السياسات العامة للأنظمة التجارية
د. ملحم بن حمد الملحم
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
لطالما سمعنا أو نسمع دوما سواء في نقاش قانوني أو نقاش عام عن الهدف من قانون معين أو الغرض من بعض مواد القانون أو الفلسفة التي يدور حولها ذلك القانون أو هل المنظم/ المشرع أراد أن يحقق ذلك الهدف المقصود؟
فهذا النوع من التساؤلات والنقاشات هو في الحقيقة على أهميته بغض النظر عن الشكل الذي يظهر به من حيث بساطته أو تعقيده إلا أنه يعتبر دون فائدة جوهرية، إذا كان القانون قد بني فعلا دون هدف واضح ودون سياسة مقصودة، واضحة معالمها وضوح الشمس لصائغ النظام، بحيث ينعكس هذا الهدف المنشود في النظام. ويمكن معرفة وضوح الهدف أو السياسة لهذا النظام من خلال عدة قرائن، أحدها أن تكون واضحة لقارئ النظام، بحيث يمكن له الاستدلال إلى المقصود من خلال قراءة النظام، على الأقل للقارئ المتوسط فالنظام في الحقيقة جاء ليخاطب المشمولين به ليلتزموا به أو على أقل تقدير لكيلا يخالفوه.
وكي يكون لهذه المقدمة أثر أو فائدة عملية، فمن المستحسن أن يتم استعراض مثال عملي عليه بحيث يمكن النقاش حوله، وإثراء الوسط التجاري أو القانوني بخصوصه. فمثلا عندما نستعرض نظام الشركات السعودي وبالتزامن معه نظام هيئة السوق المالية ولوائحه التنفيذية في مسألة الأكثرية والأقلية بين المساهمين.
فمسألة الأقلية والأكثرية بين المساهمين في الشركات تعد مسألة جوهرية وأساسية للأنظمة التجارية والمالية، على اعتبار أن تلك الأنظمة تتعامل وتنظم علاقة المساهمين فيما بينهم من جهة وفيما بين علاقتهم بالشركة بشكل عام من جهة أخرى، كما تعد مسألة مفصلية في معرفة ووضوح توجه تلك الأنظمة التجارية والمالية في تعاملها مع مساهمي الأقلية ومساهمي الأكثرية.
فالأنظمة التجارية والمالية ينبغي عليها أن تحدد توجهها في أي من الأطراف ترغب هذه الأنظمة في أن تدعم بشكل جوهري، وهذا ينبني كذلك بشكل أساسي على عدة عومل أحدها نوع ملاك الأسهم هل هم مساهمون متفرقون/ موزعون أم هم ملاك معدودون يملكون حصصا كبيرة؟ وهل هم أشخاص طبيعيون أم شركات؟ وثانيها في هدف تلك الأنظمة في تحديد اللاعبين الرئيسين في الشركات بشكل عام.
فمثلا عندما يكون هناك هدف رئيس من الأنظمة التجارية والمالية لأن تسهل حركة المساهمين والشركاء ولأن تعطي الفرصة للمستثمرين -حسب نوعهم- فستكون تلك الأنظمة قد أزالت أو خففت من القيود لسيطرة مساهمي الأكثرية للسيطرة على الشركات، بحيث لا تكون تلك الأنظمة تمثل عقبات أمام شريحة معينة من المستثمرين.
بل حتى إن وجدت بعض العقبات نجد أن الأنظمة التجارية والمالية توفر خيارات أخرى يمكن للمستثمرين الاختيار منها مع ما يلائم هدفهم التجاري. وفي المقابل عند وضوح الهدف أو الفلسفة أو التوجه لدى الأنظمة التجارية نجد أن هذه الأنظمة قد توفر تدابير تعويضية لمساهمي الأقلية بالقدر الذي يقارب ولو نسبيا بين دعم هدف الأنظمة التجارية والمالية وبين تعويض الأطراف الأخرى كمساهمي الأقلية في مثالنا.
ومع قناعتنا أنه في عدد من المسائل، سيجب على الأنظمة التجارية والمالية الاختيار بين طرفين أو بين أطراف أو بين أهداف، إلا أن وضوح الأهداف وتوحدها وتناغمها ثماره واقعيا أفضل من السعي للجمع بين المتفرقات.
اترك تعليقاً