أحكام الحبس والغرامة بانتظـار «المسيئين» على مواقع التـواصل
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
حذّر مختصون أمنيون وقانونيون من أساليب الدعابة والمزاح على وسائل التواصل الاجتماعي، لافتين إلى أنها قد تتجاوز الحدود المقبولة، وفقاً لقوانين الدولة.
وأردفوا أن «الجهل بالعقوبة لا يعفي من المساءلة القانونية»، مؤكدين أن «الجهات الأمنية والقضائية لن تتهاون في ملاحقة من يسيء للآخرين عبر نشر تعليقات أو مقاطع فيديو وصور أو غيرها».
وخضع أفراد، خلال الفترة الأخيرة، للتحقيق والمحاكمة على خلفية وصفهم آخرين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بكلمات مثل «تافه»، «سخيف»، «هبلة»، «حرامي»، «ما في مخ انت». وخضع آخرون للمساءلة بسبب نشر مقاطع فيديو بغرض المزاح والدعابة، ومنها مقطع لشخص يحبس آخرين من جنسية آسيوية داخل قفص طيور، لدفعهم لتشجيع المنتخب الإماراتي، إذ اعتبرت النيابة العامة أن «هذا المسلك جريمة معاقب عليها قانوناً في الدولة، فضلاً عن أنه لا يعبر عن قيم التسامح التي تربّى عليها مجتمع الإمارات».
وعلى الرغم من إبداء مرتكبي مثل هذه السلوكيات حسن نيتهم، وتأكيدهم أن مزحاتهم «بيضاء»، أي أنها لا تنطوي على رغبة فعلية في التقليل من شأن الآخرين، إلا أن جهات التحقيق لم تعفهم من المسؤولية القانونية، في الوقت الذي عاقبت فيه محاكم الدولة متهمين وجهوا عبارات مسيئة، عبر تطبيق الـ«واتس أب»، مطبقة عليهم مواد قانون تقنية المعلومات بالغرامة 250 ألف درهم والحبس ثلاثة أشهر.
وأكدت المحكمة الاتحادية العليا، في حيثيات جرائم السب الإلكترونية، أن «جريمة السب باستخدام الشبكة المعلوماتية يسري في شأنها قانون جرائم تقنية المعلومات، وهي غير مقيدة بتقديم شكوى لتحريكها.
وتالياً، فهي غير محددة بأجل، ومن ثم فإن النعي بعدم تقديم شكوى خلال الأجل يكون على غير أساس ويتعين رفضه».
وشدّد القانون رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات العقوبات على مرتكبي الجرائم عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ومنها نشر معلومات متعلقة بالأنشطة الإرهابية أو تعريض أمن الدولة ومصالحها العليا للخطر أو تمس بالنظام العام، والتحريض على إثارة الفتنة والكراهية، وكذا جرائم الابتزاز الإلكتروني، وترويج الدعارة والمواد الإباحية، إضافة إلى المخدرات والأسلحة النارية، وغيرها.
أكد مدير مكتب ثقافة احترام القانون في وزارة الداخلية، العقيد الدكتور عبدالله راشد الشامسي، أن التصرفات والسلوكيات التي يرتكبها بعض الأفراد على مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، على سبيل المزاح، فيما هي تحمل في طياتها إساءة للآخرين، تُعد من جرائم تقنية المعلومات التي يعاقب عليها القانون.
ولفت الشامسي إلى أن بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي خضعوا للمساءلة على خلفية نشرهم مقاطع فيديو على سبيل الدعابة، وتبادلهم عبارات تدخل تحت مسمى «جرائم السبّ والقذف»، ونشرهم تعليقات سخرية على حسابات اجتماعية، مشيراً إلى أن «مرتكبي هذه الأفعال، أبدوا حسن النية من ورائها، وعدم درايتهم بأنها يعاقب عليها القانون، لكن الجهل بالقانون لا يعفي من المسؤولية».
وتابع أن «بعض الأفراد قد لا يدركون أن إرسال كلمة أو مقطع فيديو عبر مجموعات الأصدقاء على برنامج الـ(واتس أب) أو أي من برامج للتواصل الاجتماعي، قد يكلفهم دخول السجن».
وشدّد الشامسي على حرص المكتب، التابع للإدارة العامة لحماية المجتمع والوقاية من الجريمة في وزارة الداخلية، على إيصال رسائل الوزارة القانونية والمجتمعية والأمنية إلى أفراد المجتمع، بمختلف أعمارهم وفئاتهم وشرائحهم، وترسيخ ثقافة احترام القانون من خلال منهجين ثابتين؛ هما «الثقافة القانونية» و«ثقافة احترام القانون» التي تعتمد على إيجاد علاقة إيجابية بين الفرد والقانون، لما لدورها المهم في حماية الأرواح وحفظ الحقوق.
وأكد المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف، أن «أي قانون مستحدث سيبقى مجهولاً بالنسبة للكثيرين. وكلما تنوّعت الجرائم وتعددت أشكالها أصبح التثقيف أسرع، لأن المجتمع لا يعتمد على فهم القانون من نصوصه، إنما على طبيعة الحالات المجرّمة في الواقع».
وشرح الشريف: «من كان يعلم أن تصوير أشخاص من جنسية آسيوية بعد حبسهم داخل قفص سيعرض الفاعل لعقوبة وغرامة كبيرة؟ ولكن بعد أن وقعت الحادثة أصبح الناس أكثر حذراً في استخدام وسائل التقنية»، مؤكداً أهمية العمل على خلق حالات أو فرضيات لجرائم إلكترونية، حتى إن كانت وهمية، والتعريف بعقوبة كل جريمة، مضيفاً أن هذه المهمة تقع على عاتق المؤسسات الإعلامية والقانونية والخبراء المختصين.
وقال إنه من اللافت للنظر أن النائب العام في الدولة أصدر تحذيرات عدة لجرائم قد ترتكب من أفراد المجتمع، مثل نشر أخبار كاذبة وصور مزيفة عن حالات الطقس وإثارة الرعب بين أفراد المجتمع، مضيفاً أن مثل هذه الأمور والتفصيلات يجب الإكثار منها، حتى يتمكن المجتمع من فهم الحالات المجرّمة في القانون، فهو ليس مؤهلاً لفهم نصوصه وتخيل أبعاده حتى يتجنب الوقوع في مثل هذه الجرائم.
وتابع الشريف أن الجرائم الإلكترونية هي جرائم حياتية، تحدث أثناء المعاملات اليومية، التي قد تصدر من دون دراية بأنها مجرّمة، فقد يصور شخص نفسه بوضعية معينة بقصد المزاح أو الفكاهة، ومن ثم يكتشف أن فعلته مجرّمة. ومن الممكن أن يثير غضبك موقف معين، فترد عليه بصورة غير لائقة، لتصبح بعدها شخصاً مذنباً وتقع عليك العقوبة، لافتاً إلى ضرورة ذكر أمثلة كثيرة ليتسنى للمجتمع تدارك الوقوع في هذه القضايا.
وأكّد أن جرائم تقنية المعلومات أو الإلكترونية هي جرائم تتداخل مع جرائم أخرى، فمثلاً لو علق شخص على تغريدة «تفتكرنا كذا»، قاصداً أنه ينتمي لجنسية معينة، بقصد الازدراء، فهنا الشخص يقع في جريمة ازدراء عبر وسائل التقنية، وكذا الحال لو قام شخص بالسباب والشتم على شخص في قروب «واتس أب» فيه مجموعة كبيرة من الناس، فهل سينطبق عليه قانون جرائم تقنية المعلومات أم قانون العقوبات، أم كلاهما؟ هنا قد تتضاعف العقوبة، وقد يطالب الشخص الذي تعرض للسب بتعويض مادي ومعنوي.
ودعا الشريف وسائل الإعلام لتخصيص مساحة يومية لطرح فرضيات عدة لجرائم إلكترونية لتوعية الناس. كما دعا في الوقت ذاته النيابة العامة إلى إصدار توضيحات تبين للجمهور مسؤولياتهم تجاه ما تتعرض له دولتنا من أحداث مجتمعية قد تعرض الناشرين في هذا الخصوص للمساءلة القانونية.
بدوره، تطرق مدير إدارة الحوكمة أمين سر مجلس وزارة الداخلية للخدمات الذكية والذكاء الاصطناعي، العقيد فيصل محمد الشمري، إلى سلوكيات سلبية شائعة على مواقع التواصل الاجتماعي، تعتبر مخالفات قانونية، كما ورد في قانون الجرائم الإلكترونية، وتقود مرتكبيها إلى السجن والعقوبة، كإهانة وازدراء آخرين، وانتهاك الخصوصية، وتصوير الأشخاص أو الأماكن وتبادل الصور مع آخرين دون إذن من أصحابها، وتداول الأخبار غير الصحيحة والشائعات، والعبث بالمعلومات الشخصية، والابتزاز والتهديد، وإنشاء مواقع إلكترونية مخالفة للتشريعات المحلية، والتحريض على ممارسة أعمال منافية للأخلاق، والإفصاح عن المعلومات السرية المتعلقة بالعمل للعامة، وعمل مواقع إلكترونية أو إدارتها والتنسيق من خلالها مع الجماعات الإرهابية.
عقوبات
قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات
– يعاقب بالحبس وغرامة لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى العقوبتين، من سبّ الغير، أو أسند إليه واقعة تجعله محلاً للعقاب أو الازدراء، باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات.
– يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى العقوبتين، من ابتز أو هدّد شخصاً لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه، باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيلة تقنية معلومات، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور خادشة للشرف أو الاعتبار.
تختص النيابة الاتحادية لجرائم تقنية المعلومات في أبوظبي بالتحقيق والتصرف، ومباشرة الدعوى الجزائية في جرائم استعمال الشبكة المعلوماتية في المساس بالآداب العامة، والاتجار في البشر، والترويج غير القانوني للأسلحة والذخيرة والمتفجرات، وجمع التبرعات، والتحريض، والدعوة لعدم الانقياد إلى قوانين الدولة أو لتظاهرات أو مسيرات.
وتختص النيابة أيضاً بالتحقيق في الإساءة إلى الذات الإلهية، أو لذات الرسل والأنبياء، أو إلى المقدسات أو الشعائر الإسلامية، أو لمقدسات أو شعائر الأديان الأخرى المصونة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، والاتجار أو الترويج للمخدرات أو المؤثرات العقلية وما في حكمها.
عقوبات جرائم تكنولوجية
السبّ: 250 إلى 500 ألف درهم، والحبس.
الابتزاز: 250 إلى 500 ألف درهم، والحبس.
إثارة الفتنة أو الكراهية: 500 إلى مليون درهم، والسجن.
إرهاب: مليون إلى مليوني درهم، والسجن.
مواد إباحية: 250 إلى 500 ألف درهم، والحبس.
محكمة تنظر في اتهام شاب بوصف آخر بأنه «تافه» خلال مباراة ودية لكرة القدم.
القبض على آسيويين نشرا فيديو يظهر أحدهما وهو يدوس ورقة فئة 1000 درهم.
محاكمة آسيوي خاطب آخر برسالة عبر «واتس أب»، قال فيها: «ما في مخ أنت».
اترك تعليقاً