الشروط الشكلية والموضوعية للأمر بالأداء في التشريع المغربي
تعتبر مسطرة اﻻمر باﻻداء من اهم اشكال المساطر الخاصة التي نظمها ا لمشرع في القسم الرابع من ق م م الفصول من 155 الى 165 وتبدو هذه المسطرة نظرا لبساطتها وسرعتها مفيدة وفعالة في استخﻼص ا لديون التي ﻻ تحتاج إلى تحقيق كامل لثبوتها بالكتابة . وحسب التجربة، فان اكثر المقاﻻت المقدمة في اطارها قد قبلت من طرف ا لقضاء، ومرد ذلك إلى ان المشرع قد قيد استعمالها بشروط شكلية وموضوعية، قدر انها كافية لحماية حقوق المدين، ولجعل الق اضي اكثر اطمئنانا لما يصدره من اوامر في نطاقها .
وسنتناول بعض جوانب هذا الموضوع من خﻼل العناوين التالية : ـ طبيعة اﻻمر باﻻداء ـ شروطه الموضوعية، ـ شروطه الشكلية، ـ تبليغ اﻻمر باﻻداء .
طبيعة اﻻمر باﻻداء ان المشرع المغربي قد نظم اﻻوامر المبنية على طلب باعتبارها المثال النموذجي لﻼوامر الوﻻئية، فنص في الفصل 148 ﻣﻦ ق م م على ان هذه اﻻوامر تبنى على مجرد طلبات يخص النظر فيها رئيس ا لمحكمة اﻻبتدائية وتصدر في غيبة اﻷطراف دون حضور كاتب الضبط .
ويبدو ان مﻼمح هذا النظام تكاد تكون مطابقة لما استقر عليه الفقه م ن ان اﻻوامر الوﻻئية ـ عموما ـ تطلب ” بعريضة ” يختص بالبت فيها قاض منفرد باعتباره مكلفا بمهام، وتصدر في غيبة اﻷط راف على شكل امر غير معلل . اما اﻻوامر باﻻداء وان كانت بدورها تخضع لنظام يشبه في شكله العام نظام اﻻوامر الوﻻئية خاصة من حيث صدورها في غيبة اﻷطراف واتخاذها شكل اﻻمر، فان هذا التشابه ـ مع ذلك ـ ﻻ يقط ع في الدﻻلة على تشابه في طبيعة العملية كذلك، بل ان البحث يؤكد على وجود اختﻼفات بينهما، نشير إلى بعضها فيما يلي :
اختﻼف مبررات الغيبة ان ” الغيبة في اﻻوامر باﻻداء تجد مبرراتها في صرامة الشكليات والشروط ا لﻼزمة ﻻستصدارها واصدارها، وفي التاكيد ـ نصا ـ على ان مجرد ظهور أي اغفال أو اخﻼل في طلبها يؤدي إلى رفضها ب امر معلل واحالة الطالب على المحكمة المختصة تبعا لﻼجراأت العادية، دون ـ حتى تنبيه ـ قبل ذلك ـ إلى البيانات غير التامة أو التي وقع اغفالها في طلبه طبقا لما ينص عليه الفصل 132 من ق م م ودون مراعاة لمقتضيات الفقرة اﻻخيرة من الفصل 49 من ق م م التي توصي القاضي بعدم قبول حاﻻت البطﻼن واﻻخﻼﻻت الشكلية والمسطرية اﻻ إذا كانت مصالح الطرف قد تضررت فعﻼ كما لو ان الضرر فيها مفترض أو حتى له عﻼقة بالنظام العام .
ولذلك فان المشرع وان كان قد غيب المدعى عليه في هذه المسطرة اﻻ انه قد اشترط ما يكفي من الشروط لحماية حقوق في غيابه . اما الغيبة في اﻻوامر الوﻻئية فتجد مبرراتها . أوﻻ : في النص عليها صراحة ـ الفصل 148 من ق م م …” . ويصدرون اﻻمر في غيبة اﻷطراف دون حضور كاتب الضبط “…. وثانيا : في الطبيعة اﻻستعجالية ـ الوقتية ـ لتلك اﻻوامر نفسها وعدم إضراره ا بحقوق اﻷطراف وامكانية الرجوع إليهم في حالة وجود صعوبة ـ الفصل 148 من ق م م .
اختﻼف ماهية الشكل إذا كان العمل الصادر في اطار مسطرة اﻻمر باﻻداء ياخذ شكل اﻻمر م ثله مثل العمل الوﻻئي، فان اتخاذه لذلك الشكل ﻻ يعني انه عمل وﻻئي من حيث طبيعته بل ان صدوره ـ فقط ـ ضمن نفس اﻹجراأت التي تصدر في اطار اﻻوامر الوﻻئية ـ عموما ـ هو ما فرض عليه اتخاذ ذلك الشكل .
اختﻼفات اخرى ثم ان طلبات اﻻوامر الوﻻئية تقدم في شكل عريضة، واﻻوامر الصادرة ب ناء عليها، ﻻ تكون قابلة لﻼستئناف اﻻ في حالة
الرفض وتنفذ بمحضر يمكن تبليغه إلى كل من يعنيه اﻻمر بناء على طلب ا لطرف الملتمس لﻼجراء . اما طلبات اﻻمر باﻻداء فتقدم ـ كسائر الدعاوى ـ بمقال مكتوب يتضمن بيانات خاصة ويرفق بمستندات خاصة كذلك واﻻوامر الصادرة بناء عليها ﻻ تقبل اﻻستئناف في حالة الرفض ـ عكس اﻻوامر الوﻻئية كما انها ﻻ تبلغ اﻻ إذا كانت موافقة للطلب .
اﻻمر باﻻداء عمل قضائي لئن كان الراي حول طبيعة اﻻمر باﻻداء ﻻ يسير في اتجاه واحد اذ هنا ك من يعتبره عمﻼ قضائيا وهناك من يعتبره عمﻼ وﻻئيا، فان غالبية الشراح يعتبرونه عمﻼ قضائيا ” اذ يتضمن قضاء فاصﻼ في خصومه ويصدر في موضوع دعوى رفعت باﻻجراأت التي رسمها القانون لهذه الدعوى ” امينة النمر، اوامر اﻻداء، طبعة 2 ، سنة 1975 ، صفحة 38 . وفي بحثه عن طبيعة هذه اﻻوامر اكد اﻷستاذ زعيم ابراهيم انه ” : لئن كان اﻻمر باﻻداء ينبثق من إجراأت وﻻئية بحثة، فهو بمثابة حكم، وذلك متى قضى باﻻداء، ﻻنه يتضمن في هذه الحالة قضاء قط عيا بمديونية المدين الصادر ضده اﻻمر “… ﻣﺠﻠﺔ القضاء والقانون، العدد 138 ، صفحة 84 .
ويمكن زيادة في تاصيل هذا اﻻتجاه القول بان المشرع اعتبر وقائع طلب اﻻمر باﻻداء بمثابة دعوى اذ جاء في الفصل 156 من ق م م ما يلي ” : ترفع الدعوى “… وهو يعني ” : طلب تادية مبلغ مالي يتجاوز الف درهم مستحق بموجب سند أو اعتراف بدين “…
ثم انه قد خص هذه الدعوى بمسطرة حدد معالمها في الفصول من 155 إلى 165 من ق م م الواردة في القسم الرابع من ق م م تحت عنوان المساطر الخاصة باﻻستعجال ـ مسطرة اﻻمر باﻻداء . وما دامت الدعوى في احد وجوهها في الحق في الحصول على الحماية القضائ ية متى توافرت شروطها القانونية، فان العمل الذي يصدر نتيجة لمباشرتها هو عمل قضائي بعض النظر عن اﻹجراأت الم سطرية المؤطرة له . فهو عمل قضائي يصدر نتيجة خصومة قضائية خاصة في شكل خاص، الوسيط في ق انون القضاء المدني، للدكتور فتحي والي، طبعة 2 ، سنة 1981 .
واذا كان العمل القضائي في التعريف الذي نفضله ما هو اﻻ تعبير عن ار ادة القاضي تتجه إلى تقييد الخصوم برايه في ادعاأتهم ويحترم القانون هذه النية ويقيدهم فعﻼ برايه، ) وجدي راغب، النظرية العامة للعمل القضائي ( فيمكن القول بان القانون المغربي قد اعتبر اﻻمر باﻻداء من قبيل التعبير عن تلك اﻹ رادة عندما نص في الفصل 156 من ق م م على انه ” : اذ ظهر له ـ أي لرئيس المحكمة اﻻبتدائية وهو يبت في دعوى اﻻمر با ﻻداء ـ ان الدين ثابت ضمن الشروط المحددة في الفصل 155 اصدر باسفل المقال امرا بقبول الطلب قاضيا على المدين باﻻداء مع ال صوائر ” وباﻻضافة إلى صراحة هذا النص في اعتبار اﻻمر باﻻداء قضاء قطعيا الزاميا فان تنفيذه جبرا عل ى المحكوم عليه يتم بكل الطرق القانونية وخاصة بطريق الحجز على امواله المنقولة شانه في ذلك شان كل اﻻحكام اﻻلزامية ال ﻔﺼﻞ 160 من ق م م كما انه ـ أي اﻻمر باﻻداء ـ يكتسب حجية الشيء المحكوم به بين اطرافه فﻼ يجوز لهم طرح نفس الموضوع بنفس السبب على القضاء مجددا وإﻻ كانت الدعوى غير مقبولة، مع التذكر بان القانون المغربي لم يرق بهذه الحجية إلى م ستوى النظام العام بحيث يمكن للقاضي اثارتها تلقائيا .
وعموما، فان طلب تادية مبلغ مالي ﻻ يمكن تقديمه اﻻ لمحكمة الموضوع طبقا لﻼجراأت المألوفة في رفع الدعاوي لتصدر فيه حكما قطعيا ملزما ﻻطرافه، غير ان اﻻلتجاء إلى المحكمة بما تقتض يه مسطرتها من بحث وتحقيق قد يبدو مضيعة للوقت في بعض الحاﻻت خاصة متى كان المبلغ المطلوب مستحقا بموجب سند أو اعت راف بدين لذلك ارتأى المشرع ان يفرد لمثل هذا الطلب مسطرة خاصة، سماها مسطرة اﻻمر باﻻداء واختار لها شكل اﻻ وامر الوﻻئية نظرا لسهولتها وسرعتها .
كما احتفظ لها ـ في نفس الوقت ـ ببعض احكام المسطرة العادية كافتتاحه ا بمقال ـ ﻻ بعريضة فقط ـ وانتهائها بحكم قطعي الزامي ولو في شكل امر .
الشروط الموضوعية شروط الدين سبب المطالبة باﻻمر اشترط الفصل 155 من ق م م ﻻجراء مسطرة اﻻمر باﻻداء، ان يكون الدين موضوع المطالب ة، مبلغا ماليا يتجاوز الف درهم، مستحق اﻻداء وثابتا بالكتابة .
شرط النقدية ليست كل الديون قابلة ﻻن تكون موضوع مسطرة اﻻمر باﻻداء ـ بل ﻻ بد ان يكون محل التزام المدين بها دفع مبلغ من النقود، على اعتبار ان الديون النقدية ﻻ تثير مبدئيا أي نزاع بين اطرافها اذ غالبا ما تكون ثابتة بسند . اما إذا كان الدين عبارة عن التزام باعطاء شيء أو القيام بعمل أو با ﻻمتناع عن عمل فﻼ يمكن أن تجرى بشان الوفاء به مسطرة اﻻمر باﻻداء .
وفي حالة تعدد التزامات المدين بان كان بعضها دينا نقديا وبعضها اﻻخ ر ليس كذلك فان للدائن ان يلتجئ إلى مسطرة اﻻمر باﻻداء فيما يخص الدين النقدي إذا كان مستقﻼ بذاته، ويراجع محكمة ا لموضوع عن طريق دعوى عادية في غيره من اﻻلتزامات اﻻخرى غير النقدية .
واذا كان الدين النقدي نفسه مرتبطا بالتزامات اخرى فليس أمام الدائن اﻻ المسطرة العادية للمطالبة بحقوقه النقدية وغيرها سواء كان هذا اﻻرتباط قابﻼ للتجزئة أو غير قابل لها ﻻحتمال المناز عة في وجوب اﻻداء .
شرط تعيين المقدار يجب ان يكون الدين النقدي معين المقدار كما تؤكد على ذلك قواعد قانون المدين ـ الفصل 58 من ق م م ـ كما يستفاد من عبارة ” البيان الدقيق للمبلغ المطلوب ” الواردة في الفصل 156 من ق م م وتعيين المقدار ﻻ بد منه لمعرفة ما اذا كان الدين قد بلغ الحد المشروط ﻻمكان اجراء مسطرة اﻻمر باﻻداء وهو الف درهم عﻼوة ع لى انه ينفي احتمال المنازعة في الدين المطلوب، ولذلك فالمفروض ان يكون كذلك قائما على أساس ثابت تضيق معه سلطة القا ضي في التقدير، فالدين الناشئ مثﻼ عن حساب جار ﻻ يمكن ان تجري بشانه مسطرة اﻻمر باﻻداء لكونه غير معين المقد ار ويحتاج إلى تحقيق كامل من طرف القضاء وهو ما يتنافى مع بساطة وسرعة هذه المسطرة .
ﻻ اهمية لمصدر الدين ونوعه لم يشترط القانون لطلب تادية مبلغ مالي في اطار مسطرة اﻻمر باﻻداء ان يكون المبلغ المطلوب ناشئ عن مصدر معين بذاته ـ العقد مثﻼ ـ بل يكفي ان يكون المبلغ المطلوب مستحق اﻻداء بموجب سند أو اعتراف بدين أي ان يكون ثابتا بسند كتابي ايا كان أساس التزام المدين به سواء كان عقدا أو غيره من مصادر اﻻلتزام اﻻخ رى . كما ان المشرع لم يشترط ان يكون الدين مدنيا أو تجاريا فالفصل 155 من ق م م حين نص على امكانية سلوك مسطرة اﻻمر باﻻداء لم يستلزم ﻻ اﻻشارة الى نوع الدين وﻻ إلى اثباته ـ أي الن وع ـ وعليه فان نظام اﻻمر باﻻداء يشمل كل طلب تادية مبلغ مالي كيفما كان نوعه دون اعتبار لما إذا كان المبلغ المطلوب دينا تجا ريا أو مدنيا، ولكلمة ” ﻛﻞ ” الواردة في النص دﻻلتها في هذا اﻻتجاه .
كون الدين مستحقا ويجب حسب المنصوص عليه في الفصل 155 من ق م م ان يكون المبلغ المالي المطلوب مستحقا أي اﻻ يكون معلقا ع ﻠﻰ شرط واقف أو مضافا إلى اجل واقف . ذلك ان الدائن في هذه الحاﻻت ﻻ يستطيع اجبار مدينه على اﻻداء اﻻ إذا تحقق الشرط أو حل اﻻجل أو سقط أو وقع التنازل عنه . اما إذا كان معلقا على شرط فاسخ أو مقترنا باجل فاسخ ففي استطاعة الد ائن اﻻلتجاء إلى مسطرة اﻻمر باﻻداء ﻻقتضاء حقه لكون الدين في هذه الحاﻻت حاﻻ وواجب اﻻداء .
شرط اﻻثبات بالكتابة يمكن استخﻼص وجود هذا الشرط مما ورد في نص الفصلين 155 و 156 من ق م م من الفاظ وعبارات مثل ” السند ” ” اعتراف بدين ” ، ” موجب الطلب ” ” السند الذي يثبت صحة الدين ” وهو شرط فرضته ـ على ما يبدو ـ طبيعة المسطرة لما تتميز به من بساطة وسرعة في استخﻼص الديون الشيء الذي يقتضي في مقاب ل ذلك نوعا من التشدد في اثبات تلك الديون حفاظا على حقوق المدين ” الغائب ” والكتابة ـ الموقع عليها من طرف المدين ـ اقوى مراتب اﻻثبات فعن طر يقها يتاكد وجود الدين ومقداره كما تضعف معها احتماﻻت المنازعة فيه، ومادام ان استصد ار اﻻمر باﻻداء يقتضي وجود دين متمثل في مبلغ مالي يتجاوز الف درهم، معين المقدار، فان الكتابة يجب ان تقطع في كل ذلك، واذا تعلق اﻻمر بالتزام معلق على شرط أو مضاف إلى اجل فيجب على الدائن ان يضيف إلى سنده الكتابي ما يثبت تحقق الشرط أو حلول اﻻجل أو سقوطه أو تنازل المدين عنه .
اما إذا تعلق اﻻمر بالتزام مقابل ـ العقود الملزمة للجانبين ـ فيجب على الدائن اثبات تنفيذ ما التزم به أوﻻ طبقا لما ينص عليه الفصل 234 من ق م م واذا تبين من ظاهر تلك الكتابة ـ عموما ـ ان الدين قد يكون محل نزاع بين اطرافه كما إذا احتاج إلى ندب خبير في الحسابات أو كانت الكتابة نفسها ناقصة في اﻻثبات أو انه ا في حاجة إلى اداء اليمين أو إلى تعزيزها بالقرائن امتنع على القاضي اصدار اﻻمر باﻻداء .
توافر مقتضيات الفصل 175 من ق م م وحسب النصوص عليها في الفصل 157 من ق م م فانه من غير الجائز اصدار امر باﻻداء إذا كان من الواجب تبلغه إلى الخارج أو إذا لم يكن للمدين موطن معروف بتراب المملكة .
الشروط الشكلية
طلب اﻻمر باﻻداء يقدم في شكل مقال بخﻼف العديد من التشريعات العربية التي اخذت قوانينها بالعريضة كشكل لطلب اﻻمر باﻻداء، فان المشرع المغربي قد اختار ـ شكل المقال ـ فبعد النص على امكانية اجراء مسطرة اﻻمر باﻻداء كل طلب تادية مبلغ مالي ـ الفصل 155 من ق م م ـ احال ـ فيما يخص شكل هذا الطلب ـ على الشروط المشار إليها في القسم الثالث م ن قانون المسطرة المدنية ـ الفصل 156 من ق م م .
والدعوى حسب فصول هذا القسم ـ خاصة الفصل 31 ترفع بمقال مكتوب، عﻼوة على ان الفصل 156 من فقرته الثانية وهو بصدد تحديد مضمنات طلب اﻻمر استعمل لفظة … ” : المقال “.. كما ان هذا اﻻختيار يتاكد من خﻼل عبارات ” : يختص … بالبت في مقاﻻت اﻻمر باﻻداء …. و … ” اصدر باسفل المقال ” … وتسجل المقاﻻت “… ، الواردة في الفصلين 158 و 159 من ق م م . هذا وقد اعتبر اﻷستاذ ابراهيم زعيم تقديم الطلب في صورة مقال مكتوب شرطا شكليا لممارسة مسطرة اﻻمر باﻷداء ء مسطرة اﻻمر باﻻداء في القانون المغربي، مجلة القضاء والقانون، العدد 138 ص ، 74 و 75 .
وبالرغم من ذلك فيبدو من خل البيانات الواجبة سواء في العرائض حسب ال تشريعات التي اخذت بهذا الشكل تقديم طلبات اﻻمر باﻻداء أو في المقاﻻت حسب التشريع المغربي ان اﻻمر ﻻ يعدو ان يك ون اختﻼفا في التسمية ﻻ اكثر وﻻ اقل، ذلك ان القانون المغربي يشترط تضمين مقاﻻت اﻻمر باﻻداء اﻻسم العائلي والشخصي ومه نة وموطن اﻷطراف مع البيان الدقيق للمبلغ المطلوب، وان تكون موقعة بطبيعة الحال .
والمستفاد ـ كذلك ـ من نص المادة 203 من قانون المرافعات المصري والمادتين 780 و 782 ليبي والمادة 175 كويتي، والمادة 175 جزائري ان العريضة يجب ان تشتمل على وقائع الطلب وأسانيده واسم المد ين كامﻼ ومحل اقامته وكذا التعريف بالدائن ـ حسب الفقه ـ والمبلغ المطلوب مع اداء الرسم كامﻼ . وهي تقريبا نفس البيانات المتطلبة في مقاﻻت اﻻمر باﻻداء حسب المذكور أعﻼه بالنسبة للقانون المغربي .
ومع ذلك فان اختيار المشرع المغربي، شكل المقال، لتقديم طلبات اﻻمر باﻻداء اقرب إلى طبيعة هذه اﻻوامر منها إلى طبيعة اﻻوامر اﻻخرى التي تصدر بناء على مجرد طلب أو عريضة كما سبق بيانه .
وجوب اﻻستعانة بمحام لتقديم مقاﻻت اﻻمر باﻻداء إذا كان كل من ظهير 20 / 1 / 1951 وظهير 27 يوليوز 1970 قد نص على ان المدعي في طلبات اﻻمر باﻻداء غير ملزم باﻻستعانة بمحام . واذا كانت فصول المسطرة المدنية ـ لسنة 1974 ـ قد الغت ذلك المقتضى بتنظيمها لنفس موضوع الظهيرين المذكورين دون اﻻشارة إليه .
فهل معنى ذلك، ان اﻻستعانة بمحام في تقديم مقاﻻت اﻻمر باﻻداء اصب حت امرا ﻻزما ؟ يرى البعض عن حق ـ اﻷستاذ ابراهيم زعيم ـ ان الجواب عن هذا السؤال ب اﻻيجاب يتعارض مع قانون المهنة رقم : 19 ء 79 ـ قديم ـ المنظم لنقابات المحامين ومزاولة مهنة المحاماة الذي ﻻ يستوج ب توكيل المحامي اﻻ حين تكون المسطرة كتابية ومسطرة اﻻمر باﻻداء ﻻ تتصور فيها المحامي اﻻ حين تكون المسطرة ال كتابية التي تقتض تبادل المذكرات بل هي تمارس في غيبة الخصم وبدون مرافعة : ﻓﺎﻟﻔﺼﻞ 34 من قانون المهنة المذكور ينص على ما يلي ” : تقدم وجوبا وبواسطة محام المقاﻻت والمذكرات الدفاعية وبوجه عام كل المستنتجات في جميع القضايا باستثنا ء القضايا الجنائية كلما كانت المسطرة كتابية بمقتضى القانون ” ، مجلة القضاء والقانون، العدد 138 ص ، . 76 .
اﻻ ان هذا الراي اصبح محل نظر بعد صدور القانون الجديد المنظم لمهنة المحاماة ـ القانون رقم 1.93.162 بتاريخ 10 / 9 / 93 وبعد العديد من التغييرات التي ادخلت على قانون المسطرة المدنية ـ ال ظهير رقم 1.93.206 بتاريخ 10 / 9 / 93 . فالمادة 31 من القانون الجديد للمهنة تنص على ان المحامين هم وحدهم المؤهلون لت قديم المقاﻻت في جميع القضايا باستثناء بعض القضايا المشار إليها حصرا في نفس النص .
وبطبيعة الحال، فان مقاﻻت اﻻمر باﻻداء تدخل ضمن المقاﻻت المشار إ ليها في هذا النص وﻻ يمكن استثناؤها منها، خاصة وان المشرع المغربي قد اختار شكل المقال لتقديم طلبات اﻻمر باﻻداء كما سبقت اﻻشارة إلى ذلك . كما ان هذه المادة ـ المادة 31 من القانون الجديد للمهنة لم تشترط المسطرة الكتابية لوجوب تقديم ال مقاﻻت بواسطة المحامي كما كان اﻻمر في ظل الفصل 34 ) القانون الملغى القانون رقم 19.79 .(
ثم ان المسطرة الكتابية اصبحت تطبق ـ كمبدا ـ على جميع القضايا المعر وضة على المحاكم اﻻبتدائية باستثناء البعض منها كما هو صريح الفصل 45 من ق م م المعدل مؤخرا : تطبق اوامر المحاكم اﻻبتدائية قواعد المسطرة الكتابية …. غير ان المسطرة تكون شفوية في القضايا التالية :
ء القضايا التي تختص المحاكم اﻻبتدائية فيها ابتدائيا وانتهائيا . ـ قضايا النفقة، ـ القضايا اﻻجتماعية، ـ قضايا استيفاء ومراجعة وجيبة الكراء، ـ قضاء الحالة المدنية .
وعلى اية حالة فمسالة اﻻستعانة بمحام تبدو كتوجه فرضته مجموعة من ال عوامل السياسية واﻻقتصادية والمجتمعية، وﻻ عﻼقة لها بطبيعة المسطرة هل هي كتابية ام شفوية، وبالتالي فتقريرها يحتاج إلى نص تشريعي ﻻ إلى تبرير فقهي . ويظهر من قراءة النصوص الجديدة لقانون مهنة المحاماة والتعديﻼت التي ادخلت على بعض فصول المسطرة المدنية لسنة 1974 ، ان موقف المشرع من هذه المسالة اصبح واضحا في اتجاه اطﻼق اﻻستع انة بالمحامي في جميع المساطر القضائية .
فباﻹضافة إلى المادة 31 من قانون المهنة ـ الجديد ـ التي اعترفت للمحامين وحدهم باهلية تق ديم المقاﻻت واﻻستنتاجات والمذكرات الدفاعية في جميع القضايا باستثناء القليل منها : القضايا الجنائية القضائية اﻻنتهائية، قضايا النفقة ابتدائيا، واستئنافيا .
فان المادة 32 من نفس القانون قد ضيقت من مجال الترخيص لغير المحامي بمباشرة المسط رة بنفسه أو بواسطة غيره من المشار إليه في الفصل 32 من ق م م بان جعلته مقصورا على المحاكم اﻻبتدائية التي ﻻ يستقر ب دائرتها القضائية عدد كاف من المحامين ـ دون محاكم اﻻستئناف .
كما انها ضيقت حتى من امكانية منحه ـ الترخيص ـ باشتراطها توفر الكف اءة الﻼزمة في طالبه . ثم ان المادة الثانية من الظهير المحدث للمحاكم اﻹدارية قد اشترطت ب دورها في مقال الدعوى ان يكون مكتوبا وموقعا عليه من طرف محام مسجل في جدول هيئة من هيئات المغرب .
وعلى العموم، فانه من الصعب عمليا تحريك القاضي بغير المكتوب وحتى ام كانية رفع الدعوى أمام المحاكم اﻻبتدائية بتصريح شخصي شفوي يحرر به محضر فانه نادرا ما يقع اللجوء إليها، هذا ان لم نقل انها الغيت بعدم استعمالها، عﻼوة على ان المشرع لم يسمح بها في رفع دعوى اﻻمر باﻻداء كما يستخلص من الفص ول المنظمة لهذه المسطرة، واذا كان ﻻ بد من تبرير هذا التشريع أو لهذا التوجه فان المحامي رجل متخصص ومسؤول، يتم تع بمعرفة قانونية وكفاءة وخبرة قلما تتوفر في غيره، خاصة في المجال المسطري واﻻجرائي المتضخم باستمرار، ثم ان حضو ر الخصوم بانفسهم أمام القضاء يدخل في القضية سلوكا عاطفيا قد يضر بالسير المنتظم للوظيفة القضائية الدكتور فتحي والي الوسيط في قانون القضاء المدني، ص 369 ، الطبعة الثانية لسنة 1981 . وهكذا فان اﻻستعانة بمحام لتقديم مقاﻻت اﻻمر باﻻداء ـ موضوع هذه العجالة اصبحت ﻻزمة في ظل التشريعات المسطرية الجديدة التي تنزع ـ على ما يظهر ـ إ لى تحديث طرق اﻻلتجاء إلى القضاء توفيرا للجهد والوقت وتحسينا لﻼداء كذلك .
تضمينات مقال اﻻمر باﻻداء ومرفقاته تقدم طلبات اﻻمر باﻻداء، ء في القانون المغربي ـ في شكل مقال مكتوب وموقع عليه كما سبق بيانه . واذا كانت الشروط المحالة عليها بمقتضى الفصل 156 من ق م م تجيز رفع الدعاوي عموما اما بمقال مكتوب أو بتصريح شفوي، فان كل الفصول اﻻخرى المنظمة لمسطرة اﻻمر باﻻداء ﻻ تسمح به ذا الخيار خاصة الفصل 159 الذي ينص على تسجيل مقاﻻت اﻻمر باﻻداء ـ فقط ـ دون التصريحات الشفوية المنصوص ع لى تحرير محضر بها في الفصل 31 من ق م م المتعلق برفع الدعاوي إلى المحاكم اﻻبتدائية، عﻼوة على ان هذه المق اﻻت يجب ان تبلغ هي نفسها في حالة قبولها إلى المدين مع سند الدين واﻻمر باﻻداء، الفصل 161 من ق م م .
تضمينات المقال بيانات تتعلق باﻻطراف ويجب ان يتضمن المقال كل البيانات المفيدة في التعريف بالدائن والمدي ن ومهمتهما وموطنهما ويكفي لذلك ذكر اﻻسم العائلي والشخصي لكل طرف ومهنته ومحل سكناه العادي أو مركز اعماله أو مصالحه أو مركزه اﻻجتماعي إذا تعلق اﻻمر بشركة .
وبالرغم من الفصل 158 من ق م م . يبيح للسيد رئيس المحكمة اﻻبتدائية التصريح بعدم قبول طلب اﻻمر باﻻ داء إذا ظهر له ان الدين ثابت لكن ليس ضمن الشروط المشار إليها في الفصل 155 والمفصلة في الفصل 156 بعده والتي من بينها شرط التعريف باﻻطراف . فاننا نعتقد انه متى تحققت الغاية ـ أي التعريف باطراف الدعوى عن طري ق الوثائق اﻻخرى المرفقة بالمقال كسند الدين ـ فانه ﻻ مبرر للتصريح بعدم القبول .
بيانات تتعلق بالدين ويجب كذلك ان يتضمن اﻻمر باﻻداء البيان الدقيق للمبلغ المطلوب، ومو جب الطلب، ويتحقق هذا بتحديد مبلغ الدين وكيفية نشوءه وكيفية استحقاقه كذلك . اما بيان موجب الطلب أي سببه فيتحقق باﻻشارة إلى الوقائع التي تنشئ الحق في الحماية القضائية أي في الدعوى .
مرفقات المقال كما يجب ارفاق المقال بسند الدين وتعزيزه عن اﻻقتضاء بالسند المثبت لصحة ذلك الدين الفقرة اﻻخيرة من الفصل 156 ولعل المقصود بذلك اﻻدﻻء بمكتوب يثبت الوقائع القانونية غير الواردة في سند الدين نفسه كاﻻدﻻء بما يفيد ان المدين اختار الوفاء بالنقود إذا كان اﻻلزام بدليا أو تخييريا، أو ان الخيار للدائن أو ا ﻻدﻻء بما يثبت انقضاء اﻻجل الواقف أو التنازل عنه أو سقوطه أو بما يثبت تحقق الشرط الواقف متى كان اﻻلتزام معلقا على ذلك أو بم ا يفيد وفاء الدائن بالتزامه المقابل .
ويجب على الطالب ان يؤدي الرسم القضائي عن مقاله طبقا للفصل 29 من ظهير 27 / 4 / 1984 بمثابة قانون المالية لسنة 1984 .
ﻻ ضرورة لتكليف المدين باﻻداء قبل تقديم طلب اﻻمر نصت قوانين بعض الدول العربية على وجوب تكليف المدين بالوفاء قبل تقد يم عريضة اﻻمر باﻻداء المادة 202 من قانون المرافعات المصري والمادة 779 من القانون الليبي المادة 174 من القانون الكويتي . نظرا لما يحققه هذا التكليف من مزايا كتنبيه المدين إلى الوفاء بدينه قبل استصدار امر ضده وتفادي اجراأت التقاضي بما تكلفه من جهد ومال، فقد اعتبر هذا التكليف شرطا شكليا ﻻبد من تحققه ﻻمكان اصدار اﻻمر باﻻداء، وإﻻ كان اﻻمر باطﻼ يجوز التظلم منه لهذا السبب .
وبخﻼف هذه التشريعات، فان القانون المغربي، كالفرنسي والجزائري لم ي شترط مثل هذا الشرط، غير ان بعض رؤساء المحاكم اﻻبتدائية المختصين بالبت في مقاﻻت اﻻمر باﻻداء يرون ـ بالرغم من ذلك ـ انه من الضروري تعزيز طلب اﻻمر بما يفيد امتناع المدعى عليه عن اﻻداء وإﻻ كان الطلب غير مقبول لغياب النزاع بين الطرفين، مجلة المحامي، العدد 22 ﻣﻦ 43 ، 45 .
ان هذا القضاء اعتبر ـ ولو ضمنيا ـ ان اﻻنذار المسبق اجراء ضروري اذ به يثبت امتناع المدين عن اﻻداء وقيام النزاع بين الطرفين : الدائن والمدين . لكننا نعتقد ان اﻻنذار بصفة عامة ﻻ تكون له هذه الصفة : صفة الشرط الذي ﻻ بد من تحققه لقبول الدعوى اﻻ اذا نص القانون على ذلك صراحة كما في بعض الظهائر الخاصة . وفي قانون اﻻلتزامات والعقود يظهر اﻻنذار كإجراء اختياري، فقط يهدف إلى تقييد المدين باجل للوفاء بدينه اذ لم يحدد له اجل يجيز للدائن ـ في حالة عدم الوفاء ـ مطالبة مدينه اما بالوفاء عينا ا ن كان ممكنا أو بفسخ اﻻلتزام مع التعويض في الحالتين وﻻ شيء يمنع الدائن من اقامة دعواه هذه بدون انذار مسبق .
ثم ان قانون المسطرة المدنية ﻻ يتضمن أي نص يوجب على المدعى قبل رفع دعواه، انذار مدينه بالوفاء بالتزاماته بل ان الفصل اﻷول من هذا القانون وهو النص اﻻساسي في تحديد شروط قبول الد عوى ـ بصفة عامة ـ ﻻ يوحي بوجود أي شرط من هذا القبيل وحتى المقتضيات الخاصة التي تحكم مسطرة اﻻمر باﻻداء ﻻ تشترط مثل هذا الشرط . وكما سبق ذكره فالمشرع قد اشترط لسلوك هذه المسطرة شروطا دقيقة قدر ا نه ليس من المحتمل مع توافرها قيام اي نزاع بشان الدين المطلوب في اطارها، ثم انه اوجب الحكم على المدين، ء المستانف ـ بغرامة مدنية إذا ثبت ان استئنافه لﻼمر باﻻداء كان بقصد المماطلة والتسويف ليس اﻻ .
ومنه يظهر ان مسطرة اﻻمر باﻻداء باعتبار شروطها الشكلية والموضوعية تتنافى ـ مبدئيا ـ مع وجود النزاع في الدين المطلوب، وحتى وان كان وجود النزاع شرطا لممارسة الوظيفة القضائية ” حيث ﻻ توجد منازعة، فﻼ حاجة إلى القاضي ” … قول للفقيه هريو أورده الدكتور وجدي راغب في مؤلفه النظرية العامة لل عمل القضائي ص، 43 فان هذا الشرط ﻻ مكان له في دعوى اﻻمر باﻻداء على اعتبار انها دعوى استثنائية يقوم الحق فيها ك لما تحققت شروطها القانونية وهي على ما ذكر شروط يستبعد معها احتمال وجود المنازعة في الدين المطلوب .
تبليغ اﻻمر باﻻداء
يستخلص من مقتضيات الفصلين 160 و 161 من ق م م ان اﻻمر الموافق للطلب يبلغ إلى المدعى عليه، وتشتمل وثيق ة تبليغه على نسخة من المقال وسند الدين وانذار المدين بوجوب تسديد مبلغ الدي ن والصوائر المحددة في اﻻمر مع اشعاره ـ ان كانت لدين وسائل دفاع يريد استعمالها ـ بتقديم استئنافه طبقا للقواعد المت علقة باﻻستئناف في ظرف ثمانية ايام . ويبدو جليا ان شكل هذا التبليغ يختلف عن الشكل العادي لتبليغ اﻻحكام حيث يرفق تبليغها بنسخة من الحكم ـ فقط ـ مصادق على مطابقتها لﻼصل بصفة قانونية ـ الفصل 54 من ق م م .
ونعتقد ان تبليغ اﻻمر باﻻداء بهذا الشكل يؤكد ـ ان كان اﻻمر في حا جة إلى تاكيد ـ على انفراد مسطرة اﻻمر باﻻداء باحكام خاصة، وبالرغم من وضوح الفصلين المذكورين 160 و 161 من ق م م في تحديدهما لشكل ومشتمﻼت ذلك التبليغ، فان الراي قد اختلف في طبيعته وفي اﻻثر الذي يمكن ان يترتب عن عدم احترامه، فف ي قرار له اعتبر المجلس اﻻعلى، ان ليس من المنطق ان يبلغ الى الخصم سند الدين لما في ذلك من تعرضه للضياع، ولي س في الفصل 161 المحتج به ما يقتضي ذلك، وانما يوجب ان تشتمل وثيقة التبليغ على ملخص المقال وعلى مجرد التعريف بسند الدين كمبيالة أو فاتورة قرار 2431 بتاريخ 29 / 10 / 1986 منشور بمجلة قضاء المجلس اﻻعلى، العدد 41 ﻧﻮﻧﺒﺮ 1988 ص . 18 و 19 .
وفي قرار اخر ﻻحظت محكمة اﻻستئناف بالدار البيضاء ان الفصل 161 المذكور لم يترتب أي جزاء في حالة عدم ارفاق السند، قرار عدد 995 بتاريخ 14 / 4 / 1987 منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 55 ، ماي يونيو 1988 ص 112 الى 121 .
وفي قراره رقم 2738 المنشور بمجلة قضاء المجلس اﻷعلى عدد 45 ﻧﻮﻧﺒﺮ 1991 ص 29 و 30 لم يكتف المجلس اﻻعلى بنقض القرار المطعون فيه لعدم جوابه على ما اثاره المستانف من انه لم يتوصل ﻻ بنسخة من مقال الدعوى وﻻ بسند الدين، وانما تصدى للمسالة وقضى باعتبار اﻻمر باﻻداء كان لم يكن ما دام ا ن مقتضيات الفصلين 159 و 131 لم تحترم .
من اﻻكيد ان اﻻشكال التي اختارها المشرع لعمل معين سواء كان استدعا ء أو تبليغا أو تنبيها أو غيره يجب ان تحترم من طرف جميع المخاطبين ـ طبعا ـ مع استحضار مقتضيات الفصل 49 من ق م م التي ﻻ تسمح بقبول الدفع بعدم احترام الشكل القانوني اﻻ إذا كانت مصالح الطرف قد تضررت فعﻼ من ذلك .
لكن ـ المﻼحظة ـ ان القرار 2431 المشار إليه أعﻼه اعتمد لتبرير عدم احترام الشكل القانوني لتبليغ ا مر باﻻداء منطق الواقع، الخوف من ضياع السند، بالرغم من تعارض هذا المنطق مع نص الفصل 161 ” تشتمل وثيقة التبليغ على نسخة من المقال وسند الدين ” … الذي ما هو اﻻ صياغة قانونية لمنطق قد يكون بدوره واقعيا . وفي هذا الصدد نعتقد ان خصوصية تبليغ اﻻمر باﻷداء بالشكل الذي اخت اره المشرع تجد مبرراتها في جملة من اﻻفكار نخص بالذكر منها :
1 . من الثابت ان المشرع قد غيب المدعى عليه في مسطرة اﻻمر باﻻداء وحرم ه من حق التواجهية والتقاضي على درجتين . 2 . ثم ان المشرع الزم المدين المحكوم عليه باﻻداء في حالة ما إذا اراد استعمال وسائل دفاعه بتقديم استئنافه طبقا للقواعد المقررة في القسم الثالث من ق م م .
وبالرجوع إلى هذه القواعد يتبين ان الفصل 142 من ق م م يوجب تضمين المقال اﻻستئنافي : موضوع الطلب والوقائع والوسائل المثارة وارفاقه بالمستندات التي يريد الطاعن استعمالها زيا دة على البيانات المتعلقة خاصة بالمستانف عليه . ولم يفت اﻻجتهاد القضائي ان يؤكد بان الشروط الواجب توافرها في المق ال اﻻستئنافي هي واحدة بالنسبة لﻼمر باﻻداء وبالنسبة لغيره طبقا للفصل 142 المذكور، قرار المجلس اﻻعلى عدد 621 بتاريخ 6 / 3 / 1991 ، مجلة قضاء المجلس اﻻعلى، العدد 56 ﻧﻮﻧﺒﺮ 1991 ص ، 32 . 33 ، 34 ، 35 .
3 . بل اﻻكثر من ذلك فان عدم جدية استئناف اﻻمر باﻻداء بان كان القصد منه مجرد المماطلة والتسويف قد يؤدى الحكم على المستانف بغرامة مدنية ﻻ تقل عن عشرة في المائة في مبلغ الدين حسب ا لمنصوص عليه في الفصل 164 من ق م م .
4 . ثم ان اﻻمر باﻻداء ﻻ يعلل وهو في نفس الوقت قابل لﻼستئناف ضمن ال شروط المشار إليها أعﻼه وتحت رعب الغرامة المدنية فكيف يمكن المستانف مثل هذا اﻻمر ان يحترم كل تلك الشروط و ان يتفادى الحكم عليه بالغرامة والحل ان اﻻمر قد صدر في غيبته، وليس بين يديه ما يساعده على تحديد موقفه منه سوى ذلك اﻻمر غير المعلل . لذلك نرى ان المشرع تقديرا منه لصعوبة هذه الحالة قد ابتدع شكﻼ خاصا لتبليغ اﻻمر باﻻداء تشتمل وثيقته ـ اضافة إلى اﻻمر نفسه ـ على نسخة من مقال الدعوى وسند الدين .
ولعل في هذا الشكل الخاص ما ينفس على المحكوم عليه باﻻداء الذي حرمه المشرع نفسه من حقه الحضور والتقاضي على درجتين ” ، اذ من شانه ان يساعده على : أ ـ اختيار احد الموقفين : اما اداء المبلغ المحكوم به داخل اجل ثمانية ايام، واما استئناف اﻻم ر المبلغ أي إذا كانت لديه وسائل دفاع يريد استعمالها سواء فيما يخص اﻻختصاص أو الموضوع . ب ـ كما سيساعده ﻻ محالة على تقديم استئنافه ـ ان اختار ذلك ـ والوق ائع والوسائل المثارة وكذا البيانات المتعلقة بطالب اﻻمر .
ج ـ ثم ان اﻻمر باﻻداء في حد ذاته ﻻ يعلل كما سبق ذكره، وبذلك فان اﻻقتصاد على تبليغه وحده دون بقية الوثائق اﻻخرى ـ المقال وسند الدين ـ ﻻ يمكن المحكوم عليه من تحديد وسائل دفاعه في المرحلة اﻻستئنافية تحديدا جادا ومسؤوﻻ ـ نذكر بالغرامة المدنية . واذا كان الفقه قد اعتبر مقال الدعوى وسند الدين بمثابة تعليل لﻼمر باﻻداء، فان تبليغ هاتين الوثيقتين يصبح ﻻزما، وإﻻ كان اﻻمر نفسه باطﻼ باعتباره عمﻼ قضائيا ملزما ﻻطرافه ـ حكم ـ ﻻ بد من تعليله ولو عن طريق ارفاقه بالوثيقتين المذكورتين .
ومن هنا نرى ان المجلس اﻷعلى كان على حق عندما اعتبر اﻻمر باﻻداء لم يكن قائما على أساس … وكان لم يكن ما دام ان مقتضيات الفصلين 159 و 161 من ق م م لم تحترم القرار 2738 ، مجلة المجلس اﻻعلى، العدد 45 ، ص 29 ء 30 ء 31 . ذلك ان تبليغ اﻻمر باﻻداء بالصورة الواردة في الفصل 161 من ق م م عﻼوة على انه يشكل حماية للمحكوم عليه، فان مشتمﻼته تعتبر جزأ اساسيا من اﻻمر نفسه يؤدي عدم ارفاقها به إلى ب طﻼنه .
اترك تعليقاً