لأجل بيان الحالات التي يمكن ان تؤدي الى تعدد الجنسية العراقية في دور التأسيس، لابد من استعراض النص القانوني المنظم لهذه الجنسية، وفقا لقانون الجنسية العراقية النافذ رقم 26 لسنة 2006 ، وهو نص المادة الثانية، والمصرح ب:-
(( يعتبر عراقي الجنسية كل من حصل على الجنسية العراقية بموجب أحكام قانون الجنسية العراقية رقم (24) لسنة 1924 الملغى وقانون الجنسية العراقية رقم(43) لسنة 1963 وقانون منح الجنسية العراقية للعرب رقم (5) لسنة 1975 وقرارات مجلس قيادة الثورة المنحل(الخاصة بمنح الجنسية العراقية((.هذه المادة القانونية تتضمن الاشارة الى اربع حالات لوجود جنسية التأسيس العراقية، تتمثل بآلاتي:-
1- من حصل على الجنسية العراقية بموجب احكام قانون الجنسية العراقية الملغى رقم 42 لسنة1924
2- من حصل على الجنسية العراقية بموجب احكام قانون الجنسية العراقية رقم 43 لسنة 1963
3- من حصل على الجنسية العراقية بموجب احكام قانون منح الجنسية العراقية للعرب رقم (5) لسنة 1975
4- من حصل على الجنسية العراقية بموجب احكام قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل والخاصة بمنح الجنسية العراقية. وأول ما يمكن ان يلاحظ على جميع هذه الحالات(وبشكل عام) أن المشرع العراقي لم يشر الى مسألة كون هؤلاء الافراد ممن يحملون جنسيات دولة(أو دول) أخرى، فقد تجاهل المشرع مثل هكذا فرض وهو بصدد تحديد ملامح جنسية التأسيس العراقية، مما يعني إننا أمام حالة من حالات التعدد( ولو فرضا مبدئيا ) المشرعة قانونا . ولو عدنا الى تحليل ما تضمنته هذه الحالات من موارد متعلقة ببيان أسس الجنسية العراقية، لوقفنا على جملة نصوص يستشف منها انها تسير في ركاب التعدد وتؤسس له، وهذه النصوص نبينها وفقا للقوانين التي وردت فيها، ومنها(1) قانون منح الجنسية العراقية للعرب رقم 5 لسنة 1975(2) والذي ينص على ما يلي:-
المادة الأولى: يجوز لوزير الداخلية منح الجنسية العراقية لكل عربي يطلبها، إذا كان قد بلغ سن الرشد. دون التقيد بشروط التجنس الواردة في الفقرة (1) من المادة الثامنة من قانون الجنسية العراقية رقم (43) لسنة 1963 المعدل. ويستثنى من ذلك الفلسطينيون ما لم يصدر قانون أو قرار تشريعي خاص بخلاف ذلك.
المادة الثانية : ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
وفي خصوص هذا القانون يمكن الإشارة إلى بعض الملاحظات العامة في هذا السياق، والتي منها:
1- جاء في الأسباب الموجبة لصدور هذا القانون ما يلي: (( بالنظر إلى أن قانون الجنسية العراقية وتعديلاته لم يول منح الجنسية العراقية للعرب الأهمية الملائمة له ولم يؤكد الدور الذي يضطلع به العراق في مجال السياسة القومية في الوطن العربي، وحيث أن التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر القطري الثامن لحزب البعث العربي الاشتراكي، الحزب القائد لنظام الحكم في القطر العراقي كان قد أكد على أهمية هذا الدور في توثيق الصلات مع الأخوة العرب في أقطارهم المختلفة، وبناء الأسس الموضوعية لقيام الوحدة بين الشعب العربي في جميع أقطاره لإزالة الحدود المصطنعة التي افتعلها ألإستعمار.من أجل كل ذلك، وكخطوة أولى على هذا الطريق، صَدَرَ هذا القانون المتعلق بمنح الجنسية العراقية للعرب، على أن يُستثنى من ذلك المواطنون الفلسطينيون مالم يصدر قانون أو قرار تشريعي خاص بخلاف ذلك)).
2- يُثير تطبيق هذا القانون إشكالية متعلقة بتحديد معنى المواطن العربي؟ ولكن ومن خلال الاسباب الموجبة أعلاه يتبين بأن المقصود منه هو أي إنسان ينتمي إلى بلد عربي، أي ينتمي ولا ء إلى دولة عربية حتى لو كان غريبا عن الأصل العربي!.
3- أن هذا القانون جاء بصيغة توحي بأنه لا يقيم اي تمييز بين المشمولين بوصف العربي، وبالتالي فأن كل جزئية تندرج تحت هذا المفهوم العام)العربي( تكون مشمولة بحكم هذا القانون، ومن المعلوم أن النص مطلق والمطلق يجري على إطلاقه مالم يُقيد بدليل.
4- تضمن هذا القانون عبارة خطيرة جدا (إضافة للملاحظة السابقة) ألا وهي((دون التقيد بشروط التجنس الواردة في الفقرة الاولى من المادة الثامنة من قانون الجنسية العراقية رقم 43 لسنة 1963 الملغي .عليه ومن خلال إعمال مفهوم المخالفة يُمكن القول بأنه يجوز تجنس العربي، حتى لو لم تك لديه وسيلة جلية للعيش، أو لم يكُن سليما من الامراض والعاهات الجسمية والعقلية، أو لم يكُ حسن السمعة والسلوك، بل وكان محكوما عليه بجناية أو جنحة مُخلة بالشرف( حتى لو لم يُرد إليه اعتباره)، ويُستثنى كذلك من شرط الإقامة المتتالية في العراق لمدة عشرة سنوات سابقة على تقديم الطلب.
5- لم نلاحظ من خلال استقراء هذا القانون اية إشارة لموضوع الجنسية السابقة للفرد العربي(سواء اكان متمتعا بجنسية أيا كانت، أم لم يكن كذلك)، ومن هنا يُفتح الباب على مصراعيه لظهور حالة التعدد في الجنسية. لا بل وجدنا إن المشرع العراقي عَمَدَ إلى التأكيد على هذا الموضوع(فتح باب التعدد وتجاهل الجنسية السابقة) من خلال قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 890في 4/8/1985 ، والمنشور في الوقائع العراقية بالعدد 3059 في 19/8/1985 والذي قضى باحتفاظ المواطن العربي الذي يكتسب الجنسية العراقية بجنسية البلد الذي ينتمي إليه مالم يُعلن عن رغبته الصريحة بالتخلي عن جنسيته الاصلية ويُعامل داخل العراق باعتباره مواطنا عراقيا فيما عدا الحالات المستثناة بنص خاص.
6- لا نعلم حقيقة الابعاد التي كانت تقف وراء صدور مثل هذا القانون المأساوي والمدمر على المجتمع العراقي، فلا تقيد بشروط تجنس و التزام بالمعاملة بالمثل ولا اهتمام بموضوع التعدد، ولا محافظة على النسيج الاجتماعي العراقي، ولا تقيد حتى ببنود اتفاقية الجنسية المعقودة بين دول الجامعة العربية لسنة 1954 ، والتي تنص في مادتها السادسة على أنه: (لا يُقبل تجنس أحد رعايا دول الجامعة العربية بجنسية دولة أخرى من دول الجامعة إلا بعد موافقة حكومته وتزول عنه جنسيته السابقة بعد اكتسابه الجنسية الجديدة).
________________
1- ان دراسة حالات التعدد في القوانين السابقة يبعد البحث عن صراطه، لذلك سنكتفي بتبيان . احد هذه القوانين وهو قانون منح الجنسية العراقية للعرب لسنة 1975
2- نشر القانون في الجريدة الرسمية العدد (4234) في 18/1/1975 القانون رقم 49 لسنة 1975 التعديل الأول لقانون منح الجنسية العراقية للعرب نشر في الجريدة الرسمية عدد (2448) بتاريخ 8/3/1975
* ويلاحظ قرار مجلس قيادة الثورة المرقم 890 والمؤرخ في 4/8/1985 المنشور في الجريدة الرسمية عدد 3059 في 19/8/1985 ، والقاضي باحتفاظ المواطن العربي الذي يكتسب الجنسية العراقية محتفظا بجنسية البلد الذي ينتمي إليه ما لم يعلن عن رغبته الصريحة بالتخلي عن جنسيته الأصلية ويعامل داخل العراق باعتباره مواطنا عراقيا فيما عدا الحالات المستثناة بنص خاص.
المؤلف : اياد مطشر صيهود
الكتاب أو المصدر : مجلة رسالة الحقوق السنة السادسة العدد الثالث 2014، جامعة ذي قار كلية القانون
الجزء والصفحة : ص 230-232
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً