الأعمال التجارية بالتبعية هي في الأصل أعمالاً مدنية ولكنها تعد أعمالاً تجارية إذا قام بها التاجر لشئون تتعلق بتجارته، والأعمال التجارية بالتبعية هي تطبيق للنظرية الشخصية وليست الموضوعية لأن صفة القائم بالعمل هي أساس خضوعها للقانون التجاري ٠ فإلي جانب الأعمال المدنية التي تتصل بحياة التاجر الخاصة شأنه في ذلك شأن باقي الأفراد مثل شراء المأكل والملبس، واستئجار العقار أو بنائه لسكناه، وشراء الأثاث الخاص بمنزله وإدخال المياه والكهرباء والغاز له وزواجه، وحقه في الإيصاء وغير ذلك من التصرفات والمعاملات التي تخضع للقانون المدني مثل أي أعمال يباشرها أي فرد، ولا أهمية لصفة القائم بها، توجد أعمال أخري مدنية يباشرها التاجر لأغراض تتعلق بتجارته تعد أعمالاً تجارية وينطبق عليها أحكام القانون التجاري مثل استئجار محله التجاري، وشراء الآلات والأدوات والأثاث اللازم لمباشرة التجارة وتزويد المحل التجاري بالمياه والكهرباء والغاز، وشراء السيارات اللازمة لنقل البضائع أو العمال إلي المحل أو المصنع أو المشروع التجاري، فهذه الأعمال تنقلب من أعمال مدنية إلي أعمال تجارية إذا باشرها تاجر وكانت لازمة لتجارته أو مكملة لها أو مسهلة لها(1) وفي ظل المجموعة التجارية الملغاة كانت هذه النظرية من وضع القضاء والفقه وكانت تجد تبريرها في نواحي عملية وقانونية ٠ فمن الناحية العملية تجد هذه النظرية تبريرها في أن المنطق السليم يقتضي اعتبار جميع الأعمال التي يقوم بها التاجر وتتعلق بشئون تجارته وحدة واحد متماسكة تخضع كلها لأحكام قانون واحد هو القانون التجاري وقضاء واحد، فلا يتصور أن تخضع بعض أعمال التاجر لأحكام القانون التجاري بينما يظل البعض الآخر خاضعاً لأحكام القانون المدني رغم أن جميع هذه الأعمال تربطها روابط موضوعية وشخصية واحدة هي الحرفة التجارية والتاجر ومن الناحية القانونية كانت هذه النظرية تجد تبريرها، في ظل المجموعة التجارية الملغاة في نص المادة ٢/٩ رغم أن هذا النص لم يكن واضحاً بشكل كافي لتبرير هذه النظرية(1) هذا وقد جاء قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ ونص بشكل صريح وواضح علي نظرية الأعمال التجارية بالتبعية الشخصية، حيث نصت المادة ٨/١ علي أن “الأعمال التي يقوم بها التاجر لشئون تتعلق بتجارته تعد أعمالاً تجارية وكان الفقه يرغب من المشرع التجاري في رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ استكمال الشق الثاني من نظرية الأعمال التجارية بالتبعية وهو ما يقصد به الأعمال التجارية بالتبعية الموضوعية بحيث يعد عملاً تجارياً العمل المدني التابع لعمل تجاري أصلي ٠ فإذا كانت حرفة القائم بالعمل وهو كونه تاجراً هي أساس اعتبار العمل المدني عملاً تجارياً إذا تعلق بشئون تجارته وهي ما يطلق عليها الأعمال التجارية بالتبعية الشخصية لارتباطها بشخص التاجر وتعلقها بشئون تجارته، فإنه كان يجب أيضاً إعطاء الصفة التجارية للأعمال المدنية المرتبطة والتابعة للأعمال التجارية الأصلية التي نص عليها القانون ما دام القائم بها ليس تاجراً، وهي ما يطلق عليها الأعمال التجارية بالتبعية الموضوعية مثل قيام شخص بشراء سيارات بقصد البيع – يعتبر ذلك عملاً تجارياً أصلياً – ثم قام باستئجار جراج لوضع هذه السيارات فيه لحين البيع – يعتبر ذلك عملاً مدنياً – فمن المنطق أن هذا العمل الأخير الفرعي يتبع العمل الأول الأصلي في طبيعته القانونية، وبالتالي تكتسب عملية الاستئجار الطبيعية التجارية استناداً إلي نظرية الأعمال التجارية بالتبعية الموضوعية ٠ ورغم رغبة الفقهاء المنطقية إلا أن المشرع التجاري اكتفي في القانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ بالنص علي الأعمال التجارية بالتبعية الشخصية ولم يتضمن الأعمال التجارية بالتبعية الموضوعية ٠
شروط تطبيق نظرية الأعمال التجارية بالتبعية الشخصية:
يتضح من نص المادة ٨/١ من قانون التجارة الجديد رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ أنه يشترط لاعتبار الأعمال التي يقوم بها التاجر لشئون تتعلق بتجارته أعمالاً تجارية توافر الشروط الآتية:
أولاً: أن يكون القائم بالعمل تاجراً:
والتاجر هو كل من يزاول علي وجه الاحتراف باسمه ولحسابه عملاً تجارياً، فإذا مارس هذه الأعمال شخصاً عادياً فإن هذه الأعمال لا تعتبر تجارية وتظل كما هي أعمالاً مدنية(2) ويكون تاجراً أيضاًَ كل شركة تتخذ أحد الأشكال المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالشركات أيا كان الغرض الذي أنشئت الشركة من أجله وبالتالي فإن الأعمال المدنية التي تمارسها هذه الشركات تعتبر تجارية إذا ارتبطت بنشاط الشركة ٠
ثانياً: أن تكون هذه الأعمال متعلقة بشئون تجارته:
وبالتالي فإن الأعمال المدنية والمرتبطة بشئون حرفة التاجر تعتبر تجارته مثل شراؤه سيارات لخدمة المحل التجاري أو لخدمة المصنع أو العملاء أو لنقل البضائع، وكذلك شراء الأثاث وإدخال المياه والكهرباء للمصنع أو المحل، وكذلك ما تقوم به الشركة من أعمال مدنية مرتبطة بنشاطها تعتبر أعمالاً تجارية ٠ ويتسع نطاق النظرية لتشمل جميع الالتزامات العقدية وغير العقدية التي تتعلق بشئون حرفة التاجر أي المرتبطة بتجارته ويقصد بالالتزامات غير العقدية التي تعتبر تجارية إذا تعلقت بشئون تجارته دفع غير المستحق والإثراء بلا سبب، والأفعال الضارة فالتاجر يسأل عن الأفعال الضارة أو المسئولية التقصيرية التي تقع منه أو تابعية أو الأشياء أو الحيوانات التي تكون في حراسته، فإذا وقع الفعل الضار بمناسبة مباشرة التجارة والتزم التاجر بدفع التعويض فإن هذا الالتزام يعتبر عملاً تجارياً بالتبعية وكذلك أفعال المنافسة غير المشروعة التي يقوم بها التاجر وتتعلق بتجارته، فإن إلزام التاجر بتعويض المضرور من جراء المنافسة غير المشروعة يعتبر عملاً تجارياً بالتبعية(3)
ثالثاً : قرينة التجارية:
نص قانون التجارة الجديد في المادة ٨/٢ علي أن “كل عمل يقوم به التاجر يعد متعلقاً بتجارته ما لم يثبت غير ذلك”، فالمشرع افترض أن جميع الأعمال التي يقوم بها التاجر تتعلق بتجارته، وبالتالي فهي تعتبر أعمالاً تجارية حتي يقوم إثبات العكس بأنها لا تتعلق بتجارته ٠ فالمشرع أقام قرينة قانونية علي تعلق أعمال التاجر بتجارته إلي أن يقوم صاحب الشأن وهو التاجر بإثبات العكس بأن هذا العمل لا يتعلق بتجارته وبالتالي يخضع للقانون المدني ٠ وهذه القرينة ليست مطلقة وإنما هي قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس، حيث يستطيع التاجر إثبات أن العمل لا يرتبط بتجارته بكافة طرق الإثبات، فمثلاً يستطيع التاجر أن يثبت أن شراء السيارة ليس من أجل استعمالها في شئون تجارته وإنما من أجل استعماله الشخصي، وأن الأثاث الذي قام بشرائه إنما كان لاستخدامه في المنزل وليس المحل التجاري.
_____________________
1- د . أبو زيد رضوان – مبادئ القانون التجاري ١٩96 – ص ٦٩.
2- تنص المادة ٢/9من المجموعة التجارية الملغاة على تجارية جميع العقود والتعهدات الحاصلة بين التجار والمتسببين والسماسرة والصيارفة ما لم تكن العقود والتعهدات المذكورة مدنية بحسب نوعها أو بناء على نص العقد ٠
3- راجع المادة ١٠/1من القانون التجاري الجديد رقم ١٧ لسنة1999.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً