الحجز التحفظي
الحجز لغة: هو المنع والحول بين شيئين([1]) .
واصطلاحا: منع القاضي المدين أو من تحت يده شيء من أموال المدين من التصرف في المال كله أو بعضه
الحجز التحفُّظي: هو ما يقوم به القاضي من إجراء احتياطي يهدف لمنع المدين من التصرف في ماله المحجوز بما يضر بحق المحجوز له.
وقيل هو: “قيام المحكمة المختصة بنظر موضوع الدعوى الأصلية – أثناء نظر الدعوى- بوضع مال المدين تحت تصرف المحكمة الحاجزة ليس بقصد بيعه وإنما تفادياً لخطر تهريبه من قبل المدين بإخفائه أو بالتصرف فيه تصرفا يؤدي إلى عدم تمكن الدائن من استيفاء حقه”([2]).
فالحجز التحفظي مجرد وسيلةٍ وقتيةٍ للمحافظة على الضمان العام المقرر للدائن على أموال مدينه، تستهدف عدم نفاذ تصرفات المدين بالنسبة للأموال محل الحجز في مواجهة الدائن، فضلاً عن تقييد حق المدين في استعمال هذه الأموال واستغلالها.
ولا يشترط أن يكون بيد طالب الحجز التحفظي حكماً قابلاً للتنفيذ، كما له التقدم لطلبه مباشرة قبل إقامة الدعوى في أصل الحق وكذا له التقدم حال نظر النزاع ولكن يشترط في حال تقدم بالحجز قبل الدعوى أن يتقدم بالدعوى خلال عشرة أيام من تاريخ صدور الأمر بالحجز التحفظي وإلا عُدَّ الحجز ملغياً.
ويعد استجابة المحكمة المختصة من عدمه لطلب الحجز التحفظي وفقا لأحكام القضاء المستعجل من حيث المهل والمواعيد، ومن حيث تنفيذ الأمر بعد صدوره من المحكمة المختصة دون ارتباط ذلك بتأييد محكمة الاستئناف المختصة ([3]) .
الفرق بين الحجز التحفظي والحجز التنفيذي:
يشترك الحجز التحفظي مع الحجز التنفيذي بكون كل منهما يهدف إلى منع تصرف المحجوز عليه من التصرف بأملاكه، ويفترقان في أمور منها:
1. الحجز التحفظي يكون قبل ثبوت الحق فلا يلزم لاتخاذ إجراءات الحجز التحفظي أن يكون بيد طالب الحجز سند تنفيذي، بينما الحجز التنفيذي لا يكون إلا تنفيذا لحق ثابت.
2. يكفي أن يكون دين الحاجز في الحجز التحفظي حال الأداء ومحقق الوجود، ولا يلزم أن يكون معين المقدار على أن يقدر بحكم القضاء بعد إجراء الحجز، بينما يشترط في الحق الذي يتم الحجز التنفيذي اقتضاء له أن يكون حال الأداء محقق الوجود ومعين المقدار.
3. الحجز التحفظي من اختصاص الجهة ناظرة الدعوى الأصلية، أما الحجز التنفيذي فهو من اختصاص قاضي التنفيذ.
4. الحجز التحفظي إجراء احترازي يقصد منه التوثق من عدم تهريب المدعى عليه لأمواله وتصرفه بها تصرفا يحول بين المدعي وبين وصول الحق إليه كمن يدعي أرضا معينة أو يخاف هروب المدعى عليه بنفسه وماله ويشترط له أن يقدم الحاجز ضمانا لتعويض المحجوز عليه، أما الحجز التنفيذي فالهدف منه بيع المحجوز واستيفاء المبلغ المحكوم به من قيمته ولذا لا يشترط له أن يقدم الحاجز ضمانا.
5. الحجز التحفظي لا يلزم منه التصرف بالمحجوز بالبيع ونحوه حيث قد يزول الهدف منه وهو الاستيثاق من تهرب المدعى عليه وتصرفه بأمواله، بينما الحجز التنفيذي ينتهي غالبا ببيع المحجوز ما لم يقم المحكوم عليه بالسداد الكامل ([4]) .
حالات إيقاع الحجز التحفظي:
أتاح النظام للدائن طلب إيقاع الحجز التحفظي على أموال مدينه متى خشي فوات حقه في حالات هي :
1- إذا لم يكن للمدين محل إقامة ثابت في المملكة، فيجوز للمدعي أن يطلب من المحكمة -التي يقع المدعي في نطاق اختصاصها- إيقاع الحجز على أمواله لضمان استقراره وعدم اختفائه بعد صدور الحكم بثبوت الحق المدعى به.
2- إذا خشي الدائن لأسباب مقبولة اختفاء أموال المدين أو تهريبها، أو خشي فوات حقه إذا لم تحجز، كأن شرع المدين ببيع عقاراته، أو نقل ملكية سياراته ومحلاته التجارية ونحو ذلك.
3- إذا كان المدين مستأجراً لعقار من الدائن، فللدائن طلب الحجز التحفظي على المنقولات والثمار التي في العقار المؤجرة ضمانا للأجور المستحقة.
4– إذا كان الدائن يدعي ملكَ منقولٍ فله أن يطلب إيقاع الحجز التحفظي على من يحوزه متى كانت هناك دلائل واضحة تؤيد ادعاءه، كعقد شراء أو شهود أو مستندات تثبت استحقاق طالب الحجز بملكية المنقول والذي بيد الغير كالسيارات والمعدات والبضائع والدواب.
والسلطة التقديرية في إثبات موجب الحجز التحفظي للجهة المختصة بنظر الدعوى الأصلية وهي المختصة بإيقاع الحجز التحفظي من عدمه، بعد طلب الضمانات الكافية؛ لجبر الضرر الذي قد يحصل على المحجوز عليه تحفظيا بسبب عدم صحة ادعاء طالب الحجز([5]).
الجهة المختصة بإيقاع الحجز التحفظي:
الجهة المختصة بإيقاع الحجز التحفظي هي الجهة المرفوع أمامها الدعوى بأصل الحق –النزاع الذي بسببه تم طلب الحجز التحفظي- سواء كانت محكمة أو إحدى اللجان شبه القضائية التي تنظر في الدعوى الأصلية- ولكون قاضي التنفيذ قد يباشر النظر في بعض الدعاوى كمنازعات التنفيذ ودعاوى الإعسار ونحوها فقد ينعقد له الاختصاص بإيقاع الحجز التحفظي فيما يتعلق بتلك الدعاوى، وعند وجود تدافع في الاختصاص بينه وبين محكمة أخرى فيختص القاضي الذي أحيل له طلب الحجز التحفظي بإيقاع الحجز التحفظي لحين استقرار الاختصاص، وإذا استقر الأمر فإن رفعه واستدامته من اختصاص من استقر له الاختصاص بعد إجراء أحكام التدافع الواردة في نظام المرافعات الشرعية ([6]) .
شروط إيقاع الحجز التحفظي:
1- أن يكون بدين حال الأداء.
2- أن يكون بدين ظاهر الوجود.
3- أن يكون بطلب صاحب الحق.
4- أن يقدم للجهة المختصة بنظر الدعوى إن كانت الدعوى مرفوعة.
5- أن يقدم طالب الحجز كفيلا مليئا أو ضمانا كافيا لما قد يترتب على الحجز من ضرر.
6- ألا يترتب على إيقاع الحجز التحفظي ضرر أكبر من عدم إيقاعه ([7]) .
الحجز على ديون المدين لدى الغير:
للدائن أن يطلب إيقاع الحجز التحفظي على ما يكون لمدينه لدى الآخرين- أفرادا أو مؤسسات حكومية أو أهلية – من الديون ولو كانت مؤجلةً أو معلَّقةً على شرطٍ وما يكون له مـن الأعيان المنقولة في يـد الغير حيث يعتبرون مدينين للمدين، فيتم توجيه أمر بـالحجز لما بأيديهم للمدين؛ لأن جميع أموال المدين – بما فيها التي بيد الغير – ضامنة لدين المدين ، ويسمى مدين المدين المحجوز لديه.
ولا يلزم المحجوز لديه تسليمها للمحكمة التي أصدرت أمر الحجز التحفظي إلا في وقت حلول أجلها أو تحقق شرطها لأن الدائن أصبح بالحجز في مقام المدين في استحقاقه للدين المستحق على مدين المدين.
وإذا وجهت الجهة المختصة بالحجز التحفظي أمرا لمدين المدين بشأن الإفصاح عن أموال المدين التي تحت يده فعليه الإقرار لديها خلال عشرة أيام من تاريخ الأمر بالإفصاح بكل ما في ذمته للمدين المدعى عليه من الديون والأعيان، وتسليمها لحسابها خلال عشرة أيام من تاريخ الحكم بصحة الحجز، بما يفي بالمديونية أو بما يتوفر منها لديه بشيك مصدق، أو يقرر التزامه بتسليمها عند حلول أجلها إن كانت مؤجلة أو عند تحقق شرطها إن كانت معلقة على شرط.
وفي حال عدم التزام المحجوز لديه بالإفصاح عن الأموال التي تحت يده للمدين، أو قرر غير الحقيقة، أو قام بالامتناع عن تسليمها بعد إقراره تقريرا صحيحاً، أو قام بتسليمها للمدين، فإن للدائن بعد صدور حكم لصالحه في الدعوى الأصلية أن يتقدم بطلب التنفيذ على أموال المحجوز لديه والمطالبة بنفقات التقاضي التي لزمته بسبب عدم التزام المحجوز لديه بالتزاماته التي تقدم ذكرها ([8]) .
ضمانات الحجز التحفظي:
يجب على طالب الحجز أن يقدم إلى الجهة المتخصة أحد الضمانين التاليين :
1- إقرار خطي موثق يتضمن قيام مليء بكفالة طالب الحجز التحفظي في كل ما يلزمه من تعويض للمحجوز عليه تحفظيا إذا تبين عدم أحقية الحجز.
2- تقديم ضمان مالي أو عيني كعقار أو سندات أو خطاب ضمان بنكي يمكن الاستعاضة منه في تعويض المحجوز عليه ([9]) .
التعويض عن الضرر الناشئ عن الحجز التحفظي :
يحق لكل من حُجِز شيء من أملاكه التقدم للجهة التي أوقعت الحجز التحفظي والمطالبة بالتعويض عن الضرر الحاصل -لا المتوقع- نتيجة إيقاع الحجز، شريطة ثبوت عدم صحة ما يدعيه المدعي الذي تم الحجز بناء على طلبه ووجود علاقة السببية بين الحجز التحفظي والضرر الحاصل ([10]) .
إجراءات الحجز التحفظي:
الإجراءات والأحكام المتعلقة بالحجز التحفظي على الأموال المملوكة للمدين التي تحت يده أو تحت يد الغير هي ذات الأحكام والإجراءات المتعلقة بالحجز التنفيذي ما عدا البيع([11]).
انتهاء الحجز التحفظي:
1- تحول الحجز التحفظي إلى حجز تنفيذي: في حالة ثبوت الحق المدعى به من قبل المدعي ضد المدعى عليه يتحول الحجز التحفظي على أموال المحكوم عليه لحجز تنفيذي فلا يصح رفع الحجز عنه وعلى ناظر الحجز التحفظي بعث المعاملة لقاضي التنفيذ لإكمال إجراءات الحجز التنفيذي على المال المحجوز.
2- إلتغاء الحجز التحفظي:
يلتغي الحجز التحفظي في حالات منها:
1- صدور حكم بعدم ثبوت الحق المدعى به والذي أوقع الحجز التحفظي حماية له.
2- طلب المدعي رفع الحجز التحفظي عن المال المحجوز على المدعى عليه.
3- ظهور أمارات كذب المدعي.
4- ثبوت تضرر المحجوز عليه ضررا جسيما.
5- إذا كان الحجز التحفظي قبل رفع الدعوى ولم يتقدم الحاجز بما يثبت رفعه للدعوى أمام الجهة المختصة خلال المهلة المحددة ([12]) .
([1]) انظر معجم مقاييس اللغة، لابن فارس (2/139).
([2]) شرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 114).
([3]) انظر المادتين الثالثة والعشرين والحادية والثلاثين من نظام التنفيذ، وإجراءات التنفيذ، لأحمد أبو الوفا (صـ 589)، وشرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 114).
([4])انظر إجراءات التنفيذ، لأحمد أبو الوفا (صـ 590-591)، وشرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 115)، والنظرية العامة للتنفيذ القضائي الجبري، لطلعت محمد دويدار (صـ93-94).
([5]) انظر المواد الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين والسادسة والعشرين من نظام التنفيذ، وشرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 117)، والنظرية العامة للتنفيذ القضائي الجبري، لطلعت محمد دويدار (صـ99-104).
([6]) انظر المادة الثالثة والعشرين من نظام التنفيذ ولا ئحتها التنفيذية، وشرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 114)، والنظرية العامة للتنفيذ القضائي الجبري، لطلعت محمد دويدار (صـ121-122).
([7]) انظر إجراءات التنفيذ، لأحمد أبو الوفا (صـ 592-596).
([8]) انظر المادة السابعة والعشرين من نظام التنفيذ ولوائحها التنفيذية، وشرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 123-124).
([9]) انظر المادة الثانية والثلاثين من نظام التنفيذ ولوائحها التنفيذية.
([10]) انظر المادة الثانية والثلاثين من نظام التنفيذ، وشرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 134).
([11]) انظر المادة الثالثة والثلاثين من نظام التنفيذ.
([12]) انظر اللوائح التنفيذية (31/6-33/2-33/3-33/4) من نظام التنفيذ.
فهد بن علي الحسون
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً