الحجية القانونية للعقود والأحكام – مقال هام
بالنسبة إلى حجية العقود بصفة عامة، فحجيتها قاصرة على طرفيها وخلفهم العام.. حيث تنص المادة 145 من القانون المدني على (نسبية أثر العقود) بقولها: “ينصرف أثر العقد إلى المتعاقدين، والخلف العام، دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث، ما لم يبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام”.
وبالنسبة إلى حجية الأحكام بصفة عامة، فحجيتها قاصرة على أطراف الخصومة الصادر فيها الحكم.. حيث تنص المادة 101 من قانون الإثبات على (نسبية أثر الأحكام) بقولها: “الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية. ولكن لا تكوون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم بذات الحق محلاً وسببا. وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها”.
وفيما عدا طرفي الدعوى وخلفائهما، لا حجية للعمل القضائي. فالحجية لا تسرى في مواجهة الغير. فليس لغير أطراف الدعوى التي قُضِىَ فيها، التمسك بهذا القضاء كما أنه لا يجوز التمسك به ضده. فإن حدث التمسك بالقضاء إضراراً بأحد من الغير كان لهذا الأخير الدفع بنسبية الأحكام، أي الدفع بأن حجية القضاء لا تسرى في مواجهته لأنه من الغير. (لطفاً، راجع : للدكتور فتحي والى “الوسيط في قانون القضاء المدني” – الطبعة الثانية 1981 القاهرة – بند 98 – صـ 182).
حجية الحكم الصادر ضد البائع لعقار:
حالتان:
الحالة الأولى:
لما كانت الملكية في العقارات لا تنتقل إلا بالتسجيل، لذا فإذا كان المشتري للعقار لم يسجل عقد شرائه، فإن الملكية لا تكون قد انتقلت إليه بل تظل على ملك البائع، ويكون الحكم الصادر ضد البائع حجة ضد المشتري منه بعقد غير مسجل..
حيث إنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “الحكم الذي يصدر ضد البائع فيما يقوم بشأن العقار المبيع من نزاع يُعتبر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – حجة على المُشتري الذي لم يكن قد سجل عقد شرائه عند صدوره على أساس أن المُشتري يُعتبر مُمثلاً في شخص البائع له في تلك الدعوى المُقامة ضده وأنه خلف خاص له”. (نقض مدني في الطعن رقم 2555 لسنة 52 قضائية – جلسة 7/3/1984. المصدر: “مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض في خمس سنوات” – للمُستشار/ محمود نبيل البناوي – المُجلد الثاني – القاعدة رقم 4 – صـ 950).
وعليه، فإذا أقام المشتري دعوى قضائية بطلب عدم الاعتداد بالحكم الصادر ضد البائع له، رغم عدم تسجيل المشتري لعقد شرائه قبل صدور ذلك الحكم، فإنه – وعند التطبيق السليم للقانون – سيقضى برفض دعوى عدم الاعتداد بالحكم، لكون المشتري يعتبر ممثلاً في شخص البائع له ولكونه خلف خاص للبائع (الذي ظلت الملكية في ذمته المالية لعدم تسجيل عقد البيع).
الحالة الثانية:
إذا كان المشتري عقد سجل عقد شرائه، قبل صدور الحكم ضد البائع له، فإن الملكية تكون قد انتقلت إلى المشتري بالتسجيل، ويكون الحكم الذي يصدر بعد ذلك ضد البائع، ليس حجة على المشتري، لأن المشتري بتسجيل عقده وعدم اختصامه في الدعوى المقامة ضد البائع له، يعد من الغير..
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “الأحكام الصادرة في مواجهة السلف تكون حجة على الخلف بشأن الحق الذي تلقاه منه إذا صدرت قبل انتقال الحق إلى الخلف واكتسابه الحق عليه، أما إذا صدر الحكم فيها بعد ذلك فإنه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يتعدى أثره ولا تمتد حجيته إلى الخلف الخاص فيُعتبر من الغير بالنسبة له”. (نقض مدني في الطعنين رقمي 2508 و 2526 لسنة 52 قضائية – جلسة 8/5/1986. المصدر: “مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض في خمس سنوات” – للمُستشار/ محمود نبيل البناوي – المُجلد الثاني – القاعدة رقم 10 – صـ 951).
وعليه، فإذا صدر حكم ضد البائع بعد أن سجل المشتري عقد شرائه، فإن المشتري يعد من الغير بالنسبة إلى الحكم الصادر ضد البائع له، فإذا أراد الصادر لصالحه الحكم ضد البائع التنفيذ على العقار الذي انتقلت ملكيته إلى المشتري بتسجيل عقد شرائه، فإنه يكون للمشتري إقامة إشكال موضوعي في التنفيذ (من الغير) يطلب فيه عدم الاعتداد وعدم نفاذ الحكم الصادر ضد البائع في مواجهته. وعند التطبيق السليم للقانون، من المرجح أنه سيقضى للمشتري بعدم الاعتداد بالحكم الصادر ضد البائع له بعد تسجيل المشتري لعقد شرائه.
علماً بأن المالك الحقيقي – في نظر القانون – هو المسجل باسمه العقار في الشهر العقاري، فعند عدم تسجيل المشتري لعقد شرائه، يظل البائع له هو المالك الحقيقي المسجل العقار باسمه. وعند تسجيل المشتري لعقد شرائه فإن الملكية تنتقل إليه ويصبح هو المالك الحقيقي للعقار المسجل باسمه.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً