حرية المتهم في إبداء أقواله
المؤلف : عماد حامد احمد القدو
الكتاب أو المصدر : التحقيق الابتدائي
أولا :- عدم إجبار المتهم على الكلام
للمتهم الحرية الكاملة في ألا يجيب على الأسئلة التي توجه إليه ولا يلزم بأن يتكلم ويعتبر هذا من الضمانات الهامة المقررة للمتهم فله أن يرفض إعطاء أي معلومات أو بيانات تطلب منه كما انه غير ملزم بالبت في موضوع اتهامه عندما يوجه السؤال إليه(1).
وبالرغم من أهمية هذا الحق إلا انه لم يرد نص صريح في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشأنها بينما نجد هذا الحق في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية – نظام روما المعتمد في 17يوليو 1998 في حقوق الأشخاص أثناء التحقيق.
بينما أكد هذا المبدأ القانون العراقي الذي نص ( للمتهم الحق في أن يصمت ويرفض الكلام أو الإجابة عن الأسئلة الموجهة إليه) في المادة ( 126) من قانون أصول المحاكمات الجزائية كما أكدت عليه تعديل المادة (123) من قانون أصول المحاكمات الجزائية بموجب مذكرة سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (3) الإجراءات الجزائية في18حزيران2003 القسم( 4ج ) حيث جاء فيه ( يضاف إلى المادة 123مايلي :-
ب – قبل إجراء التحقيق مع المتهم يجب على قاضي التحقيق إعلام المتهم ما يلي:-
أولا – أن له الحق في السكوت، ولا يستنتج من ممارسته هذا الحق أية قرينة ضده.)
فإذا رفض المتهم الإجابة أو أصر على السكوت فلا يجبر على الكلام وله حق الصمت مادام له حق الإنكار ، وهنا يختلف وضع المتهم عن الشاهد فالأخير يعاقب إذا رفض الشهادة أو شهد زورا ولكن يستبعد القانون ذلك للمتهم لان أقواله تعتبر وسيلة للدفاع فهي حق له وليست فرضا عليه وله وحده أن يقرر إذا كان سيستعمل هذا الحق أم لا .
وحيث إن صمت المتهم وامتناعه عن الإجابة استعمالُ لحق مقرر قانونا، فلا يجوز لقاضي التحقيق أن يستخلص من صمت المتهم قرينة ضده و إلا كان في ذلك إطاحة بقرينة البراءة وما تولد عنها من حقوق الدفاع(2).
ثانيا :- حق المتهم بان يعامل معاملة إنسانية
لقد تخلص التحقيق في العصر الحديث من فكرة التعذيب بعد أن سادت حقوق الإنسان وصدرت إعلانات هذه الحقوق وآخرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 والذي منع تعذيب المتهم(3). وأكد هذا المعنى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية(4).
ونصت عليه دستور جمهورية العراق لسنة 2005(5). وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9ديسمبر1975 إعلانا بشان حماية جميع الأشخاص ضد التعذيب أو المعاملة غير الإنسانية أو المهنية بقرارها المرقم (3452) حيث نصت المادة الأولى منه (إن التعذيب في خصوص هذا الإعلان يشمل كل فعل يستخدم لإحداث الم أو معاناة بدنية أو عقلية ضد احد الأشخاص بواسطة موظفين عموميين أو بناء على تحريضهم وذلك لتحقيق أهداف معينة وخاصة للحصول على معلومات أو اعترافات).
كما نصت المادة (12) من الإعلان المذكور على إن الأقوال التي تصدر بناءا على تعذيب لا يمكن الاستناد إليها كدليل في الدعوى. كما نصت المادة (127) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على عدم جواز استعمال وسائل غير مشروعة للحصول على إقرار المتهم.
والوسائل غير المشروعة قد تكون مادية أو معنوية وتعتبر من الوسائل المعنوية التصرف مع المتهم بجفاء واستهانة أو استعمال طرق الإغراء كإثارة فكرة في ذهنه تدفعه إلى الإقرار ظنا منه إن ذلك ينجيه من العقاب أو يخفف عنه أو التأثير النفسي على المتهم كالتهديد على نفسه أو عائلته.
أما الإكراه المادي فيتحقق بالتأثير على إرادة المتهم وحرية اختياره عند التحقيق فالإكراه المادي هو كل قوة مادية خارجية تستطيل جسم المتهم من شأنها تعطيل إرادته ويتحقق بأي درجة عنف مهما كان قدرها طالما فيها مساس بسلامة الجسم ويستوي أن يكون الإكراه قد سبب ألماً أو لم يسبب فيعتبر عنفا تعذيب المتهم أو قص شعره أو شاربه ووضع الأغلال بيده أو إطلاق عيارات نارية تحت قدمه أو حرمانه من الطعام أو النوم أو وضعه في زنزانة مظلمة بمفرده. فالإكراه يخضع لصور متعددة والجامع بينها هو الألم أو المعاناة البدنية أو النفسية أو العقلية التي تصيب المتهم من جراء إحدى وسائل التعذيب.
فإذا وقع على المتهم عنف أو إكراه عند التحقيق فان ما أدلى به أثناء التحقيق يعد باطلا ولا يعتد به كدليل في مجال الإثبات، لأن المتهم لا يتصرف بحريته فتكون إرادته معيبة لخضوعه للتعذيب، خاصة وان بعض المتهمين لا يحتمل الألم وقد يدلي بأقوال واعترافات غير صحيحة و ذلك للتخلص من التعذيب، ( لذا فان ثبوت تعرض المتهم للإكراه والتعذيب بموجب التقرير الطبي المؤيد لذلك يجعل أقواله موضع الشك ولا يمكن الاطمئنان إليها والركون لها ولا تصلح لإقامة حكم قضائي سليم لها)(6).
عليه يحظر على المحققين اللجوء إلى وسائل الإكراه لحمل المتهم على الإدلاء بأي قول يحمل دليلا ضده. إلا انه ومع الأسف نجد بعض المحققين يميلون إلى العنف مع المتهم، وقد يكون سبب هذا التصرف بدافع الكسل، أو حب السيطرة أو لجهلهم بالقواعد العلمية أو الفنية للبحث والتحري. كما جرم المشرع العراقي في قانون العقوبات المادة (333) منه كل من استعمل العنف واعتبرها جريمة يعاقب عليها تأسيسا على إن كرامة الفرد هي انعكاس لكرامة المجتمع.
________________________
[1]-د. محمد سامي النبراوي ،مصدر سابق،صـ31
2.د. محمد محمد مصباح القاضي ، حق الإنسان في محاكمة عادلة ، دار النهضة العربية ،صـ73.
3 .المادة (5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
4.المادة (7) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.
5.الفقرة (ج ) من المادة (37) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
6.قرار محكمة التمييز الاتحادية الهيئة العامة بعدد 96 هيئة عامة 2007 في 31102007.
اترك تعليقاً