الأحكام الرئيسية في خطابات الضمان المصرفية – الرد على استفسارات البنك
* إشارةً إلى الموضوع المنوّه عنه أعلاه، وعطفاً على رسالة البريد الإلكتروني الواردة منكم إلينا بخصوص الموضوع عاليه، والذي تطلبون فيه الإفادة والإجابة على الاستفسارات التالية:
استناداً للبند المرفق أدناه (البند الخاص بـ: تفعيل كفالة الدفعة المقدمة)، هل يحق للبنك عدم تجديد أو تمديد الكفالة، في حال لم تصل الدفعة للبنك؟
هل يحق للبنك إلغاء الكفالة في حال عدم التزام العميل بتحويل قيمة الكفالة للبنك؟
هل يحق للمستفيد المطالبة بقيمة الكفالة في حال لم يتم تحويل قيمة الكفالة للبنك؟
فإننا نفيدكم بما يلي:
تنص المادة (385) من قانون التجارة على أنه: “لا يجوز للبنك أن يرفض الوفاء للمستفيد لسبب يرجع إلى علاقة البنك بالآمر أو علاقة الآمر بالمستفيد”.
وتنص المادة رقم (387) من قانون التجارة على أنه: “إذا وفى البنك للمستفيد المبلغ المتفق عليه في خطاب الضمان حل محله في الرجوع على الآمر بمقدار المبلغ الذي دفعه”.
وتنص المادة (325) من القانون المدني الكويتي على أنه: “لا يقوم الالتزام إذا علق على شرط واقف يجعل وجوده متوقفاً على محض إرادة الملتزم”.
ومن المُسلم به قانوناً (فقهاً وقضاءً) أن خطاب الضمان هو خاتمة لسلسلة من الروابط التعاقدية تتدرج كالتالي:
يُبرم المُقاول (مثلاً) عقد مُقاولة مع رب العمل، ويُسمى هذا العقد هنا بـ “عقد الأساس” وفيه يتعهد المُقاول بناء على طلب رب العمل بتقديم ضمان مصرفي لدى الطلب ويُحدد مضمونه ومحتواه بدقة.
وتنفيذاً لهذا الالتزام يتولى المُقاول إصدار أمره، ولذا يُسمى هنا بـ “الآمر” إلى بنكه ليُصدر البنك تعهداً أمام رب العمل، الذي يُسمى هنا بـ “المُستفيد”، بأن يدفع البنك للمُستفيد بمُجرد الطلب مبلغاً نقدياً مُعيناً. ويُؤذن للبنك بأن يُقيد في حساب العميل الآمر، المبلغ، عندما ينفذ الضمان، بإذن نهائي منه لا رجعة فيه، بالإضافة إلى عمولة يتقاضاها البنك من العميل الآمر نظير إصداره خطاب الضمان. وهذه العلاقة الثانية التي تربط العميل الآمر بالبنك تُسمى بـ “فتح الاعتماد بالضمان”.
وتنفيذاً لهذا الوعد بالضمان يتعهد البنك شخصياً، طبقاً للتعليمات التي أُعطيت له من عميله الآمر، أمام رب العمل “المُستفيد” بأن يدفع له لدى أول طلب (أو بمُجرد الطلب) مبلغاً نقدياً مُعيناً. وهذه العلاقة القانونية الثالثة تُسمى بـ “خطاب الضمان”.
وهذه الروابط التعاقدية الثلاثة: (عقد الأساس – وفتح الاعتماد – وخطاب الضمان) مُرتبطة اقتصاديا ولكنها مُستقلة ومُنفصلة تماماً قانونياً.
فخطاب الضمان هو تعهد بدفع مبلغ نقدي في حدود مُعينة، يقوم بالنظر إلى عقد الأساس، بوصفه ضماناً له ولتنفيذه، ولكنه يُنشئ التزاما مُنفصلاً عن العقد المضمون، ويتميز بعدم جواز الاحتجاج بالدفوع المُستمدة من عقد الأساس، فالبنك يلتزم بالدفع لدى أول طلب من المُستفيد دون أن يكون للبنك أن يتمسك بالدفوع المُستمدة من روابط قانونية أخرى بل ورغم مُعارضة العميل الآمر لأي سبب.
( لطفاً، المرجع: “خطابات الضمان المصرفية” – للدكتور/ علي جمال الدين عوض – طبعة 1991 القاهرة )
فيُقصد باستقلال التزام البنك قِبل المُستفيد عن علاقة هذا الأخير بالعميل أنه لا أثر لدفوع العميل قِبل المستفيد على التزام البنك المُباشر قِبل المستفيد.
كما لا أثر على التزام البنك من الإبراء الصادر من المُستفيد إلى العميل ولا يجوز للبنك الامتناع عن الدفع للمستفيد بناء على أسباب يُبديها العميل تبرئ ذمته قِبل المُستفيد، (أو لأي سبب يرجع إلى العميل أو إلى علاقة البنك بعميله الآمر)، ذلك أن التزام البنك مُستقل عن علاقة العميل بالمستفيد. ويكون على العميل مُقاضاة المستفيد فيما قبضه دون وجه حق بناء على العلاقة الأصلية بينهما.
حيث أن البنك يوفي بالتزام شخصي مُستقل عن العلاقة بين العميل والمستفيد، وإنما يجوز للعميل الرجوع على المستفيد لاسترداد ما قبضه من البنك إذا كان لديه ما يبرر هذا الرجوع كما إذا كانت العلاقة أبطلت أو فسخت.
فالعميل هو الذي يبدأ بالشكوى إلى القضاء إذا قدر أنه غير مدين أو أن مديونيته لا تبرر ما حصل عليه المُستفيد من البنك.
( لطفاً، المرجع: “الأسس القانونية لعمليات البنوك” – للدكتورة/ سميحة القليوبي – طبعة 1992 القاهرة – ص 157 وما بعدها وهوامشها )
ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “خطاب الضمان وإن صدر تنفيذاً للعقد المُبرم بين البنك والمدين المُتعامل معه إلا أن علاقة البنك بالمُستفيد الذي صدر خطاب الضمان لصالحه هي علاقة مُنفصلة عن علاقته بالعميل، إذ يلتزم البنك بمُقتضى خطاب الضمان وبمُجرد إصداره ووصوله إلى المُستفيد بوفاء المبلغ التي يُطالبه به هذا الأخير باعتباره حقاً له يحكمه خطاب الضمان ما دام في حدود التزام البنك المدين به، ويكون على المدين (عميل البنك الآمر) أن يبدأ هو بالشكوى إلى القضاء إذا قدر أنه غير مدين للمُستفيد أو أن مديونيته لا تُبرر ما حصل عليه المُستفيد”.
( نقض مدني في الطعن رقم 2084 لسنة 58 قضائية – جلسة 29/5/1989. وفي الطعن رقم 1013 لسنة 50 قضائية – جلسة 30/12/1985. وفي الطعن رقم 342 لسنة 49 قضائية – جلسة 23/12/1980 )
كما قضت محكمة النقض بأنه: “من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن خطاب الضمان وإن صدر تنفيذاً للعقد المبرم بين البنك والمدين المتعامل معه، إلا أن علاقة البنك بالمستفيد الذي صدر خطاب الضمان لصالحه هي علاقة منفصلة عن علاقته بالعميل إذ يلتزم البنك بمقتضى خطاب الضمان وبمجرد إصداره ووصوله إلى المستفيد بوفاء المبلغ الذي يطالب به هذا الأخير باعتباره حقاً له، يحكمه خطاب الضمان، ما دام هو في حدود التزام البنك المبين به، كما أن البنك مصدر الخطاب، لا يعتبر وكيلاً عن العميل في الوفاء للمستفيد بقيمة خطاب الضمان، ذلك أن التزام البنك في هذا لحسابه التزام أصيل، ويترتب على ذلك أن ما يقوم العميل بدفعه للبنك لتغطية خطاب الضمان إنما هو تنفيذ وتأمين للعلاقة القائمة بين العميل والبنك وحدهما ولا صلة للمستفيد بها، كما أن البنك الذي يقوم بتثبيت اعتماد مصرفي بين عميله والمستفيد منه، لا يصح وصفه بأنه ضامن أو كفيل يتبع التزام المدين المكفول بل يعتبر في هذه الحالة التزاما مستقلاً عن العقد القائم بين المُتعاملين”.
( نقض مدني في الطعن رقم 648 لسنة 48 قضائية – جلسة 12/4/1982 مجموعة المكتب الفني – السنة 33 – صـ 395 )
كما إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: “من المُقرر في قضاء محكمة النقض أن خطاب الضمان، وإن صدر تنفيذاً للعقد المبرم بين البنك والمدين المتعامل معه، إلا أن علاقة البنك بالمستفيد الذي صدر خطاب الضمان لصالحه هي علاقة منفصلة عن علاقته بالعميل، إذ يلتزم البنك وبمجرد إصداره خطاب الضمان ووصوله إلى المستفيد بوفاء المبلغ الذي يطالب به هذا الأخير باعتباره حقاً له، يحكمه خطاب الضمان، ما دام هو في حدود التزام البنك المبين به، كما أن البنك مُصدر خطاب الضمان، لا يعتبر وكيلاً عن العميل في الوفاء للمستفيد بقيمة خطاب الضمان، بل إن التزام البنك في هذا لحسابه التزام أصيل، ويترتب على ذلك أن ما يقوم العميل بدفعه للبنك لتغطية خطاب الضمان إنما هو تنفيذ وتأمين للعلاقة القائمة بين العميل والبنك وحدهما، ولا صلة للمستفيد بها، وللبنك أن يصدر خطاب الضمان بغطاء مالي أو دون غطاء، أو بضمان رهن في حدود المعاملات القائمة بين العميل والبنك، وهو الذي يقدر وحده مصلحته في كيفية تغطية خطاب الضمان”.
( نقض مدني في الطعن رقم 106 لسنة 37 قضائية – جلسة 14/3/1972 مجموعة المكتب الفني – السنة 23 – صـ 401. ونقض مدني في الطعن رقم 111 لسنة 40 قضائية – جلسة 14/3/1972 مجموعة المكتب الفني – السنة 23 – الجزء الأول – صـ 401 – فقرة 1 )
كما قضت محكمة النقض بأن: “خطاب الضمان – كباقي الأوراق التجارية – له استقلاليته وكفايته الذاتية، بمعنى أن “الوفاء به لا يتوقف على واقعة خارجة عنه ولا على تحقق شرط ولا حلول أجل، ولا يُغير من ذلك أن يرتبط تنفيذه بواقعة ترجع إلى المُستفيد منه”.
( نقض مدني في الطعن رقم 1342 لسنة 49 قضائية – جلسة 12/12/1980 )
الخلاصة:
– إن خطاب الضمان المصرفي، ليس ضامن من البنك، ولا كفالة من البنك، للعميل الآمر، وإنما هو التزام مستقل، حيث يلتزم به البنك شخصياً، في مواجهة المستفيد. ومن ثم، ففي حال تسييل خطاب الضمان، فإن البنك إنما يؤدي دينه هو تجاه المستفيد، وليس دين عميله.
– إن علاقة العميل الآمر بالبنك (فتح الاعتماد)، مستقلة تماماً عن علاقة البنك مُصدر الخطاب بالمستفيد (خطاب الضمان)، فلا يجوز للبنك التذرع بإخلال عميله الآمر بالتزاماته، لكي يمتنع هو بدوره (أي البنك، ويخل) بالتزامه بخطاب الضمان الذي أصدره (البنك) باسمه شخصياً للمستفيد.
– إن خطاب الضمان، كسائر الأوراق التجارية، له استقلاليته وكفايته الذاتية، بمعنى أن الوفاء به لا يتوقف على واقعة خارجة عنه ولا على تحقق شرط (واقف) ولا حلول أجل.
– إنه لا يجوز الاشتراط في خطاب الضمان، أو وقف تفعيل خطاب الضمان، على قيام العميل الآمر بتغطية قيمة خطاب الضامن (أو أي جزء منه) للبنك مُصدر الخطاب، حيث إن سداد قيمة تلك التغطية هو أمر يخص العميل الآمر والبنك مُصدر الخطاب ولا علاقة للمستفيد به.
– إن الاشتراط في خطاب الضمان – بأي صيغة كانت – على ألا يتم تفعيل خطاب الضمان إلا بعد استلام البنك لمبالغ ما من عميله الآمر، يجعل تنفيذ أو تفعيل خطاب الضمان (عملياً) متوقف على إرادة العميل. ومن المقرر قانوناً أنه إذا كان الالتزام لا يقوم ولا ينشأ إذا معلقاً على شرط واقف، يجعل وجوده متوقفاً على محض إرادة الملتزم به (مادة 325 مدني).
– في حال عدم قيام عميل البنك بسداد قيمة تغطية خطاب الضمان للبنك، فإنه رغم ذلك، لا يجوز للبنك الامتناع عن تسييل قيمة خطاب الضمان للمستفيد، عند طلبه ذلك خلال الفترة الزمنية المحددة في الخطاب، طبقاً لنص المادة (385) من قانون التجارة التي تنص على أنه: “لا يجوز للبنك أن يرفض الوفاء للمستفيد لسبب يرجع إلى علاقة البنك بـ (عميله) الآمر، أو علاقة الآمر بالمستفيد”.
– في حال قيام البنك بتسييل خطاب الضمان للمستفيد، بناء على طلبه، خلال الفترة الزمنية المحددة في الخطاب، وكان عميل البنك لم يقم بتغطية قيمة ذلك الخطاب، فيمكن للبنك حينئذ الرجوع على عميله بما وفاه للمستفيد، طبقاً لنص المادة (387) من قانون التجارة التي تنص على أنه: “إذا وفى البنك للمستفيد المبلغ المتفق عليه في خطاب الضمان حل محله في الرجوع على (عميله) الآمر بمقدار المبلغ الذي دفعه”.
إجابات الأسئلة:
· استناداً للبند المرفق (البند الخاص بتفعيل كفالة الدفعة المقدمة)، هل يحق للبنك عدم تجديد أو تمديد الكفالة، في حال لم تصل الدفعة للبنك؟
– تمديد خطاب الضمان، لفترة زمنية أخرى، بعد انتهاء فترته السابقة (سواء أكانت أصلية أم مددة)، إنما يتم بالاتفاق بين العميل الآمر والبنك (بناء على طلب المستفيد)، فلا يجوز للبنك تمديده إلا بموافقة عميله الآمر، وتمديد الخطاب ليس إلزامياً على البنك طالما عميله الآمر قد أخل بالتزامه ولم يحول قيمة الدفعة للبنك.
وعليه، ففي حال لم تصل للبنك الدفعة المطلوبة من عميله، فيجوز ويحق للبنك عدم تمديد خطاب الضمان لفترة زمنية أخرى.
· هل يحق للبنك إلغاء الكفالة، في حال عدم التزام العميل بتحويل قيمة الكفالة للبنك؟
– خطاب الضمان يصدر من البنك شخصياً، لصالح المستفيد، وتلك العلاقة (علاقة خطاب الضمان) مستقلة قانونياً تماماً عن علاقة (فتح الاعتماد) بين البنك وعميله الآمر، فلا يستطيع البنك الاحتجاج بإخلال عميله الآمر بالتزامه لكي يتحلل – في مواجهة المستفيد – من التزامه (أي البنك) بخطاب الضمان.
وعليه، فطالما أصدر البنك خطاب الضمان، وسلمه للمستفيد، فلا يحوز ولا يحق للبنك “إلغائه” بذريعة عدم التزام العميل بتحويل قيمة الكفالة للبنك. ولكن على البنك الالتزام بخطاب الضمان، وتسييله إذا ما طلب المستفيد ذلك خلال الفترة الزمنية المحددة في الخطاب، ثم يرجع البنك بعد ذلك على عميله الآمر بما وفاه للمستفيد.
· هل يحق للمستفيد المطالبة بقيمة الكفالة، في حال لم يتم تحويل قيمة الكفالة للبنك؟
– كما سبق القول، وتم التأكيد عليه مراراً وتكراراً، فإن الطبيعة القانونية لخطاب الضمان، وعلى الرغم من كونه نتاج سلسلة علاقات متعاقبة، إلا أنه التزام مستقل تماماً عن تلك العلاقات السابقة عليه، فلا أثر لعقد الأساس (بين العميل والمستفيد)، ولا أثر لعقد فتح الاعتماد (بين العميل والبنك)، على خطاب الضمان (بين البنك والمستفيد). فالتزام البنك بخطاب الضمان التزام مستقل وشخصي، وعندما يدفع البنك قيمة خطاب الضمان للمستفيد فهو إنما يؤدي دينه هو شخصياً وليس دين عميله.
وبالتالي، فإنه يجوز ويحق للمستفيد مطالبة البنك بتسييل خطاب الضمان، بشرط أن يقدم طلبه ذلك للبنك خلال الفترة الزمنية المحددة في الخطاب، ويلتزم البنك حينئذ بأداء قيمة خطاب الضمان للمستفيد، حتى ولو كان عميله الآمر قد أخل بالتزامه ولم يحول قيمة تغطية ذلك الخطاب للبنك. وبعد ذلك (بعد تسييل الخطاب للمستفيد) على البنك أن يرجع على عميله الآمر بما وفاه للمستفيد.
ونأمل في أن نكون قد أوضحنا لكم الجوانب القانونية الرئيسية بشأن أحكام خطابات الضمان المصرفية، ووفينا الإجابة على استفساراتكم بشأنها.
هذا، ويسعدنا الردّ على أي استفسارٍ قد يعنُّ لكم بشأن هذا الموضوع.
الأستاذ/ أشرف رشوان المحامي بالنقض
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً