مقال حول الحقوق القانونية للمشتكى عليه في احضار محامي في التحقيق
أ/ هديل ابو زيد
حق المشتكى عليه بالاستعانة بمحامي في مرحلة التحقيق الابتدائي
عندما تقع الجريمة ينشأ حق لدولة بالاقتصاص من الفاعل واستجلاء الحقيقة التي هي ثمرة الاجراءات الجنائية , وللوصول الى هذه الغاية السامية منح قانون أصول المحاكمات الجزائية الاردني النيابة العامة بإقامة دعوى الحق العام ومباشرتها .ولكن اجراءات النيابة العامة يجب ان تتفق من حيث الجوهر والمضمون مع مبدأ شريعة الاجراءات الجنائية , هذا المبدأ الذي يعتبر صمام الامان لكل انسان قد يوضع موضع الشك والشبهة . ويقوم هذا المبدأ – شريعة الاجراءات الجنائية – على ثلاثة اركان :-
1- قرينة البراءة.
2- قانونية الاجراءات.
3- الرقابة القضائية على الاجراءات.
فيجب معاملة المتهم على انه بريء حتى تثبت ادانته بحكم جزائي قطعي وقد نصت المادة ( 63/1 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن :-
(( المتهم بريء حتى تثبت ادانته )) , إلا ان الانسان عندما توجه له تهمة ما يجيب عنها بنفسه دون ان يدرك أبعاد ما يقول وبالتالي قد يترتب على هذه الاقوال ادانته والحكم عليه بعقوبة قد تصل الى الاعدام , وبالبناء على ما تقدم وبالتأسيس عليه فانه يجب تحقيق التوازن بين قرينة البراءة وحق الدولة من الاقتصاص من الفاعل , ومن هنا نص قانون أصول المحاكمات الجزائية على مجموعة من الضمانات لتحقيق ذلك . وسأقصر حديثي على حق المشتكي عليه بالاستعانة بمحامي لدى مثوله أمام المدعي العام . وما تتواتر عليه الاجتهاد القضائي لأصل بالنتيجة هل هناك حماية تشريعية كاملة لحق المتهم بالاستعانة بمحامي , أم أن المشرع غلب أمن المجتمع واستقراره على ضمانات الحرية الشخصية . أم أنه حقق التوازن بينهما .
نصت المادة ( 63) من قانون أصول المحاكمات الجزائية (( 1- عندما يمثل المشتكى عليه أمام المدعي العام يتثبت من هويته ويتلو عليه التهمة المنسوبة اليه ويطلب جوابه عنها منبهاٌ اياه أن من حقه أن لا يجيب عنها إلا بحضور محام , ويدون هذا التنبيه في محضر التحقيق فإذا رفض المشتكى عليه توكيل محام او لم يحضر محامياٌ في مدة اربع وعشرين ساعة يجري التحقيق بمعزل عنه .
2- يجوز في حالة السرعة بسب الخوف من ضياع الادلة وبقرار معلل سؤال المشتكى عليه عن التهمة المسندة اليه قبل دعوة محاميه للحضور على ان يكون له بعد ذلك الاطلاع على افادة موكله .
……….
4- يترتب على عدم تقيد المدعي العام بأحكام الفقرات (1) و(2) و(3) من هذه المادة بطلان الافادة التى ادلى بها المشتكى عليه . )) .
ان ما ذهب اليه المشرع من اعطاء المدعي العام الحق باستجواب المشتكى عليه بسبب الخوف من ضياع الادلة والسرعة دون دعوة محاميه من جهة ومنح المشرع المدعي العام امهال المشتكى عليه مدة 24 ساعة لتوكيل محامي وهي مدة غير كافية من جهة ثانية يشكل اخلالاٌ جسيماٌ بحق المتهم بالدفاع عن نفسه , كما أنه وأقصد المشرع انتهك حق الدفاع عندما لم ينص صراحة على حق توكيل محامي للمشتكى عليه وأن تكون نفقاته على خزينة الدولة عندما يكون المشتكى عليه فقير الحال .
كما ان اجتهاد محكمة التميز الموقرة ذهب الى أنه من حق المدعي العام أن يقوم باستجواب المشتكى عليه بسب السرعة والخوف من ضياع الادلة دون دعوة محاميه , ودون أن يكون قراره معللاٌ , أي يكفي ليكون استجواب المشتكى عليه متفقاٌ مع القانون أن يدون المدعي العام العبارة التالية (( عملاٌ باحكام المادة( 63 /2 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية , أقرر استجواب المشتكى عليه دون دعوة محاميه )) . اي دون أن يكون قراره معللا كما أوجبت المادة( 63 /2 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية .
وقضت محكمة التميز في قرارها رقم( 170/2007 ) تاريخ( 15/5/2007) .. .
(( اذا استمع المدعي العام لإفادة المتهم (الطاعن ) فور توديعه اليه , بتاريخ( 29 / 5 /2005) وخوفا من ضياعالادلة قرر المدعي العام سؤاله عن الجرم المنسب اليه دون حضور محام وكيل , وفقا لصلاحية المعطاة له في المادة( 63 / 2 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية )) .
وكما قضت في ذات السياق في قرارها تميز جزاء رقم( 1114/ 2005) هيئة عامة تاريخ (24 / 11 / 2005 )..(( أجازت المادة 63/ 2 للمدعي العام سؤال المتهم عن التهمة المسندة اليه قبل دعوة محاميه للحضور في حال السرعة وبسبب الخوف من ضياع الادلة )) .
ونلاحظ مما تقدم أن هناك قصور تشريعي في حماية المشتكى عليه أثناء استجوابه بسبب السرعة والخوف من ضياع الادلة دون دعوة محاميه , كما أن اجتهاد محكمة التميز الموقرة لم يحقق الحماية الكاملة لحق المشتكي عليه أثناء استجوابه في حالة السرعة او الخوف من ضياع الادلة وكنا نتمنى على محكمة التميز الموقرة أن تبطل الافادة او الاعتراف بدون حضور محامي وان تكون هناك رقابة من قبلها على تعليل المدعي العام اذا استجوب المشتكى عليه دون دعوة محاميه .
التوصيات :-
1- إلغاء الفقرة الثانية من المادة (63) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لأنها تشكل انتهاكاً صارخا لحق المشتكى عليه وإهدارا لضمان حق الدفاع .
2- النص في قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن يكون حضور المحامي وجوبيا لدى المدعي العام فيما يتعلق بالجنايات .
3- النص في قانون أصول المحاكمات الجزائية على حق المشتكى عليه بتوكيل محامي عنه لدى المدعي العام اذا كان فقير الحال وعلى نفقة الدولة . وهذا ما يتفق مع نص المادة ( 14 ) من العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية ,والذي صادق الادرن عليه في عام 2006 وأصبح جزءا من منظومة التشريع الاردني .
اترك تعليقاً