السرقات التي تمثل جنايات في القانون الفلسطيني
نص الشارع الفلسطيني على جنايات السرقة في المواد (287،288) وهي تمثل تعريف جريمة السلب ومحاولة ارتكابه بالإضافة لمواد السرقة ليلاً والسطو على البيوت وهذا ما نصت عليه المواد (294، 295، 296، 279، 298، 299).
وسوف نقوم بعرض موجز للتعرف على تلك الجرائم والعقوبات المنصوص عليها وفقاً لقانون العقوبات الفلسطيني .
سلب الأموال وابتزازها
نصت المادة (287) عقوبات فلسطيني على تعريف السلب أنه ” كل من سرق شيئاً واستعمل العنف الفعلي أو هدد باستعماله أثناء ارتكابه السرقة أو قبل أو بعد ارتكابها مباشرة مع أي شخص أو فيما يتعلق بأي مال بقصد الحصول على الشيء المسروق أو الاحتفاظ به أو بغية صد من يقاومه في الحصول عليه أو الاحتفاظ به أو بقصد التغلب على هذه المقاومة ، يعتبر أنه ارتكب جناية تعرف بجناية “السلب”.
هذا ما جاء في القانون معرفا السلب هو السرقة ولكن باستعمال القوة الفعلية أو التهديد ، والمراد هنا بالقوة ليست ضرورة استخدام الاعتداء الفعلي ولكن مجرد التهديد وتجميع مراكز قوى لها مدلولها وأثرها النفسي على المجني عليه بحيث تحقق عنصر الخوف وعدم المقاومة حتى أنه عجز في منع المجرم من إتمام جريمته لأنه في حالة عجز تام لمقاومة المجرم بسبب استخدامه القوة البدنية والتي تمثل الجانب الايجابي في العنف أو بسبب التهديد الذي يمثل الجانب السلبي في تحقق الخوف .
والمشرع استخدم لفظ الاستعمال كونه اعتبر بأن الفعل هو سرقة ولكنه مع استعماله لوسائل معينة أصبحت جريمة سلب لأنه يختلف عن السرقة العادية أو عن السطو بأنه يتم بمرأى المجني عليه .
كما أن المشرع استخدم كلمة مع شخص آخر دليل على تعدد الأشخاص تتوفر به القوة وأن التعدد يعتبر من وسائل العنف المستخدم للتهديد في إتمام عملية السلب.
واستعمال القوة ليس بالضروري أن يكون قبل إتمام عملية السلب ممكن أن يتم بعد الحصول على الشيء المسروق أو الاحتفاظ به بهدف صد من يقاومه في الحصول عليه أو الاحتفاظ به أو بقصد التغلب على هذه المقاومة فيما بعد إتمام السرقة حتى يتملص من جريمته .
ونصت المادة (288) عقوبات فلسطيني موضحة عقوبة جريمة السلب وحالاتها ووسائلها وذلك كما يلي :
1-كل من ارتكب جرم السلب أو يعاقب بالحبس مدة أربع عشرة سنة .
فإن كان المجرم مسلحاً بأداة أو آلة خطرة أو جارحة ، أو مصحوباً بشخص واحد أو أكثر ، أو إذا جرح أي شخص أو ضربه أو صفعه أو استعمل أي نوع آخر من أعمال العنف نحو ذات ذلك الشخص أثناء السلب أو قبل أو بعد وقوعه مباشرة ، فيعاقب بالحبس المؤبد.
2-كل من اعتدى على شخص بقصد سرقة أي سرقة أي شيء واستعمل العنف الفعلي أو هدد باستعماله أثناء وقوع الاعتداء أو قبل أو بعد وقوعه مباشرة مع أي شخص أو فيما يتعلق بأي مال ، بقصد الحصول على الشيء الذي يريد سرقته أو بغية صد من يقاومه في سرقته أو بقصد التغلب على هذه المقاومة يعتبر أنه ارتكب جناية ويعاقب بالحبس مدة سبع سنوات.
فإذا كان المجرم مسلحاً بأداة أو آلة خطرة أو جارحة ،أو مصحوباً بشخص واحد أو أكثر ، أو إذا جرح أي شخص أو ضربه أو صفعه أو استعمل أي نوع آخر من أعمال العنف نحو ذات ذلك الشخص أثناء الاعتداء أو قبل أو بعد وقوعه مباشرة ، فيعاقب بالحبس المؤبد.
من جماع النصوص السابقة نستخلص بأن جريمة السرقة بالإكراه أو ما تسمى جريمة “السلب” تقوم على عنصر رئيسي في التشديد هو الإكراه ، هذا العنصر يتعلق بوسيلة تنفيذ السرقة . وفيما يلي سنعرض لعنصر الإكراه من خلال بيان المقصود به ثم نحدد الشروط الواجب توافرها فيه كظرف مشدد والعقوبة التي قررها القانون على ارتكاب الجناية ، ولكن قبل ذلك يجب أن نحدد العلة من أجلها شدد العقاب في تلك الجريمة.
أولاً: علة التشديد في جريمة السلب:
ترجع علة التشديد في هذه الحالة إلى أن فعل الجاني ينطوي على اعتداء على النفس إلى جانب الاعتداء على المال ، ويكشف عن شخصية إجرامية خطرة لا يتورع مرتكبها عن إتيان أفعال إجرامية على النفس في سبيل تحقيق غرضه والمتمثل في الاستيلاء على مال الغير . بالإضافة إلى ذلك فإن ارتكاب جنايات السرقة بالإكراه بشكل كبير يؤدي إلى إخلال خطير بالأمن والاستقرار والطمأنينة في المجتمع.
كما أن هذه الجريمة تهدد استقرار الطمأنينة بين أفراد المجتمع ، بحيث يشعر المواطن بأنه ليس في مأمن في بيته أو عمله أو في الطريق خشية من خروج اللصوص له مأججين بالأسلحة بغية سرقته والاعتداء عليه وعلى ممتلكاته .
كما أن العبرة في التشديد في حالة السرقة مع حمل السلاح سواء كان ظاهراً أو مخبأ هو أن مشاهدة المجني عليه للجاني حاملاً للسلاح يزرع الجبن والخوف في نفسه مما يمنعه من الدفاع عن ماله ، فإذا لم تحقق هذه العلة لكون السارق يحمل السلاح مخبأ إلا أن علة أخرى للتشديد تتحقق ذلك أن حمله للسلاح يضيف إلى قدرته البدنية على إيذاء الجاني قدرة جديدة مما يجعله أكثر جرأة ، إذ يشعره حمله للسلاح أنه صار أكثر قدرة على البطش بالمجني عليه أو غيره ، إذا قاومه ويدل على خطورة للسارق الذي يقبل احتمال ايذاء المجني عليه أو غيره في وجهه إذا قاومه.
ثانياً: تعريف الإكراه :
لقد عرفه جانب من الفقه بأنه ” عمل قسر وإجبار يأتيه السارق ليحبط المقاومة التي يبديها المجني عليه أو غيره اعتراضاً لتنفيذ السرقة “.
كما عرفته محكمة النقض المصرية وأخذ به الفقه القانوني بأن الإكراه كظرف مشدد للسرقة يتحقق ” بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص لتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة “.
مما سبق فإن الإكراه الذي يعتبر ظرفاً مشدداً للسرقة هو الإكراه المادي ، إذ الفكرة الرئيسية فيه أنه عمل مادي من شأنه شل مقاومة مادية تأتي من طرف المجني عليه أو من طرف آخرين يساعدون المجني عليه . وبناءً على ذلك يستبعد من نطاق الإكراه كظرف مشدد ” الإكراه المعنوي” ويعني ذلك مجرد تهديد المجني عليه أو غيره بشر إن لم يتخل عن المقاومة . ولكن هذا الأصل يرد عليه تحفظ واحد ، فقد اعتبر القضاء ” التهديد باستعمال السلاح ” وهو محض إكراه معنوي كافي ليقوم به الظرف المشدد.
ثالثاً: الشروط الواجب توافرها في الإكراه:
لقد تطلب القانون وجوب توافر ثلاثة شروط في الإكراه وهي :
1-أن يكون الإكراه مادياً .
2-أن يقع الإكراه على الأشخاص.
3-أن يقع الإكراه بقصد السرقة .
1-وجوب أن يكون الإكراه مادياً: يجب أن يكون الإكراه مادياً ويعني ذلك بأن يكون عمل من أعمال العنف الموجه مباشرة إلى جسد المجني عليه أو غيره بقصد إضعاف مقاومته ، لتسهيل ارتكاب الجريمة . إذاً لا يتوافر ظرف الإكراه في السرقة إذا تجرد فعل الجاني كلية من العنف ،كما لو انتهز فرصة نوم المجني عليه وقام بسرقة ماله ، أو في حالة مغافلته وإختطاف ما في يده دون أن تتاح للمجني عليه فرصة المقاومة .
أما الإكراه المعنوي ، كالتهديد بالقول أو بالإشارة فلا يجوز اعتباره في باب السرقة إكراهاً مهما بلغت جسامته وأياً كان تأثيره في نفسية المجني عليه ، ما دام الجاني لم يستطل إلى جسم إنسان آخر بعمل من أعمال العنف . ومع ذلك استقرت محكمة النقض المصرية على اعتبار التهديد باستعمال السلاح ضرباً من ضروب الإكراه ، شأنه شأن الإكراه المادي تماماً.
واستلزام كون الإكراه مادياً يستفاد من تمييز النصوص القانونية آنفة الذكر في التشديد الذي يترتب على اقتران السرقة بالإكراه الذي يترك أثر جروح والإكراه الذي لا يترك هذا الأثر ، مما يدل على أن الإكراه المقصود هو الذي يمكن أن يحدث جروحاً بجسم المجني عليه وبالتالي الإكراه المادي وحده.
ولا اعتبار لجسامة الإكراه ، ولا يلزم فيه بصفة خاصة أن يكون من شأنه تهديد المكره في حياته أو إحداث إصابات بجسده . وتطبيقاً لذلك فقد قضي بأنه إذا قذف أحد الجناة المجني عليه في وجهه بالرمال ومد يده يريد سرقة الحقيبة فأمسك بها المجني عليه ولم يتخل عنها وأخذ يستغيث حتى حضر أحد زملاء الجاني متظاهراً بالعمل على انقاذ المجني عليه وأخذ يجذب الحقيبة ، إلا أنه ظل يقاوم ويستغيث حتى أقبل الجمهور على صياحه وعندها فر اللصان فتعتبر الواقعة سرقة بالإكراه . وقضي أيضاً بأنه يعد من قبيل الإكراه المشدد للعقوبة في جريمة السرقة دفع المجني عليه بقوة وطرحه على الأرض أو لي ذراعه وأخذ ما في يده رغماً عنه.
ولكن يشترط مع ذلك لتحقق الإكراه أن يبلغ العنف الحد الذي يجعل له شأناً في تعطيل مقاومة المجني عليه أو إضعافها وتقدير ما إذا كان العنف الذي انطوى عليه فعل الجاني قد بلغ هذا الحد ، والقول تبعاً لذلك بتوافر ظرف الإكراه ، مسألة يفصل فيها قاضي الموضوع أخذاً في الاعتبار الظروف الخاصة بمن وقع عليه فعل الإكراه كسنه وجنسه وحالته الصحية.
2-وجوب أن يقع الإكراه على الأشخاص: هذا الشرط مستمد من العلة في التشديد فكما سبق وأن أوضحنا بأن القانون يشدد العقاب لأن فعل السارق يشكل اعتداء على الأشخاص إلى جانب كونه يمثل اعتداءً على الأموال ، فمن هنا كان لا بد أن يقع فعل الإكراه على جسم الإنسان سواء كان هو المجني عليه في السرقة أو أي شخص آخر حاول أو تصور الجاني بأنه سيحاول مقاومة تنفيذ السرقة أو إتمامها، كخادم المجني عليه أو أحد جيرانه أو رجل شرطة فاجئ الجاني أثناء قيامه بارتكاب جريمة السرقة . ويجب أن يكون الشخص الذي قاوم تنفيذ السرقة أن يكون عالماً بوقوع السرقة حتى يكون لاعتقاد السارق باحتمال المقاومة ما يبرره من حيث الواقع . وبناءً عليه ، إذا اعتدى السارق على شخص حاول القبض عليه لمجرد أنه رآه يجري دون أن يكون عالماً بارتكابه سرقة ، فلا يقوم بذلك الظرف المشدد. ولا يكفي لتوافر ظرف الإكراه وبالتالي تشديد العقاب على السارق ، وقوع أعمال العنف التي يرتكبها الجاني على الأشياء أو الحيوانات ، والمثال على ذلك قيام الجاني بكسر الأقفال أو تحطيم مصابيح الإضاءة أو إطفائها ، وقطع أسلاك الاتصال التليفوني وقتل كلب الحراسة وضرب الحيوان المسروق لحمله على السير حتى يمكن الفرار به ……..الخ ، ففي كل الأمثلة هذه لا يتحقق ظرف الإكراه لكونه غير موجهاً إلى إنسان.
3-وقوع الإكراه بقصد السرقة: يجب أن يكون الإكراه قد وقع بقصد السرقة ، ويكون الإكراه كذلك إذا قصد به تسهيل ارتكاب السرقة ، أو إتمامها . وبناءً عليه لا يتوافر ظرف الإكراه إذا كان ما استخدم من عنف قصد به ارتكاب جريمة أخرى . فإذا ضرب شخص آخر ضربة وقع على أثرها مغشياً عليه ثم تبادر إلى تفكيره أخذ ما في جيوب المجني عليه من أموال ،فلا يعد الجاني سارقاً بالإكراه بل مرتكباً لجريمتي سرقة واعتداء . وكذلك أيضاً إذا كان العنف المستخدم من الجاني بقصد الاغتصاب ثم ارتكب الفاعل بعد ذلك سرقة من منزل من اغتصبها ، فإن السرقة لا تكون حاصلة بطريق الإكراه ، بل يسأل الجاني عن جريمتي اغتصاب وسرقة.
ويشترط في الإكراه أن يكون معاصراً لارتكاب السرقة أو على الأقل وقوعه قبل تمامها . أما إذا كان الإكراه لاحقاً لارتكاب السرقة فلا يمكن اعتباره قد تم بقصد السرقة ومن ثم لا مجال لتطبيق الظرف المشدد ومن ثم توقيع العقوبة المشددة . ولا يثير هذا الاشتراط صعوبة بالنسبة للإكراه الذي يستهدف تهيئة السرقة أو تسهيلها ، فهو في الحالتين معاصر لها . أما إذا كان الإكراه المستخدم لتمكين الجاني من الفرار بالمسروقات ، فإن الشك يثور حول ما إذا كان معاصراً للسرقة أو لاحقاً عليها . وقد وضعت محكمة النقض المصرية ضابطاً لمعاصرة الإكراه للسرقة يتلخص في الربط بين الإكراه والتلبس بالجريمة ، فإذا صدر الإكراه والسرقة لم تزل في حالة التلبس فهو معاصر لها ، أما إذا صدر بعد انقضاء حالة التلبس فهو لاحق على السرقة ولا يقوم به الظرف المشدد . وفي بعض أحكامها لم تذكر “التلبس” ، ولكنها اكتفت بتطلب صدور الإكراه عقب السرقة مباشرة . وقد قضت تطبيقاً لذلك الضابط أن ” يعتبر الإكراه ظرفاً مشدداً للسرقة إذا حصل بقصد الاستعانة به على السرقة أو النجاة بالشيء المسروق عقب وقوع الجريمة ، أما إذا حصل بقصد فرار السارق والنجاة بنفسه بعد ترك الشيء المسروق فلا يعتبر ظرفاً مشدداً بل هو إنما يكون جريمة قائمة بذاتها يعاقب عليها بما يقضي به القانون”.
واستخلاص وجود علاقة بين السرقة والإكراه يدخل ضمن سلطة قاضي الموضوع التقديرية دون معقب عليه في ذلك ، ما دام قد استخلصها واستخلص نية السرقة مما يؤدي إليها فعلاً.
رابعاً:عقوبة جريمة السلب:
متى توافر ظرف الإكراه في السرقة أصبحت جناية يطلق عليها السلب وعقوبتها الحبس مدة أربع عشرة سنة ، ويرفع القانون العقوبة لتصل إلى الحبس المؤبد إذا ترك الإكراه أثر جروح بجسم المجني عليه المكره وذلك وفقاً لنص المادة (288/1) عقوبات فلسطيني .
وكون الإكراه يعتبر من الظروف العينية (الموضوعية) التي تتصل بماديات الجريمة وترجع إلى وسيلة ارتكابها ، لذا فهو ينتج أثره في تشديد العقاب بالنسبة لجميع المساهمين والشركاء في الجريمة سواء ساهموا في إيقاع الإكراه على المجني عليه أو ساهموا في السرقة فإنهم يأخذوا نفس عقوبة الفاعل الأصلي لكلتا الجريمتين .
*بعض صور السرقة التي تتم بالقوة والابتزاز:
نص قانون العقوبات الفلسطيني في الفصل الثاني والثلاثون من القسم الخامس عن جرائم سلب الأموال وابتزازها ،وقد تناولنا السلب وحالاته وعقوبته وتبعاً لذلك فإن القانون تضمن بعضاً من الحالات والصور التي تتحدث عن السرقة التي تقع بالابتزاز والتهديد منها ما يمثل جنحة وأخرى تمثل جناية وهي :
1-الاعتداء بقصد السرقة فهي ما نصت عليه المادة (289) وتعتبر جنحة .
2-طلب المال بالتهديد الخطي ما نصت عليه المادة (290) وتعتبر جناية وعقوبتها الحبس مدة أربع عشرة سنة.
3-محاولة ابتزاز الأموال بالتهديد المادة (291) وتضمنت فقرات ثلاث وهي تمثل جناية وعقوبتها في الأحوال المحددة بنص المادة هي الحبس مدة أربع عشرة سنة وفي غير الأحوال المذكورة يعاقب بالحبس مدة أربع سنوات .
4-تدبير إمضاء المستندات بالتهديد المادة (292) بفقرتيها وهي تمثل جناية وعقوبتها الحبس مدة أربع عشرة سنة.
5-طلب الأموال بالتهديد بقصد السرقة المادة (293) وهي تمثل جناية وعقوبتها الحبس مدة خمس سنوات .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً