الإهمال الطبي في المستشفيات العسكرية خطأ مرفقي طلب التعويض عنه منازعة إدارية يختص بها مجلس الدولة
الدعوى رقم 29 لسنة 39 ق “تنازع” جلسة 2 / 2 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من فبراير سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من جمادى أول سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 29 لسنة 39 قضائية “تنازع”.
المقامة من
وزير الدفـــــــاع
ضد
أيمن محمد عيد أحمد
الإجراءات
بتاريخ الثانى عشر من ديسمبر سنة 2017، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى، في الدعوى رقـــــم 7705 لسنة 56 قضائية، بجلسة 21/12/2014، لحين الفصـل في موضوع النزاع. ثانيًا: وفى الموضوع: بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 30/4/2003، في الدعوى رقم 898 لسنة 2000 مدنى كلى، والمؤيد استئنافيًا بالحكم الصادر بجلسة 16/7/2007، في الاستئناف رقم 4301 لسنة 7 قضائية. س شمال القاهرة، دون الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى السالف الذكر.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى، على النحـو المبين بمحضر الجلسة، وقـررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصـل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه، كان قد أقام الدعوى رقم 898 لسنة 2000 مدنى كلى شمال القاهرة، بطلب الحكم بإلزام المدعى بصفته، بأن يؤدى له مبلغ ثلاثمائة ألف جنيه، تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية، التى لحقت به، أثناء وبسبب الخدمة العسكرية، على سند من القول بأنه، وحال تأدية خدمته العسكرية بالقوات المسلحة، أصيب بانزلاق غضروفى قطعي، مع توتر بعرق النسا، وكان ذلك نتيجة لحمله بطارية سيارة جيش، وأُجريت له عملية استئصال غضروفي، بمستشفى الحلمية العسكرى، ونتج عن هذه العملية، سقوط بالقدمين، وضمور لعضلات الساقين، مع ضغط على النخاع الشوكى، وضمور بعضلات الفخذين، الأمر الذى حدا به إلى إجراء عملية جراحية ثانية، ولم تتحسن بسببها حالته، وعُرض على القومسيون الطبي العسكري في 23/5/1996، فقرر إنهاء خدمته، لعدم اللياقة الطبية، فتقدم بشكوى إلى النيابة العسكرية في 29/9/1998؛ للتضرر من خطأ الطبيب، الذى أجرى العملية الجراحية، وما ترتب عليها من آثار، وقيد المحضر برقم 473 لسنة 1998 إداري عسكري شمال القاهرة، وانتهت النيابة العسكرية لحفظ المحضر إداريًا، باعتبار أن ما لحق بالمصاب من عجز، هو من الآثار الجانبية المتوقعة لمثل الجراحة التى أجريت له. وبجلسة 15/8/2001، قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية، بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر هذه الدعوى وإحالتها إلى محاكم مجلس الدولة، وإذ لم يرتض المدعى عليه هذا الحكم، فطعــن عليه بالاستئناف رقــــــم 4453 لسنة 5 قضائية س شمال القاهرة، فقضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف، واختصاص جهة القضاء العادى ولائيًّا بنظر الدعوى، وإعادتها لمحكمة أول درجة للفصل في موضوعها. فأعيد نظر الدعوى أمام محكمة شمال القاهـــرة الابتدائية، والتى قضت بجلسة 30/4/2003، برفض الدعوى، على سند من تقاعس رافعها عن سداد أمانة الخبير، وعجزه عن إثبات دعواه، وإذ لم يرتض المدعى عليه في الدعوى المعروضة هذا الحكم، فطعن عليه بالاستئناف رقم 4301 لسنة 7 قضائية س شمال القاهرة، وبجلسة 16/7/2007، قضت محكمة استئناف القاهرة برفض الاستئناف، وتأييد الحكم المستأنف، وإذ أُحيلت الدعوى رقم 898 لسنة 2000 مدنى كلى شمال القاهرة، إلى محكمة القضاء الإداري، نفاذًا للحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 15/8/2001، القاضي بعدم الاختصاص، والإحالة لهذه المحكمة، فقد قيدت أمامها برقم 7705 لسنة 56 قضائية، فقضت بجلسة 21/12/2014، بإلزام الجهة الإدارية، المدعى عليها، بأن تؤدى للمجند المذكور تعويضًا، مقداره مائة ألف جنيه والمصروفات، وإذ ارتأى المدعى أن ثمة تناقضًا بين الحكم الصادر بجلسة 30/4/2003، من محكمة شمال القاهرة الابتدائية، في الدعوى رقم 898 لسنة 2000 تعويضات كلى شمال القاهرة، والمؤيد بالحكم الصادر بجلسة 16/7/2007 من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 4301 لسنة 7 قضائية، والحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 21/12/2004، في الدعوى رقم 7705 لسنة 56 قضائية، إذ ذهب أولهما إلى القضاء برفض الدعوى استنادًا إلى أنه لا يوجد خطأ في جانب الطبيب المعالج، تابع المستأنف ضده بصفته – المدعى في الدعوى المعروضة -، وأن ما يعانى منه المستأنف – المدعى عليه في الدعوى المعروضة – هو من ضمن المضاعفات، الوارد حدوثها، عقب إجراء مثل هذه العملية الجراحية، مما يكون الطبيب المعالج غير مسئول، عما لحقه من أضرار، لانتفاء الخطأ الطبي في جانبه، باعتباره غير ملتزم بتحقيق شفاء المستأنف، وإنما يلتزم ببذل العناية الصادقة، في سبيل شفائه، التي تتفق مع الأصول المستقرة في علم الطب، بما مفاده أن الطبيب المعالج، قد أجرى العملية الجراحية له وفق الأصول الطبية، والعملية المتفق عليها، وإن كان قد حدث له مضاعفات، عقب العملية، أدت إلى عدم القدرة على السير، فإن هذه المضاعفات، غالبًا، ما تحدث من جراء هذه العملية الجراحية، وتخرج عن مسئولية الطبيب المعالج، وانتهت المحكمة من ذلك، إلى انتفاء الخطأ المهني الطبي، الموجب للمسئولية التقصيرية، قبل الطبيب، وأن دعوى المستأنف تكون قد أقيمت على غير سند صحيح من الواقع والقانون. بينما استند الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري، في الدعوى رقم 7705 لسنة 56 قضائية، القاضي بإلزام الجهة الإدارية، المدعى عليها، بأن تؤدى للمدعى – المدعى عليه في الدعوى المعروضة – تعويضًا، مقدراه مائة ألف جنيه، على أساس أن الثابت بتقرير الطب الشرعى أن هناك أخطاء طبية، وقعت من الأطباء، الذين قاموا بإجراء العملية الجراحية له، ترتب عليها إصابته بشلل بالنصف السفلى من جسده، وسقوط بالقدمين، وضمور بعضلات الساقين والفخذين، وبالبناء على ذلك، فإن ركن الخطأ، أحد أركان المسئولية، يكون متحققًا، في جانب الإدارة، نتيجة خطأ تابعيها، في التعامل مع حالته، وعدم مراعاة القواعد الطبية المقررة، بخصوص ما ألم به من إصابة، وهى أمانة في أعناقهم، كان يجب عليهم مراعاتها، خاصة أنه كان يؤدى أشرف، وأقدس واجب وطنى، وقد ترتب على خطأ الجهة الإدارية، على هذا النحو، إصابته بأضرار مادية وأدبية، تمثلت في أنه سيقضى حياته، معتلاً بذلك العجز، وهو في مقتبل شبابه وفتوته، وشعوره بالحسرة، لما آلت إليه حالته الصحية، وإحساسه بالعجز والقهر، ومعاناته في إمكانية أدائه لعمل مناسب لحالته الصحية، يتكسب منه، وقد توافرت رابطة السببية، بين تلك الأضرار وخطأ الجهة الإداريـــة، على هذا النحــو، تتوافر معه المسئولية في حق الجهة الإدارية، بأركانها الثلاثة، وخلصت المحكمة من ذلـك إلى القضاء بإلزام الجهة الإدارية، بأن تؤدى للمدعى – المدعى عليه في الدعوى المعروضة – تعويضًا، عما أصابه من أضرار مادية وأدبية، وهو ما قدرته المحكمة، بمبلغ مائة ألف جنيه. ومن ثم فقد أقام وزير الدفاع بصفته الدعوى المعروضة، لإزالة هذا التناقض، بالطلبات السالف بيانها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التناقض بين حكمين نهائيين، صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين – في تطبيق أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – يفترض وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق التى فُصل فيها. بيد أن وحدة الموضوع، لا تفيد، بالضرورة، تناقضهما، فيما فصلا فيه، كذلك فإن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه – لا يدل، لزومًا، على تعذر تنفيذهما معًا، بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا، يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضائيهما، وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه، من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها، عندئذ، أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما، معًا، متعذرًا، وهو ما يعنى أن بحثها في تعذر تنفيــذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما، ولا يقــوم هذا التناقض – بداهة – إذا كان موضوعهما مختلفًا.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الحكمان، اللذان يشكلان حدى التناقض المعروض، يتصلان، فيما فصلا فيه، بطلب التعويض، الذى طرحه المدعى عليه، أمام جهتى القضاء المدني، والإداري، جبرًا للأضرار، التى لحقته، جراء إجراء عملية جراحية له. نتج عنها سقوط بالقدمين، وضمور لعضلات الساقين، مع ضغط على النخاع الشوكى، وضمـور بعضلات الفخذيـن، مما ترتب عليه إنهاء خدمته، لعدم اللياقة الطبية، فإن تحديد أولى هاتين الجهتين، بالفصل في تلك الخصومة – ويفترض ذلك بالضرورة وحدة موضوعهما – ويتطلب، بداءة، تحديد ما، إذا كانت تلك المنازعة، تعد منازعة إدارية، أم منازعة مدنية .
وحيث إن دعوى التعويض، التي كان المدعى عليه قد أقامها، أمام القضاء المدني، قد استهدفت تعويضه عن الضرر، الذى لحق به نتيجة لخطأ الطبيب، الذى أجرى العملية المشار إليها، وهو ما قضت برفضه محكمة شمال القاهرة الابتدائية، بحكمها الصادر بجلسة 30/4/2003 في الدعوى رقم 898 لسنة 2000 مدنى كلى، وأيدتها محكمة استئناف القاهرة، بحكمها، الصادر بجلسة 16/7/2007، في الاستئناف رقم 4301 لسنة 7 قضائية س شمال القاهرة؛ كما استهدفت الدعوى رقم 7705 لسنة 56 قضاء إدارى، التى أقامها، أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، أيضًا، تعويضه عن الأضرار ذاتها، وانتهت فيها المحكمة، إلى إجابة طلب التعويض، لثبوت خطأ المدعى، وتوافر علاقة السببية المباشرة، بين الخطأ والضرر، مما يقتضى إلزام المدعى بتعويض الضرر. إذ كان ذلك، وكان اختصاص القضاء العادي بالتعويض، إنما ينحصر في دعوى المسئولية، التى تقوم على عمل مادى، وكانت حقيقة النزاع، موضوع الحكمين المعروضين بالدعوى المعروضة، تتعلق بتعويض المدعى عليه عن الأضرار، التى أصابته، جراء العملية الجراحية المشار إليها، التى أجراها له الأطباء تابعو المدعى، في أحد المؤسسات الطبية العسكرية التي تتبعه، وهى مستشفى الحلمية العسكري، والتي لا يملك المدعى عليه خيارًا، في اختيار سواها للعلاج. وهو ما يدخل في نطاق المنازعات الإدارية، التي ينعقد الاختصاص بنظرها، والفصل فيها، لمحاكم مجلس الدولة، دون غيرها، طبقًا لنص الفقرة (14) من المادة (10) من قانون مجلس الدولة، الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972، والمادة (190) من الدستور الحالي، لتعلقها بإدارة مرفق الدفاع، وصلاحيات وزارة الدفاع، وما تتمتع به، وتابعوها، من مظاهر السلطة العامة، في هذا الخصوص، وما يرتبط بذلك، بحكم اللزوم العقلي والقانونى، من تحديد الطبيعة القانونية للخطأ محل الدعوى الموضوعية، الواقع في دائرة المرفق، وتقرير اعتباره خطأً مرفقيًّا، مما يستلزم التعويض، عنها، ومن ثم فإنه يتعين القضاء بالاعتداد بالحكم الصادر من جهة القضاء الإداري، دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادي.
وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري المشار إليه، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء في موضوع الدعوى المعروضة، فإن مباشرة رئيس المحكمة الدستورية العليا الاختصاص المقرر له في هذا الشأن بمقتضى نص المادة (32) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهـذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 21/12/2014، في الدعوى رقم 7705 لسنة 56 قضائية، دون الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 30/4/2003، في الدعوى رقم 898 لسنة 2000، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 16/7/2007 في الاستئناف رقم 4301 لسنة 7 قضائية.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً