التعريف بالجريمة التأديبية و أركانها

التعريف بالجريمة التأديبية و أركانها

المحامية: منال داود العكيدي
لم تتعرض النصوص التشريعية الى تعريف للجريمة التاديبية ولكن المشرع اكتفى بايراد مجموعة من الافعال التي يلام عليها الموظف او المكلف بخدمة عامة وهذا هو مسلك المشرع الفرنسي الذي اكتفى بالنص على بعض الواجبات التي يتعين على كل من يشغل وظيفة عامة بالدولة أن يحترمها وحدد كذلك بعض التصرفات التى يحظر إتيانها من جانب العاملين بالدولة.

فإذا انتهك الموظف أحد الواجبات المفروضة عليه أو اقترف عملا من الأعمال التى يحظر عليه إتيانها فإنه يعرض نفسه للمساءلة التأديبية.

حيث نص بأن “كل موظف يخالف الواجبات المنصوص عليها فى هذا القانون او يخرج على مقتضى الواجب فى أعمال وظيفته يعاقب تأديبيا ..) وقد اختلف الفقهاء في تحديد أركان الجريمة التأديبية بصورة عامة ولهم في ذلك مذاهب كثيرة فكان لكل فقيه رأيه الخاص ، فمنهم من ذهب الى ان الجريمة التأديبية تقوم على عنصرين هما الموظف والخطأ أو الذنب الإداري ، ومنهم من ذهب إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ركنين هما الركن المادي والركن المعنوي بينما ذهب اخرون إلى أن الجريمة التأديبية تقوم على ثلاثة أركان أو عناصر العنصر المادي والعنصر المعنوي وعنصر الصفة، لكن الرأي الراجح يضع الجريمة التأديبية ضمن الأركان نفسها في أية جريمة أخرى وهي الركن الشرعي والركن المادي والركن المعنوي وللطبيعة الخاصة التي تتميز بها الجريمة التأديبية يكون الركن الرابع فيها ركن الصفة فالركن المادي يتعلق هذا الركن بماديات الجريمة ومظهرها الخارجي فلا خلاف في عدم قيام أية جريمة تأديبية او غيرها من دون توافر هذا الركن، ولكي يكون فعل الموظف مسوغاً للمساءلة التأديبية يجب أن يكون محدداً وثابتاً فلا قيام للركن المادي استناداً للظن أو الشائعات ، لذلك فإن الاتهامات العامة أو النعوت المرسلة لا يمكن تعتبر مكونة لهذا الركن ، كما أن مجرد التفكير من دون ان يتخذها هذا التفكير مظهراً خارجياً ملموساً لا يشكل مخالفة تنجيز المساءلة التأديبية ، وبالمثل فأن الأعمال التحضيرية التي تتمثل في إعداد وسائل تنفيذ الجريمة ، ولا يعاقب عليها إلا إنها قد تعتبر في حد ذاته جريمة تأديبية مستقلة .

ويتمثل الركن الثاني بالركن المعنوي وهو الإرادة الآثمة للموظف الذي يرتكب الفعل أو الترك الذي يشكل إخلالاً بواجبات الوظيفة ومقتضياتها , اذ لا يكفي للمساءلة التأديبية أن يرتكب الموظف ما يعتبر منه مخالفة لواجب وظيفي ، وإنما يجب أن يتوافر عنصر نفسي واع يتجه إلى ارتكاب الفعل أو الامتناع وهذا العنصر هو الإرادة الآثمة أو الركن المعنوي .

والركن المعنوي في الجريمة التأديبية يختلف في الجريمة العمدية عنه في جريمة الخطأ.

ففي الجريمة العمدية لا يكفي أن يحيط الموظف علماً بالفعل الذي يرتكبه وإنما يجب أن يقصر تحقيق النتيجة المترتبة على تصرفه .

أما في الجريمة غير العمدية أو جريمة الخطأ فيتمثل الركن المعنوي في تقصير الموظف وعدم اتخاذه الحيطة والحذر اللازمين لاداء واجباته الوظيفية ، ويكون بانصراف إرادة الموظف إلى ارتكاب العمل من دون الرغبة في النتيجة المترتبة عليه . ولابد لارتكاب الجريمة سواء كانت جنائية ام تأديبية من توافر الركن المعنوي فإذا تخلفت بأن انعدمت إرادة الموظف لقوة قاهرة أو مرض أو إكراه أو أمر رئاس مكتوب فلا قيام للجريمة .

فالإرادة الآثمة لا تعنى أكثر من أن الموظف قد ارتكب الفعل أو الامتناع من دون عذر شرعي.

اما الركن الثالث للجريمة الثاديبية فهو الركن الشرعي ويقصد به : بخضوع الفعل للجرائم وتعلق صفة عدم المشروعية به ، ولابد من القول بأن الأفعال المكونة للذنب التأديبي ليست محددة على سبيل الحصر ، وإنما مردها الإخلال بواجبات الوظيفة ومقتضياتها لا غير ، وهذا ما دعا البعض إلى القول بأن الجريمة التأديبية لا تخضع لمبدأ شرعية الجرائم ولا يتوافر فيها الركن الشرعي، إلا أن الملاحظ أن شرعية الجرائم التأديبية هي غيرها بالقياس لشرعية الجرائم في المجال الجنائي حيث الخضوع لمبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.

اما المبدأ في الجرائم التأديبية أن الموظف يعاقب إذا ما خالف القواعد والواجبات الوظيفية المنصوص عليها في القوانين والأنظمة والتعليمات لكن ذلك لا يعني ذلك عدم خضوعها لمبدأ المشروعية ، فالمشروعية في مجال الجرائم التأديبية لا تقتصر على النصوص القانونية وإنما تلعب فيها أحكام القضاء الإداري دوراً كبيراً يفوق دور النصوص القانونية ، فالنصوص القانونية التي تحدد الواجبات الوظيفية وتعاقب عند الإخلال بها وأحكام القضاء التي تمارس رقابتها على تطبيق هذه النصوص كفيلة لتقرير مبدأ شرعية الجرائم التأديبية .

واخيرا فلا بد للجريمة التاديبية المكتملة الاركان من ان يتوافر فيها ركن الصفة أو الركن الشخصي ، وهو شرط لازم في الجرائم التأديبية من دون سواها في الجرائم جنائية كانت أم مدنية ، فلا بد أن يقع الفعل المكون للجريمة من أحد العاملين المرتبطين بجهة الإدارة برابطة وظيفية. وقد ثار الخلاف حول مدى مسؤولية الموظف الفعلي عن اخطائه الوظيفية والموظف الفعلي هو شخص تدخل خلافاً للقانون في ممارسة تخصصات وظيفة عامة متخذاً مظهر الموظف القانوني المتخصص ، فذهب جانب من الفقه إلى أن التزامات الموظف الفعلي أقل من التزامات الموظف الرسمي ، وأنه لا يخضع للجزاءات التأديبية لأن مسؤوليته عادية، فإذا صدر عن خطأ شخصي أو زاول العمل بالقوة والعنف والتهديد ، فإن المراجعة بشأن تصرفاته هي من تخصص المحاكم العادية جنائية أو مدنية لذلك لا يمكن بحسب هذا الرأي تصور مساءلة الموظف الفعلي تأديبياً.

أما الجانب الآخر من الفقه فذهب إلى أن نظرية الموظف الفعلي تضم قطاعين القطاع الأول هم الموظفين الفعليون فى الاوقات الاستثنائية ، اى أوقات الحرب والازمات والثورات .

وفى هذه الحالة يكون من تولى الوظيفة فرداً عادياً لا تجوز مساءلته تأديبياًعن اعماله اثناء شغله للوظيفة .

اما القطاع الثانى فهم الموظفون الفعليون الذين يمارسون تخصصاً معيناً فى الظروف العاديه ، بسبب بطلان التعيين أو انقطاع الصلة بالوظيفة أو حالة الاستمرار غير المشروع فى العمل أو سكوت الادارة عن تخصص الموظف الظاهر. فهؤلاء يخضعون لاحكام التأديب وما يقع منهم من اخطاء فى ممارسة الوظيفه بشكل جريمة تأديبية ، وقد أيد القضاء الإداري هذا الرأي فقالت المحكمة الإدارية العليا أن مناط مسؤولية الموظف الإخلال بالواجبات العامة ، وتتحقق هذه المخالفة ولا اثر لكون الموظف الذي وقع منه الإخلال مستوفياً شروط الوظيفة أم لا ، مادام قائماً بعمله فعلاً كأصيل أو منتدب .

إذ أن الأمانة مطلوبة منه في عمل يؤديه يقطع النظر عن ظروف إسناد العمل إليه ، ولا يبيح الإخلال بهذا ، أو يمحو عن الإخلال بالمسؤولية المترتبة عليه، عدم إحالته في العمل الذي أنيطت به تخصصاته ، كما أن تطوع الموظف للقيام بعمل موظف أخر لا يعفيه من المسؤولية عن أخطائه الوظيفية.

شارك المقالة

2 تعليق

  1. سلام عليكم
    بارك اللة بك حول الموضوع , ولكن عندها نقص في الاشارة على الى المصادر لانها موضوع الاختلاف الرأي الفقها حول اركان الجريمة التاديبة موضوع مهم ولكن يحتاج الى المصادر يجب الاشارةبها . في كل الاحوال بارك اللة فيكم ويجزيكم بالخير ….

  2. ممكن احصل معلومات لبحثي في (اركان الجريمة التأديبية) ارجو مساعدتكم …اسمي في الفيس ali hason

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.