أحكام الشرط المانع من التصرف
نظمها القانون المدني (الكويتي) في المواد من 815 إلى 817 منه
نصت المادة 815 من القانون المدني على أنه:
“إذا تضمن التصرف القانوني شرطاً يمنع المتصرف إليه من التصرف في المال الذي اكتسب ملكيته بمقتضى ذلك التصرف، أو يُقيد حقه في التصرف فيه، فلا يصح الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث قوي، ومقصوراً على مدة معقولة”.
* ويستفاد من هذا النص أنه لكي يصح “الشرط المانع من التصرف” ثلاثة شروط هي:
– الشرط الأول: وجوب ورود شرط المنع من التصرف، في ذات التصرف الذي تلقى به “المشروط عليه” ملكية المال المتصرف فيه.
– الشرط الثاني: أن يكون شرط المنع من التصرف مبنياً على باعث قوي، ويكون الباعث قوياً متى كان المراد منه حماية مصلحة مشروعة، سواء للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير.
حماية مصلحة مشروعة للمتصرف:
كأن يشترط الواهب على الموهوب له ألا يتصرف في المال الموهوب طوال حياته حتى يضمن الواهب الرجوع في الهبة إن توفر سبب من أسباب الرجوع، حيث إنه إذا تصرف الموهوب له في المال الموهوب تصرفاً ناقلا للملكية، عندها لا يحق للواهب الرجوع في الهبة، فحتى يضمن ذلك يشترط على الموهوب له عدم جواز التصرف في المال الموهوب طوال حياته.
وكأن يشترط البائع على المشتري عدم التصرف في المبيع حتى تمام الوفاء بالثمن.
أو أن يشترط البائع أو الواهب – الذي استبقى لنفسه حق الانتفاع – عدم التصرف في المبيع أو الموهوب تجنباً للتعامل مع مالك رقبة لا يعرفه ولا يأمن مضايقته.
حماية مصلحة مشروعة للمتصرف إليه:
كأن يشترط الواهب في عقد الهبة أو الموصي في الوصية بألا يتصرف الموهوب له أو الموصى له في المال الموهوب له أو الموصى له به حتى يبلغ سناً معيناً ويكون القصد منه حماية المتصرف إلية من طيشه وتبذيره.
حماية مصلحة مشروعة للغير:
كأن يهب شخص عقاراً لآخر، ويشترط الواهب على الموهوب له أن يؤدي مرتباً دورياً لشخص ثالث مدى حياته، وحتى يضمن تنفيذ التزامه، يشترط الواهب في عقد الهبة على الموهوب له ألا يتصرف في العقار محل الهبة طوال حياة الشخص الذي التزم الموهوب له بأن يعطي له مرتباً دورياً مدى حياة هذا الشخص، حيث إنه إذا امتنع الموهوب له عن تنفيذ التزامه عندها يستطيع الشخص الذي تقرر له المرتب الدوري أن ينفذ بحقه من العقار الموهوب.
وكأن يشترط المتصرف على المتصرف إليه (من ورثته) عدم التصرف في العقار المبيع طيلة حياة المتصرف إليه، حفاظاً على ملكية الأسرة لذلك العقار ولضمان انتقاله إلى ورثة المتصرف إليه.
فالمصلحة المشروعة قد تكون مادية وقد تكون أدبية.
وتقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها هو مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع بلا رقابة عليه في ذلك من محكمة التمييز متى بنى حكمه على أسباب سائغة.
– الشرط الثالث: أن يقتصر المنع على مدة معقولة.
لكي يكون الشرط المانع من التصرف صحيحاً ، يجب ألا يكون هذا الشرط مانعاً من التصرف منعاً دائماً مؤبداً. إذ تخرج العين بهذا المنع من دائرة التعامل. وهذا أمر يخالف النظام العام. ولا يجوز إلا بنص في القانون، كما هو الحال في الوقف. ومن ثم يكون الشرط المانع من التصرف منعاً دائماً مؤبداً شرطاً باطلاً. ويجب إلغاء هذا الشرط ويكون للمالك التصرف في ملكه، ما لم يكن هذا الشرط هو الدافع إلى التصرف فيبطل عندئذ كل من الشرط والتصرف.
فيجب أن يكون المنع لمدة معقولة، والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة “المتصرف” أو “المتصرف إليه” أو “الغير”.
وتقدير معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة التمييز متى بنى حكمه على أسباب سائغة.
وما يسري من أحكام على الشرط “المانع” من التصرف – الذي يمنع التصرف بصفة مطلقة خلال مدة المنع – يسري كذلك على الشرط الذي “يقيد” حرية التصرف دون أن يمنعه. كأن يشترط الواهب على الموهوب له، إذا أراد بيع الموهوب أن يعرضه أولاً بالأفضلية على شخص معين.
آثار الشرط المانع من التصرف:
تنص المادة 816 من القانون المدني على أنه:
“إذا كان الشرط المانع أو المقيد للتصرف صحيحاً، وتصرف المشروط عليه بما يخالف الشرط، جاز لكل من المشترط ومن تقرر الشرط لمصلحته إبطال التصرف.
ومع ذلك، يصح التصرف المخالف للشرط، إذا أقره المشترط، وذلك ما لم يكن الشرط قد تقرر لمصلحة الغير”.
وعليه، فإذا تصرف المشروط عليه بما يخالف الشرط، فالجزاء الذي يحقق الغرض من شرط المنع، ليس هو “فسخ” التصرف الأصلي الذي ورد به الشرط، وإنما هو “إبطال” التصرف المخالف للشرط، حتى يبقى المال في ذمة المشترط عليه، وبالتالي يتحقق الغرض المشروع الذي أريد بشرط المنع تحقيقه.
وهذا البطلان، مقرر لصالح المتصرف المشترط أو الغير المشترط لمصلحته.
علماً بأن المال الممنوع من التصرف فيه، يكون غير قابل للحجز عليه، حيث إن اشتراط المنع من التصرف يستتبع عدم القابلية للتنفيذ، ما لم يكن الشرط المانع قد قصد به حماية الدائنين.
ولكن الشرط المانع من التصرف لا يحول دون تملك الشيء بالتقادم، لأن التقادم يتم رغم إرادة مالك الشيء.
الاحتجاج بالشرط المانع على الغير:
تنص المادة 817 من القانون المدني على أنه:
“لا يحتج بالشرط المانع أو المقيد للتصرف على الغير، إلا إذا كان على علم به وقت التصرف أو كان في مقدوره أن يعلم به.
فإذا كان الشيء عقاراً، وتم شهر التصرف الذي ورد به الشرط، فيعتبر الغير عالماً بالشرط من وقت الشهر”.
فقد نص المشرع على عدم جواز الاحتجاج على الغير (الذي تعامل معه المشروط عليه بالمخالفة للشرط المانع من التصرف)، إلا إذا كان هذا الغير يعلم بذلك الشرط المانع من التصرف في وقت إبرامه للعقد الذي ترتب عليه كسب حقه، أو كان في مقدوره أن يعلم به، وافترض المشرع علم الغير بهذا الشرط لمجرد ورود الشرط في تصرف وارد على عقار، تم شهره.
الأستاذ/ أشرف رشوان المحامي بالنقض
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً