هل تعلم أن للمنزل ضمانًا يمتد 10 سنوات؟ وهذه هي أحكامه
المحامي صلاح بن خليفة المقبالي
في زاوية سابقة عبر “أثير” تحدثنا عن مسألة الضمان المتعلق بالسيارات، ولكن هل هناك ضمان للمباني والمنشآت التي هي أهم بكثير من السيارات؟ وهل شملها التنظيم القانوني بالضمان أم سكت عنها وتركها تحت سلطان إرادة المتعاقدين إن أرادا الاتفاق عليه أو لا؟ وقد خصصنا هذه الزاوية للحديث عن ضمان المنشآت والمباني ومسؤولية المقاول والمهندس، والتي سنتعرض لها بصورة ميسرة تبيّن للقارئ حقوقه وواجباته، إذ إن هذا الأمر يغفل عنه كثيرون.
لقد خص القانون في طياته نصوصًا تنظم علاقة المقاول والمهندس مع المتعاقدين معهم، ومن أهم المواد التي تحفظ حق المتعاقد مع المقاول والمهندس هي ضمان الأخيرين للعمل المنجز من طرفهما لمدة عشر سنوات.
ومن أهم ما جاء في نصوص القانون عن هذا الضمان هو ما ورد في نص الفقرة الأولى من المادة (634) من قانون المعاملات المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (29/2013) والتي جاء فيها “1- يضمن المهندس والمقاول متضامنين كل ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت ثابتة أخرى ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها أو كان صاحب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ما لم يكن المتعاقدان في هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشأة أقل من عشر سنوات” وهو أيضا ما أكدته أحكام المادة (22) من قانون تنظيم عمل المكاتب الاستشارية الهندسية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (27/2016).
ومن نص المادة أعلاه يتضح لنا أن القانون قد جاء صارماً في إلزام المهندس والمقاول بضمان أي عيب يشكل تهديدا في متانة أو سلامة المباني والمنشآت التي شيدوها، حتى لو كان التهدم ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها.
وقد حدد المشرع مدة الضمان بعشر سنوات من تاريخ تسليم العمل علماً بأنه لا يمكن الاتفاق على مدة ضمان أقل من المدة التي حددها القانون إلا في حال تم الاتفاق على ان تبقى المنشأة مدة أقل عن عشر سنوات.
هذا وقد حدد المشرع في المادة (637) من قانون المعاملات المدنية مدة لسقوط دعوى الضمان بالتقادم وحددها بثلاث سنوات من تاريخ حصول التهدم أو اكتشاف العيب في المنشأة، حيث جاء نصها كما يلي “لا تسمع دعوى الضمان بعد انقضاء ثلاث سنوات على حصول التهدم أو اكتشاف العيب”.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إذا اقتصر عمل المهندس على وضع التصميم فقط دون الإشراف على التنفيذ فيكون مسؤولاً فقط عن عيوب التصميم دون عيب الإنشاء.
ومن المهم التأكيد على أن مسؤولية المقاول والمهندس عن سلامة البناء من النظام العام فلا يجوز الاتفاق على إعفاء أي منهما عن مسؤوليته وإن وجد مثل هذا الاتفاق فلا يعتد به، لمخالفته لنص آمر في القانون متعلق بالنظام العام، وفكرة النظام العام تهدف إلى حماية مصلحة عامة في البلاد لذا قررت كافة النظم القانونية في مختلف الدول أن كل ما يتعلق بالنظام العام – السكينة العامة والأمن العام والصحة العامة- لا يمكن مخالفته ويطبق عليه النصوص القانونية تطبيقاً مباشراً، وهذا قيد على فكرة سلطان الإرادة التي تحكم العلاقات التعاقدية، فيكون العقد شريعة المتعاقدين طالما لم يخالف نصا قانونيا آمرا متعلقا بالنظام العام، فهنا يقع كل شرط مخالف لهذه القاعدة باطلاً ولا يعتد به حتى ولو نص عليه في العقد ولا يكون لأي طرف من الأطراف في العقد الحق في التمسك بتطبيق شروط العقد إذا كانت الشروط مخالفة للنظام العام، وهو الحال بالنسبة للضمان فإذا ما اتفق المقاول مع المالك على أن يكون الضمان لمدة خمس سنوات فقط، فيكون هذا الشرط باطلاً لمخالفته نصاً قانونياً آمراً، فيبطل الشرط فقط ويبقى العقد صحيحاً، ولكن يطبق عليه الضمان المحدد بعشر سنوات بدل خمس سنوات، وهو ما يسمى لدى رجال القانون بمسألة إنقاص العقد.
ومن جانب آخر يثور سؤال يتبادر كثيرا إلى أذهان الناس، وهو أن القانون نص على أن الضمان بين المقاول والمالك، وهما المتعاقدان، ولكن إذا ما باع المالك المنزل أو المنشأة وظهرت عليه بعض العيوب المشمولة بالضمان كالتشققات والتصدعات أو سقط جزء من المبنى، فهل يحق للمشتري أن يرجع إلى المقاول والمهندس أم يرجع إلى البائع؟؟
وجواب ذلك أنه طالما آل الملك إلى المشتري فإنه أصبح خلفاً خاصاً للبائع أي خلفه في ماله الذي باعه إليه، فأصبح يتمتع بكافة حقوقه التي على العقار ويتحمل بكافة التزاماته، فالبيع ناقل للملكية تنتقل معه محملة بكافة تبعاتها والحقوق المتصلة بها، فلا يكون للمقاول والمهندس أن يتبرأ كلٌ منها من مسؤوليته في ضمان المنشأة بمجرد أن المالك الأصلي قد باعها إلى آخر، لأن هذا الأخير أصبح هو المالك وهو الذي انتقلت إليه كافة تبعات وحقوق العقار الذي اشتراه، ففكرة الضمان مقررة لأجل التحقق من سلامة ما تم إنشاؤه من بناء، وليست لإثراء المالك على حساب المقاول، وعلى ذلك يبقى الضمان متصلاً بالعقار بغض النظر عمن آل إليه الملك، فالمشرع حين نص على الضمان ذكر بأنه يكون للمنشأة والمباني التي يشيدها المقاول والمهندس، ولم يذكر بأنها لمصلحة المتعاقد معهما.
جدير بالذكر أنه في حالة نشب نزاع بين المالك والمهندس والمقاول حول مسألة الضمان فإن المحكمة المختصة بالفصل فيه تكون هي المحكمة التي يقع في نطاق اختصاصها العقار المشمول بالضمان، وذلك بخلاف الأصل المستقر عليه بأن الدعوى ترفع في موطن المدعى عليه، وذلك بحسب نص المادة (45) من قانون الإجراءات المدنية والتجارية العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (29/2002).
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً