مفهوم الذمة المالية للأشخاص
سعد عزت السعدي
الحوار المتمدن-العدد: 5787 – 2018 / 2 / 14 – 11:44
المحور: دراسات وابحاث قانونية
إن لكل شخص حقوق يتمتع بها ، يقررها القانون و يحميها ، لكن بالمقابل عليه التزامات ، وجب القيام بها ، ونجد أن فكرة الذمة المالية جمعت بين حقوق و التزامات الشخص ، فهي تعتبر ميزة من الميزات الأساسية للشخصية بما أنها تمثل الجانب المالي للشخصية .
وتعرف الذمة المالية انها مجموع ما يكون للشخص من الحقوق وما عليه من الالتزامات المالية الحاضرة و المستقبلة
فهي أشبه بوعاء قصد به ان يحتوي على الحقوق و الالتزامات التي ترتب للشخص في الحال والاستقبال وفكرة الذمة المالية ، هي فكرة قانونية يقصد بها ضمان الوفاء بديون الشخص .
ومن خلال التعريف يتبين لنا أن ذمة الشخص المالية تقتصر على الحقوق والالتزامات دون غيرها ، ومنه يوجد للذمة المالية عنصران :
العنصر الإيجابي : ويسمى الأصول ،وهي الحقوق والأموال الموجودة فعلا في الحال ، وكذا الحقوق المالية التي ستعلق به في المستقبل
العنصر السلبي :وهو يتضمن التزامات المالية التي تترتب على شخص كالتزام مثلا بمبلغ من المال او القيام بعمل.
والعلاقة بين هذين العنصرين وطيدة فالعنصر الأول أي الأموال ،يضمن الوفاء بالعنصر الثاني أي الديون وتتمثل أهمية الذمة المالية في عنصرين أساسيين هما : حق الضمان العام ، ومبدأ لا تركة إلا بعد سداد الديون
واما حق الضمان العام ومفاده إن أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه وتكون أموال المدين جميعها ضامنة لوفاء ديونه – وفي حالة عدم وجود أفضلية مكتسب طبقا للقانون فإن جميع الدائنين متساوون تجاه هذا الضمان.
ويشمل حق الضمان العام أموال المدين الحاضرة و الأموال الموجودة في ذمته وقت حلول ميعاد الوفاء ، وإذا كانت هذه الأموال لا تكفي لسداد ديونه فتقسم قسمة غرماء بين الدائنين العاديين ، بينما إذا كان دائنون لهم حق الأفضلية أو بمقتضى رهن ، آو حق تخصيص ، او حق امتياز فإنهم يستوفون حقهم قبل الدائنين العاديين ، وبهذا يكون للدائنين حق خاص إضافتا إلى حقهم في الضمان العام إلا أن حق الضمان العام لا يمنع المدين من التصرف في أمواله في الفترة مابين نشوء الدين وحلول أجل الوفاء به ، حيث يستطيع الدائنين اللجوء إلى أحدى الدعاوى لحماية حقه
1- الدعوى الغير المباشرة : في حالة ما إذا قصر المدين في المطالبة بحقوقه المالية الغير متعلقة بشخصه يستطيع الدائن أن يحل محله باعتباره نائبا عنه ، ويستعمل هذه الحقوق للمحافظة عليها
2- الدعوى البولصية: وتسمى دعوى عدم نفاذ التصرف ، ويطلب فيها الدائن أن لا يسري عليه التصرف الذي قام به المدين غشا او إضرارا بمصلحته ، ويترتب على ان يكون الحق المتصرف فيه إلى ذمة المدين ليكون في جملة الأموال التي يتكون منها الضمان العام للدائنين ومن جانب اخر فلا تركة إلا بعد سداد الدين مفاده ان لايمكن أن تخلص ملكية الورثة على العناصر الإيجابية من التركة إلا بعد خصم الديون (اي سداد ديون) حتى ولو انتقلت إليهم التركة مباشرة بعد وفاة مورثهم فهي لاتخلص لهم إلا بعد سداد الديون ، وتكون خصائص الذمة المالية كالاتي :
1- الذمة المالية ملازمة للشخصية مهما كانت معنوية او طبيعية .
2- لاتدخل فيها إلا الحقوق والالتزامات المالية مثل الحقوق العينية ، الحقوق الشخصية ، الحقوق الذهنية ، وتخرج عن نطاقها حقوق الشخصية وحقوق الأسرة.
3- لكل شخص ذمة مالية وللجنين ذمة مالية ، ولو كان لم يتحمل بعد بأي التزام ولم يكتسب الحقوق .
4- لايمكن التنازل عن هذا الحق او التصرف فيه .
5-ينظر إلى الذمة المالية كمجموعة قانونية واحدة مستقلة عن العناصر المكونة لها .
وترتبط الذمة المالية بالشخصية ارتباطا وثيقة ،وتعتبر خاصية من خصائصها وهي ثمتل الجانب المالي للشخصية ، غير أن هذا الترابط هو موضوع اختلاف بين المذاهب القانونية ،فمنهم من يسندها للشخصية ويجعلها ملازمة لها وهي النظرية الشخصية ، ومنهم من يفصلها عن الشخصية .
وتنقضي الذمة المالية مبدئيا بوفاة صاحبها التي تؤدي إلى انقضاء شخصيته القانونية ، وبالوفاة تحدد نهائيا أموال الشخص وديونه فتخصص هذه الأموال لوفاء ديون المتوفى أولا ثم تنتقل إلى الورثة أو الموصى لهم ، ويؤول لهم في شكل تركة وإذا لم تكفي أموال المدين لتسديد الدين فالورثة لا يتحملون المسؤولية ،على عكس في القانون الفرنسي ذمة الشخص المالية تنتقل بالوفاة إلى الوارث بعنصريها الإيجابي والسلبي .
وتعود ذمة الشخص المعنوي إلى شخص معنوي أخر إن لم يكن هناك وريث فمثلا شركة تندمج في شركة أخرى او تقسيم شركة على شركتين ،وفي حالة وجود وريث فيجب التفريق بين الشخص المعنوي الذي يستهدف الربح والشخص المعنوي الذي لا يستهدف الربح ، فالأشخاص المعنوية التي تستهدف الربح تعود الذمة المالية للشخص المعنوي إلى الأعضاء المساهمين في الشركة حسب مساهمة كل عضو ، أما الأشخاص المعنوية التي لاستهدف الربح كالجمعية مثلا : فالذمة المالية تعود هنا حسب قرار الجمعية او إلى شخص معنوي أخر .
مما سبق نخلص أن فكرة الذمة المالية هي مجرد اصطلاح افتراضي وقانوني ، يهدف إلى ضم جميع الحقوق و التزامات المالية للشخص التي تتشكل ثروته من ماله وما عليه ، وهذا الافتراض القانوني قابل للتطور و التغيير.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً