نظرية الموظف الفعلي في القانون الإداري
القاعدة العامة تقضي بانه لا يحق للافراد الاعتياديين ممارسة مهمات الوظيفة العامة من دون تعيين او تفويض لانهم حينذاك يكونون مغتصبين لها وتقع جميع تصرفاتهم بطلة ، ولطالما كان لكل قاعدة استثناء فان هناك استثناء يرد على هذا القاعدة يطلق عليها نظرية الموظف الفعلي والتي وضعت تطبيقا لمبدأ استمرار سير المرافق العامة في بعض الظروف الاستثنائية مثل الحروب والثورات حيث تبرز الحاجة لادارة مرفق حيوي من قبل الافراد من دون اذن مسبق من السلطة الادارية لذا فقد اعترف الفقه والقضاء بالتصرفات التي يقوم بها الشخص في هذه الحالة خلافا للاصل وكذا الحال بالنسبة لبعض الآثار القانونية المترتبة على تلك التصرفات، اذ تعدّ وفقا لتلك الظروف سليمة ويمنحون راتبا لقاء ادائهم تلك الاعمال اذا كانوا حسني النية.
وتطبيق نفس النظرية في حالة اذا كان قرار التعيين صدر باطلا لاحتوائه على عيب من عيوب المشروعية كالتخصص او الشكل ففي هذه الحالة يتم سحب القرار الباطل من قبل السلطة الادارية التي اصدرته لكن الاعمال التي قام بها الموظف عند ممارسته المهمات الادارية التي رتبها عليه قرار التعيين الباطل فانها تعد مشروعة تطبيقا لنظرية الموظف الفعلي.
وبناء عليه فقد اوجد الفقه والقضاء هذه النظرية اي نظرية الموظف الفعلي وذلك تجنبا للاثار الجانبية التي تترتب على منطق البطلان استنادا للقاعدة القانونية القاضية بان كل ما بني على باطل فهو باطل .
فالموظف الفعلي او الواقعي في الظروف الاعتيادية اذن: (هو ذلك الشخص غير المتخصص الذي لم يُقـَلد الوظيفة العامة أصلا أو كان قرار تقليده الوظيفة العامة معيباً من الناحية القانونية أو كان موظفا وزالت عنه صفته الوظيفية لأي سبب كان).
اما الموظف الفعلي في الظروف الاستثنائية : (هو الشخص الذي يباشر الوظيفة العامة تحت ضغط ظروف استثنائية أو دوافع سياسية أو اجتماعية أو بدافع المصلحة الوطنية وبهدف عدم توقف المرافق العامة الحيوية وخاصة في أوقات الحروب وغياب السلطات العامة او انحسارها).
واستنادا الى القاعدة العامة فان قرارات الموظف الفعلي التي يتخذها تعد منعدمة وباطلة قانونا لانها صادرة من غير متخصص لكن الفقه والقضاء بوصفها صحيحة لاعتبارات تتعلق باستقرار المراكز القانونية وضرورة سير المرافق العامة بصفة منتظمة ودائمة وبذلك فان هذه القرارات تعد صحيحة وفقا لشروط معينة وهي : (أن تكون عملية تَقلد هذا الشخص للوظيفة مُتسِمة بمَظهر المعقولية)، بمعنى أن من يتولى وظيفة معينة على أساس من عمل منعدم وهو القرار المتسم بالمخالفة الجسيمة والواضحة كل الوضوح لا يمكن ان يكون موظفاً فعلياً ومن ثم تكون قراراته منعدمة.
ففضلا على توفر مبدأ ضرورة سير المرافق العامة بانتظام واطراد يسوغ الاستثناء من هذه القاعدة واجازة الأعمال الصادرة عن الشخص الذي يمارس وظيفة عامة من دون سند قانوني صحيح استنادا لفكرة الظاهر ولحماية حقوق الأفراد الذين تعاملوا مع هذا الشخص بحسن نية ، ومعنى ذلك ان هذا الشخص يعدّ موظفا فعليا برغم انه ليس موظفا من الناحية القانون .
وتنطبق نظرية الموظف الفعلي في الظروف الاعتيادية كما تنطبق في الظروف الاستثنائية ، ومن تطبيقاتها في الظروف الاعتيادية: ان يتم تعيين شخص في وظيفة عامة ثم يتضح بعد ذلك انه لم يكن مستوفيا لجميع الشروط التي يتطلبها القانون للتعيين في هذه الوظيفة او ان إجراءات تعيينه يشوبها احد اوجه البطلان ، وكما قلنا آنفا ان اعمال الموظف الفعلي في كل هذه الحالات وكذلك التصرفات الادارية التي يقوم بها تعد صحيحة ومنتجة لاثارها استنادا الى نظرية الظاهر ومراعاة حسن نية المتعاملين مع المرفق العام .
اما في حالة الظروف الاستثنائية مثل الحروب والكوارث الطبيعية وانتشار الاوبئة والثورات الداخلية ففي هذه الحالة قد يقوم بعض الافراد الاعتياديين (من غير الموظفين العموميين) بالقيام بتسيير احد المرافق العامة او ان يكون ذلك بتكليف من جهة الادارة وبحسب الظروف وتكون الاعمال والتصرفات الصادرة عنهم سليمة من الناحية القانونية استنادا الى نظرية الموظف الفعلي.
المحامية: ورود فخري
1 أغسطس، 2018 at 4:19 م
مجهود رائع وان كان موجز
مع خالص الشكر والتقدير
22 يونيو، 2019 at 10:28 ص
شكرا على مجهودك المختصر والمفيد اعانك الله في دربك