التعريف بالقانون كنظام مجتمعي عادل
القانونُ هو ذاك العلم الذي ينظم دقات القلب نحو ما يجعلها تنبض بما يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة وفقاً لأحكامه ونصوصه فعندما يستشعر القلب أهمية تطبيقه يُصدر أوامره لباقي أعضاء الجسد للعمل بما نص عليه دون أي تجاوز أو تعدٍ ، فنرى الحياة أجمل والوطن أفضل فلا استثناء لفرد على آخر ولا تمييز لقبيلة على أخرى ولا احتكار لحقوق لأحدهم دون الآخر إلا وفق مقتضى ذلك القانون وبما يحكم من نظام يسهم في بناء الأوطان ويجعلها مزدهرةً ومرتقيةً ليعيش أهلها فيها بعزة وكرامة وفق واجبات محددة وحقوق موضحة ليعي كل فرد ما له وما عليه فيلتزم بواجباته ويحرص على تنفيذها ويعي حقوقه ويجتهد في جلبها ويدرأ أي تعدٍ قد تتعرض له من قبل الأفراد والمؤسسات.
القانون ليس ذلك السيف الذي يقطع رؤوس الفقراء وليس تلك الآلة التي تتعدى على حقوق الأغنياء ؛ بل هو النظام الذي يحدد الطريق الذي يتوجب أن يتم سلكه ، هو المنطق الذي يجب ألا يتعارض مع المنطق نفسه ، هو الوسيلة التي نستخدمها لتحقيق الغاية فليس هو الغاية المقصودة التحقيق ؛ بل هو الطريق المشروع الذي يوصلنا للغايات المشروعة.
إن القوانين التي تصدر بعيدة كل البعد عن الواقع الذي تعيشه الدولة وما تحمل من عادات وتقاليد يصعب تطبيقها واقعاً ولا تجد قبولاً في مجتمع تلك الدول ولهذا يراعى عند التشريع الأخد بمعايير كثيرة منها الدين وطبيعة الحياة فيها وما تعيشه من ظروف و ما كسبته من موروث وعادات وتقاليد وآداب وأخلاق حميدة.
الأصل في القوانين أنها لم تشرع لفرد بعينه ولا لمذهب بعينه ولا لقبيلة بعينها ، ولم تشرع لتُخترق وتُحتقر ويُضرب بها عرض الحائط ، ولم تُشرع من أجل ألا تطبق ، ولم تشرع من أجل مصلحة شخصية أو نزوة شيطانية أو فكرة خبيثة أرادها من أرادها ، بل هي نظام حياة نرسمه من أجل حاضر مشرق وغدٍ أفضل يسهم في بناء الدولة ؛ لتصبح كتلك الحضارات العريقة التي يسجلها التاريخ بأنها تركت بصمة في إعمار البسيطة والمحافظة على القيم الإنسانية النبيلة.
يقول مولانا المعظم السلطان قابوس -حفظه الله ورعاه- :《لقد وضعت قوانين لهذه الدولة بموجب مراسيم سلطانية صدرت بشأنها وتصدر من حين لآخر ؛ وذلك للمحافظة على مصالح الشعب ، فعليكم أن تدرسوا هذه القوانين ، كلٌّ في مجال اختصاصه دراسة وافية ، وألا تتجاوزوا في المعاملات أيَّ نصٍّ لتلك القوانينِ ، بل يجبُ التقيدُ بها واتباعُ ما جاء في نصوصها》.
فِراس بن يونس بن راشد النقبي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً