من النتائج المترتبة على عدم امكان تطبيق مبدأ الشرعية بصورته الكاملة في مجال الجزاء التأديبي اذ لا يمكن التقرير الا بأنه ” لا عقوبة الا بنص ” وذلك لصعوبة حصر المخالفات التأديبية بالاضافة الى تمتع السلطة التأديبية بقدر كبير من السلطة التقديرية عند قيامها بتوقيع الجزاء التأديبي . ولما كانت مقتضيات العدالة تستوجب أنه ” لا افراط ولا تفريط ” في توقيع العقوبة بما يؤدي الى تحقيق الهدف المنشود من الجزاء التأديبي ومساهمته في تحقيق الردع العام والخاص بما يعني ضرورة التناسب والملائمة بين العقوبة والذنب المقترف .
_ أولاً : مضمون المبدأ وتطبيقاته :
من الضروري أن يتم مراعاة مبدأ التناسب فيما بين الجزاء الذي يتم توقيعه والأفعال المؤثمة التي تتم المسائلة التأديبية بشأنها دون أن يلحق بذلك ثمة غلو . فمن غير المقبول مثلاً أن يوقع جزاء العزل من الخدمة بسبب تأخر أحد الموظفين في الحضور لمقر العمل ، حيث أن ذلك يهدر الغاية من الجزاءات التأديبية وتصاعدها من الانذار حتى العزل . كما يراعى أيضاً عند تقرير الجزاء مدى قيام المخالفة على غفلة وعدم تبصر أم أنها قامت على عمد واصرار . ومن الجدير بالذكر أن تقدير الجزاء لا يخضع لأهواء السلطة التأديبية بل لابد أن يراعى مبدأ التدرج في العقاب . والخلاصة أنه يجب ألا يكون هناك افراط في اللين أي في استعمال الرأفة أو اسراف في الشدة .
_ ثانياً : رقابة القضاء لمبدأ تناسب الجزاء التأديبي :
لم يكن القضاء الاداري في بدايات عهده يقر الرقابة القضائية على تناسب الجزاء والمخالفة حيث قضت محكمة القضاء الاداري على أنه ” ليس للقضاء الاداري أن يتدخل بالرقابة على مدى صلاحية الموظف وتناسب الجزاءات مع المخالفات المنسوبة اليه اذ أن ذلك من الملائمات التي تنفرد الادارة بتقديرها بلا معقب عليها في ذلك ، حيث تخرج عن نطاق رقابة القضاء ” . الا أن قضاء المحكمة الادارية العليا قد لحقه تطور ملحوظ في هذا الشأن حيث أسبغ الرقابة على تناسب المخالفة مع الجزاء الذي قامت الجهة الادارية بتوقيعه على الموظف واعتبار أن ذلك شرطاً لمشروعية القرار التأديبي . بل ان الأمر تجاوز هذا الحد اذ أعطت المحكمة الادارية العليا لنفسها الحق في تعديل الجزاء الى القدر المناسب دون الاكتفاء بالغاء القرار المشوب بالغلو .
_ ثالثاً : انتفاء حرية تقدير الجزاء عند النص على عقوبة محددة لذنب محدد :
من المستقر عليه أن الجهة الرئاسية أو المجالس التأديبية أو السلطة القضائية تتمتع بحرية بتحديد الجزاءات المناسبة بحسب تقديرها للذنب الاداري الا أنه يوجد قيد على هذه الحرية يتمثل في ألا يكون هناك ثمة نظام قانوني قد خص ذنباً ادارياً معيناً بعقوبة محددة ، فهنا لابد من تنفيذ اللائحة المعمول بها وانزال العقوبة المنصوص عليها فيها والتقرير بغير ذلك يوصم الجزاء بأنه مخالفاً للقانون .
_ رابعاً : تقدير الجزاء على كامل سببه :
يشترط أن يكون التقدير قائماً على كامل السبب فاذا انتفى ذلك وثبت أنة الجزاء الموقع كان من مخالفات لم يثبت بعضها في حق العامل فان هذا الجزاء يكون غير قائم على كامل سببه ويتعين الغائه .
_ المراجع :
العقوبة التأديبية د . محمد أبو ضيف باشا
12 أغسطس، 2018 at 6:34 م
شكرا