_ مضمون الشخصية القانونية للمنظمة الدولية :
_ أولاً : ظروف نشأة الشخصية القانونية للمنظمة الدولية :
كان اعتداء العصابات الصهيونية الاسرائيلية على موظفي الأمم المتحدة ” مقتل الكونت برنادوت وسيط الأمم المتحدة في فلسطين ” أثناء تأدية وظائفهم في فلسطين عام 1948 هو السبب في اكتساب المنظمات الدولية الشخصية القانونية الدولية . فقد أفتت محكمة العدل الدولية بمقتضى رأى استشاري للأمم المتحدة بحق رفع دعوى المسئولية عن الأضرار التى لحقت بموظفيها مقررة لها بذلك الشخصية القانونية مؤكدة أن المنظمات الدولية” قد تتمتع بالشخصية القانونية اذا ما تتطلب هذا الهدف الذى أنشئت من أجله ” . ورأت المحكمة أنه يمكن استنباط هذه الشخصية من أهداف المنظمة الدولية المنصوص عليها في ميثاق انشائها ، حتى ولو لم ينص على شخصيتها القانونية . ومن الجدير بالذكر أن هذا الحكم يمتد الي كل المنظمات الدولية قياساً على منظمة الأمم المتحدة .
_ ثانياً: حدود الشخصية القانونية للمنظمة الدولية :
محكمة العدل الدولية كانت حريصة على بيان حدود هذه الشخصية مقارنة بتلك الت تتمتع بها الدول . فهذه الأخيرة تتمتع بكافة الحقوق وتتحمل بكل الالتزامات طبقاً للقانون الدولي . في حين أن المنظمات الدولية لا تتمتع بالحقوق ولا تتحمل بالالتزامات الا بالقدر اللازم لأداء وظائفها واختصاصاتها المنصوص عليها في مواثيق انشائها . ولذلك فان شخصية المنظمات الدولية محدودة بالمقارنة بتلك التى تتمتع بها الدول .
اذاً يوجد علاقة تبعية بين الشخصية القانونية للمنظمة الدولية وبين وظائف هذ المنظمة . وهذا ما دفع بحق البعض من الفقه الى أن يوصف الشخصية القانونية للمنظمة الدولية بأنها شخصية وظيفية. والشخصية القانونية يحتج بها في مواجهة جميع الدول الأعضاء في المنظمة سواء كانت من تلك التى شاركت في انشائها أم كانت من تلك التى انضمت اليها لاحقاً .
والأصل أنه لا يحتج بالشخصية القانونية للمنظمة الدولية في مواجهة الدول غير الأعضاء أو في مواجهة غيرها من المنظمات الدولية . فمن المسلم به أن الشخصية القانونية للمنظمة تتولد عن المعاهدة المنشئة لهذه المنظمة ومن المسلم به ايضاً أنه لا يحتج بهذه المعاهدة الا في مواجهة من كان طرفاً فيها تطبيقاً لمبدأ نسبية أثر المعاهدات .
ولا يشكك في هذا الأصل كون محكمة العدل الدولية قد اعترفت لمنظمة الأمم المتحدة في فتواها سالفة الذكر بشخصية قانونية موضوعية يحتج بها على جميع الدول الأعضاء وغير الأعضاء فيها وأسباب ذلك :
_ بررت المحكمة مسلكها هذا بالنسبة للأمم المتحدة بطبيعة أهداف هذه الأخيرة وبعدد الدول المشتركة في عضويتها وهذا ما يبرر الخروج على مبدأ نسبية أثر المعاهدات فيما يخص فقط ميثاق الأمم المتحدة .
_ اضافة الى ذلك فان الناظر في ميثاق الأمم المتحدة يلاحظ أنه وان كان يتوافر له الجانب الشكلي للمعاهدات الدولية الا أنه يختلف عنها من الناحية الموضوعية .
_ فهذا الميثاق يتضمن مجموعة من الأهداف التى تتعلق بالجماعة الدولية في مجموعها خاصةً في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين ، وأنه يعتبر في الواقع ” تشريع صادر عن الفئة المسيطرة في المجتمع الدولي ” .
اترك تعليقاً