حاول مشروع قانون الشركات رقم (36) لسنة 1983، إضافة نوعين (جديدين) من الشركات، باسم (شركة المال) و(شركة العمل)، تعويضا عن الغاء الأنواع الخاصة من الشركات المدنية (شركة الوجوه(1) وشركة المضاربة(2) وشركة الاعمال)(3). باعتبار ان الأولى (شركة المال) شركة يقدم كل شريك فيها حصة من رأس مالها… مع ان جميع الشركات المنظمة احكامها بنفس مشروع القانون كان ينطبق عليها هذا الوصف! وباعتبار الثانية(شركة العمل) المشابهة، في بعض احكامها لكل من شركة المضاربة وشركة الاعمال ، شركة يقدم فيها احد الشركات عملا ويقدم الاخر راس المال ،ولكن دون حاجة للحصول على إجازة تأسيس ، اكتفاء بتوثيق عقد الشركة لدى الكاتب العدل وايداع نسخة منه لدى مسجل الشركاء. الا ان المجلس الوطني ، بعد الملاحظات التي قدمناها كمشاور قانوني للمجلس الى لجنته القانونية، فضل الاستعاضة عن هاتين الشركتين ، المقترحتين من معدي مشروع القانون ، بشركة جديدة سميت (الشركة البسيطة)، وخصص لها الباب السابع المتكون من 19 مادة ، وهي المواد (174 192-) من قانون الشركات رقم(36) لسنة 1983، التي أصبحت المواد (181 199-) من قانون الشركات الحالي رقم (21) لسنة 1997. وقد أوضحت المواد الثلاث الأولى السمات المميزة لهذه الشركة ، بنصها على التوالي ، على انه (تتكون الشركة البسيطة من عدد من الشركاء لا يقل عن اثنين ولا يزيد على خمسة يقدمون حصصا في راس المال او يقدم واحد منهم او اكثر عملا والاخرين مالا)، وانه (يجب ان يوثق عقد الشركة البسيطة من الكاتب العدل وان تودع نسخة منه لدى المسجل والا كان العقد باطلا )، وانه (تكتسب الشركة البسيطة الشخصية المعنوية من تاريخ إيداع نسخة من عقدها لدى المسجل).
وبذلك تتميز الشركة البسيطة عن الشركات الأخرى المنظمة احكامها في القانوني الشركات السابق لسنة1983 والحالي لسنة1997 من ثلاث نواح: الأولى ، انها الشركة الوحيدة التي ،في ظل تشريعاتنا الحالية، يمكن ان يقدم فيها شريك او اكثر حصة من عمل ، في الوقت الذي يتطلب القانون في الشركات الأخرى تقديم جميع الشركاء حصصا من المال . الثانية ، انها أيضا الشركة الوحيدة التي ، في ظل تشريعاتنا الحالية ، لا حاجة لمؤسسيها التقدم بطلب اجازتها من اية جهة ، وانه يكفي لتأسيسها توثيق عقدها لدى الكاتب العدل وايداع نسخة منه لدى مسجل الشركات . الثالثة، وهذه تفريعا على عدم حاجة الشركة البسيطة للحصول على إجازة بتأسيسها ، انها تكتسب الشخصية المعنوية بمجرد إيداع نسخة من عقدها الموثق من الكاتب العدل لدى مسجل الشركات ، وليس من تاريخ صدور شهادة تأسيسها كما في الشركات الأخرى . هذا ولا شك في كون الشركة البسيطة من شركات الأشخاص التي يغلب فيها الاعتبار الشخصي على الاعتبار المالي، خصوصا لما نصت عليه كل من المادة (186) من القانون السابق لسنة 1983 وخلفها المادة (193) من القانون الحالي لسنة 1997، من تطبيق احكام المادة (70) منها في وفاة الشريك في الشركة التضامنية او اعساره (افلاسه) او الحجر عليه ووفاة مالك الحصة في المشروع الفردي، على الشركة البسيطة. وما نصت عليه كل من المادة (183) من قانون 1983 والمادة (190) من قانون 1997، من انقضاء الشركة البسيطة، من بين عدة أسباب، بإجماع الشركاء فيها او انسحاب أحد الشريكين اذا كانت الشركة مكونة من شخصين فقط. وكذلك ما نصت عليه المادة التالية (المادة(184) السابقة والمادة (191)الحالية) من جواز طلب الشركاء في الشركة البسيطة (من المحكمة اصدار قرار بفصل شريك تكون تصرفاته مما يمكن اعتبارها سببا مسوغا لحل الشركة على ان تبقى الشركة قائمة بين الباقين). وجميعها من الاحكام الدالة على قيام الشركة البسيطة على الاعتبار الشخصي(4).
ولكننا لا نتفق مع القول بأن تكوين الشركة البسيطة (وبحكم القانون من شركاء يقدم قسم منهم مالا –حصص- ويقدم القسم الآخر عملا لتكوين راس المال… يعني أننا امام طائفتين او فئتين من الشركاء في شركة واحدة وبهذا لا تختلف عن شركة التوصية البسيطة الملغاة التي تعد من شركات الأشخاص القائمة على الاعتبار الشخصي)(5). لأن كون شركة التوصية البسيطة من شركات الأشخاص ليس مبنيا على كونها مكونة من طائفتين او فئتين من الشركاء، وانما على جملة اعتبارات أخرى، والا اعتبرت شركة التوصية بالأسهم كذلك شركة أشخاص، لكونها هي أيضا مكونة من طائفتين من الشركاء، ولكنها لخضوعها عموما لأحكام الشركة المساهمة تعتبر شركة من شركات الأموال . كما اننا اذا كنا نتفق مع القول بان (مسؤولية الشركاء في الشركة البسيطة هي (مسؤولية غير محدودة) عن ديون الشركة وان للأغيار مطالبة أعضاء الشركة بصفتهم الشخصية لما اصابهم من ضرر) وانه (لا يخرج هذا التحليل عن تأكيد الخصيصة لشركات الأشخاص القائمة على الاعتبار الشخصي)(6)، فانه لابد من ان نوضح ،اظهار للحقائق، انه لا شأن في ذلك لمن شاركوا في وضع مسودة قانون الشركات … لسبب بسيط، وهو عدم نص المشروع هذا القانون أصلا على الشركة البسيطة ، التي اقترحناها وقمنا بصياغة احكامها مع اللجنة القانونية في المجلس الوطني ، للاستعاضة بها عن كل من شركة المال وشركة العمل المقترحتين من معدي مشروع القانون ، كما لا نتفق أيضا مع القول بان (العدد المحدود من الشركاء الذي لا يزيد على خمسة شركاء ما هو الا قرينة أخرى على ضرورة اعتبار الشركة البسيطة من الشركات الأشخاص)(7)، لان عدد الشركاء لا يعتبر معيارا او أساسا لتصنيف الشركة الى شركة اشخاص او شركة أموال ، والا اعتبرت الشركة المحدودة التي أجاز القانون بعد تعديله بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة(المنحلة)رقم 64/2004 ، تكوينها من شخص واحد شركة اشخاص ، ولكنها ولا شك ، بالنظر للمسؤولية المحددة للمالك الوحيد للأسهم المكونة لراس مالها ، تعتبر شركة أموال وليس شركة اشخاص .
في حين اننا ، وان كنا نتفق مع القول بان حق العضوية في الشركة البسيطة يقتصر على الأشخاص الطبيعيين دون الأشخاص المعنوية(8)، كما يتبين من مجموع الاحكام المنظمة لهذه الشركة ، فانه لابد لنا من التعليق على ما يقل في ذلك من (ان مسؤولية الشخص المعنوي عن ديون الشركة تقتصر على ذمته المالية فقط دون ان تمتد الى الذمم الشخصية للشركاء المكونين له. بينما تمتد المسؤولية في شركة الأشخاص عن ديون الشركة الى ذمة الشركة والشركاء في ان واحد . عليه فان القول بجواز اشتراك الشخص المعنوي في تكوين شركة بسيطة يقود بالضرورة الى تقييد مسؤولية الشركاء بصورة تضعف ضمان الدائنين خلافا للقواعد المستقرة بهذا الصدد في الشركات القائمة على الاعتبار الشخصي )(9)، ذلك ، ونحن بصدد العضوية في الشركة البسيطة ، حتى لو اجزنا اشتراك شخص معنوي فيها ،فان هذا الشخص يكون مسؤولا عن ديونها بذمته المالية هو ، كشخص قانوني مستقل عن اشخاص الأعضاء او الشركاء المكونين له. ولكننا ينبغي ان نفرق في ذلك بين فرضين : الأول ، اذا كان هذا الشخص المعنوي شركة أموال ذات المسؤولية المحدودة لأعضائها ، كالشركة المساهمة والشركة المحدودة، التي لا شأن لأعضائها بديون الشركة والفرض الثاني، اذا كان الشخص المعنوي ،بالعكس ، شركة اشخاص ذات المسؤولية الشخصية وغير المحدودة لأعضائها ، كالشركة التضامنية وشركة المشروع الفردي ، الذين لذلك يكونون مسؤولين مع الشركة عن ديونها .
_________________
1- التي كانت المادة(658)الملغاة من القانون المدني تعرفها بقولها ان (شركة الوجوه هي ان يتفق اثنان فأكثر على شراء مال نسيئة مما لهم من اعتبار ثم بيعه على ان يضمن كل واحد منهم حصة من المال ، وعلى ان يكونوا شركاء في الربح).
2- التي كانت المادة(660) الملغاة من القانون المدني تعرفها بانها (شركة يقدم رب المال راس المال والمضارب العمل)، وكانت المادة (662) منه تنص على كون المضارب امينا على راس المال ، ووكيلا عن رب العمل .
3- التي وصفتها المادة (676) الملغاة من القانون المدني بكونها (شركة على تقبل الاعمال والتعهد بها للغير على ان تقسم الأجرة بين الشركاء سواء كانوا متساوين او متفاضلين).
4- الدكتور باسم محمد صالح والدكتور عدنان احمد ولي العزاوي ،القانون التجاري الشركات التجارية ،بغداد 1989 ، بند 91، ص 97 و 98 والمصادر المشار اليها في هوامشهما.
5- الدكتور باسم محمد صالح، والدكتور عدنان احمد ولي العزاوي، المصدر السابق، بند 91، ص 98وكذلك المصدر المشار اليه في الهامش 112(الدكتور طالب حسن موسى، ملاحظات في قانون الشركات رقم 36 لسنة 1983، مجلة القضاء، الاعداد 1،2،3، بغداد 1983)، ص 76.
6- الدكتور باسم محمد صالح، والدكتور عدنان احمد ولي العزاوي، نفس المصدر ،بند91 ،ص98 بالإشارة الى موفق حسن رضا،(قانون الشركات، أهدافه واسسه ومضامينه، بغداد1985 )،ص 38 .
7- الدكتور باسم محمد صالح ،والدكتور عدنان احمد ولي العزاوي ،نفس المصدر ،بند91 ،ص98.
8- الدكتور باسم محمد صالح ،والدكتور عدنان احمد ولي العزاوي، المصدر السابق ،بند92 ،ص99 بالإشارة الى الدكتور لطيف جبر كوماني ، الوجيز في شرح قانون الشركات الجديد رقم (36) لسنة 1983،بغداد 1986ص43 ، وموفق حسن رضا، ص21 .
9- الدكتور باسم محمد صالح ، والدكتور عدنان احمد ولي العزاوي ، المصدر السابق ،بند92 ، ص 99 .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
المؤلف : اكرم ياملكي .
اترك تعليقاً