الشخصية الاعتبارية
زامل شبيب الركاض
يعتبر الشخص الطبيعي هو الإنسان القادر على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات أما الشخصية الاعتبارية فيعرفها القانون بأنها الكيان المستقل عن مجموعة الأشخاص والأموال المؤسسة له، لتحقيق غرض معين، ومعترف له بالشخصية القانونية المقررة للإنسان إلا ما كان منها متصلاً بصفته الطبيعية، وذلك لاضفاء الصفة الشرعية اللازمة على تصرفاتها، حيث تعتبر كيان له شخصية مستقلة وذمة مالية وتتحمل الالتزامات المنسوبة إليها وحدها دون مؤسسيها، والشخصيات الاعتبارية اما أن تكون عامة مثل الدولة وما يتفرع عنها من جهات إدارية، أو خاصة مثل الشركات التجارية والجمعيات الخيرية ويطلق على الشخص الاعتباري بالشخص المعنوي أو الحكمي.
وإذا كانت الأشخاص الاعتبارية تتمتع بالشخصية القانونية استثناء عن الأصل العام الذي يقضي بمنحها للإنسان دون غيره فلا يكون ذلك إلا بالقدر اللازم لتحقيق أهدافها المسموح بها نظاماً. فإذا كانت حياة الشخص الطبيعي تبدأ بولادته حيا فإن الشخص الاعتباري لا تكون بدايته إلا باعتراف النظام له بهذه الشخصية القانونية، وهذا الاعتراف نوعان: عام بمجرد توفر شروط محددة في النظام فالشخصية الاعتبارية تكون قادرة على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات فيما يتعلق بنشاطها، حسبما نصت عليه المادة (13) من نظام الشركات السعودي (فيما عدا شركة المحاصة تعتبر الشركة من وقت تأسيسها شخصاً اعتبارياً).
واعتراف خاص يستلزم وجود إذن معين لقيام الشخصية الاعتبارية من الجهة التي تملك الحق في الترخيص مثل الشركات التي تؤسسها أو تشترك فيها الدولة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة. وتنتهي الشخصية الاعتبارية وفقاً للأسباب التي يحددها النظام وتصبح غير قادرة على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات لعدة أسباب منها انتهاء المدة المحددة لها في عقد تأسيسها، أو بتحقق الغرض الذي نشأت من أجله أو قام مؤسسوها بحلها، وتنتهي بالغاء أو سحب الترخيص الممنوح لها من السلطة المختصة.
والشخص الاعتباري له اسم يميزه عن غيره من الأشخاص الاعتبارية الأخرى وقد اشترط النظام ذكر اسم الشخص الاعتباري في سند إنشائه وفي جميع العقود والمكاتبات التي تصدر عنه، وغالباً ما يكون اسم الشخص الاعتباري مأخوذ من طبيعة النشاط مثل شركات النقل الجوي أو البري أو البحري وغيرها وتكون لاسم الشخص الاعتباري نفس الحماية القانونية لاسم الشخص الطبيعي، مثل الحماية من جرائم الانتحال والاعتداء على الاسم والمنافسة غير المشروعة والمطالبة بالتعويض عن الضرر.
وحيث إن الجنسية تعتبر رابطة سياسية قانونية تربط الفرد بالدولة تتطلب التجاوب والولاء للدولة، وإن هذا التجاوب غير متوافر إلا في الفرد الطبيعي، حيث يعتبر الموطن هو علاقة بين الفرد والإقليم، وحيث إن هذه العلاقة متوافرة في الشخصية الاعتبارية، على أساس أنها تقيم في إقليم الدولة وتمارس أعمالاً قانونية ولها أهلية في الحدود التي يحددها سند إنشائها، ولها ذمة مالية مستقلة في التقاضي لهذا يحق للشخصية الاعتبارية أن يكون لها موطن مستقل ويكون عادة حيث يوجد مركز ويمثلها التقاضي لهذا يحق للشخصية الاعتبارية أن يكون لها موطن مستقل ويكون عادة حيث يوجد مركز إدارتها الرئيسي وقد يختلف هذا الموطن عن جنسية الأشخاص المكونين له في بعض الأحيان، وفي حالة وجود فروع للشخصية الاعتبارية في أكثر من دولة فإن الفرع يعد موطناً لها بالنسبة للنشاط الذي تباشره في هذا البلد تسهيلاً لمن يتعامل أو يتقاضى معها ما لم ينص على خلافه.
وحتى يكتمل الاعتراف للشخص الاعتباري بالشخصية القانونية اللازمة لا بد أن يكون له ذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للأشخاص المكونين له، ويكون للشخص الاعتباري أهلية أداء فيما يتعلق بنشاطه ويكون مدى هذه الأهلية قاصراً على الحدود المذكورة في عقد التأسيس، فإذا خرج الشخص الاعتباري عن هذه الحدود تعتبر تصرفاته باطلة نظاما، وحيث إن الشخص الاعتباري لا يمكنه أن يعبر عن إرادته بنفسه ولذا فإن ممارسته لنشاطه تتم عن طريق من يمثله قانونا. فنخلص إلى ضرورة معرفة طبيعة الشخصية الاعتبارية القانونية وأنشطتها ومدى محدودية الذمة المالية الخاصة بها وصفة من يمثلها نظاماً ومدى صلاحيته للتصرف بالنيابة عنها قبل إجراء التصرفات القانونية والتعاقدات التجارية مع الشخصية الاعتبارية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً