حقوق المسافرين و مسؤولية الناقل الجوي في تعويضهم
عمر عامري الحدادي
أصبح السفر بالطائرة يشكل الجزء الأكبر لمن أراد التنقل بين مختلف المدن والبلدان حول العالم، بل هو متعة وترفيه للبعض منهم، وتختلف أسباب السفر بالنسبة للمسافرين على متن خطوط الطيران المختلفة (الناقل الجوي) فمنهم من يسافر لإنجاز اعمال تجارية ومنهم من يقصد وجهته للسياحة أو زيارة الأقارب والأصدقاء، وقد يكون سبب السفر العلاج، أو أسباب أخرى مختلفة، ونظرا لتباعد المسافات بين المدن والدول المختلفة يلجأ المسافرون لاستخدام الطيران كوسيلة سريعة وآمنة لقصد وجهاتهم، وقد تواجه المسافرين عقبات تؤثر على وصولهم لوجهاتهم التي يقصدونها أو تعطيلها أحيانا، كالتأخير في مواعيد إقلاع الطائرة والذي قد يمتد أحيانا لساعات طويلة، أو إلغاء الرحلة نهائيا، فهل المسافر على علم واطلاع بحقوقه وواجباته حال تأخير إقلاع الرحلات أو إلغائها، هذا ما سوف نستعرضه ونسلط الضوء عليه في هذا المقال، وآليه تعويض المسافرين في حالة حدوث الضرر لهم.
فقد اهتمت الهيئة العامة للطيران المدني بالمملكة العربية السعودية بإصدار الأنظمة والتعليمات التي تنظم عمل الناقل الجوي المحلي، وقد أصدرت مؤخرا (اللائحة التنفيذية لحماية المستهلك) والتي أقرت بتاريخ 01/ 08 /1431هـ وقد جاءت اللائحة في (23) مادة أوضحت حقوق المسافرين على قطاع الطيران المدني وصناعة النقل الجوي بالسعودية، حيث جاءت المادة الثانية من اللائحة على ان اللائحة :
1- تنظم علاقة المستهلك بمختلف الجهات العامة في قطاع الطيران المدني بالمملكة العربية السعودية والخاضعين لسلطات ونطاق صلاحيات الهيئة بما في ذلك الناقلون الجويون، مشغلو المطارات، مقدمو خدمات المناولة الأرضية، ووكالات السياحة والسفر فيما يتعلق بتقديم الخدمات الخاضعة لصلاحيات الطيران المدني،
2- بيان قواعد السلوك التي يجب على الجهات العاملة في قطاع الطيران المدني الالتزام بها أثناء تقديمها الخدمات للمستهلك.
3- بيان قواعد وأحكام ممارسة العناية والرعاية والتعويض للمستهلك،
4- بيان قواعد وأحكام المخالفات والعقوبات التي يحق للهيئة أن تلزم بها الجهات العاملة في القطاع عند الإخلال بأحكام اللائحة) وقد نصت المادة الثالثة من اللائحة بالفقرة (ب) على ان تختص إدارة حماية المستهلك بتطبيق أحكام هذه اللائحة ووضعها موضع التنفيذ والإشراف على تنفيذها ولها استلام الشكاوى ضد الناقلين الجويين ومشغلي المطارات الأرضيين من قبل المستهلكين فيما يدخل في نطاق الحماية، وجاءت الفقرة (ت) من ذات المادة على القيام بمراجعة الشكاوى وتحليلها ومساندة المستهلك وشركات الطيران على حل الإشكاليات المرتبطة بحماية المستهلك.
وقد تعرضت هذه اللائحة بشكل مباشر وواضح لحقوق المسافر في حالة إلغاء الرحلات أو تأخيرها، حيث نصت المادة السابعة من اللائحة الفقرة (1) يجب على الناقل الجوي أن يسعى قدر الإمكان لأن يحد من عدد الرحلات الملغاة مع مراعاة جوانب الأمن والسلامة. كما يجب على الناقل الجوي قدر الإمكان إبلاغ المستهلك بإلغاء الرحلات قبل موعد الرحلة بوقت كاف وذلك وفقا للتالي
(أ) إذا أخطر الناقل الجوي المستهلك بإلغاء الرحلة قبل (7) أيام من التاريخ المحدد للسفر، يتم إعفاء الناقل الجوي من متطلبات الرعاية والمساندة والتعويض على أن يعيد الناقل الجوي قيم التذاكر للمستهلكين المعنيين.
(ب) إذا تم إخطار المستهلك بإلغاء الرحلة قبل أقل من (7) أيام من التاريخ المحدد للسفر فإنه يتعين على الناقل الجوي أن يخير المستهلك بين إيجاد رحلة بديلة أو إعادة قيمة التذكرة لكامل الرحلة أو للجزء المتبقي منها (ت) في حالة اختيار المستهلك لرحلة بديلة عن الرحلة التي تم إلغاؤها وفقا للفقرة (2-ب) من هذه المادة وترتب على ذلك أن تمتد إقامة المستهلك في فندق لمدة إضافية حتى موعد الرحلة البديلة، يتحمل الناقل الجوي تكاليف الإقامة الفندقية والوجبات عن المدة الإضافية بحد أقصى (3000) ثلاثة آلاف ريال للراكب الواحد لكل يوم حتى موعد السفر الجديد.
كما نصت الفقرة الثالثة من ذات المادة على أنه في حالة إلغاء الرحلة بسبب ظروف آنية أثناء تواجد المستهلك في المطار، واختيار المستهلك إيجاد رحلة بديلة للرحلة التي تم إلغاؤها فإنه يتم التعامل مع المستهلك وفقا لما يلي (أ) إذا كان السفر على درجة أعلى لذات الناقل الجوي أو على ناقل جوي آخر يتحمل الناقل الجوي قيمة فارق التكلفة، إذا كانت تكلفة الإركاب على الرحلة البديلة أعلى من تكلفتها على ذات الناقل الجوي (ب) إذا كان السفر على ذات الناقل الجوي أو على ناقل جوي آخر على درجة إركاب أدنى يعوض الناقل الجوي المستهلك بما يعادل 100% من فارق التكلفة أو خمسمائة وحدة سحب خاصة أيهما أعلى.
ونصت الفقرة الرابعة على أنه يمكن أن يكون التعويض في الحالتين الموضحتين في الفقرة (3) من هذه المادة من خلال إصدار تذاكر سفر مفتوحة الوجهة مستحقة الاستخدام خلال عام من تاريخ إصدارها شريطة موافقة المستهلك على ذلك.
وجاءت المادة الخامسة أنه إذا قرر المستهلك بمحض إرادته أن يلغي التعاقد مع الناقل الجوي بسبب إلغاء الرحلة فإن على الناقل الجوي أن يقوم بإرجاع كامل قيمة التذكرة للمستهلك وأنه على الناقل الجوي أن يعد نموذج إقرار «إلغاء المستهلك للتعاقد بمحض إرادته» والذي يجب أن يوقع عليه المستهلك لاستحقاق استرجاع كامل قيمة التذكرة وفي حالة عدم وجود الإقرار المشار إليه في الفقرة السابقة فإنه يؤخذ بإفادة الراكب وتطبق أحكام مدد التأخير وفقا للفقرة (6) من المادة الثامنة من هذه اللائحة على المدة ما بين الرحلة الملغاة والرحلة البديلة وجاء في الفقرة التاسعة أنه في المطارات الداخلية يجب على الناقل الجوي أن يؤمن رحلة بديلة للرحلة الملغاة على ذات الناقل الجوي أو على ناقل جوي آخر خلال مدة لا تتجاوز ست ساعات من موعد إقلاع الرحلة الملغاة ما لم يستحيل القيام بذلك لدواعي الأمن والسلامة كما نصت الفقرة العاشرة من المادة السابعة على أنه إذا كان مطار المغادرة من المطارات الداخلية وكانت المسافة بين نقطة المغادرة ونقطة الوصول أو أقرب مطار يمكن للمستهلك أن يغادر منه لنقطة الوصول لا تتجاوز اربعمائة كيلومتر توجب على الناقل الجوي أن يوفر وسيلة نقل برية لتأمين وصول المستهلك إلى مقصده في أقرب فرصة ممكنة، وإرجاع قيمة التذكرة لذلك الجزء من الرحلة للمستهلك.
ونصت الفقرة الحادية عشرة على أنه بالنسبة للفقرتين (9 و10) من هذه المادة فإنه في حال امتداد التأخير ما بين الرحلة الملغاة والرحلة البديلة لمدة تتجاوز (6) ساعات فإنه يتعين على الناقل الجوي علاوة على الرعاية التي يجب عليه تقديمها أن يقوم بتعويض المستهلك بمبلغ (300) ريال عن كل ساعة تأخير وبما لا يتجاوز (3000) ثلاثة آلاف ريال، ولا يعتبر التعويض المذكور بديلا عن تقديم خدمات الرعاية وجاء في الفقرة الثانية عشرة أنه في الحالتين المبينتين في الفقرتين (9) و(10) من هذه المادة فإنه يجب على الناقل الجوي إعادة قيمة التذكرة لكامل الرحلة أو للجزء المتبقي منها للمستهلك إذا قرر المستهلك إلغاء السفر بمحض إرادته.
كما نصت المادة الثامنة من هذه اللائحة على تأخير الرحلات ونصت الفقرة الأولى منها على (1) يحب على الناقل الجوي اتخاذ ما يلزم من إجراءات للحد من أعداد الرحلات المتأخرة ومدد التأخير مع مراعاة جوانب الامن والسلامة كما ذكرت أنه اذا أخطر الناقل الجوي المستهلك بتأخير الرحلة أو تغيير الموعد المقرر لها قبل (14) يوما من التاريخ المحدد للسفر، يتم إعفاء الناقل الجوي من متطلبات الرعاية والمساندة والتعويض، كما لا يكون الناقل مسؤولا عن الضرر الناشئ عن التأخير إذا ثبت اتخاذه هو وموظفوه ووكلاؤه كافة التدابير المعقولة اللازمة لتفادي الضرر أو أنه استحال عليه أو عليهم اتخاذ مثل هذه التدابير، ويجب على الناقل الجوي أن يسعى قدر الإمكان لأن يخطر المستهلك بتأخر الرحلة قبل وقت كاف من الوقت الأصلي المقرر للمغادرة.
كما يجب أن يشمل الاخطار على الوقت الجديد المحتمل للإقلاع وفي حالة عدم إعلان الناقل الجوي عن الموعد الجديد المحتمل للإقلاع فإنه يتعين على الناقل الجوي أن يقوم بتعويض المستهلك بمبلغ (300) ريال عن كل ساعة تأخير وبما لا يتجاوز (3000) ريال وبجب على الناقل الجوي عند حصول تأخير في موعد الإقلاع للرحلة أثناء تواجد المستهلك في مرافق المطار أن يقوم بتوفير الرعاية للركاب والتي تشتمل على (مرطبات للساعة من الوقت الأصلي المحدد للمغادرة، وجبة ساخنة إذا كانت مدة التأخير المحتملة تتجاوز (3) ساعات من الوقت الأصلي للمغادرة، سكن فندقي إذا كانت مدة التأخير المحتملة تتجاوز (6) ساعات)، وفي حالة تأخر الرحلة قبل تواجد المستهلك في مرافق المطار يجب على الناقل الجوي أن يتحمل تكاليف تمديد الإقامة الفندقية للمستهلك حتى موعد الإقلاع الجديد.
كما تنطبق هذه المعايير أيضا في الحالة التي يضطر فيها الناقل الجوي لتغيير مسار الرحلة أثناء قيامه بها، وفي حالة تأخر الرحلة أو احتمال تأخرها لمدة تزيد على (6) ساعات فإنه يحق للمستهلك مطالبة الناقل الجوي بمعاملة الرحلة على أنها رحلة ملغاة وفقا لأحكام إلغاء الرحلات وفي حال امتداد التأخير لمدة تزيد على الموعد المحتمل للوصول المعلن عنه من قبل الناقل الجوي، بحيث تتجاوز مدة التأخير الاجمالية (6) ساعات فإنه يتعين على الناقل الجوي علاوة على الرعاية التي يجب عليه تقديمها أن يقوم بتعويض المستهلك بمبلغ (300) ريال ولا يعتبر التعويض المذكور بديلا عن تقديم خدمات الرعاية، وبهذا نكون قد تطرقنا لبعض حقوق المسافرين التي تطرقت لها اللائحة التنفيذية لحماية المستهلك.
بعض الحقوق التي تطرقت لها اللائحة التنفيذية لحماية المستهلك وتعريف عقد النقل الجوي وتعويض المسافرين وكيفية المطالبة بهذه الحقوق وسأورد حكمًا تطبيقيًا صادرًا من المحكمة الادارية عن تعويض أحد المسافرين،
فقد نصت المادة التاسعة من لائحة حماية المستهلك على أنه لا يجوز للناقل الجوي أن يرفض إركاب المستهلك من ذوي الاحتياجات الخاصة ما لم يكن ذلك لدواعي الأمن والسلامة على متن الطائرة أو الحفاظ على صحة المستهلك، كما أن على الناقل الجوي ومشغلي المطارات ومقدمي خدمات المناولة الأرضية مراعاة احتياجات المستهلكين من ذوي الاحتياجات الخاصة بما في ذلك على سبيل المثال (توفير الكراسي المتحركة والعلامات الارشادية الواضحة في المطارات وأثناء صعود الطائرة والنزول منها، توفير خدمة الصعود للطائرة والنزول منها مجانًا دون مقابل من قبل شركات المناولة الارضية، اتخاذ الاجراءات الكفيلة لإعلام ذوي الاحتياجات الخاصة خاصة في حالة فقدان البصر أو الصمم عن مواعيد الرحلات أو إلغائها أو تأخيرها).
ويتحمل الناقل الجوي مسؤولية القيام بذلك كما أن عليهم تأهيل كاونترات المبيعات لاستقبال المستهلكين من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعوض المستهلك من ذوي الاحتياجات الخاصة عند رفض الاركاب بعد إصدار التذاكر بما يعادل (200%) من قيمة إجمالي تذكرة السفر بالإضافة إلى استحقاقات رفض الاركاب الواردة في هذه اللائحة، وفي حالة فقدان الامتعة فعلى الناقل الجوي تعويض المستهلك بما لا يتجاوز (1000) وحدة حقوق سحب خاصة عن فقدان أو تلف أو تأخر الامتعة المصاحبة، وقد عرف عقد النقل الجوي بأنه (اتفاق بين طرفين أحدهما الناقل، والآخر إما الراكب أو الشاحن، يتعهد فيه الناقل بنقل الراكب، أو البضاعة من نقطة القيام إلى نقطة الوصول، بواسطة الطائرة خلال مدة محددة) وينقسم عقد النقل الجوي إلى عقد نقل جوي دولي وعقد نقل جوي داخلي والاخير هو محل موضوع حديثنا، وفي عقد النقل الداخلي تسري أحكام الانظمة المحلية كلائحة حماية المستهلك بالإضافة إلى احكام الشريعة الاسلامية، ولا تسري عليه أحكام الاتفاقيات الدولية.
كما نصت على ذلك المادة الاولى من اتفاقية (مونتريال) الدولية وفي الفقه الاسلامي يكيف عقد النقل الجوي على أنه عقد إجارة أشخاص، إذ الناقل الجوي يعد أجيرًا مشتركًا، وهو الذي يقدر أجره بالعمل، وسمي مشتركًا لأنه يتقبل أعمالًا لاثنين أو أكثر، فيشتركون في منفعته واستحقاقها، اما مسؤولية الناقل الجوي عن التأخير في الرحلات أو إلغائها فقد بينا ذلك تفصيلًا بالمقال السابق حيث تحدثت عن ذلك بجلاء المادتان السابعة والثامنة من اللائحة التنفيذية لحماية المستهلك، لكن ماذا لو تمت تعبئة نموذج الشكوى بموقع الناقل الجوي، أو إدارة حماية المستهلك بالهيئة العامة للطيران المدني ولم يقم الناقل الجوي بتعويض المسافر المضرور او قام بتعويضه خلافًا لنظام الهيئة أو كان التعويض لا يتناسب وحجم الضرر الحاصل للمسافر، فإذا كان عقد النقل الجوي داخليًا فهو يخضع كما اسلفنا لأنظمة النقل الداخلي واللائحة التنفيذية لحماية المستهلك ونظام الطيران المدني، وهذا ما تنص عليه اتفاقية مونتريال في مادتها الاولى وما تنص عليه شروط تذاكر الطيران الداخلية.
كذلك يجري تطبيق احكام الشريعة الاسلامية اذا تم اللجوء إلى القضاء، فقد يترتب على التأخير أو الغاء الرحلات الجوية إلحاق ضرر مادي أو معنوي بالمسافر، كتفويت صفقة تجارية، أو موعد في منشأة صحية يترتب عليه مضاعفة عوارض المرض، أو مقابلة شخصية لوظيفه تقدم عليها فينتج عن تأخير الرحلة أو إلغائها تفويت فرصة وظيفية، أو خسارة تكاليف حجوزات فنادق وسيارات كان قد اتمها المسافر مسبقًا وقام بدفع تكاليفها، وقد يكون الضرر أدبيًا حسيًا يتمثل في الضيق وضياع الوقت حال انتظاره في المطار لساعات طوال او ايام أو الضرر من تعامل المضيفين أو سوء الخدمة بالنقل الجوي، ولابد لنا قبل الشروع في الحديث عن تعويض المسافر عن الضرر الحاصل جراء ما يحصل له من أضرار نتيجة إلغاء رحلة السفر أو تأخيرها، أن نتعرف أولًا على الاختصاص القضائي لمثل هذا النوع من المطالبات، فإذا تحقق التأخير أو إلغاء الرحلة أو أي ضرر آخر للمسافر ولم يقم الناقل الجوي بتعويضه فإن المحكمة المختصة بالنظر في دعاوى عقد النقل الجوي الداخلي هي الدوائر التجارية في ديوان المظالم.
هذا الاختصاص يقتصر على الدعاوى المرفوعة ضد شركات النقل الجوي الخاصة، أما الدعاوى المرفوعة ضد الخطوط الجوية المملوكة للحكومة، فتنظر من الدوائر الادارية في المحاكم الادارية، وهذا ما قررته المادة الثالثة عشرة من نظام المحكمة الادارية حيث ذكرت (تختص المحاكم الادارية بالفصل في الآتي – وذكرت في الفقرة (د) منها الدعاوى المتعلقة بالعقود التي تكون جهه الادارة طرفًا فيها).
وعند النظر من القضاء في تعويض المسافر المضرور من تأخر الرحلة أو إلغائها أو أي سبب آخر فيشترط لانعقاد مسؤولية الناقل الجوي عن ذلك ثلاثة شروط هي:
تحقق التأخير أو الالغاء أو الضرر ويكون ذلك بتعد أو تفريط من الناقل وتحقق ذلك الضرر وأن يكون التأخيراو الالغاء هو الذي أفضى إلى وقوع الضرر، حتى يحكم بالتعويض للمسافر المضرور فعقد النقل الجوي هو عقد التزام بتحقيق نتيجة وهي ايصال المسافر إلى وجهته التي قصدها والسفر به في الوقت المحدد، ويجب على الناقل الجوي حتى تنتفي مسؤوليته أن يثبت وقوع سبب أجنبي أدى إلى التأخير في الرحلة أو إلغائها، كالقوة القاهرة، أو خطأ المسافر،
وقد تحدثت اللائحة التنفيذية لحماية المستهلك عن شرط القوة القاهرة بالمادة الثالثة عشرة من اللائحة حيث ذكر في الفقرة السادسة منها ما يعد من سبيل القوة القاهرة (أي حالة ينتج عنها استحالة تسيير رحلة معينة أو مجموعة رحلات إلى وجهة معينة أو مجموعة من الوجهات لأسباب لا يمكن للناقل الجوي السيطرة عليها أو تلافيها ولا يتضمن تعريف القوة القاهرة الأعطال الفنية) حيث ذكرت بجلاء ان الاعطال الفنية لا تعد من القوة القاهرة، ويستلزم التعويض في حالة كان سبب تأخر الرحلة أو إلغائها عطلا فنيا بالطائرة، أو عدم جاهزيتها،
وأسباب التعويض التي قد يطالب بها المسافرون لا تنعقد فقط لتأخير الرحلة أو إلغائها فقد تكون بسبب آخر تعرض له المسافر اثناء الرحلة وسأورد لكم حكما تضمن تعويضًا تحصل عليه أحد المسافرين من الخطوط الجوية المملوكة للدولة حيث تضمن ملخص الحكم ان المدعي تقدم بلائحة دعوى ضد ناقل جوي حكومي وكان يهدف من دعواه إلى إلزام المدعى عليها بتعويضه تعويضًا مناسبًا نتيجه الضرر الذي لحق به وبأسرته،حيث إنه سافر هو واسرته المكونة من اربعة اشخاص وعاملتين من الرياض إلى الجوف وقد تعرضت احدى بناته عندما ارادت ربط حزام الامان لضرر نفسي ومعنوي إذ كان الحزام يحمل اوساخًا مغطاة وقد تعرضت ابنته للأوساخ على يدها وملابسها، ومن ثم قرر المضيف تغيير الراكبة من هذا المقعد الذي به اتساخ إلى مكان آخر وكذلك فعل مع اختها، حتى لا تتعطل الرحلة، ويطالب بالتعويض وجبر الضرر المعنوي والنفسي الذي حصل له ولأسرته.
وحيث إن المدعى عليها لا تنازعه في حصول الخطأ من جانبها وأقرت أمام الدائرة بذلك، وحيث إن الخطأ واقعة مجردة قائمة بذاتها متى تحققت أوجبت مسؤولية مرتكبها عن تعويض الضرر الناشئ عنها وذلك بغض النظر عن الباعث على الوقوع في هذا الخطأ لأن عدم القصد ليس عذرا مانعا للمسؤولية إذا ما وجدت أركانها، وحيث إن اتساخ بدن وملابس ابنة المدعى، وما سببه ذلك من أذى نفسي ومعنوي طوال فترة الرحلة والتي استمرت لأكثر من ساعة ويضاف عليها مدة بقائهم بالمطار ومسافة الانتقال إلى مقر الاقامة في وجهة الوصول، مما يعني بقاء الضرر مدة أطول من الرحلة، وكذلك ما جرى من تفريق بناته في مقاعدهن، وإشغال ذهنه في رقابتهن والحرص على سلامتهن، وإصابة البنات بالحرج والخوف في الابتعاد عن ابيهن، والضرر النفسي الواقع على والدتهن لما وقع لبناتها وما أصابهن من الضرر الحسي والمعنوي، الامر الذي يشكل قناعة الدائرة بوقوع الضرر على المدعي وأسرته حسيا ومعنويا.
وحيث إن الشارع نهى عن الإضرار وأمر برفع الضرر وحيث إن الثابت وقوع الضرر المادي والحسي بالاتساخ والتفريق، والمعنوي التابع له بالامتعاض والهلع وإفساد مقصود الرحلة لهذه العائلة وحيث إن التعويض عن الضرر المعنوي موجود في الفقه الاسلامي ولاسيما إذا كان تابعا لضرر مادي، لذا فإن الدائرة تنتهي إلى إلزام المدعى عليها (الناقل الحكومي) بتعويض المدعي وزوجته وابنتيه عن الضرر الحسي والمعنوي باحتساب كلفة السفر، والتعويض العادل له وحكمت بأن تدفع المدعى عليها مبلغ (4000) اربعة آلاف ريال لكل فرد من افراد اسرته.
وهذا الحكم في التعويض استجلب الضرر المعنوي والحسي وهو حكم عادل، واختم بالقول ان كثيرا من المسافرين الذين يستخدمون النقل الجوي ليسوا على اطلاع بحقوقهم في حالة وقوع ضرر لهم من الناقلين الجويين، واعتقد أنه يقع على عاتق هيئة الطيران المدني مسؤولية كبيرة في القيام بواجبها التوعوي للتعريف بحقوق المسافرين وواجباتهم وتوعيتهم بآلية المطالبة بحقوقهم قبل الناقلين الجويين.
اترك تعليقاً