الطعن 2410 لسنة 55 ق جلسة 4 / 3 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 127 ص 770 جلسة 4 من مارس سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطة، محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعة حسين “نواب رئيس المحكمة” ومحمد الجابري.
——————-
(127)
الطعن رقم 2410 لسنة 55 القضائية
(3 – 1)إيجار “إيجار الأماكن: عقد الإيجار: التزامات المؤجر”. تعويض. حكم “حجية الحكم الجنائي”. مسئولية “مسئولية جنائية” قوة الأمر المقضي.
1 – جريمة إقامة البناء بغير ترخيص. جريمة عمدية. توافر القصد الجنائي فيها بتعمد الجاني ارتكابها مع علمه بذلك.
2 – عدم مساءلة الشخص جنائياً إلا عما يكون لنشاطه دخل فيه. المسئولية المفترضة. قصرها على الحالات المحددة قانوناً.
3 – حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. مناطها. فصله فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. التزام المحكمة المدنية بهذه الأمور في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها. المادتان 456 أ. ج، 102 إثبات. “مثال في إيجار بصدد التزام المحكمة المدنية في دعوى التعويض عن حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة بحجية الحكم الجنائي بإدانة الطاعن في جريمة بناء بدون ترخيص.
————
1 – المقرر أن جريمة إقامة البناء بغير ترخيص جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجهت إرادته إلى إقامة البناء أو إجراء العمل مع علمه بأنه يحدثه بغير حق.
2 – المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه، ولا مجال للمسئولية الافتراضية أو المسئولية التضامنية في العقاب إلا استثناء بنص القانون وفي حدود ما استثنه.
3 – مفاد المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن يعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر في الجنحة رقم 931 لسنة 1983 بلدية السيدة – أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن والمطعون ضده لأنهما في يوم 16/ 7/ 1983 أقاما أعمال البناء قبل الحصول على ترخيص كما أقاما البناء المبين بالمحضر دون أن يكون مطابقاً للأصول الفنية، فقضت المحكمة في 26/ 10/ 1983 ببراءة المطعون ضده مما أسند إليه وإدانة الطاعن بالغرامة عن التهمتين وضعف رسم الترخيص عن التهمة الأولى وإزالة الأعمال المخالفة عن التهمة الثانية وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة تأسيساً على ما قرره الطاعن أمام المحكمة بأنه هو مالك العقار والمسئول عن البناء وأن المطعون ضده غير مسئول عن الأعمال المخالفة، وقد صار هذا الحكم انتهائياً بتنفيذ الحكم بالإزالة، ولما كان من مقتضى ما تقدم بطريق اللزوم أن المطعون ضده يضحى له الحق في اقتضاء التعويض عن الفعل غير المشروع الذي ارتكبه الطاعن وكان هذا بذاته هو الأساس الذي أقيمت عليه الدعوى المدنية الراهنة في هذا الصدد فإن الحكم الجنائي المشار إليه يكون قد فصل بقضائه فصلاً لازماً في واقعة هي الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية، فيجوز في هذه الواقعة حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية فتتقيد به هذه المحكمة ويمتنع عليها أن تخالفه أو تعيد بحثه. لما كان ما تقدم وكان هلاك العين المؤجرة من الطاعن يؤدي إلى انقضاء العلاقة الإيجارية عملاً بالمادة 569/ 1 مدني، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد بحجية الحكم الجنائي فقضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار التي أصابته من جراء عمله غير المشروع الذي أدى إلى حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة فإنه يكون قد أنزل القانون منزله الصحيح على واقعة الدعوى، ويكون النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 3344 لسنة 1984 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ عشرة آلاف جنيه، وقال بياناً لها إنها بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 1/ 1983 استأجر من الطاعن العين محل النزاع بقصد استعمالها مخزناً للمياه الغازية، وقد تحرر ضده والطاعن محضر مخالفة إقامة مبانٍ بغير ترخيص برقم 931 لسنة 1983 بلدية السيدة وقدما إلى المحاكمة الجنائية التي قضت ببراءته وإدانة الطاعن بتغريمه وإزالة الأعمال المخالفة وتنفذ الحكم بالإزالة وإذ أصابه ضرر نتيجة عدم الانتفاع بالعين فأقام الدعوى. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1974 لسنة 102 ق القاهرة. وبتاريخ 13/ 6/ 1985 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ ألف جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، وفي بيان ذلك يقول إن المشرع قد افترض مسئولية مالك العقار عن البناء بدون ترخيص ولا يعفى من هذه المسئولية حتى ولو لم يكن هو الذي أقام البناء، وإذ كان الثابت من الشكوى الإداري رقم 4030 لسنة 1982 السيدة أن المطعون ضده هو الذي أقام البناء المخالف وحده مما لا يجوز له أن يتخذ من خطئه سبباً للمطالبة بالتعويض، وليس في هذا ما ينقض حجية الحكم الجنائي الذي قضى ببراءة المطعون ضده وبالتالي تنتفي مسئولية الطاعن المدنية عن تعويض الأخير، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بأداء التعويض للمطعون ضده عن البناء بدون ترخيص أخذاً بحجية الحكم الجنائي الصادر في هذا الشأن فإنه يكون قد خلط بين الارتكاب الفعلي للجريمة والمسئولية الجنائية عنها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر إن جريمة إقامة البناء بغير ترخيص جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجهت إرادته إلى إقامة البناء أو إجراء العمل مع علمه بأنه يحدثه بغير حق، ومن المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه، ولا مجال للمسئولية الافتراضية أو المسئولية التضامنية في العقاب إلا استثناء بنص القانون وفي حدود ما استثنه، وأن مفاد المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون لأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر في الجنحة رقم 931 لسنة 1983 بلدية السيدة – أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن والمطعون ضده لأنهما في يوم 16/ 7/ 1983 أقاما أعمال البناء قبل الحصول على ترخيص كما أقام البناء المبين بالمحضر دون أن يكون مطابقاً للأصول الفنية، فقضت المحكمة في 26/ 10/ 1983، ببراءة المطعون ضده مما أسند إليه وإدانة الطاعن بالغرامة عن التهمتين وضعف رسم الترخيص عن التهمة الأولى وإزالة الأعمال المخالفة عن التهمة الثانية وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة تأسيساً على ما قرره الطعن أمام المحكمة بأنه هو مالك العقار والمسئول عن الأعمال المخالفة، وقد صار هذا الحكم انتهائياً بتنفيذ الحكم بالإزالة، ولما كان من مقتضى ما تقدم بطريق اللزوم أن المطعون ضده يضحى له الحق في اقتضاء التعويض عن الفعل غير المشروع الذي ارتكبه الطاعن، وكان هذا بذاته هو الأساس الذي أقيمت عليه الدعوى المدنية الراهنة في هذا الصدد، فإن الحكم الجنائي المشار إليه يكون قد فصل بقضائه فصلاً لازماً في واقعة هي الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية، فيجوز في هذه الواقعة حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية فتتقيد به هذه المحكمة ويمتنع عليها أن تخالفه أو تعيد بحثه، لما كان ما تقدم وكان هلاك العين المؤجرة من الطاعن يؤدي إلى انقضاء العلاقة الإيجارية عملاً بالمادة 569/ 1 مدني، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد بحجية الحكم الجنائي فقضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار التي أصابته من جراء عمله غير المشروع الذي أدى إلى حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة فإنه يكون قد أنزل القانون منزله الصحيح على واقعة الدعوى، ويكون النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس ولا يجدي الطاعن ما تمسك به أمام هذه المحكمة بشأن مسئوليته مسئولية مفترضة بصفته مالكاً للعقار الذي وقعت به المخالفة ذلك أن نصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء لم تتضمن ما يفيد الخروج عن الأحكام العامة في المسئولية الجنائية باعتناق نظرية المسئولية الافتراضية.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً