بقلم ذ عبد الهادي الشاوي
عبد الهادي الشاوي ممون بقطاع التربية الوطنية وباحث في صف الدكتوراه بكلية الحقوق بفاس
الحوادث المدرسية هي كل الإصابات الجسدية التي تلحق التلميذ بفعل غير إرادي من طرفه، أو الناتجة عن فعل فجائي أو سبب خارجي، أثناء وجوده في عهدة الأطر التربوية للمؤسسة التعليمية من رجال تعليم وغيرهم.
وقد سن المشرع المغربي نظاما خاصا لضبط الآثار المترتبة عن الحوادث المدرسية، من حيث التعويض المستحق لتلاميذ المدارس العمومية وذلك من خلال الظهير الشريف المتعلق بالتعويض عن الحوادث التي يتعرض لها تلاميذ المؤسسات المدرسية العمومية المؤرخ في 26 أكتوبر 1942.
ويتميز التعويض في ظل مقتضيات هذا الظهير بكونه تعويض جزافي يسعى من خلاله المشرع إلى ضمان التعويض لكافة التلاميذ المصابين بضرر بدني نتيجة حادثة مدرسية، كما يمكن للتلميذ أن يطالب بتعويض تكميلي في إطار المقتضيات العامة للمسؤولية المدنية، وذلك في حالة رجوع تـلك الحادثة إلى خطأ أحد المعـلمين، أو إلى خـلل في ســـير المؤسسة العمومية المعنية ، أو إذا نتجت الحادثة مباشرة عن تسيير هذه الأخيرة أو عن الأشغال العمومية المنجزة فيها.
إلا أن نظام المسؤولية المدنية هذا ، لا يوفر ضمانات كافية للتلاميذ المصابين لكونه يلزمهم بإثبات خطأ المعلم، وهذا فيه صعوبة كبيرة يحتمل معها بقاء ضحية الحادثة المدرسية دون تعويض . ووعيا منها بذلك عملت وزارة التربية الوطنية على ابرام اتفاقية للتأمين مع شركة سينيا السعادة، وذلك بهدف حصول التلميذ على حد أدنى من التعويض في كافة الأحوال.
وإجمالا ، يمكن مقاربة موضوع التعويض عن الحوادث المدرسية من خلال التعويضات المقدمة في إطارالمقتضيات العامة للمسؤولية المدنية بالإضافة الى التعويض المستحق في إطار الظهير الشريف المتعلق بالحوادث التي يتعرض لها تلاميذ مؤسسات المدرسة العمومية المؤرخ في 26 أكتوبر1942 (الفقرة الاولى)والتعويض المستحق في إطار اتفاقية الضمان المدرسي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : التعويض في إطار قواعد المسؤولية المدنية و ظهير 26 أكتوبر 1942
ينص الظهير المتعلق بالحوادث المدرسية المؤرخ في 16 شوال 1361 ( 26 أكتوبر 1942) على ضمان الدولة لتعويض الحوادث التي يتعرض لها التلاميذ المسجلة أسماؤهم بانتظام بالمؤسسات التعليمية العمومية، و ذلك أثناء الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابة المكلفين بهذه المهمة، و كذا الأمر بالنسبة لتلاميذ المدارس المتنقلة المسجلة أسماؤهم لدى السلطة المحلية في الأماكن المعينة لهذا الغرض[1]
كما يمكن للتلميذ ضحية الحادث المدرسي أن يطالب بتعويض تكميلي في إطار المقتضيات العامة للمسؤولية المدنية، وذلك في حالة رجوع تـلك الحادثة إلى خطأ أحد المعـلمين، أو إلى خـلل في ســـير المؤسسة العمومية المعنية. وهذا ما يتضح من خلال مقتضيات الفصل 85 مكرر من قانون الإلتزامات والعقود الذي ينص على أن: ” يسأل المعلمون وموظفو الشبيبة والرياضة عن الضرر الحاصل من الأطفال والشبان خلال الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابتهم، والخطأ أو عدم الحيطة أو الإهمال الذي يحتج به عليهم، باعتباره السبب في حصول الفعل الضار، يلزم المدعي إثباته وفقا للقواعد القانونية العامة. …“، و في هذه الحالة تحل الدولة محل الموظفين ويحق لها أن تباشر دعوى الإسترداد إما على الموظف مرتكب الخطأ و إما على الغير وفقا للقواعد العامة.
يتضح أن المشرع أقام هذه المسؤولية على أساس الخطأ الواجب الإثبات من طرف الضحية الشيء الذي يصعب معه على التلميذ إثبات تقصير ومسؤولية المعلم في وقوع الحادثة وبالتالي عدم الإستفادة من أي تعويض وهذا ما نلمسه من خلال مجموعة من قرارات المجلس الأعلى ففي القرارعدد373 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 30/04/1998[2] في الملف المدني الاداري عدد1032/5//1/96 بخصوص الحادث الذي تسبب في سقوط تلميذ أثناء حصة الرياضة البدنية وإصابته بكسر في يده اليمنى نتج عنه عجز مستمر في حدود 10 بالمائة وقد تمسكت الدولة بعدم مسؤوليتها لكون المدعي لم يثبت وجود أي خطأ أو إهمال في جانب المشرفين على المؤسسة التي وقع بها الحادث بالإضافة الى أنه لم يثبت أن أستاذة التربية البدنية لم تلقن الضحية ما كان يجب تلقينه لتفادي مثل هذا السقوط المتوقع في مثل هذا النوع من التداريب الرياضية .
نفس التوجه نلمسه من خلال القرار عدد 6824 الصادر في 10/11/1998[3] في الملف المدني رقم545/13 بخصوص فقد أحد التلاميذ لعينه اليمنى بأداة (البركار) من طرف زميله أثناء فترة الإستراحة وقد أكد المجلس في القرار الصادر عنه بأن مسؤولية الدولة عن الضرر الحاصل للتلميذ تقوم على أساس الخطأ أو عدم الحيطة و الإهمال ويتعين على المدعي إثبات ذلك وفقا لقواعد الحق العام خلال الوقت الذي يكون فيه التلميذ تحت رقابة هيأة التعليم
وحيث أن المدعي في هذه النازلة لم يثبت أي شيء من هذا القبيل وأن مجرد القول بأن عدم منع التلاميذ من حمل (البركار) بساحة المدرسة يعتبر خطأ أو تقصيرا من طرف هيأة التدريس لا يستقيم مع مضمون الفصل 85 مكرر بدليل أن (البركار) يعد من الأدوات المدرسية العادية التي يطلب من التلاميذ إحضارها معهم مما يجعل القرار غير مرتكز على أساس قانوني وبالتالي يكون معرضا للنفض.
لكن ومع ذلك فانه متى استطاع ضحية الحادث المدرسي أن يثبت تقصير الإدارة أو المعلم فانه يستحق التعويض. فتـعريـض التلامـيــذ لخـطـورة الإصطدام فيـما بينـهم، و عـــدم رعايتهم وتعهدهم و تنظيمــهم داخــل فصـول الدراســة و خلال فتــرة الإستراحة، و منع حالات الفوضى و التزاحم، يقتـضي التعويض عن الأضرار التي قد تلــحــق بالتلاميذ في إطــار قواعد المســؤولية المدنية، وذاك متى ثبتت العلاقــة السببية بيــن الخــطأ و الضــرر المطلوب التعويض عنه.
وفي هذا السياق نذكر الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بمكناس بتاريخ 23/09/2004[4] والتي قضت فيه أنه: “…لتحديد الأضرار الناجمة على إصابة التلميذ ر.م في رأسه بمسطرة حديدية رمى بها الأستاذ م.ي … وحيث إنه بالرجوع إلى الأضرار التي خلفتها الحادثة على الطفل المزداد سنة 1974 والمتمثلة في وجود تأثير كبير للضربة بالمسطرة الحديدية خلفت له عجز 60%… بأداء وزارة التربية الوطنية في شخص من يجب تعويضا قدره 150.000,00 درهم.
.. لفائدة الضحية…”. وقد استفاد الضحية كذلك من مبلغ 14.199,00 درهم كتعويض في إطار ظهير 26 أكتوبر 1942. وفي نفس السياق نذكر الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط[5] في قضية التلميذ ي.ز الذي تعرض لحادثة مدرسية بتاريخ 22/5/1995، أثناء مزاولته لحصة التربية البدنية نتج عنه كسر في ساقه اليمنى أدى إلى بترها. وأصدرت المحكمة الإدارية بالرباط حكما بتاريخ 30/11/1999 يقضى بأداء وزارة التربية الوطنية لفائدة المدعي مبلغ قدره 500.000,00 درهم مع النفاذ المعجل.
كما قضت المحكمة الإدارية بوجده[6] بتاريخ 15/04/1992 في قضية وفاة التلميذ ش.ع على إثر سقوط حائط إعدادية الإمام البخاري حيث كان يتابع دراسته بتحميل الإدارة ثلثي مسؤولية الحادثة وادائها لفائدة ذوي الحقوق تعويضا حدد في مبلغ 110.000,00 درهم وقد استندت المحكمة في هذا الحكم على مقتضيات المادة 89 من قانون الالتزامات والعقود التي تنص على مسؤولية مالك البناء عن الضرر الذي يحدثه انهياره أو تهدمه الجزئي بسبب القدم أو عدم الصيانة أو عيب في البناء…
وعموما ومن أجل عدم ضياع حقوق ضحية الحادث المدرسي تم إصدار الظهير الشريف المتعلق بالتعويض عن الحوادث التي يتعرض لها تلاميذ المؤسسات المدرسية العمومية المؤرخ في 26 أكتوبر 1942 ويتضمن هذا الظهير الحوادث والفئات المشمولة بالتعويض ( أولا ) بالإضافة إلى طبيعة التعويض وخصائصه ( ثانيا ).
أولا: الحوادث والفئات المشمولة بالتعويض
الحوادث المشمولة بالتعويض في إطار ظهير 26 أكتوبر 1942 هي تلك التي يتعرض لها التلاميذ المسجلة أسماؤهم بانتظام بالمؤسسات التعليمية العمومية، حين تواجدهم تحت مراقبة المكلفين بهذه المهمة، وكذا تلاميذ المدارس المتنقلة المسجلة أسماؤهم لدى السلطة المحلية في الأماكن المعينة. وبالتالي يستثنى من هذا التعويض تلاميذ المؤسسات الخصوصية التي أوجب القانون 00-06 بمثابة النظام الأساسي للتعليم المدرسي الخصوصي على المسؤولين عن هذه المؤسسات تأمين جميع التلاميذ عن الحوادث المدرسية ويستثنى أيضا من مقتضيات هذا الظهير تلاميذ المؤسسات الأجنبية التي توجد فروعها في المغرب .
كما أن ظهير 26 أكتوبر 1942 يشترط في التلميذ أن يكون مسجلا بصفة نظامية في السجلات الخاصة بالمؤسسة العمومية وبالتالي فإن التلاميذ الذين يحضرون إلى المؤسسة باعتبارهم مجرد مستمعين أو فضوليين أو تربطهم قرابة مع أحد التلاميذ المسجلين أو مع أحد الأساتذة أو الإداريين لا يشملهم أي تعويض في إطار هذا الظهير.
و تضمن الدولة التعويض عن الحوادث التي يتعرض لها تلاميذ المؤسسات التعليمية العمومية أثناء الوقت الذي يوجدون فيه تحت الحراسة داخل المؤسسات التعليمية أو أثناء الرحلات الترفيهية و الخرجات الدراسية والتثقيفية المنظمة من طرف المؤسسة أو خلال فترة مخيمات الإصطياف المنظمة من طرف الوزارة.
بينما تعتبر الحوادث التي تقع للتلاميذ خلال الدروس التطبيقية بمعامل التعليم التقني أو المختبرات حوادث شغل.
وتشمل التغطية في إطار هذا الظهير كافة فترة الدراسة ، أي من وقت قدوم التلميذ إلى المدرسة إلى حين خروجه منها . أي الفترة التي يوجد فيها التلميذ في رعاية معلمه ، وتشمل أوقات حصص التلقين والفترات التي تسبقها أو تليها مباشرة ، حيث يتولى المعلم الإشراف المباشر على تلامذته ، أو الفترة التي يوجد فيها تحت رعاية موظف آخر من موظفي المؤسسة.
ويكون ذلك في الغالب في الأوقات التي تقع بين قدوم التلميذ إلى المدرسة والتحاقه بقاعة الدرس، وبين خروجه من حصة دراسية والتحاقه بأخرى، أو خروجه نهائيا من المؤسسة. وكلها فترات يكون فيها التلميذ في رعاية المشرفين التربويين التابعين للمؤسسة.[7]
يتضح من خلال مقتضيات هذا الظهير بأنه لا يشمل الحوادث التي تصيب التلميذ أتناء ذهابه وإيابه من البيتإلى المدرسة. كما يلاحظ أن هذا الظهير حصر الضمان بالنسبة لمخيمات الإصطياف في تلك المنظمة من طرف وزارة التربية الوطنية.
وهذا يعني أنه يستثنى من الضمان مخيمات الاصطياف المنظمة من قبل مصالحإدارية أخرى مثل الوزارة المكلفة بالشبيبة والرياضة لتخضع فقط لمقتضيات الفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات و العقود الذي ينص على مسؤولية المعلمين و موظفي الشبيبة و الرياضة عن الضرر الحاصل للأطفال و الشبان خلال الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابتهم. وهي مسؤولية تقوم على أساس الخطأ الواجب الاثبات من طرف المدعي .
وقد حدد ظهير 26 أكتوبر 1942 الأشخاص المستفيدين من التعويض عن الحوادث المدرسية فيما يلي :
– تلاميذ المؤسسات المدرسية العمومية.
– تلاميذ المدارس المتنقلة المسجلة أسماؤهم لدى السلطة المحلية في الأماكن المعينة لهذا الغرض.
– طلبة الكليات ومؤسسات التعليم العالي والتقني العالي.
– الأطفال المقيدون في سجلات مخيمات الإصطياف التي تنظمها وتسيرها السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم الإبتدائي والثانوي والعالي.
وعموما فإن المستهدفين من التعويض عن الحوادث المدرسية ، هم تلاميذ المدارس العمومية الذين يتعرضون لحادثة ويدخل في مفهوم التلميذ بحسب مدلول الفصل الأول من الظهير المذكور، كافة تلاميذ المدارس العمومية أينما وجدت سواء في المدن أو في البوادي ، وهو ما يعني استبعاد تلاميذ التعليم العمومي غير التابع للدولة المغربية كما هو الشأن بالنسبة للمدارس التابعة للبعثات الثقافية الأجنبية .
ثانيا : طبيعة التعويض وخصائصه
بخلاف مقتضيات المادة 85 مكرر من قانون الإلتزامات والعقود التي تقيم المسؤولية على أساس الخطأ الواجب الإثبات من طرف المدعي فإن ظهير 26 أكتوبر 1942 يضمن التعويض للضحية بمجرد حصول الضرر بغض النظر عن وجود مسؤول عنه أو عدم وجوده. ففي إطار هذا الظهير فإنه لا مجال للحديث لا عن الخطأ ولا عن العلاقة السببية فالمهم فيه هو أن تقع الحادثة المدرسية والعلاقة السببية في إطار هذا النظام يقتصر مفهومها على التأكد من رجوع الضرر للحادثة المدرسية وليس لشيء آخر.
وعموما متى ثبت بأن الحادثة هي حادثة مدرسية فإن الدولة بموجب الفصل الثاني من هذا الظهير تتحمل مصاريف الاستشفاء والتعويض عن المصاريف الطبية والصيدلية وشراء اللوازم والأجهزة الخاصة بتبديل أعضاء الجسم الناقصة وكذا المعاش في حالة الوفاة أو عند حدوث عجز وكذا المعاش في حالة الوفاة أو عند حدوث عجز وكذا المصاريف التأبينية في حالة الوفاة. وتتحمل الدولة أيضا مصاريف نقل التلميذ المصاب عند الإدلاء بشهادة طبية تثبت أن الجروح تتطلب علاجا لا يمكن إعطاؤه في المكان الذي وقعت فيه الحادثة. ويشترط الفصل الثالث من هذا الظهير أن تسلم المصاريف مباشرة إلى المؤسسات الاستشفائية أو إلى الممونين شريطة ألا تتجاوز مصاريف الاستشفاء التعاريف المطبقة على الجماعات المحلية.
و يستثنى من التعويض التلاميذ ضحايا الحوادث المدرسية التي تقل نسبة عجزهم عن 10% لكن وعلى الرغم من عدم استفادتهم من التعويض فإن الدولة تتكفل بمصاريف علاجهم فقط ، أما إذا كانت تلك النسبة تصل أو تفوق 10 % ، فبالإضافة إلى مصاريف العلاج تتكفل الدولة بمنح التلميذ المصاب إيرادا يختلف حسب نوع الإصابة.
ويحدد مبلغ هذا الإيراد من طرف لجنة خاصة[8] لمدة سنة، ويجدد هذا التعويض ضمنيا كل سنة ولمدة خمس سنوات بعد استشارة طبية تبين أن نسبة العجز لم تتغير. وفي حالة نقص أو زيادة نسبة العجز تعرض القضية من جديد على اللجنة الخاصة قصد تحديد مبلغ الإيراد من جديد[9].
والتعويض في إطار هذا الظهير هو تعويض جزافي أي جزئي فقط ، لا يأخذ بعين الإعتبار كافة الضرر اللاحق بضحية الحادثة المدرسية ، بل ببعض عناصر ذلك الضرر، وذلك خلافا للقواعد العامة التي تقضي بأن يشمل التعويــض كافة الخســارة التي أصابــت المتضــرر والمصروفات التي اضــطر أو سيضطر إلى إنفاقها.
ويحق لضحية الحادث المدرسي المطالبة بالتعويض التكميلي الذي يصل بالتعويض إلى تغطية كافة الأضرار اللاحقة به عندما يكون بالإمكان تحميل الضرر إلى مسؤول معين، وذلك في إطار دعوى المسؤولية المدنية طبقا للفصلين 85 و 85 مكرر من قانون الالتزامات و العقود.
وإذا كان التلميذ المصاب بالحادثة مؤمنا ضد الحوادث المدرسية، فإن مؤمنه يحل محل الدولة في حدود ضمانته لأداء النفقات والتعويضات، ما عدا إذا كان للتأمين المتعاقد عليه صبغة تكميلية مخصصة لتغطية النفقات التي تفوق المصاريف المضمونة من طرف الدولة.
الفقرة الثانية : التعويض في إطار اتفاقية الضمان المدرسي
في إطار العناية الخاصة التي توليها وزارة التربية الوطنية لضمان صحة التلاميذ وتحسين ظروف تمدرسهم ، وكذا خلق وسائل ناجعة لتغطية الأضرار الناجمة عن الحوادث المدرسية التي قد يتعرضون لها ، سواء داخل مؤسسـاتهم التعليمية .
أو خارجها ، واستحضارا لحوادث السير المروعة ، التي يذهب ضحيتها عدد من التلاميذ أثناء تنقلهم بين مقر سكناهم ومؤسساتهم التعليمية ، والتي أغفلها ظهير 26 أكتوبر 1942 المتعلق بالحوادث المدرسية ، رغم خطورتها ، ونظرا لما يكتسيه تأمين التلاميذ من أهمية بالغة في تقديم حلول آنية لجبر الأضرار والتخفيف من تبعاتها ، تم توقيع اتفاقية الضمان المدرسي بين وزارة التربية الوطنية و شركة سينيا للتأمين سنة 1999 و قد تم تجديد هذه الاتفاقية سنة 2007 .
وتضمنت هذه الاتفاقية عدة مستجدات وتحسينات بغية الرفع من جودة الخدمات المقدمة للمنخرطين في التأمين المدرسي و كذا المساهمة في ضمان مسار دراسي جيد للتلاميذ . ومن بين المستجدات التي جاءت بها هذه الاتفاقية توسيع مجال الضمان حيث أصبح يشمل المسؤولية المدنية (أولا)بالإضافة إلى توسيع قاعدة المؤمن لهم (ثانيا).
أولا : مجال الضمان
الحادثة المدرسية المشمولة بالضمان في إطار اتفاقية الضمان المدرسي هي كل الإصابات الجسدية التي تلحق بالمؤمن له بفعل غير إرادي أو الناتجة عن فعل فجائي أو سبب خارجي والتي تلحق بالمؤمن في إحدى الظروف التالية :
– داخل مؤسسة التربية والتعليم العمومي ومراكز التكوين التابعة للوزارة.
– أثناء الخرجات والرحلات والأنشطة الرياضية و التربوية والتثقيفية والترفيهية المنظمة من طرف مؤسسة التربية والتعليم العمومي ومراكز التكوين التابعة للوزارة أو جمعية آباء وأولياء التلاميذ أو كل جمعية لها الصفة لتنظيم هذه الأنشطة.
– أثناء المخيمات الصيفية التي تنظمها الوزارة لفائدة التلاميذ المؤمنين لهم.
– خلال خط تنقل التلاميذ المؤمنين لهم بين مقر سكناهم ومؤسسة التربية والتعليم العمومي ومراكز التكوين التابعة للوزارة ذهابا وإيابا، مع مراعاة المدة التي قد يستغرقها هذا التنقل.
كما أن هذه الإتفاقية التي تم تجديدها سنة 2007 أصبحت تشمل ضمان الأثار الناجمة عن المسؤولية المدنية للمؤمن له وذلك بحلول شركة التأمين محل المدير أو تابعيه من رجال التعليم وموظفي الإدارة في أداء التعويضات التي يمكن للتلميذ المتضرر المطالبة بها في إطار قواعد المسؤولية المدنية التي تقوم على أساس الخطأ الواجب الإثبات من طرف المدعي.
بالإضافة إلى ذلك يمتد ضمان المسؤولية المدنية لمؤسسة التربية والتعليم العمومي ومراكز التكوين التابعة للوزارة في حالات التسممات الغذائية التي قد تلحق التلاميذ نتيجة تقديم مواد غذائية أو مشروبات داخل مطاعم المؤسسة أو بمناسبة التظاهرات المنضمة من طرفها ويشمل هذا الضمان مخلفات وأثار التسممات الغذائية التي قد تظهر خلال سنة التأمين بالإضافة الى ذلك تغطي اتفاقية الضمان المدرسي المخاطر التالية :
· الوفاة الناجمة عن حادثة مدرسية أو خلال السنتين المواليتين لتاريخ هذه الحادثة، بحيث تقوم الشركة بأداء رأسمال جزافي تم تحديده في مبلغ 80000.00 درهم، لفائدة الشخص المستفيد المحدد إسمه في وصل التأمين و في التصريح بالحادثة، لفائدة ” الأب” أو “الأم” أو “ذوي الحقوق”.
· العجز البدني الدائم بحيث يؤدى التعويض حسب نسبة العجز لفائدة الشخص المستفيد المحدد اسمه في وصل التأمين و في التصريح بالحادثة، لفائدة ” الأب” أو “الأم” أو “الولي الشرعي” أو “المؤمن له”.
· وإذا ترتب عن حادثة واحدة عدة عاهات في عضو أو أعضاء مختلفة يتم التعويض عن كل عاهة على أن لا يتجاوز المبلغ الإجمالي للتعويض الرأسمال المحدد كسقف للعجز البدني الكلي والمحدد في مبلغ 80000.00 درهم.
· تعويض المصاريف الطبية والنقل والترويض الطبي والمصاريف الصيدلية والاستشفاء واستبدال الأسنان بحيث تلتزم الشركة بأن تؤدي لفائدة الشخص المستفيد المحدد اسمه في وصل التأمين و في التصريح بالحادثة، لفائدة ” الأب” أو “الأم” أو”الولي الشرعي” أو “المؤمن له”، المصاريف الطبية والصيدلية ومصاريف الترويض الطبي والاستشفاء ومصاريف استبدال الأسنان، الناجمة عن حادثة مدرسية، وذلك طبقا للتعريفة الوطنية وفي حدود السقف المحدد لهذا الغرض والمحدد من طرف شركة التأمين في16000.00 درهم بالنسبة للمصاريف الطبية والنقل والترويض الطبي والمصاريف الصيدلية والاستشفاء وفي مبلغ 4000.00 درهم بالنسبة لاستبدال الأسنان.
كما تلتزم الشركة، عند تقديم وثائق الإثبات، بتعويض مصاريف نقل التلاميذ ضحايا الحوادث المدرسية، وذلك في حدود ألفي درهم ( 2000,00 ) ضمن السقف المحدد للمصاريف الطبية المشار إليها أعلاه .
وعند قيام أحد الخواص بنقل المصاب دون تسليم وثيقة لإثبات ذلك، يتم اعتماد تعويض جزافي قدره خمس مائة درهم ( 500,00 ) ضمن السقف المحدد للمصاريف الطبية المشار إليها أعلاه.
· التعويض اليومي عن الاستشفاء بحيث تلتزم الشركة بأن تؤدي لفائدة الشخص المستفيد المحدد اسمه في وصل التأمين و في التصريح بالحادثة، لفائدة ” الأب” أو “الأم” أو”الولي الشرعي” أو ” المؤمن له “، تعويضا يوميا يتراوح ما بين 80 و 120 درهم عن مدة إقامة المؤمن له بالمستشفى على إثر حادثة مدرسية، لمدة أقصاها 120 يوما.
· نقل الجثة بحيث تلتزم الشركة، عند تقديم وثائق الإثبات، بتعويض مصاريف نقل جثت المؤمنين ضحايا حوادث مدرسية، من مكان الوفاة إلى مقر سكنهم، وذلك في حدود السقف المحدد لهذا الغرض والمحدد من طرف شركة التأمين في مبلغ 5000.00 درهم داخل المغرب و20000.00 درهم خارج المغرب.
ويستثنى من الضمان في إطار هذه الاتفاقية :
– الحوادث الناجمة عن فعل إرادي للمؤمن له أو تواطئه أو تواطؤ الأشخاص الذين يوجد تحت كفالتهم.
– العجز الناتج عن الحوادث السابقة لتاريخ سريان هذا التأمين.
– الأمراض ومضاعفاتها الغير مرتبطة بالحادثة المدرسية.
– العلاجات التجميلية والعلاجات غير الضرورية لشفاء الضحية.
– الوفاة الناجمة عن السكر والإنتحار والاختلال العقلي.
– الحوادث الناجمة عن مشاركة المأمن له في التظاهرات الرياضية التالية: الفروسية ورياضة اليخت والصيد تحت الماء واستعمال الأسلحة والطائرات الخاصة.
– الحوادث الناجمة عن مشاركة المأمن له في المظاهرات والتظاهرات الإحتجاجية والإضرابات والاعمال الإرهابية وأعمال الإتلاف والإعتداء والجرائم والجنح والشجار باستثناء حالة الدفاع الشرعي عن النفس.
– الحوادث الناجمة عن الحروب والاشعاعات النووية و الكوارث الطبيعية.
– الأضرار الناجمة عن حيازة أو استعمال المؤمن له للمتفجرات.
– الأضرار التي يسببها التلاميذ للأغيار في حالة عدم تواجدهم تحت حراسة المؤسسة.
ثانيا : الفئات المشمولة بالضمان
تم توسيع قاعدة الضمان المدرسي في إطار هذه الاتفاقية حيث أصبحت تشمل:
– التلاميذ المسجلون بمؤسسات التربية والتعليم العمومي بجميع أسلاك التعليم والمنخرطون في تأمين “الضمان المدرسي”.
– التلاميذ المنخرطون في تأمين “الضمان المدرسي” المسجلون بأقسام التعليم الأولي الواقعة داخل مؤسسات التربية والتعليم العمومي.
– التلاميذ المنخرطون في تأمين “الضمان المدرسي”، المسجلون بمراكز التكوين أو بالأقسام التحضيرية لولوج المعاهد والمدارس العليا أو أقسام تحضير شهادة التقني العالي، التابعة للوزارة أو الموضوعة تحت وصايتها .
– أساتذة التربية البدنية المنخرطون في تأمين “الضمان المدرسي”.
– المؤطرون، المنخرطون في تأمين “الضمان المدرسي”، المشاركون في الخرجات والرحلات والأنشطة الرياضية التربوية والتثقيفية والترفيهية والمخيمات الصيفية المنظمة من طرف مؤسسة التربية والتعليم العمومي أو مراكز التكوين التابعة للوزارة أو جمعية آباء وأولياء التلاميذ أو كل جمعية مؤهلة لتنظيم هذه الأنشطة .
ويستثنى من هذا الضمان الحوادث التي يتعرض لها التلاميذ الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات الغير المرافقين و الحوادث الناجمة عن استعمال الدراجة الهوائية من طرف المؤمن له البالغ من العمر أقل من ست سنوات.
أما بخصوص اقساط التأمين فقد ثم تحديدها في مبلغ 12 درهم بالنسبة لكل تلميذ متمدرس بأسلاك التعليم العمومي بالوسط الحضري و 08 دراهم بالنسبة للمؤطرين وأساتذة التربية البدنية وتلاميذ الاقسام التحضيرية وتلاميذ مراكز التكوين التابعة للوزارة، ويؤذي التلميذ التأمين مرة واحدة في السنة ولا يلزم بتجديد التأمين حتى وإن انتقل من مؤسسته إلى مؤسسة أخرى[10] .
[1] الفصل الأول من الظهير الشريف المتعلق بالتعويض عن الحوادث التي يتعرض لها تلاميذ المؤسسات المدرسية العمومية المؤرخ في 26 أكتوبر1942.
[2] القرار منشور في مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 53-54، 1999 ص 290.
[3] القرار منشور في مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 55، 2000 ص 96.
[4] الحكم رقم 419/2004/12 المؤرخ في 23/9/2004 الصادر عن المحكمة الإدارية بمكناس.
[5] حكم رقم 1288 بتاريخ 30/11/1999 المحكمة الإدارية بالرباط.
[6] حكم عدد1394/92 بتاريخ 15/04/1992 صادر عن المحكمة الادارية بوجده
[7] المملكة المغربية، وزارة التربية الوطنية ، مديرية الشؤون القانونية والمنازعات، جوانب المسؤولية في مجال الحوادث المدرسية السنة 2008 ص16
[8] تتكون هذه اللجنة من:
– ممثل عن الأمانة العامة للحكومة بصفته رئيسا
– ممثل عن نائب كاتب الدولة في المالية
– ممثل عن وزير الصحة (طبيب)
– ممثل عن وزير التربية الوطنية
– ممثل عن مصلحة التشريع
يرجح صوت الرئيس عند تعادل الأصوات
[9] لكن ما يلاحظ هو أن ظهير 1942 لم يتطرق لكيفية احتساب هذه التعويضات وانما منح اللجنة المختصة سلطة تقديرية واسعة في هذا المجال بل الأكثر من ذلك أن هذا الظهير قرر عدم الاعتراض على قرارات هذه اللجنة
[10] ويؤذى التأمين لدى مسير المصالح المادية والمالية للمؤسسة التعليمية في بداية كل موسم دراسي ويلزم المسير بتحويل هذه المبالغ الى شركة التأمين قبل متم شهر دجنبر من كل سنة .
وتستفيد وزارة التربية الوطنية كل سنة من حصة %20 من مجموع الأقساط الصافية السنوية المستخلصة من طرف شركة التأمين.
اترك تعليقاً