الجوانب القانونية لشباب الأعمال
فيصل المشوح
المحامي والمستشار القانوني
fisalam @
إحدى متع الحياة هي تكوين وتأسيس مشروع صغير ناجح تمتلكه وتديره وتقضي يومك في أحضانه تعيش متقلبًا بين آلامه وآماله وأرباحه وخسائره وتحدياته, وهذا الشيء طموح الكثير من الشباب في هذا الوقت فلم يعد بريق الوظيفة يغريهم كما في السابق، وارتفعت روح المغامرة والتحدي والمنافسة والحياة المليئة بالغموض وشيء من الحرية والصعوبة والأشياء المثمرة والغامضة معًا، هي موضة العصر الجديد التي تقوم على معادلة كلما تعبت أكثر ربحت أكثر . وطريق العمل والتجارة مع ما فيه من عبق جميل، إلا أنه طريق مليء بالعقبات والتحديات, يقابل كل قريب من القطاع الخاص العشرات يوميًا من شباب مبتدئين يخوضون غمار التجربة وكلما تقدم المرء في أحلامه؛ فإنه سوف يلاقي النجاح غير المتوقع في أوقاته العادية. المهم أن تبدأ بالشكل الصحيح، وإذا تصرفت بالشكل المناسب مع مشروعك من البداية, وتفاعلت مع نقاط قوتك ونقاط ضعفك؛ كلما كان المشروع مجزيًا ومربحًا. كما يجب عليك التنبه لمشروعك من جميع أضلاعه من البداية ..
من جانبه المالي والتجاري والقانوني -وهو ما يخصنا -فالابتعاد عن المشاكل القانونية أسهل من الوقوع فيها أو محاولة التخلص منها. وقد لاحظ المحامون أن أصحاب المشاريع يتجنبون التفكير بالأمور القانونية وليست من الأشياء المحببة لديهم، لأنها متعلقة بالمخاطر وهو ما ينكّد عليهم مزاجهم, إلا أن هذا الجانب لا يمكن إهماله في هذا الوقت فنحن الآن أمام انفجار قضائي هائل في هذا البلد والقضايا المرتدة والمتبادلة تضج بها المحاكم, وتعد مشروعات التاجر الصغير أحد الأهداف في عيون التاجر الكبير والمستهلك العادي, وهو ما يستدعي ضرورة معرفتك بما يجب عليك فعله وما يجب عليك تركه, ومتى يجب عليك أن تتحدث إلى محاميك إذا سار الأمر بالشكل خاطئ, وهذا المقال لن يغنيك عن محاميك الذي يعرف موقفك وجميع التفاصيل والحقائق القانونية المتعلقة بمواضيعك ومنشأتك وأسرتك ولكنه يضيء لك الطريق إن لم تبدأ بعد, وتذكر دائما الثلاثة الذين يجب أن يكونوا بجوارك عند أي مشروع: ” المحاسب والمحامي والسكرتير ” كلما كانت علاقتك بهم أمتن كان وضعك بالعمل أحسن. فمن الأشياء القانونية التي يجب أن يراعيها رياديو الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة :
– العقود : هناك أناس يدخلون عملية التفاوض وإبرام الاتفاقيات وكلهم نية في خرق العقود، ويغيب عن المستثمر الجديد بحسن نية مقصودهم ويهمل كتابة العقد الذي يعتبر ” دليل المستخدم “ للعلاقة بين الأطراف في تحديد سياج العمل وآفاقه والتزاماته, وكتب أحد الخبراء مرة أن أبي نصحني ذات يوم بكلمة ساعدتني للأبد في أعمالي ، قال لي : ” لست مضطرًا لاتخاذ أي قرار حتى ترى العقد”, وهذا هو الشيء المهم لأي رائد أعمال لست ملزمًا للتقدم تجاه أي أمر حتى تعرف التزاماتك والتزامات الطرف الثاني بكل التفاصيل المهمة, لأن العقود عند كتابتها نقوم بافتراض أسوء الظنون لتجنب أكبر المشاكل والخروج بأفضل الحلول, فالاهتمام بالعقود في المشاريع من البداية: عقود العمال وعقود البيع وعقود المشاريع والتوريد وعقود التأجير والتشغيل وغيرها يعتبر اهتمام بهيكل المشروع من الانهيار أو الهبوط في المستقبل لا قدر الله.
– براءة الاختراع: إذا ابتكرت أو اكتشفت أي شيء جديد ونافع في مشروعك سواء كان عملية صناعية أو علامة تجارية أو مؤلف جديد فبادر بالحصول على براءة الاختراع أو شهادة المنتج والعلامة التجارية والملكية الصناعية, كما يجب أن تعرف أن المحاكم السعودية استقرت على أن أحقية العلامة التجارية لمن سجلها أولاً وليس لمن استعملها أولاً، إحفظ هذا جيدًا ..
وبادر بتوثيق جهودك ونافح عن منتجك دائمًا حتى بالحفاظ على هويتك من الأسماء التي تحاول تقليدك بالتمويه على المستهلك، وقد ألغت أحكام ديوان المظالم العلامة التجارية لشركات مثل (المحضارة لصالح الحضارة) و ( بيتول التي تشبه ديتول ) و(ريفكو من أجل ريكو ) كما ألغت العلامة التجارية ( ديمو ) لصالح شركة ( ديمه ) لتطابقها في ثلاثة أحرف ومشابهتها للجرس الصوتي وللاشتراك في نفس المنتج, هذه الأمثلة تعطيك الرغبة الواضحة لدى القضاء في حفظ جهود المبادرين من المثابرين التجار . – الصفة القانونية: احذر أن تمنح من لا تعرفه ولا تثق فيه وكالة شرعية تخوله فيها بصلاحيتك كالبيع والشراء والصلح والإقرار أو أن تمنحه أوراقك وأختامك ومستنداتك الرسمية والنظامية، فيستخدم كافة أعمالك دون علمك فأنت بالقانون المسؤول الأول والأخير عن ما يصدر منك أو منشأتك باسمك.
– تجنب المبالغة في مقاضاة الناس: ستواجه في أعمالك الكثير من الخصوم وبعض المتعاملين الذي لا يوفون وينكثون العهود والعقود, وتكلفة التقاضي أكبر من تكلفة التفاوض حاول أن تسعى للتصالح قبل المحاكم فهو أوفر لجهدك وذهنك ومالك، وأدعى أن تسير في طريقك بأمان, وآخر الدواء الكي وإن كان ولا بد فاستعن بمحاميك, وإياك أن تترك مالك عند غيرك فهذا يغري الآخرين بالطمع في إضرارك طمعا في إهمالك.
– استعن بمحاميك وبعلاقة طويلة الأمد: أسوء الناس من يعتقد أنه يعرف كل شيء, و ما خاب من استشار، إرجع لمحاميك في جميع ما تحتاجه بعلاقاتك القانونية والنظامية واستشره فقط بالجانب الذي يخصه، تجنب أن تأخذ رأيه فيما لا يفقهه بالجانب المحاسبي مثلا, كثير من رواد الأعمال يقع في الخطأ حينما يطلب نصيحته من غير المختص, والمحامي الذي يبقى معك أطول يعرفك بشكل أفضل يعرف تفاصيل منشأتك وأعمالك ونقاط قوتك وضعفك ويوصي الخبراء لزوم الشركات والمؤسسات بعلاقة أطول مع مستشاريهم, فكثرة التنقلات إن لم تكن ضرورية تبعثر المواضيع وتضيع التفاصيل وتقلل من أهمية التاجر لدى الغير, أما الاستمرار فهو يعطي منشأتك قيمة السكينة والاستقرار .
ربما هناك الكثير من الجوانب القانونية المهمة كمواضيع الغرامات والضرائب وعلاقات الجمارك والهيئات الحكومية العامة والمختلفة وأشكال الشركات وأنواعها والإدراج والاستحواذ والتعامل مع الدائنين والمدينين وغيرها، بإمكانك الرجوع والبحث بشكل أكبر عن ما يهمك ودائما لا تكتفي بما يقدمه لك أي مستشار ..
لأنه في الأخير؛ الفرد هو أحسن قاضٍ يمكنه أن يحدد حاجته الشخصية في العمل . المشوح
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً