الحالات التي يتم فيها التوقيف للنظر في قانون الاجراءات الجزائية الجزائري
حالات التوقيف للنظر في قانون الاجراءات الجزائية(الجزائر)
الحالات التي يتم فيها التوقيف للنظر
لم يترك المشرع الجزائري لضباط الشرطة القضائية السلطة التقديرية و المطلقة لتقرير التوقيف للنظر بل قيدهم بحالات يجوز لهم فيها اتخاذ هذا الإجراء ,هذه الحالات تتمثل في :
الحالة الأولى : التلبس بجناية طبقا لنصوص المواد من 50الى 55 من قانون الإجراءات الجزائية .
الحالة الثانية : التحقيق الابتدائي طبقا لنص المادتين 65و65/1 من قانون الإجراءات الجزائية .
الحالة الثالثة : الإنابة القضائية طبقا لنص المادة 141 من قانون الإجراءات الجزائية .
1- حالة التلبس بجناية أو جنحة
ولقد نص عليه في المواد 50 إلى 55 من قانون الإجراءات الجزائية ضمن الفصل الأول تحت عنوان في الجناية أو الجنحة المتلبس بها إذ انه و لمقتضيات التحقيق إذا رأى ضابط الشرطة القضائية أن يوقف للنظر المشتبه في ارتكابه للجريمة المتلبس بها فله ذلك متى توفرت دلائل كافية و متماسكة على ارتكابه الفعل المجرم
ـ إذا عندما ترتكب جريمة متلبس بها لجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس ,يحق لضابط الشرطة القضائية اتخاذ عدة إجراءات من بينها الأمر بعدم المبارحة و التحقق من هوية كل من اشتبه في أمره( الاستيقاف ) وكذا توقيفهم للنظر و لكن قبل التطرق لهذا يجب معرفة معنى حالة التلبس
التلبس :هو حالة من الحالات التي يؤسس عليه قانون الإجراءات الجزائية السلطات الاستثنائية لمخولة لضابط الشرطة القضائية و يعرف بأنه عبارة عن وصف عيني للجريمة و ليس بوصف شخصي ,فالجريمة هي التي تكون متلبس بها و مشهودة و ليس فاعلها .
و عليه التلبس يعتبر وصف خاص بالجريمة يفيد معنى التقارب الزمني بين وقوع الجريمة و كشفها
ـ وهناك من عرفه كذلك بأنه المعاصرة أو المقاربة بين لحظتي ارتكاب الجريمة و اكتشافها أي تطابق أوتقارب اللحظتين زمنيا .و تكون الجريمة متلبس بها في الحالات المنصوص عليها في المادة 41 من قانون الإجراءات الجزائية وهي:
1- مشاهدة الجريمة حال ارتكابها (المادة 41/04)من قانون الإجراءات الجزائية :
و يعبر عنها بالتلبس الحقيقي وهنا يتم رؤية الجريمة أثناء ارتكابها ,و لفظ المشاهدة ينصرف إلى جميع الحواس (الرؤيةـ السمع ـ الشم ـ التذوق ـ اللمس ) كما قد تكون المشاهدة من طرف ضابط الشرطة القضائية أو كان قد وصل إلى علمه و يشترط هنا أن يقوم بنفسه بالانتقال إلى مكان الجريمة و مشاهدة آثارها و هذا بعد إخطار وكيل الجمهورية بها على الفور( المادة 42 )
2- مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها (المادة 41/01) من قانون الإجراءات الجزائية :
هنا لا يتم مشاهدة الجريمة حال ارتكابها بل تكون المشاهدة بعد مدة زمنية قصيرة من ارتكابها.
ـ و لم يقم المشرع الجزائري بتحديد تلك المدة الزمنية و اكتفى بأن عبر عليها بعبارة *عقب ارتكابها *.و عليه نفهم هنا بان المدة الزمنية يجب أن تكون قصيرة.
ـ في التشريعات المقارنة نجد أن المشرع المصري نص على عبارة*عقب ارتكابها ببرهة يسيرة * ، في حين أن المشرعان السوري و الأردني عبرا عليها ب* عند الانعقاد من ارتكابها *.المشرعان التونسي و الموريتاني استعملا عبارة *قريبة من الحال *و هنا مهما اختلفت التعبيرات إلا أنها تؤدي إلى معنى واحد و هو أن يتم اكتشاف الجريمة بعد مدة قصيرة من ارتكابها .
3-متابعة العامة للمشتبه فيه بالصياح ( المادة 41/02) من قانون الإجراءات الجزائية :
هذه الحالة لا تعتمد على المشاهدة و إنما تعتمد على عنصر المتابعة المادية للمشتبه فيه من طرف العامة مرفوقة بالصياح .
و يجب التفريق بين صياح العامة و الإشاعة العامة التي لا تتعدى أن تكون إلا مجرد أقاويل متداولة بين الناس , في حين أن الصياح يكون بالصراخ قصد توقيف الجاني و ذلك في وقت قريب جدا من وقوع الجريمة وقد تكون المتابعة من طرف جماعة كبيرة من الناس أو قليلة و قد تكون من طرف المجني عليه ذاته
لم يحدد المشرع الجزائري المدة الزمنية الفاصلة بين صياح العامة و مشاهدتهم للفعل المجرم بل اكتفى بالنص على ذلك بعبارة في وقت قريب جدا من ارتكابها و عليه يفهم هنا بأنه يجب أن تعقب الانعقاد من تنفيذ الركن المادي للجريمة بوقت قصير.
و تبقى مسألة تحديد هذه المدة الزمنية للسلطة التقديرية لضابط الشرطة القضائية تحت مراقبة قاضي الموضوع.
و لقد تعرضت محكمة النقض الفرنسية لهذا الأمر في حكمها الصادر بتاريخ 07 جانفي 1932 و ذهبت في تحديدها المدة الزمنية إلى استمرار هذه المدة حتى اليوم التالي من وقوع الجريمة
4- ضبط أداة الجريمة بحوزة المشتبه فيه(المادة 41/02) من قانون الإجراءات الجزائية :
كأن يتم ضبط سلاح أو مسروقات بحوزته تدل على ارتكابه الفعل المجرم أو مشاركته فيه .
5- وجود آثار أو دلائل تدعو إلى افتراض مساهمته في الجناية أو الجنحة(المادة 41/02) من قانون الإجراءات الجزائية :
كأن توجد على المشتبه فيه خدوش أو جروح أو أ ن يكون لباسه ملطخ بالدم وهذا عقب ارتكاب الجريمة بوقت قريب .
6- اكتشاف الجريمة في مسكن و التبليغ عنها في الحال (المادة 41/03) من قانون الإجراءات الجزائية :
اذ قد ترتكب جريمة في منزل و يبلغ عنها بعد اكتشافها هنا تعتبر جريمة متلبس بها, كما قد يحصل و أن يكتشف صاحب المسكن الجريمة عقب وقوعها فيبادر باستدعاء ضابط الشرطة القضائية قصد إثباتها كحالة زنا الزوجة مثلا .
ـ و سواء كان التلبس حقيقيا أو حكما فقد أعطى المشرع لضابط الشرطة القضائية صلاحية اتخاذ مجموعة من الإجراء من بينها : الأمر بعدم مبارحة مكان الجريمة و كذا استيقاف كل من أراد أ ن يتحقق من هويته كما له أن يوقف للنظر كل من وجدت في مواجهته دلائل قوية و متماسكة تدل على ارتكابه الجريمة أو مساهمته فيها.
– إذا في حالة وقوع الجريمة المتلبس بها يجب على ضابط الشرطة القضائية أن يخطر وكيل الجمهورية فورا بوقوعها و أن ينتقل بدون تمهل إلى مكان ارتكابها قصد القيام بجميع التحريات اللازمة و المحافظة على الآثار و إبعاد الفضوليين كي لا تختفي تلك الآثار .
و له أن يأمر بعدم مبارحة الحاضرين مكان الجريمة كي يسألهم عن الجريمة و يجمع القدر الكافي من المعلومات و الاستدلالات حولها .
و له أيضا أن يستوقف احد الحاضرين كي يتحقق من هويته إن كان قد أثار فيه نوع من الشبهة .
– ولقد نصت المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم بالقانون رقم 06/22 المؤرخ في 20/12/2006 على انه(إذا رأى ضابط الشرطة القضائية لمقتضيات التحقيق , أن يوقف للنظر شخصا أو أكثر ممن أشير إليهم في المادة50 , فعليه أن يطلع فورا وكيل الجمهورية بذلك و يقدم له تقريرا عن دواعي التوقيف للنظر …)
يفهم من نص هذه المادة انه لضابط الشرطة القضائية أن يوقف للنظر من أمره بعدم المبارحة أو من استوقفه للتحقق من هويته متى توافرت دلائل قوية و متماسكة تدل على ارتكابه الجريمة أو مشاركته فيها .
وفي حالة عدم وجود دلائل قوية ومتماسكة تدل على ذلك فانه لا يجوز توقيفه إلا للمدة الضرورية لسماعه و اخذ أقواله .
و عليه نستخلص بأنه يكون التوقيف للنظر في حالة التلبس بجناية أو جنحة معقب عليها بالحبس وبالتالي لا تكون في الجنح إذا كانت عقوبتها غرامة مالية (01) كما لا تكون بالنسبة للمخالفات سواء كانت عقوبتها حبسا أم غرامة أم هما معا .
2 – حالة التحقيق الابتدائي:
لضابط الشرطة القضائية إمكانية توقيف الشخص للنظر في إطار إجراء تحرياته خارج حالات التلبس و يكون ذلك في إطار التحقيق الأولي
المادة65 من قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم بالقانون 06/22 نصت على : (إذا دعت مقتضيات التحقيق الابتدائي ضابط الشرطة القضائية إلى أن يوقف للنظر شخصا مدة تزيد عن 48 ساعة فانه يتعين عليه أن يقدم ذلك الشخص قبل انقضاء هذا الأجل إلى وكيل الجمهورية .)
إذا في إطار التحريات الأولية خلال التحقيق الابتدائي إذا رأى ضابط الشرطة القضائية بعد سماعه لشخص وجدت في مواجهته دلائل قوية و متماسكة على قيامه بالفعل المجرم أو مشاركته فيه أن يوقفه للنظر لمدة لا تتجاوز 48 ساعة متى دعت مقتضيات التحقيق لذلك ثم يسوق إلى وكيل الجمهورية .
و يتم التوقيف هنا بعد سماع المعني الذي تم استدعاؤه لمركز الشرطة أو الدرك بخصوص الجريمة محل البحث .
و بعدما يكتشف ضابط الشرطة القضائية وجود أدلة حول تورطه في الجريمة له أن يقرر توقيفه للنظر لمدة 48 ساعة مع وجوب الإخطار الفوري لوكيل الجمهورية
ولكن يجب أن تتوافر دلائل قوية و متماسكة تجعل من ارتكابه أو مشاركته في الجريمة أمرا مرجحا .
– وفي حالة عدم وجود دلائل تفيد ارتكابه الفعل أو مساهمته فيه فهنا لا يجوز لضابط الشرطة القضائية أن يوقف الشخص إلا للمدة اللازمة لأخذ أقواله ( المادة 65/ 1الفقرة 2) .
ـ و في حالة ما إذا التبس على ضابط الشرطة القضائية الأمر و لم يستطع أن يعرف ما هو الاجراء الواجب اتخاذه فعليه هنا أن يتبع تعليمات وكيل الجمهورية فإذا قرر وكيل الجمهورية توقيفه للنظر فعلى ضابط الشرطة القضائية أن يلتزم بهذا القرار.
3 – حالة تنفيذ الإنابة القضائية :
ولقد نص على إمكانية ضابط الشرطة القضائية في إطار تنفيذه الإنابة القضائية توقيف الشخص المشتبه فيه للنظر،وهذا طبقا لنص المادة 141 من قانون الإجراءات الجزائية ( إذا اقتضت الضرورة لتنفيذ الإنابة القضائية أن يلجأ ضابط الشرطة القضائية لتوقيف شخص للنظر, فعليه حتما تقديمه خلال 48ساعة إلى قاضي التحقيق في الدائرة التي يجري فيها تنفيذ الإنابة…)
تعرف الإنابة القضائية بأنها تفويض قاضي التحقيق لقاض آخر أو لضابط من ضباط الشرطة القضائية لاتخاذ إجراء من إجراءات بدلا منه و تكون الإنابة بموجب تفويض خاص (المادة 139 من قانون الإجراءات الجزائية )
الأصل ان يقوم قاضي التحقيق بجميع الإجراءات بنفسه إلا انه و لدواعي عملية قد يفوض غيره من اجل القيام باتخاذ إجراء من إجراءات بدلا عنه.
و يشترط لصحة الإنابة القضائية :
1- أن تكون صادرة من قاضي تحقيق مختص .
2- أن تكون الإنابة القضائية قد وجهت لضابط الشرطة القضائية المختص و ليس لأحد أعوانه و معنى هذا انه لا يجوز ندب أعوان الشرطة القضائية (138).
3- يجب أن ينصب الندب على عمل من أعمال التحقيق و ألا يكون يتعلق باستجواب المتهم – مواجهته –سماع أقوال المدعي المدني طبقا لنص المادة 139/2 من قانون الإجراءات الجزائية .
4- يجب ألا يكون التفويض عاما بل خاصا يحدد فيه العمل المطلوب القيام به بدقــة على الا يخـرج عن إطــارها ضابط الشرطة القضائية .
و يتم على سبيل المثال توقيف الشخص للنظر في إطار تنفيذ إنابة قضائية عندما يفوض قاضي التحقيق صلاحية سماع شاهد في قضية ما إلى ضابط الشرطة القضائية,فاذا اكتشف هذا الاخير عند قيامه بسماعه
هذا الشاهد أنه قد ساهم فعلا في ارتكاب الجريمة ففي هذه الحالة سمح له القانون توقيفه للنظر على ألا تتجاوز هذه المدة 48 ساعة ثم يقتاده بعد ذلك الى القاضي المنيب ,و علي ضابط الشرطة القضائية أن يخطر قاضي التحقيق فورا بهذا الإجراء و بدواعي التوقيف.
ـ و لقاضي التحقيق في هذه الحالة نفس الصلاحيات المخولة لوكيل الجمهورية اذ نصت المادة 141 فقرة 4 و 5 على انه ( تطبق الأحكام المنصوص عليها في المادتين 51 و 51 مكرر1 من هذا القانون على إجراءات التوقيف للنظر التي تتخذ في إطار هذا القسم .
يمارس قاضي التحقيق الصلاحيات المخولة لوكيل الجمهورية بمقتضى المادتين 51 و52 الفقرة الأخيرة من هذا القانون)
و من هنا نفهم بان لقاضي التحقيق نفس الصلاحيات المخولة لوكيل الجمهورية.
ـ و لكن في كل الحالات السابقة إذا كان يتوقف لتحريك الدعوى العمومية ضد شخص توفر شكوى أو إذن أو طلب فانه لا يجوز لضابط الشرطة القضائية أن يوقفه للنظر في حالة عدم تقديمها ممن يملك حق تقديمها مثل جريمة السرقة بين الأقارب .
اترك تعليقاً