تحديات الشركات العائلية القضائية
المخاطر الخارجية للشركات العائلية التي تخرج عن إطار أفراد العائلة، سواء كان ذلك في تركيبتها مثل تعدد الأزواج، أو في أسلوب الإدارة أو مساحة الحوار أو الاستعانة بالخبراء أو طبيعة الأعمال والشركاء إلى غيرها من التحديات النابعة من داخل محيط العائلة. ولكن هناك تحديات خارج الإطار العائلي، منها المخاطر مع القضاء الذي لم ينجح بشكل تام في معالجة أي نزاع عائلي بطريقة تحافظ على الشركات والعائلة، حيث لم تأخذ قضايا الشركاء والتركات الأهمية والخصوصية اللازمة بالرغم من ضخامة الأموال والموجودات التي تنظر في بعض القضايا وتصل أقيامها إلى عدة مليارات داخل وخارج الوطن.
وعجز القضاء عن تحقيق النتائج الإيجابية في الخلافات في التركات لأسباب مختلفة، منها التنازع السلبي أو الإيجابي واختلاف عناوين أطراف القضايا وتعدد وتشعب مواضيعها في مختلف أنواع المحاكم مع عدم القدرة على السيطرة الكاملة على قضايا الشركاء أو الإرث التي يظهر فيها لدد الخصومة وشراستها المنهي عنها شرعا. ولا شك أن وجود العنصر الدولي لجنسية بعض أفراد العائلة أو الممتلكات من العوامل ذات الأثر السلبي لعدم تمكن القضاء من معالجة القضايا، وأذكر إحدى منازعات التركات تجاوز فيها عدد القضايا 30 قضية ما بين ديوان المظالم والمحاكم العامة وعدد من اللجان القضائية؛ مثل العمالية والمصرفية والأوراق التجارية في مختلف مناطق المملكة والمحاكم الجزائية مع الاستخدام السيئ للقضايا الكيدية دون رادع لقضايا ادعاء بالسب أو القذف والتشهير مقابل كل دعوى مطالبة بين الشركاء والورثة لحقوقهم المشروعة.
هذه القضية وغيرها من واقع القضاء تبين أنه لم يستوعب ويحتضن قضايا الشركات والإرث العائلي بالقدر اللازم والكافي من الأهمية التي تستحقها، ولم تسجل ذكرى لنجاحات قضائية لاحتواء التركات والحفاظ على الأموال والأعمال من الانهيار، بل لم يستوعب القضاء ما قد يمارس من غش وتلبيس وتزوير للحقائق والمستندات لكسب المواقف والأحكام، وعدم دقة وصحة البيانات المالية واختلاف المواقف القانونية للشريك المتضامن عن الموصى عن الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وصلاحيات المديرين وحقوق النساء والأطفال القصر والمعاقين وفقدان الأهلية للكبار في السن ووجود كثير من أصول الأعمال بأسماء الشركاء أو الغير لأغراض مالية وقانونية مختلفة، حتى العقوق أصبح من أدوات التلاعب في قضايا الأموال والتركات العائلية. كلها مسائل جوهرية ومعقدة تجعل دور القضاء من أهم مخاطر وتحديات بقاء واستمرار الشركات العائلية، حيث إن ضخامة حجم الأعمال لم تفلح معها قرارات التصفية أو الحراسة القضائية التي أدت إلى انهيار الشركات، خصوصا أنه لا توجد مرجعية مهنية واضحة في كيفية اختيار المصفين أو الحراس أو الخبراء مع تفاوت سرعة الإنجاز القضائي من محكمة إلى أُخرى ومن قاضٍ إلى آخر، الأمر الذي تتبدل معه المراكز القانونية.
ومثال شديد الغرابة في قضية نعايشها حاليا في واحدة من أكبر القضايا العائلية تشابكت معها القضايا الحقوقية بالمحكمة العامة والعقوق بالمحكمة الجزئية بطلها أحد كبار التجار لم نعد نعرف أين يوجد ومع ذلك تباع أملاكه بالرغم من تعميم وزاري بوقف التصرف بأملاكه، وعاد قاضي المحكمة الجزئية عن أحكامه مما مكن بعض الأبناء دون غيرهم من مقدرات الأملاك والأموال والزج بالبعض الآخر في السجون دون أمل في حل قريب للعثور على والدهم المختفي من سنوات. لذلك على الشركات العائلية أن تبحث عن إيجاد سبل أفضل لحل النزاعات على أسس تقدير المصالح، وليس على أساس تقديم الدعاوى للقضاء كسبا للتوقيت الذي تتوقعه أو تتمناه
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً