حالات لم ترق بعد لمستوى الظاهرة
القانون وقضايا السب والقذف عبر التكنولوجيا
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
تحقيق: جيهان شعيب
للتقدم والتطور أحياناً جانب قاتم، فضلاً عن الوجه المضيء المعلن للجميع، فالحداثة لا تعني الإيجابية إذا وظفها البعض للإساءة للآخرين، من خلال وسائل التقنيات الحديثة، التي أصبحت جسراً يمرر عليه البعض إساءات للآخرين، من سب وقذف وإلقاء التهم، ومناطحة في الضلال .
فاليوم تشهد المحاكم عدداً متزايداً من دعاوى السب والقذف التي تعرَّض لها هذا أو ذاك من آخرين عبر الهواتف المتحركة الحديثة، أو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ما أدى إلى بروز هذه الدعاوى جنباً إلى جنب مع الأخرى المختلفة التي تتداول في أروقة المحاكم، فهل وصل الأمر بهذه الدعاوى إلى أن تصبح ظاهرة في حاجة إلى التصدي، أم لاتزال تقف عند حدود ضيقة لم تتعدها؟ وما الحل لتقليصها في ضوء المستجدات التكنولوجية من وسائل الاتصال وغيرها التي نفاجأ بها يوماً من بعد يوم؟
حول ذلك يدور التحقيق الآتي:
في البداية قال المستشار د . محمد الكعبي رئيس محكمة الفجيرة الاتحادية الابتدائية إن دعاوى السب والقذف لا تشكل ظاهرة، ولا تنحصر في جنسية معينة، ولا تخرج عن كونها حالات فردية، تعود لأسباب عدة لا يمكن حصرها في سبب واحد دون آخر .
وأضاف: هذه الجرائم تنشأ نتيجة العلاقات بين الناس، فضلاً عن ذلك فالقانون يحاسب على جريمة السب إذا وقعت عن طريق الهاتف، وتتبقى مسألة إثباتها، والاقتناع بها لقاضي الموضوع، حسب معطيات الواقع، وظروف كل جريمة، لكنها كجريمة مؤثمة وفقاً لقانون العقوبات في المادة (374) التي تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، أو الغرامة التي لا تتجاوز 5 آلاف درهم، إذا وقع السب أو القذف بطريق الهاتف، أو في مواجهة المجني عليه، وبحضور غيره، كما يتم تطبيق المادة ذاتها إذا كان القذف أو السب في مواجهة المجني عليه في غير حضور أحد، أو في رسالة بعث بها إليه، بأي وسيلة كانت، والعقوبة هنا الغرامة بما لا يتجاوز 5 آلاف درهم .
والملاحظ في الآونة الأخيرة زيادة عدد قضايا السب والقذف باستخدام وسائل التقنيات الحديثة، من الهواتف المتحركة المتطورة، وشبكة الإنترنت، والمدونات الشخصية على الشبكة، ووسائل التواصل الاجتماعي (التويتر)، و(الفيس بوك) وغيرهما، والقانون يحاسب هنا بالمواد السابق ذكرها، على جريمة السب والقذف، على اعتبار أنه لم يفرق في الوسيلة التي ترتكب بها هذه الجريمة، التي يمكن أن تقع بأي وسيلة كانت، إلا أنه ووفقاً لقانون جرائم تقنية المعلومات الذي تتم مراجعته حالياً، فمن المقترح أن يتضمن مادة خاصة تعاقب على السب والقذف باستخدام وسائل التقنيات الحديثة، وشبكة الإنترنت، من حيث تشديد العقوبة حال ارتكبت الجريمة بهذه الوسائل .
وبشكل عام فالمجتمع بحاجة إلى التوعية بوجوب حسن استخدام وسائل التقنيات الحديثة، فيما تستطيع جهات ضبط الجرائم في كل الحالات، التوصل إلى مرتكبي هذه الجرائم وضبطهم وتقديمهم للعدالة .
المحامية منوهة هاشم أشارت إلى أن المحاكم تشهد تزايداً في قضايا التشهير والإساءة للآخرين، وقالت إن القانون نظم حماية الحياة الخاصة للأفراد، وسمح لهم بالدفاع عنها بطريقة مشروعة، إن تعرض لأذى، أو سب وقذف، وإذا تعرض أي إنسان للسب الهاتفي مثلاً فمن حقه إبلاغ الجهات الشرطية عبر الرقم المجاني، التي بدورها تقوم بضبطه ومحاسبته .
وأشار المحامي ميرغني عبدالعزيز إلى أن معظم قضايا السب والقذف التي تنظرها المحاكم تأتي من بعض أفراد الجمهور، وتدل هذه القضايا على التدني الأخلاقي، وتوعية الناس واجبة في أهمية تجنب ذلك، ودور المدارس كذلك من الأهمية بمكان في التوعية، وكذا الأجهزة الإعلامية من خلال بث برامج توعوية بهذا المضمون، مع وجوب وضع ضوابط معينة ومحددة للجميع، وفرض عقوبات على الوسائل الإعلامية المختلفة في الدولة التي تلجأ إلى ذلك، في ضوء عدم وجود رادع قوي يحول دون الإقدام على هذا الفعل المرفوض .
وأيضاً لا بد من أن يكون لدى الأجهزة الإعلامية رقابة ذاتية على نفسها، فحرية الرأي متاحة بشرط ألا تسيء للآخرين، ولا بد كذلك من تنبيه من يشاركون بالرأي في البرامج التي تبث على الهواء مباشرة إلى خطورة الكلمة التي تقال، من دون ضوابط أخلاقية ومجتمعية، والعقوبة التي تنتظر المتجاوزين .
الحكم الشرعي
أوضحت هيئة كبار العلماء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، في صدد حكم الإساءة للغير بغير حق، إنه لا يجوز للمسلم أن يسيء لغيره بغير حق، مسلماً كان أم غير مسلم، بصورة مباشرة أم غير مباشرة، لما في ذلك من الأذية المحرمة في الإسلام، فكل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه، كما صح في الحديث عند مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر” أخرجه الشيخان من حديث ابن مسعود .
كما أن في ذلك غيبة محرمة، وهي من كبائر الذنوب، كما قال صلى الله عليه وسلم: “أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته” أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة .
يوسف الشريف: التجريم يستوجب العلانية
أكد المستشار يوسف الشريف نائب رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة سابقاً، أنه يشترط في تجريم السب العلانية، موضحاً أن التشهير والسب بشكل عام معاقب عليهما قانوناً، وأن أحكام البراءة في مثل هذه القضايا يجب أن يكون صوتها أعلى من صوت الإدانة، موضحاً أن المادة (372) من قانون العقوبات الاتحادي لسنة 2005 وتعديلاته، تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين
أو بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف درهم، من أسند إلى غيره بإحدى طرق العلانية واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو للازدراء، وتكون العقوبة الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين إذا وقع القذف في حق موظف عام، أو مكلف بخدمة عامة أثناء أو بسبب، أو بمناسبة تأدية الوظيفة أو الخدمة العامة، أو كان ماساً بالعرض، أو خادشاً لسمعة العائلات، أو كان ملحوظاً فيه تحقيق غرض غير مشروع، وإذا وقع القذف بطريق النشر في إحدى الصحف، أو المطبوعات عدا ذلك ظرفاً مشدداً .
اترك تعليقاً