الحقوق القانونية للموظف العمومي في المغرب
أولا: حرية الرأي:
وقد تأكدت دستوريا في المغرب بواسطة الفصل التاسع وكذلك الفصل 20 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي يمنع الإشارة إلى نزاعات الموظف السياسية والدينية في ملفه الشخصي إلا أن الموظف وهو يمارس هذه الحقوق يبقى مقيدا باحترام مقتضيات ومسؤوليات وظيفته والابتعاد عن كل ما من شانه أن يضر أو يساهم في شل السير العادي للمرافق العمومية وذلك بإبداء آراء تتعارض وأهداف وغايات هذه المرافق داخل أو خارج المصلحة أو تضر بسمعة الإدارة( ).
وبذلك يمكن القول أن حرية إبداء الرأي مضمونة شريطة احترام مقتضيات ومسؤوليات وظيفته والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يضره أو يساهم في شل السير العادي للمرفق العام.
ثانيا :حق الترشيح والتصويت :
وقد نص على هذا الحق الفصل 18 من الدستور المراجع في 13 شتنبر 1996 بأنه « لكل مواطن ذكرا كان أم أنثى الحق في أن يكون ناخبا إذا كان بالغا سن الرشد ومتمتعا بحقوقه المدنية والسياسية ».
و استنادا إلى هدا كله فالموظف كسائر المواطنين يمكن أن يكون ناخبا أو منتخبا( ).
غير انه توجد هناك بعض الاستثناءات التي نص عليها القانون فيما يخص عضوية مجلس النواب حيث لا يجوز لبعض الموظفين الترشح لها كالقضاة و قضاة المجلس الأعلى للحسابات و العمال و الكتاب العامون للعمالات أو الأقاليم و الخلفاء الأولون للعمال و الباشاوات و رؤساء دواوين العمال و رؤساء المقاطعات و رؤساء الدوائر و القواد و خلفائهم و خلفاء المقاطعات و الشيوخ و المقدمون العسكريون و أعوان القوة العمومية حسب المادة السادسة من القانون التنظيمي 97-31 المتعلق بمجلس النواب( ).
كما تنص المادة السابعة من نفس القانون على مايلي « لا يؤهل للترشح إلى الانتخاب الأشخاص الآتي ذكره في كل دائرة تقع داخل النفوذ الذي زاولوا فيه مهامهم منذ اقل من سنتين من تاريخ الاقتراع » و هم القضاة و قضاة المجلس الجهوية و قضاة مجلس الحسابات و العمال و الكتاب العامون للعمالات و الأقاليم و كذا الباشاوات و رؤساء دواوين العمال و المقاطعات الحضرية و القواد و خلفائهم و الشيوخ و المقدمون و رؤساء النواحي العسكرية و رؤساء المصالح الإقليمية للإدارة العامة للأمن الوطني و عمداء الشرطة.
كما تنص المادة الثامنة من نفس القانون على «لا يمكن انتخاب الأشخاص الآتي ذكرهم في أية دائرة داخل النفوذ الذي يزاولون فيه مهامهم بالفعل أو انقطعوا عن مزاولتها منذ اقل من سنة واحدة في تاريخ الاقتراع » و هؤلاء الأشخاص هم الذين أسندت إليهم مهمة انتداب ولو كان مؤقتا و كيفما كانت تسميته أو مداهما بعوض أو دون عوض و الذين يحملون بتلك الصفة في خدمة الدولة أو الإدارة العمومية أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة أو في خدمة مصلحة ذات طابع عمومي و الذين رخص لهم بحمل السلاح أثناء مهامهم.
الفقرة الثانية: الحقوق الخاصة للموظف.
الحقوق الخاصة للموظف العمومي و هي الحقوق المشتملة على الطابع المادي و المعنوي للموظف و الواردة في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، و هي الراتب الشهري و الترقية و المعاش و العطل أو الرخص.
أولا: الراتب الشهري.
الراتب و هو عبارة عن المبلغ الذي يتقاضاه الموظف شهريا في مقابل الخدمة التي يقدمها للإدارة، و يعتبر الراتب هو الحق الأساسي و الأول للموظف العمومي، بل هو السبب الرئيسي للالتحاق بالوظيفة، و يكاد البعض يعتبره من عناصر تعريف الموظف العام.
و حسب المادة 26 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، فالأجرة تشتمل على المرتب و التعويضات العائلية و غيرها من التعويضات المحدثة بمقتضى النصوص التشريعية و النظامية( ).
و بذلك، فإن الموظف له الحق في تقاضي مرتبه بصفة منتظمة، طالما أنه مستمر في أداء عمله، و بالإضافة إلى هذا يتمتع بحقه في التعويضات التي قد تكون عامة، فتطبق على جميع الموظفين العموميين، و قد تكون خاصة بفئة معينة منهم( ).
ثانيا: الترقيات.
تعتبر الترقية من أهم الدعامات التي تقوم عليه نظم التوظيف، و تعتبر من الحقوق الأساسية للموظف، فالموظف يضع نصب عينيه من أول الأمر احتمال صعود درجات السلم أو تلك الرتبة.
فحسب مقتضيات الفصل 29 من القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، فالترقية تشمل الصعود إلى طبقة أو رتبة، و تنجز الترقية بصفة مستمرة من طبقة إلى طبقة، و من درجة إلى درجة، و من رتبة إلى رتبة، بعد رأي اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء ذات النظر( ).
و الترقية تتم بالأقدمية للصعود إلى الدرجة العليا على أساس النقط المحصل عليها، و إما عن طريق الاختبار للصعود إلى الدرجة بعد التسجيل في لائحة الترقية، و بهذا الخصوص لابد من رأي اللجنة المتساوية الأعضاء قبل الحصول على الترقية.
و الأقدمية تتم إما بالأقدمية للصعود إلى الدرجة العليا على أساس النقط المحصل عليها، و إما عن طريق الاختبار للصعود إلى الدرجة بعد التسجيل في لائحة الترقية، و في جميع الحالات لابد من رأي اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء قبل الحصول على الترقية( ).
و لتجاوز السلبيات التي تطبع المنظومة الحالية، يقترح مشروع قانون الوظيفة العمومية إعادة ضبط القواعد الأساسية التي تحكم مجال تقييم الأداء و الترقي، لا سيما على مستوى التمييز بين مختلف أنماط الترقية، حسب الفصلين 30 و 31 من القانون الجديد للوظيفة العمومية.
فحسب الفصل 30، فقد نص على “تتم الترقية في الرتبة بكيفية مستمرة من رتبة إلى الرتبة التي تليها مباشرة، بناءا على أقدمية الموظف و على النقطة العددية الممنوحة له، و تتم الترقية في الدرجة أو الإطار إلى درجة، بعد اجتياز امتحان الكفاءة المهنية، و عن طريق الاختبار حسب الاستحقاق، بعد التقييد في اللائحة السنوية للترقي.
و يتعين على كل موظف تمت ترقيته إلى درجة أعلى، أن يقبل الوظيفة المنوطة به في درجته الجديدة، و يترتب عن رفضه هذه الوظيفة إلغاء ترقيته، كما يمكن حذفه من جدول الترقي”( ).
تحدد شروط و كيفيات تطبيق هذا الفصل بموجب مرسوم.
أما الفصل 31، فقد نص على “تحدد الأنظمة الأساسية الخاصة المشار إليها في الفصل 5 من هذا القانون، الشروط المطابقة لكل نمط من أنماط الترقية المشار إليها في الفصل 30 أعلاه، على أن يراعى مبدأ الانسجام بين هذه الأنظمة فيما يخص أنماط الترقي المعتمدة( ).
و بذلك، يمكن القول أن مشروع قانون الوظيفة العمومية اعتمد على آليتين، تتمثلان في امتحان الكفاءة المهنية، و الاختبار بعد التقييد في اللائحة السنوية للترقي.
ثالثا: المعاش.
حسب مقتضيات الفصل 3 من القانون رقم 011.71، فإنه يستفيد من راتب التقاعد كل من الموظفون الجارية عليهم مقتضيات قانون الوظيفة العمومية، و رجال القضاء، و المتصرفون، و المتصرفون المساعدون بوزارة الداخلية الخاضعون لظهير فاتح مارس 1963، و الأعوان المرسمين في أسلاك الجماعات و المؤسسات العمومية التي تحدد لائحتها بموجب مرسوم.
فحسب مقتضيات الفصل 5 من ظهير 011.71، فإن الحق في المعاش يستفيد منه الموظفون، و المستخدمون الذين قضوا في الخدمة الفعلية مدة لا تقل عن 21 سنة.
كما يكتسب الحق في معاش التقاعد، بالنسبة للموظفين و المستخدمين الذين حذفوا من أسلاك الموظفين و المستخدمين المنتمين إليها بسبب إصابتهم بعجز، سواء أكان ناشئا عن ممارسة المهام المنوطة بهم، أو غير ناشئ عنها، و ذلك دون شروط في مدة الخدمات.
و يتكون المعاش من المرتب الأساسي، المخصص للرقم الاستدلالي المطابق للدرجة، و السلم، و الرتبة، أو الطبقة التي يوجد فيها الموظف أو المستخدم، و يضاف إليه التعويض التكميلي المنصوص عليه في الفصل 32 من الظهير الشريف رقم 1.58.008، المعتبر بمثابة النظام الأساسي للوظيفة العمومية، إن كان الموظف ينتفع به، و كذا تعويض الإقامة المقرر للمنطقة ج، و مجموع التعويضات و المكافآت الدائمة التي يتمتع بها الموظف أو المستخدم بحكم وضعيته النظامية، باستثناء كل عنصر آخر يدخل في تحديد أجرته، خصوصا التعويضات عن المصاريف و عن الأعباء العائلية( ).
كما أن المشرع أعطى للموظف معاشا سمي بمعاش الزمانة، في حالة تعرض الموظف لحادث أثناء عمله، و قد نص الفصل 25 من القانون 06.89 السالف الذكر، على أنه “إذا حصل لموظف أو مستخدم عجز ناتج عن جرح أو مرض أصيب به، أو تفاقم إما في مزاولة الخدمة المنوطة به أو بسببها، أو عند قيامه بعمل في سبيل مصلحة عامة، أو المخاطرة بحياته لإنقاذ شخص أو أشخاص، و كان العجز المصاب به لا يقل عن 25%، استحق الحصول على معاش زمانة مؤقت أو دائم”( ).
أما في حالة وفاة الموظف، فإن الذي يستفيد من المعاش هم المستحقين عن صاحب المعاش الأصلي، و هم أرملة الموظف أو المستخدم، و زوج الموظفة المتوفاة، و الأيتام طبق الشروط المنصوص عليها قانونا.
رابعا: الرخص.
الأصل أن وقت الموظف كله ملك للدولة، فلا يجوز له أن يتغيب عن العمل، إلا لإجازة يستحقها وفقا لأحكام الإجازات المقررة في القوانين و الأنظمة.
ولمصلحة العمل، و لاعتبارات اجتماعية و وطنية، يحق للموظف الحصول على الإجازة أو الرخصة، و هي على شكلين: الإجازة السنوية و يقصد بها إتاحة الفرصة للموظف في الحصول على قدر من الراحة بعد عمل طويل و صعب، و هذا النوع من الإجازات أصبح حقا تقره التشريعات الإدارية و أنظمة الوظائف لجميع الموظفين، أما الشكل الثاني من الإجازات، و هي الرخص الخاصة كالحج أو الوضع للموظفة، فالموظف قد يقع مريضا و لا يستطيع القيام بعمله الوظيفي، لذلك منحه المشرع الحق في الرخصة في مثل هذه الحالات.
ففيما يتعلق بالرخصة الإدارية السنوية، تم تحديدها في 22 يوما من أيام العمل الفعلي دون احتساب أيام الراحة الأسبوعية و العطل الرسمية، حسب قانون الوظيفة العمومية الجديد عوض مدة شهر.
و قد نص على ذلك الفصل 40 من قانون الوظيفة العمومية، على “للموظف المزاول لعمله بصفة فعلية الحق في رخصة سنوية و مؤدى عنها، تحدد مدة الرخصة في 22 يوم عمل برسم كل سنة زاول الموظف خلالها عمله فعليا، على أن الرخصة الأولى لا يسمح بها، إلا بعد قضاء اثني عشر شهرا في الوظيفة ( ).
كما أعطى الفصل 40 من نفس القانون للإدارة صلاحية تحديد جدولة الرخص، مع الأخذ بعين الاعتبار الوضعية العائلية، من أجل تخويل الأسبقية في اختيار فترات الرخص السنوية، كما منع على الموظف تأجيل الرخصة السنوية، كما جاء في الفصل 40 السالف الذكر “و لا يمكن تأجيل الاستفادة من الرخصة السنوية برسم سنة معينة إلى السنة الموالية، إلا استثناءا أو لمرة واحدة”.
و لا يخول عدم الاستفادة من الرخصة السنوية الحق في تقاضي أي تعويض عن ذلك.
هذا بالنسبة للإجازة السنوية، أما بالنسبة للرخص الخاصة فنجد رخصة أداء فريضة الحج، و هذه الرخصة لا تعطى إلا مرة واحدة في الحياة الإدارية، و لا حق لهؤلاء الموظفين في التمتع بالرخصة المقررة في الفصل 40 خلال السنة التي ينالون فيها تلك الرخصة الخصوصية( ).
كما نجد ضمن الرخص الخاصة المخولة للموظف الرخص لأسباب صحية، و تشمل الرخص القصيرة الأمد، و يتقاضى خلالها الموظف أجرته كاملة أي خلال الثلاثة أشهر الأولى عن فترة 12 شهرا متتابعا، و يتقاضى خلال الثلاثة أشهر مجموع أجرته، و تخفض الأجرة إلى النصف في الثلاثة الأشهر الموالية.
أما الرخص المتوسطة الأمد، فلا يجوز أن تزيد عن 3 سنوات، يتقاضى الموظف طوال السنتين الأوليتين من الرخصة المذكورة مجموع أجرته، و تخفض هذه الأجرة إلى النصف في السنة الثالثة.
و أما الرخص الطويلة الأمد، فلا يجوز أن تزيد مدتها عن 5 سنوات، يتقاضى طيلة 3 سنوات مجموع أجرته، و نصف هذه الأجرة طوال السنتين التاليتين.
و يدخل في إطار الرخص الخاصة كذلك، رخصة الولادة التي تستفيد منها الموظفة.
و حسب الفصل 46 من مشروع قانون الوظيفة العمومية، فقد تم رفع مدة رخصة الولادة من 12 أسبوعا إلى 14 أسبوعا، انسجاما مع ما تنص عليها المعاهدات الدولية في هذا المجال “تتمتع الموظفة الحامل برخصة عن الولادة مدتها 14 أسبوعا، تتقاضى خلالها كامل أجرتها، باستثناء التعويضات عن المصاريف( ).
و أخيرا نجد الرخص بدون أجر، و قد نص على هذا النوع من الرخص، الفصلان 39 و 46 مكرر من القانون رقم 10.97، بتاريخ 18 سبتمبر 1997، المعدل للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية لسنة 1958، و تمنح هذه الرخص بناءا على طلب الموظف المعني بالأمر، و بعد موافقة الرئيس الإداري المختص.
و يستفيد الموظف من رخصة بدون أجر مرة واحدة كل سنتين، على أساس ألا تتعدى مدتها شهرا واحدا غير قابل للتقسيط( ).
اترك تعليقاً