المصالح المتوخاة من الزواج ، وتتمثل في التعاون للإنجاب وتربية الأولاد ومقاسمة الطرفين حياة أساسها المودة والرحمة ، ولم يشرع الطلاق لتمكين الزوج من الفرار من توريث زوجته ، فيعد متعسفا في استعمال حق مشروع لتحقيق نتائج غير مشروعه بهذا الحق ، فلا يقع تصرفه ، ولهذا ترث منه المطلقة بائنا رغم انتهاء الحياة الزوجية حقيقة وحكما. ولا يخفي أنه لا يرثها هو لو ماتت هي في مرض موته ، لانتهاء الزواج بينهما بطلاقة البائن ، وقد وقع ذلك بسبب من جهته فيعامل به.
ومذهب الشافعية عدم تورث المطلقة في مرض موت الزوج طلاقا بائنا ، لأنهم يرتبون الأحكام الشرعية على الأسباب الظاهرة دون المعاني الخفية والقصد طبقا لما تقدم.
ثانيا: العوارض المكتسبة
تقدم معنى العوارض المكتسبة التي تطرأ بفعل الإنسان واختياره وتؤثر في أهليته. وفيما يلي بيان بمعنى أهم هذه العوارض المكتسبة وأبرز أحكامها.
أولا – السكر :
هو اختلاط الكلام والهذيان ، وينقسم إلى نوعين :
أولهما : السكر بطريق مباح كالبنج والأدوية المتخذة للعلاج والخمر عند الاضطرار.
والثاني : السكر بطريق محظور.
وحكم السكران بطريق مباح فيما يلي :
1 – لا ينافي السكر أهلية الوجوب ، فتثبت في ذمة السكران الواجبات التي تنشأ أسبابها عند سكره ، فلو أتلف مال غيره أو جرحه لزمه الضمان ووجب عليه التعويض.
2 – ينافي السكر أهلية الأداء ، فلا يكلف بأداء ما وجب عليه من العبادة أثناء سكره ، ولكن يجب عليه القضاء.
3 – لا تترتب على مثل هذا السكر عقوبة ، فلا يحد حد الشرب ولا حد السكر ، ولا تثبت في حقه عقوبة تعزيزية بتعاطي هذا المسكر.
4 – ينافي السكر ترتيب المسئولية الجنائية لعدم توافر القصد والنية.
5 – لا تقع تصرفاته المختلفة ، فلا يصح منه طلاق ولا عتاق وهو بمنزلة المغمى عليه الذي لا تترتب الآثار الشرعية على عبارته.
أما السكر بطريق محظور فتترتب عليه الأحكام التالية :
1 – لا ينافي السكر أهلية خطاب التكليف ، فيلزم السكران التكليف بالصوم والصلاة.
2 – ينافي السكر أهلية الأداء في العبادات المختلفة ، فلا يصح أداؤه للصلاة والصوم أثناء سكره.
3 – عدم الاعتداد بعبارته في الإقرارات والعقود والطلاق وهو مذهب الظاهرية والأمامية والليث بن سعد ، وهو ما أخذ به مرسوم 1929 في عدم إيقاع الطلاق بعبارة السكران ، سواء سكر بمحرم أو مباح. ويخالف جمهور الفقهاء في ذلك فيذهبون إلى الاعتداد بأقواله في العقود والتصرفات المختلفة كالطلاق ويؤاخذ بها. ويعلل الآمدى لنفوذ طلاق السكران بعبارته لأهلية لخطاب الوضع ، فإن عبارته سبب للطلاق ، ومتى وقع السبب وقع المسبب ، كما جعل زوال الشمس وطلوع الهلال سببا في وجوب الصلاة والصوم.
4 – ترتب المسئولية الجنائية على أفعاله ومعاقبة بها ، فيجب عليه القصاص إذا قتل ويحد حد القذف إذا اتهم غيره أثناء سكره بارتكاب جريمة الزنا إذا ارتكب ما يوجبه.وهو الألفان. أما إذا اتفقا على بناء النكاح على المواضعه فالمهر المستحق هو ألف. وبهذا فإن الهزل يبطل التسمية في الصداق ويرجع إلى الاتفاق الحقيقي أو إلى مهر المثل إذا لم يمكن الرجوع إلى هذا الاتفاق.
ثانيا – السفه :
السفه خفة تعتري الإنسان فتبعثه على العمل بخلاف موجب العقل وعلى التصرف في المال بالتبذير المجاوز للحد. وإنما اعتبر السفه من العوارض المكتسبة لأن السفيه يعمل باختياره على خلاف ما يوجبه العقل مع وجود العقل فلا يكون سماويا. ويفترق السفيه عن المعتوه ، لأن المعتوه يشبه المجنون في بعض أفعاله وأقواله بخلاف السفيه فإنه لا يشابه المجنون ولكن يتبع أهواءه ويتصرف من غير نظر وروية في عواقب تصرفاته.
ويترتب على السفه الأحكام التالية:
1 – السفيه له أهليته الكاملة في الوجوب والأداء ، فيخاطب بالعبادات ويعاقب على ما يرتكبه من جنايات ويضمن ما يتلفه من أموال الناس.
2 – لا يدفع إليه ماله إذا بلغ سفيها لقولة تعالى( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما)، وإنما يدفع إليه المال إذا بلغ سن الرشد لقوله تعالى ( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) والرشد هو الصلاح في العقل والقدرة على حسن التصرف في المال وحفظه ومعرفة المعاملات والمقاصد منها.
3 – يحجر على السفيه ويمنع من التصرفات المالية عند جمهور الفقهاء. ويستدلون لذلك بقوله تعالى( فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل ) فقد دلت الآية على أن للسفيه وليا يقوم مقامه في إملاء كتابة ورقة الدين. ويستدلون كذلك ” أن السفيه بإتلاف ماله وإسرافه يصير مطية لديون الناس ومظنة لوجوب النفقة عليه من بيت المال فيصير على المسلمين وبالا وعلى بيت مالهم عيالا ” فيجب الحجر عليه دفعا للضرر عن المسلمين ومن يعولهم.
ويخالف أبو حنيفة في الحجر على السفيه إذا طرأ عليه السفه بعد بلوغه رشيدا أو بلوغه خمسا وعشرين سنه ، دليله أن في الحجر عليه إهدارا لآدميته وحفظا لماله ، وصون الآدمية مقدم على صون المال فيمتنع الحجر عليه.
ولا يخفى أن أدلة الجمهور القائلين بجواز الحجر على السفيه أقوى ، من حيث الاستناد إلى النصوص ، فإن قوله تعالى ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) عام في السفيه الذي بلغ الخامسة والعشرين والذي لم يبلغ هذه السن. وقوله تعالى ( فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل ) واضح في أن إملاء شروط الدين ووثيقته ليس للسفيه نفسه ، وإنما هو لوليه فدل ذلك على أن له وليا يتصرف في أمواله. والتعبير بالوصف ( سفيه ) يدل على مناط العلة في الحكم ، وهو الاسم ( السفه ) ، والحكم هنا هو تنصيب الولي.
4 – التصرفات التي يحجر على السفيه فيها هي التصرفات التي تحتمل الفسخ ، ويملك العاقدان الرجوع فيها وإلغائها ، وهي التي تتعلق بالأموال بيعا وشراء وإجازة وقرضا وهبة ووصية. أما التصرفات الأخرى التي لا تقبل الفسخ باتفاق الأطراف كالزواج والطلاق والزكاة والحج ودفع نفقة الزوج والأقارب فلا يحجر على السفيه فيها ولا يمنع منها.
5 – لا يحجر على السفيه إلا بحكم من المحكمة ولا يرفع عنه الحجر إلا بحكم من المحكمة كذلك فيما أخذ به عدد من الفقهاء ، من بينهم الإمام أبو يوسف. حجة أصحاب هذا الرأي أن الحجر على السفيه للمصلحة ، ويحتاج إثباتها والحكم بوجودها إلى من له الولاية العامة ، وهو القاضي. غير أن هناك اتجاها آخر في الفقه الإسلامي إلى ثبوت الحجر بمجرد السفه دون حاجة إلى قضاء القاضي ، لأنه هو السبب في الحكم بالحجر ، فيترتب المسبب على سببه ، دون حاجة إلى أمر خارج عنه ، وهو حكم القاضي. لقد ثبت الحجر على المجنون بجنونه وعلى الصغير بصغره فيثبت الحجر على السفيه بسفهه طبقا لذلك.
السفيه في القانون المصري :
يرجع إلى الشريعة الإسلامية في موضوعات الأهلية والحجر لأنها كانت وما تزال تعتبر مكملة للقانون المدني في هذه الموضوعات. وقد صدر قانون الولاية رقم 119 الصادر في أغسطس سنة 1952 وعدد مواده 88 مادة متضمنا النص على أن السفيه من بين من يشملهم الحجر من التصرفات المالية.
ثالثا – الخطأ :
معنى الخطأ :
الخطأ في اللغة خلاف الصواب ، وفي اصطلاح الأصوليين عبارة عن أن يفعل المرء فعلا من غير أن يقصده قصدا تاما. وفي هذا المعنى جاء قوله تعالى : ( وما كان لمن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) أي لا يحق للمسلم أن يقتل مؤمنا على وجه العمد. وقوله صلى الله عليه وسلم ” رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ” أي الإثم ، دون النتائج الأخرى من الضمان والمؤاخذة على الإهمال إن كان جسيما ويمكن التحرز منه.
وقد يكون الخطأ في الفعل بانتفاء القصد إلية ، كما أنه قد يكون في المحل أو النتيجة ، وذلك بأن يقصد الفعل دون أن يقصد نتيجته. من الأول أن تأتي إلى زناد المسدس فتنطلق رصاصة وتصيب شخصا ، ومن الثاني أن يطلق النار في الهواء فيصيب شخصا واقفا في شرفه عالية. ولا فرق بين الفعلين في اعتبارهما من الخطأ.
أحكام الخطأ:
يترتب على الخطأ العديد من الأحكام ، من بينهما :
1 – لا ينافي الخطأ أهلية الخطاب الشرعي بشقيه الوضعي والتكليفى ، لأن خطاب الوضع لا يقتضي القصد أو العقل والتمييز وإنما يشترط له الأهلية لثبوت الحقوق والواجبات ، وهى مرتبطة بالإنسانية كما تقدم. ولا ينفي الخطأ أهلية التكليف لأن الخطأ لا ينافي العقل والتمييز.
2 – يصلح الخطأ أن يكون عذرا في سقوط حقوق الله تعالى إذا حصل عن اجتهاد ، ويصلح شبهه في العقوبة حتى لا يأثم المخطئ إثم القتل ولا يؤخذ بحد ولا قصاص ، لأنها عقوبات كاملة فلا تجب إلا إذا اكتملت الجريمة بالقصد إليها ونية فاعلها. أما العقوبات التعزيزيه فتتوجه إلى المخطئ إذا صحب الخطأ إهمال شديد أو تقصير. فإنه سبب لتخفيف العقوبات الحدية والقصاص ، ولكنه لا ينفي استحقاق العقوبة التعزيزيه ، لأنه ” لا ينفك – أي الخطأ – عن ضرب ( نوع ) تقصير وهو ترك التثبت والاحتياط ، فهو بأصل الفعل مباح وبترك التثبت محظور فيكون جناية قاصرة يصلح لجزاء قاصر”. وبهذا فإن الخطأ يصلح سببا لتخفيف العقوبة الحدية والعقوبة بالقصاص ، وهو مع ذلك محل لثبوت العقوبة التعزيزية ، وهو لا يعد بهذا ” مانعا من التكليف في نطاق العقوبات ” مطلقا ، حسبما فهمه بعض الكاتبين.
3 – لا يعد الخطأ عذرا لإسقاط حقوق العباد ، فيجب معه الضمان والتعويض عما يتلفه المخطئ ، ولذا لو أوقد النار في حشائش حقله فانتقلت منه إلى حقل جاره وأحرقت زرعه ضمن قيمة الزرع ، ولو أطلق النار في عرس فأصاب شخصا وجبت الدية.
4 – لا ينفي الخطأ وجوب الكفارة لأنه لا ينفك عن تقصير. وكفارة القتل الخطأ كما جاء في القرآن الكريم هي تحرير رقبة مؤمنه فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.
5 – لا تنفذ تصرفات المخطئ القولية ولا تقع عند الجمهور ، فطلاق المخطئ لا يقع. فلو أراد أن يقول شيئا معينا ، وسبق لسانه بكلمة الطلاق لم تطلق الزوجة. وكذا لو نطق بكلمة البيع لسيارته أو إجارتها أو غير هذا من العقود لم تقع منه ، ولم يعتد بعبارته التي تلفظ بها على سبيل الخطأ. وفي هذا يخالف الأحناف ويرون وقوع طلاق المخطئ وانعقاد العقود بعبارته ، وذلك لصدور الألفاظ من مكلف له أهلية كاملة ، فتنعقد عبارته سببا لترتب الأحكام الشر عبه عليها. كذلك فإن الأحكام الشرعية ترتبط بأسباب منضبطة ظاهرة يمكن الإطلاع عليها ، والخطأ أمر باطن يتيسر ادعاءه ولا يمكن ضبطه. وعلى الرغم من انعقاد العقود بعبارة المخطئ في مذهب الأحناف فإنهم يرون أن هذا الانعقاد حكمة الفساد ، فينعقد العقد بعبارة المخطئ لكنه لا ينفذ لعدم القصد إلية.
أما الجمهور فيذهبون إلى عدم وقوع الطلاق وعدم انعقاد العقد بعبارة المخطئ لعد القصد. والكلم إنما تترتب آثاره الشرعية بالقصد إليه ، ولذا لم يعتد بكلام المجنون مع صدور صورته منه وموافقة ما يقوله للصورة التي ينطق بها صحيح العقل ، غير أنهما افترقا في القصد وعدمه ، إذ المجنون لا يقصد ما يقوله على خلاف الصحيح العقل.
والحاصل أن الأحناف يوقعون الطلاق بعبارة المخطئ خلافا للجمهور ، كما تنعقد العقود بعبارته عند الأحناف ، وإن كان انعقادها هذا فاسدا فلا تنفذ بهذه العبارة. ويخالف الجمهور في هذا أيضا ، فلا تنعقد العقود عندهم بعبارة المخطئ مطلقا.
رابعا – الإكراه :
معنى الإكراه :
الإكراه في اللغة بمعنى القهر والمشقة. ويعرفه السرخسي بأنه ( اسم لفعل يفعله المرء بغيره فينتفي به رضاه أو يفسده به اختياره من غير أن تنعدم به الأهلية حق المكره أو يسقط عنه الاختيار ). وبهذا فإن الإكراه هو حمل الغير على القيام بفعل أو التلفظ بقول لا يريده ولا يسعى إلى تحصيل آثاره لو ترك وشأنه فيختار فعله اختيارا فاسدا ، لأنه لا يختار الفعل أو عدمه ، وهو صحيح الاختيار ، وإنما يفعل ما يفعله باختيار فاسد لأنه يقدم على الفعل تحت وطأة الخوف من وقوع التهديد المكره به. ويفرق الأحناف بين الرضا بالشيء وإدارته وبين اختياره ، وعندهم أن الإكراه يعدم الرضا دون الاختيار ، لأن المكره يفعل ما يفعله باختياره الفاسد بين الإقدام على الفعل وبين وقوع التهديد.
وينقسم الإكراه إلى نوعين :
أولهما : الإكراه الملجئ ، وهو الذي يكون فيه التهديد بالقتل أو قطع عضو ، ومنه التهديد بمنع الطعام والشراب إلي الحد الذي يخاف منه على سلامة النفس أو الأعضاء. ويعني الإلجاء إفساد الاختيار وضعفه إلى الحد الذي يصير معه المكره آلة في يد المكره الحامل على الفعل.
والثاني : الإكراه الغير ملجئ أو الناقص الذي يكون التهديد فبه بضرب أو حبس أو قيد. وليس له حد معين ، ويختلف ما يكون به هذا النوع من الإكراه باختلاف الأشخاص ، وما يتسبب في إلحاق الغم والحزن بالحبس والقيد والضرب. ويلتحق به لذلك أن يكون التهديد بالضرب أو بالحبس أو القيد متعلقا بفروع المكره أو أصوله أو ذي رحم محرم منه أو الزوجة أو غير ذلك ممن يمت إلى المكره بسبب ، لأنه يوجب الاغتنام والحزن كذلك. وفي المادة 278 من مرشد الحيران أن ” الإكراه بحبس الوالدين والأولاد وغيرهم من ذي رحم محرم أو بضربهم يعدم الرضا أيضا”. والمعيار الذي ذكره البووي هو القضاء بحصول الإكراه في كل ما يؤثر العاقل الإقدام عليه حذرا مما هدد به ، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأفعال المطلوبة والأمور المخوف بها ، فقد يكون الشيء إكراها في شئ دون غيره ، وفي حق شخص دون آخر”. وبذلك فإن معيار الإكراه معيار نفسي مادي يستند إلى ما قام في نفس المكره مع النظر إلى الظروف الموضوعية التي أنتجت هذا الأثر.
ويقترب من ذلك تعريف القانون المدني المصري للإكراه فيما يستفاد مما جاء في الفقرة الثانية من المادة 127 ، فهو رهبة يبعثها المكره في نفس المكره مع النظر إلى الظروف الموضوعية التي أنتجت هذا الأثر.
ويقترب من ذلك تعريف القانون المدني المصري للإكراه فيما يستفاد مما جاء في الفقرة الثانية من المادة 127 ، فهو رهبة يبعثها المكره في نفس المكره إذا كانت هذه الرهبة قائمة على أساس بمعنى أن ظروف الحال كانت تصور للطرف الذي يدعيها أن خطرا جسميا محدقا يهدده هو أو غيره في النفس أو الشرف أو الجسم أو المال.
أحكام الإكراه :
يترتب على الإكراه أحكام عديدة منها :
1 – لا ينافي الإكراه أهلية الوجوب والأداء لوجود مناطها وهو الإنسانية والعقل والتمييز.
2 – يعدم الإكراه الرضا بالاتفاق ، لأن المكره يقدم على الفعل دون أن يكون راضيا به.
3 – يعدم الإكراه الاختيار عند جمهور الفقهاء ، لأن المكره بتهديد بما يخاف منه على نفسه أو ماله أو عرضه لم يعد أمامه سوى الإقدام على الفعل المكره علية ، ولا يتوجه خطاب التكليف بهذا للمكره ، لأن تحقيق الاختيار شرط في التكليف. والإكراه الذي يمنع من التكليف هو الإكراه بغير حق. أما الإكراه بحق كإجبار القاضي الرجل على تطليق زوجته إذا آلي منها ، وكإجبار المدين على بيع ماله للوفاء بدينه ، فلا يمنع من التكليف.
ومذهب الأحناف أن الإكراه لا ينفي الاختيار ، لأن المكره يقدم على الفعل باختيار منه لأخف الضررين ، فمن أكره على إتلاف مال لأحد وكان مهددا بالقتل لو لم يفعل ، فإنه يوازن بين تعريض نفسه للقتل وبين قيامه بإتلاف المال ، وإذا لم يختر القتل لإحساسه بزيادة ضرره عن الضرر الذي يحدث من إتلاف المال فإنه يختار الأمر الآخر ، وهو إتلاف المال. نعم ، لاشك في أنه لم يرض بإتلاف أيضا لكنه اختاره – مع عدم رضاه به – تجنبا للقتل المهدد به.
4 – تبطل إقرارت المكره باتفاق العلماء ، سواء كان الإكراه ملجئا أو غير ملجئ ، فمن أقر تحت الإكراه بدين أو زواج أو طلاق كان اعترافه باطلا ولا ينشأ به حق من الحقوق ، لأن الإكراه حجة إذا صدر باختيار المقر ، فإذا فسد هذا الاختيار لم يعتد بهذا الإقرار.
5 – تبطل عقود المكره المالية في المذهبين الشافعي والحنبلي ولا أثر لعباراته التي تصدر تحت الإكراه فيما لو باع أو اشترى أو أستأجر أو اقترض بناء على ذلك.
أما الأحناف فيرون أن عقود المكره صحيحه نافذة لكنها غير لازمة ، فله أن يبطلها. ومذهب المالكية أن عقود المكره فاسدة ، لكنها تصح بإجازته. وبهذا يشترك الأحناف والمالكية في إلحاق عقود المكره بمرتبة من مراتب عدم الصحة ، فالمالكية يقتربون من الشافعية والحنابلة في حكمهم بفساد عقود المكره ، لكن الفرق بين موقف المالكية والمذهبين الآخرين أن عقود المكره تلحقها الصحة بإجازة المكره على حين لا تلحقها هذه الإجازة عند الشافعية والحنابلة.
أما الأحناف فيلحقون عقوا المكره بأخف درجة من درجات البطلان ، وهي مرتبة عدم لزوم عقود المكره المالية ، وله أن يتحلل منها إن رغب في ذلك ، فعقود المكره عندهم صحيحة نافذة لكنها غير لازمة كما تقدم.
6 – لا يقع زواج المكره وطلاقه ورجعته في المذهب الشافعي ، ويوافق الحنابلة على بطلان طلاق المكره ورجعته. أما الأحناف فيرون أن هذه التصرفات لا تقبل الفسخ وتقع مع الإكراه. وعندهم لهذا أن المكره لو طلق زوجته أو تزوج أو راجعها وقع الطلاق والزواج والرجعة ، لأن هذه التصرفات لا تحتمل الفسخ.
7 – الإكراه سبب لإباحة الأفعال التي تبيحها الضرورة كشرب الخمر وأكل الميتة ولحم الخنزير وكالتلفظ بكلمة الكفر. فلو أكره على شئ من ذلك لم يعاقب به ، ولا يعد الفعل جريمة ، وهذا هو معنى إباحة الفعل. ومن هذا القبيل الإكراه على التلفظ بكلمة الكفر فإنه سبب لإباحة هذا التلفظ ، ولا يحكم بالردة ولا بعقوبتها لعدم قيام الجريمة.
8 – لا يعد الإكراه سببا لإباحة الأفعال التي لا تبيحها الضرورة وتتعلق بالعدوان على البدن الإنساني. فالإكراه على القتل أو الضرب لا يبيحه لو كان في امتناع المكره عن فعل ذلك هلاكه، لأن بدن الغير معصوم أيضا. ولذا لو أكره على قتل أحد لم يبح له القتل ويعاقب بالقصاص منه لو أقدم على القتل ، حتى لو كان مهددا به ، لأن نفس الغير في مثل عصمة نفسه ، ولا يدفع الضرر بما يساويه أو بما هو أكثر منه. وإذا لم يكن الفعل مباحا وظل على الحرمة فإنه يكون جريمة يعاقب عليها. وهذا محل اتفاق بين المذاهب. والخلاف في نوع العقوبة ومن تلحق به ، فأبوحنيفه ومحمد يوجبان القصاص على الحامل ( المكره ) الذي اتخذ الفاعل أداء له. ويوجب المالكية والشافعية والحنابلة القصاص على الحامل والفاعل معا لتعديهما وحدوث القتل بفعلهما فيقتص منها. أما أبو يوسف فقد انتهى إلى عدم إيجاب القصاص على الحامل ( المكره ) ولا على الفاعل ، لنقص جنايتها ، وهو يوجب العقوبة التعزيزية بدلا من الفاعل ، لنقص جنايتها ، وهو يوجب العقوبة التعزيزية بدلا من ذلك.
9 – لا يعد الإكراه سببا لإباحة جرائم الحدود كالزنا والسرقة ، فإن حرمة هذه الأفعال لا ترتفع بالإكراه الملجئ أو غير الملجئ ، لكن تسقط العقوبة الحدية على الفاعل لانتفاء القصد الكامل ، ولا تجب العقوبة الحدية كذلك على الحامل ، وإنما تجب في حقه العقوبة التعزيزية. وقد وقعت في عهد عمر بن عبد الخطاب قضية المرأة التي أقرت بالزنا فحكم عليها بالرجم. لكن علي بن أبي طالب ترافع في شأن هذه المرأة بأن سألها عما حملها على الزنا ، فقالت في إجابتها ” كان لي خليط ( راع ) وفي إبله ماء ولبن ، ولم يكن في إبلي ماء ولا لبن ، فظمئت فاستسقيته فأبى أن يسقيني حتى أعطية نفسي فأبيت عليه ثلاثا ، فلما ظمئت وظننت أن نفسي ستخرج أعطيته الذي أراد فسقاني. فقال علي الله أكبر ، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه. ويفرق بعض فقهاء الأحناف بين زنا الرجل وبين زنا المرأة ، فيوجبون العقوبة الحدية على زنا الرجل دون المرأة ، إذا حدث منهما بإكراه عليه ، بناء على أن زنا الرجل لا يصدر منه إلا عن طواعية واختيار. ولا يفرق الجمهور هذا التفريق ويوجبون تخفيف العقوبة أو إسقاطها في جرائم الحدود بوجه العموم. وهكذا فإن الإكراه يعد سببا لإباحة الفعل المحرم في بعض الأحوال على حين يعد سببا لتخفيف العقوبة أو رفعها في أحيان أخرى
خلاصة القول :
الصلاحية هي جزء من الأهلية . . لا تقوم الأخيرة إلا بتوافر الأولي
اترك تعليقاً