أولا – صدور السند عن موظف عام او مكلف بخدمة عامة :
ويقصد الموظف العام، كل شخص عهدت إليه وظيفة دائمة داخلة في الملاك الخاص بالموظفين (1). وعرفت المادة (19/2) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المكلف بخدمة عامة بأنه (كل موظف او مستخدم او عامل نيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لها او الموضوعة تحت رقابتها ويشمل ذلك رئيس الوزراء ونوابه والوزراء واعضاء المجالس النيابية والادارية والبلدية كما يشمل المحكمين والخبراء ووكلاء الدائنين (السنديكيين) والمصفين والحراس القضائيين واعضاء مجالس ادارة ومديري ومستخدمي المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت التي تساهم الحكومة او احدى دوائرها الرسمية او شبه الرسمية في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت، وعلى العموم كل من يقوم بخدمة عامة باجر او بغير اجر (2)، ولا تزول الصفة الرسمية عن الموظف اذا كان قد عين بشكل يخالف احكام القانون، كأن يكون فاقدا لشرط من شروط التعيين، فمثل هذا النقض لا يؤثر على رسمية السند، فيبقى محتفظا بصفته الرسمية حتى وان لم تكن شروط تعيينه مستكملة (3). واذا انتهت خدمة الموظف بالفصل او العزل او الاستقالة او التقاعد، وقام بكتابة سند بعد تبليغه بقرار انتهاء خدمته، فيعد السند باطلا لا قيمة له، لانه فقد ولايته في القيام بواجباته الرسمية، واذا كان السند قد وقع عليه اصحاب العلاقة فيعد سندا عاديا، اما السند الصادر في الفترة الفاصلة بين صدور قرار انتهاء خدمته وبين تبليغه به فيعد صحيحا الا اذا قام الدليل على سوء نيته (4). ويشترط ان يتم تبليغ الموظف بقرار انهاء خدمته بشكل اصولي ووفق الطرق المقررة قانونا، وبخلافه فان علمه بالقرار عن طريق الاذاعة او الصحف لا يكفي .. ويبقى السند الذي حرره صحيحا خاصة اذا كان ذوو العلاقة حسني النية لا يعلمون بذلك (5). فالمهم ان لا يكون هناك سوء نية سواء من الموظف العام او من ذوي العلاقة، لان سوء النية يبطل السند. ولا يشترط لرسمية السند ان يحرره الموظف العام او المكلف بخدمة عامة، بخط يده، ولكنه يلزم ان يصدره باسمه ويوقعه بامضائه (6).
ثانيا – صدور السند الرسمي في حدود اختصاص الموظف العام او المكلف بخدمة عامة.
يشترك الاضفاء صفة الرسمية على السند ان يصدر من الموظف العام او المكلف بخدمة عامة في حدود اختصاصه وبهذا قضت المادة (21 / أولا) من قانون الاثبات، والاختصاص قد يكون موضوعيا او مكانيا او زمانيا :
1.الاختصاص الموضوعي : يختص كل موظف عام بنوع من تحرير السندات الرسمية، فالكاتب العدل يختص بتنظيم وتوثيق التصرفات القانونية كافة الا ما استثني بنص خاص (7)، ويختص بتسجيل المكائن (8) . وتصديق الوكالة بالخصومة (9) وتسلم بدل الايجار (10). وتوثيق عقد الشركة البسيطة (19) وتصديق الدفاتر التجارية للتاجر الذي لا يقل رأس ماله عن ثلاثين ألف دينار (11). كما أن موظف التسجيل العقاري يختص بتسجيل التصرفات العقارية والاحكام القضائية الحائزة درجة البتات وما في حكمها الواردة على الحقوق العقارية الاصلية والتبعية وانتقال هذه الحقوق الى الخلف العام (12). فاذا قام الكاتب العدل بتوثيق التصرفات العقارية، فلا قيمة لهذا التوثيق، وكذلك اذا قام موظف التسجيل العقاري بتسجيل بيع المكائن كان تسجيله باطلا ولا قيمة له. وقد ترد قيود على اختصاصات الموظف العام في تحرير أنواع محددة من السندات، وبذلك لا يجوز له تحريرها كما هي الحال بالنسبة للكاتب العدل، فقد قيد قانون الكاتب العدول رقم (33) لسنة 1998 المعدل اختصاصاته على النحو الآتي :-
أ- لا يجوز للكاتب العدل تنظيم أو توثيق السندات التي له او لزوجته او لصهره او لقريبه لغاية الدرجة الثالثة علاقة بها او انتخاب احد هؤلاء كمعرف او خبير او شاهد او مترجم (13).
ب. لا يجوز للكاتب العدل تنظيم او توثيق اي سند مخالف لاحكام القانون او النظام العام او الآداب العامة (14).
ج. لا يجوز للكاتب العدل تنظيم او توثيق التصرفات العقارية بصورة مباشرة او غير مباشرة او اي تصرف يفرض القانون لانعقاده شكلا معينا (15) كقيام الكاتب العدل بتوثيق عقد رهن او بيع او هبة على عقار ما، فلا يعتقد بهذا التوثيق .. ويعد العقد باطلا، لانه تجاوز حدود اختصاصه (16).
ويذكر ان المادة (65 / 1) من قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل اوجبت تصديق الوصية من الكاتب العدل، اذا كان الموصى به عقارا، ولكن بعد صدور قانون الكتاب العدول رقم 27 لسنة 1977، امتنع الكتاب العدول عن تصديق الوصية المذكورة وأفتى ديوان التدوين القانوني (مجلس شورى الدولة الحالية) بانه (لا مجال بعد نفاذ قانون الكتاب العدول الحالي تسجيل الوصايا التي يكون الموصى به عقارا لدى الكاتب العدل لان الفقرة (ثالثا) من المادة الحادية عشرة من القانون المذكور قد عدلت وقيدت احكام الفقرة (1) من المادة الخامسة والستين من قانون الاحوال الشخصية التي أوجبت هذا التسجيل (17). ولكن يلاحظ، من ناحية اخرى، ان للكاتب العدل توثيق الوكالة التي تمنح الوكيل حق اجراء المعاملات التصرفية المتعلقة بالعقار (18).
د. منعت الفقه (5) من قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم (63) والمؤرخ في 7/6/1994 دوائر الكتاب العدول من المصادقة على الوكالات الخاصة بنقل ملكية سيارات الصالون والانتاجية ولا تقبل الوكالات العامة او الخاصة لتسجيل اي تصرف ناقل للملكية على سيارة الصالون او الانتاجية لدى مديرية المرور العامة.
2. الاختصاص المكاني : يكون كل موظف عام مختصا بانجاز المعاملات الرسمية في الحدود الادارية لدائرته، فمدير التسجيل العقاري في الاعظمية مثلا يقوم بتسجيل التصرفات العقارية التي ترد على العقارات الواقعة ضمن الحدود الادارية لقضاء الاعظمية وليس له ذلك بالنسبة للعقارات الواقعة ضمن الحدود الادارية لقضاء الكرخ مثلا. والكاتب العدل في مدينة الموصل يختص بتسلم بدلات ايجار العقارات الواقعة ضمن مدينة الموصل وليس له تسلم بدلات ايجار العقارات ضمن حدود مدينة البصرة مثلا، وعلى هذا نصت المادة (10/3) من قانون ايجار العقار رقم 87 لسنة 1979 (اذا امتنع المؤجر عن قبض القسط المستحق من الاجرة فللمستأجر ان يودعه لدى الكاتب العدل في المدينة التي يقع فيها العقار …). ولا شك ان المقصود بتحديد اختصاص الموظف المكاني، ينصرف الى منع الموظف من مباشرة عمله خارج حدود وظيفته، اما المواطن فيحق له في حالات كثيرة مراجعة الدائرة التي يرغب في مراجعتها الا اذا كان الأمر محددا كما هو الحال بالنسبة لنص المادة (10/3) المذكورة من قانون ايجار العقار، فمثلا في حالة المصادقة على المقدرة المالية للكفيل التي نصت عليها المادة التاسعة من قانون الكتاب العدول للكفيل مراجعة اية دائرة من دوائر الكتاب العدول دون التقيد بموقع عمل او محل سكني الكفيل او المكفول او في حالة تنظيم وكالة عامة او خاصة، فيمكن مراجعة اية دائرة من دوائر الكتاب العدول بغض النظر عن محل سكنى او موقع عمل الموكل أو الوكيل.
3.الاختصاص الزماني : ويقصد به ان الموظف العام له ولاية على تحرير السندات الرسمية ولم تنته خدمته بعد في حدود أعمال دائرته بالنقل او التقاعد او الفصل او العزل او الاستقالة.
ثالثا – مراعاة الاوضاع القانونية في انشاء السند الرسمي :
يفهم من نص المادة (21 / اولا) من قانون الاثبات ان السند الرسمي يثبت فيه الموظف العام او الشخص المكلف بخدمة عامة طبقا للأوضاع القانونية وفي حدود اختصاصه ما تم على يديه او ما أدلى به ذوو الشأن في حضوره، فكل سند من السندات الرسمية له شكليات وأوضاع قانونية تنص عليها القوانين المختصة، فعلى الكاتب العدل، مثلا، ان يذكر بوضوح الاسم الثلاثي واللقب. او الشهرة ان وجد، ومحل اقامة كل من ذوي العلاقة والموقعين كل حسب صفته، في السندات التي ينظمها او يوثقها، وان يذكر تاريخ التنظيم او التوثيق بالحروف والارقام معا، ويوقعه ويختمه بالختم الرسمي (20). ولا ينظم الكاتب العدل ولا يوثق اي سند، الا بعد حضور أطراف العلاقة انفسهم، او من يقوم مقامهم قانونا أمامه، وتأكده من هوية كل منهم وأهليته وصفته وصلاحيته، ويثبت ذلك على السند. ويقوم الكاتب العدل، بقراءة السند على أطراف العلاقة وافهامهم مضمونه، وبعد موافقتهم وتوقيعهم عليه. يقوم الكاتب العدل بتصديقه وختمه بالختم الرسمي (21). وتختص دائرة التسجيل العقاري بتسجيل التصرفات العقارية (م2 من قانون التسجيل العقاري) وان هذا التسجيل يتم طبقا للأوضاع والشكليات والاجراءات المنصوص عليها في قانون التسجيل العقاري (22)، ويقصد الاجراءات الشكلية جميع الاجراءات ابتداء بالإجراءات الأولية ثم الكشف والرسوم والتسجيل في السجل العقاري وأخيرا التدقيق لغرض التثبت من سلامة الاجراءات ومطابقتها لاحكام القانون (23). وتختص دائرة مسجيل الشركات في وزارة التجارة بتسجيل المؤسسة بموجب قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997 الذي نص على اجراءات التأسيس (24).
رابعا – الجزاء المترتب على الاخلال بشروط انشاء السند الرسمي :
يفهم من نص المادة (21 / أولا) من قانون الاثبات على أنه اذا لم تستوف لسندات الشروط المستلزمة لانشائها، فلا يكون لها الا حجية السندات العادية في الاثبات .. اذا كان ذوو الشأن قد وقعوها بامضاءاتهم او ببصمات ابهامهم (25)، فاذا حرر السند من شخص ليس هو بموظف عام او موظف عام ولكنه غير مختص او موظف عام الا أنه لم يراع في تحرير السند الاوضاع القانونية المنصوص عليها في القانون وكان السند موقعا عليه من اصحاب العلاقة، فالسند لا يعد رسميا ولا تكون له حجية الا حجية السند العادي (26). ومن البيانات الجوهرية لرسمية السند، ذكر اسم الموظف العام المختص، وأسماء المتعاقدين، وتاريخ السند، وتلاوة الكاتب العدل للسند على اصحاب العلاقة، وان انعدام اي بيان من هذه البيانات، يترتب عليه بطلان رسمية السند بكليته (27) اما اغفال ذكر البيانات غير الجوهرية كعدم ترقيم صفحات السند او عدم ذكر محل اقامة او صفة اصحاب العلاقة او الشهود، فلا يؤدي الى بطلان رسمية السند (28). واذا كانت الشكلية ركنا في انعقاد التصرف القانوني كبيع العقار (م 508 مدني) او الرهن التأميني للعقار (م 1286 مدني) او الرهن الحيازي للعقار (م 132 مدني) او الرهن التأميني للعقار (م 1286 مدني) او الرهن الحيازي للعقار ( م 1324 مدني) وتبين ان هناك نقصا في الاجراءات الجوهرية الشكلية في دائرة التسجيل العقاري، فان ذلك يؤدي الى بطلان التصرف ذاته (29).
_________________________
1-المادة الثانية من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل.
2-قضت محكمة النقض المصرية ان رجال البعثات الدبلوماسية وموظفي السفارات الاجنبية لا يعدون من قبيل الموظفين العمومين او المكلفين بخدمة عامة في المعنى الوارد في قانون الاثبات، ولا تعتبر المحررات التي يصدرونها من الأوراق الرسمية. نقض 9/2/1977 الطعن رقم 123 س 43 ق أنور طلبة ص 402.
3-أحمد نشأت. رسالة الاثبات ج1 فقرة 101 ص108.
4-السنهوري. فقرة 76 ص122. مرقس. الادلة الخطية فقرة 51 ص119.
5-حسين المؤمن. ج4 ص213.
6-السنهوري. فقرة 71 ص15. عبدالمنعم فرج الصده، الاثبات في المواد المدنية، القاهرة 1953، فقرة 74 ص80.
7-المادة (11 / أولا) من قانون الكتاب العدول رقم (23) لسنة 1998.
8-قانون تسجيل المكائن رقم 31 لسنة 1939 المعدل.
9-المادة (51/1) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل
10-المادة (10/3،2) من قانون ايجار العقار رقم 87 لسنة 1979.
11-المادة (175) من قانون الشركات رقم 36 لسنة 1983.
12-المادة (12) من قانون التجارة رقم (30) لسنة 1984.
13-المادة (2) من قانون التسجيل العقاري (43) لسنة 1971. وانظر الدكتور خالد لفتة شاكر والاستاذ عبدالله غزاي سلمان، شرح قانون التسجيل العقاري، بغداد، مطابع دار الحكمة 1990 ص42.
14-المادة (15 / أولا) من قانون الكتاب العدول، كما ان المادة (108 / 4) من قانون التسجيل العقاري واشترطت ان لا يكون احد أطراف العقد من اقارب او اصهار الموظف القائم بأخذ الإقرار حتى الدرجة الرابعة. ودرجات القرابة كالآتي : الدرجة الأولى (الاباء والامهات – الاولاد ويراد بهم الابناء والبنات) الدرجة الثانية الاجداد والجدات، والاخوة والاخوات) الدرجة الثالثة (الاعمام والعمات، عكسها ابن الاخ وبنت الاخ، الاخوال والخالات، عكسها ابن الاخت وبنت الاخت) الدرجة الرابعة : اولاد العم واولاد العمة واولاد الخال واولاد الخالة).
15-المادة (15 / ثانيا ) من قانون الكتاب العدول.
16-المادة (15 / ثالثا) من قانون الكتاب العدول.
17-الاستاذ مصطفى مجيد عزيز. حجية السجلات والسندات العارية المجلة العربية للفقه والقضاء. العدد الرابع 1988 ص104.
18-القرار المرقم 9 / 1978 والمؤرخ في 22 / 1 / 1978 (غير منشور).
19-ثامر قاسم محمد. شرح قانون الكتاب العدول، بغداد، مطبعة المعارف 1978 ص22 هامش رقم (19) وانظر الاستاذ عبدالله غزاي العزاوي. شرح قانون الكتاب العدول رقم 33 لسنة 1998. بغداد. مطبعة الخيرات 2001 ص43-44.
20-المادة (18) من قانون الكتاب العدول. ويقصد التنظيم : تدوين السند مباشرة من قبل الكاتب العدل حسب طلب ذوي العلاقة، على اوراق معدة لهذا الغرض، ومع مراعاة ما تنص عليه القوانين الخاصة بهذا الشأن. اما التوثيق / فهو تصديق الكاتب العدل على تواقيع او اختام مقرونة بشارة ابهام، او شارة ابهام ذوي العلاقة في السند المنظم خارجا وعلى اعترافهم بمضمونه (م 11 من قانون الكتاب العدول) مع ملاحظة ان المادة (40 / ثانيا) من قانون الاثبات نصت على عدم الاعتداد بالسندات التي تذيل بالاختام الشخصية عدا السندات التي تذيل بالختم الشخصي المصدق من الكاتب العدل للمعوق المصاب بكلتا يديه، على ان يتم ذلك بحضور المعوق شخصيا مع شاهدين امام موظف مختص (قانون رقم 46 لسنة 2000).
21-المادة (18) و (23) من قانون الكتاب العدول.
22-المواد 79 وما بعدها من مواد القانون.
23-خالد لفتة شاكر وعبدالله غزاي سلمان، ص128 وانظر المواد (107 – 133) من قانون التسجيل العقاري.
24-المادة (13) وما بعدها من مواد قانون الشركات.
25-المادة (10/ 2) اثبات مصري. والمادة (5/2) بينات سوري. والمادة (6/ 2) بيانات اردني.
26-مرقس، الادارة الخطية فقرة 53 ص124.
27-السنهوري. فقرة 85 ص136.
28-ادور عيد، قواعد الاثبات، ج1 فقرة 81 ص159.
29-مرقس، اصول الاثبات، فقرة 54 ص162
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً