الحصانة القضائية و التظلُم على الأحكام
يكفل النظام القضائي السعودي ضمانات العدالة للجميع دون تفرقة بين غني وفقير، ورغم استقلاله إلا أنه يتيح للأفراد التظلم على الأحكام القضائية واللجوء إلى الدرجات القضائية التي تكفل الإنصاف، دون التشهير عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
وتعتبر الحصانة التي يتمتع بها القضاء راجعة إلى منطوق الحُكم وليس للأفراد، ولذلك لا يجوز نقده في وسائل الإعلام المختلفة مثل التليفزيون والصُحف ومواقع التواصل الاجتماعي، وإنما بالتوجه إلى الدرجات القضائية الأعلى مثل المحكمة الابتدائية وتليها محكمة الاستئناف ثم المحكمة العليا.
ورغم ذلك يجوز نقد أوضاع المحاكم أو مواعيدها أو طريقة التعامل مع الجمهور دون التطرق إلى منطوق الحُكم الذي له وحده دون سواه الحصانة القضائية.
وليس هناك اختلاف على أن الحرية الإعلامية تعني حق الحصول على المعلومات من أي مصدر مشروع قانونًا والحق في نشر الأخبار والأفكار دون قيود، ويُقصد بها أيضًا الضوابط التي تصون الحرية الإعلامية وتمنع تجاوزها الحدود المشروعة من جهة أخرى.
ومن القواعد المعروفة في النظام القضائي مبدأ العلانية الذي يضمن وجود الشفافية والنزاهة؛ وجاء في نظام المرافعات الشرعية أن تكون المرافعة علنية، إلا إذا رأى القاضي بمفرده أو بناء على طلب الخصوم إجراءها سرًا محافظة على النظام العام أو لحُرمة الأسرة.
وإذا سمح القاضي بحضور العموم فيجوز نشره علانية دون كشف للخصوصيات، وإذا لم يقرر السرية فتبقى العلنية على أصلها ويكون النشر جائزًا، وما دام الحضور مكفولاً للجميع فلا يمنع من نشر ما يدور داخله خارج مجالس القضاء خاصة عبر وسائل الإعلام.
منع نشر المحاكمات القضائية ليس الأصل داخل المملكة بل على العكس، فالتدوال يعد دليلًا على العدالة والنزاهة، ولكن شريطة أن يكون بهدف توضيح الصورة للمتلقي دون أن تكون المادة المتداولة موجَّهة أو محرضة للرأي العام ضد المنظومة القضائية.
وهناك فرق كبير بين نشر معلومات حول قضية ما في وسائل الإعلام مثل خبر مجرد، وبين النشر لإجبار القضاة على تنفيذ حُكم معين، فالأول هو حق أقرّه النظام كون المحاكمات علنية إذا لم يقرر القاضي سريّتها، والثاني يعد جريمة يعاقب عليها القانون.
ومن فوائد النشر الإعلامي للمحاكمات القضائية:-
• المساعدة في نشر الرسالة العدليّة.
• تحقيق النزاهة القضائية والشفافية القانونية، ولكن بشرط عدم التعليق على أحكام القضاء واختراق الحصانة القضائية.
ولا يجوز إقصاء ممثلي وسائل الإعلام عن جلسات المحاكمة، سواء بصفتهم الشخصية أو المهنية، طالما كان عملهم منضبطًا بالأحكام الشرعية والأنظمة المطبقة ومراعٍ للخصوصيات الفردية والحياة العامة؛ لأن من واجب الصحافة إعلام الجمهور بمجريات الأحداث وضمان مصالح العامة، لاسيما أن النصوص النظامية التي تحكم العلاقة بين القضاء والإعلام تتسم بالمرونة.
والأخذ في الاعتبار بمبدأ علانية الجلسات لا يعني السماح بنقل خلاف ما دار من أحداث داخ المحاكمات العلنية، وعندما يحدث خلاف ذلك تكون العقوبة لهذا السبب وليس للنشر من الأساس.
ومن الضروري الاهتمام بإعطاء دورات مهنية مكثفة للإعلاميين المختصين بالشأن القضائي؛ لتطوير مزاولة عملهم ومعرفة حدود حريتهم، والتوافق على ميثاق شرف إعلامي تتبناه هيئة الصحافيين بشرط أن يكون ملزمًا لجميع وسائل الإعلام.
اترك تعليقاً