الحماية من الاعتقال و الحجز التعسفي في حقوق الانسان
حق الإنسان في الحماية من الاعتقال والحجز التعسفي
مقال للدكتور عبد الله الواكد ( رحمه الله )
مدرس القانون الدولي / جامعة الزرقاء الخاصه
المصدر :- صحيفة الطليعه الالكترونيه
تاريخ النشر :- 30/9/2003
يعتبر هذا الحق من أهم حقوق الإنسان في مجال إقامة العدل، فانتهاك هذا الحق يمثل تعدياً على حرية الإنسان الشخصيه، وقد حظي هذا الحق باهتمام خاص من قبل لجنة حقوق الإنسان التابعة لهيئة الأمم المتحدة التي قامت بإجراء دراسة شامله حول هذا الحق ،خاصة في ظل الانتهاكات الكثيرة له من قبل الدول التي لاتتسم أنظمتها القانونيه بالديمقراطية والعداله، إضافة الى كثرة الاعتقالات فيها ولأسباب سياسية في معظمها·الشريعة الإسلاميه لم تجز القبض على أي شخص إلا بناءً على أمر يصدر من القاضي ومن أجل شكوى تنظر أمامه في قضية جناية أو دين، كما أن الإسلام لم يعتمد نظام السجون والمعتقلات فكان يحرم القبض على الأشخاص دون ارتكابهم لجريمه، فإذا ما ثبت للقاضي إدانة الشخص المشتكى عليه وطلب صاحب الحق حبسه فلا يعجل القاضي في ذلك، كما أنه لايحبس الشخص لقاء دين إذا كان فقير الحال ومعسراً، بل يعطى فرصة من الوقت لكي تتحسن أحواله ويتمكن من سداد دينه، فنظرة الميسرة في الشريعة الإسلامية أولى من تطبيق الحبس بشكل فوري·
أمافي المواثيق الدوليه فقد لقي الحق في الحماية من التعرض للاعتقال والحجز التعسفي تأكيداً كبيراًعلى وجوب احترامه وخاصةً من قبل المواثيق التي تناولت الحقوق المدنية والسياسية للإنسان، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان نص في مادته التاسعه على أنه(لايجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً) أما المادة التاسعه من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسيه فقد نصت على أن (لكل فردالحق في الحرية والسلامة و الشخصية ولايجوز حرمان أحد من حريته إلا على أساس من القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه)·يلاحظ أن العهد ومن خلال هذه الماده قد توسع في حماية هذا الحق بقدر أكبر مما هو في الإعلان العالمي، فأوجب احترام الحرية الشخصية وهذا يعني أن الاعتقال والحجز التعسفي هو سلب للحرية الشخصية التي يجب أن يتمتع بها كل إنسان، والطريقة الوحيده لحرمان أي أحد من حريته هو الطريق الذي رسمه القانون، وبموجب أحكامه التي تبين الحالات التي يجوز فيها القبض على الشخص وذلك وفقاً للإجراءات التي يعينها القانون وإلا كان هذا الاعتقال أو الحجز تعسفياً·أما الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان فقد قررت هذا الحق في الفقرة الأولى من مادتها الخامسة بأن (لكل إنسان الحق في الحرية والأمن، ولايجوز حرمان أحد من حريته إلاوفقاًللطرق القانونيه) فاعتبرت الاعتقال والحجز التعسفي إهداراً لحق كل إنسان في الحرية والأمن، إلاأن الاتفاقية الأوروبية وفي حالة فريدة إلى جانب إحالتها الى القوانين التي تسمي الحالات التي يجوز فيها الاعتقال أو الحجز والإجراءات التي تتبع في ذلك، حددت عدداً من الحالات التي يجوز فيها الاعتقال أو الحجز كاستثناءٍ على القاعده العامة، وهذه الحالات هي:
1 – الحبس بعد الإدانة من محكمة مختصة·
2 – مخالفة أمر صادر من المحكمه وفقاً للقانون·
3 – لتقديمه أمام السلطة القضائية المختصة بناء على أسباب مقبولة للاشتباه بارتكابه جريمة أو منعه من ارتكابها أو الهروب بعد ارتكابها·
4 – حبس القاصر قانونياً للإشراف على تربيته أو تقديمه أمام السلطة المختصة·
5 – حبس شخص يخشى أن ينشر مرضاًمعدياً أو لمعتوه أو لمدمن على الخمر أو على المخدرات أو لمتشرد·
6 – القبض على شخص أو حبسه لمنعه من دخول أقاليم دولة بطريقة غير مشروعة أولإبعاده أو تسليمه· أما عن الحماية الوطنية لهذا الحق فقد حرصت دساتير الدول المختلفة على النص على هذا الحق وعدم جواز انتهاكه، فالدستور الكويتي نص على هذا الحق في المادة(31) منه التي وردت في الباب الثالث الخاص بالحقوق والواجبات العامة والتي نصت على أنه (لايجوز القبض على أي إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أوتقييد حريته في الإقامة والتنقل إلا وفق أحكام القانون)·
كما أن الدستور الأردني قد نص على هذا الحق الأساسي من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وذلك في المادة الثامنة منه التي وردت في باب حقوق الأردنيين وواجباتهم والتي نصت على أنه (لايجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانوناً)·إن التأكيد الدستوري على أهمية هذا الحق يحد من حالات اعتقال الأشخاص أو القبض عليهم دون وجود تهمة جدية موجهة إلى هذا الشخص، فخطورة هذا الإجراء بالنسبة إلى الشخص المقبوض عليه تتمثل في تقييد حريته ومنعه من ممارسة حقه الطبيعي في الحرية والتنقل، وتقتضي طبيعة هذا الحق إحاطته بالضمانات الكفيلة بعدم انتهاكه والتعدي عليه
اترك تعليقاً