الضمانات القانونية للموظف بعد فرض العقوبة الانضباطية
المحامية / منال داود العكيدي
مع تحول مهمة الدولة من الدولة الحامية التي تقتصر مهمتها على الامن والدفاع وجباية الضرائب الى مجالات اخرى اقتصادية وتجارية ازدادت اهمية الموظف بوصفه الوسيلة التي تضطلع بمهمة تنفيذ سياسة الدولة الادارية وتوجهاتها وتحقيق اهدافها ومع ازدياد اهمية الموظف ومسئولياته تزداد نسب ارتكابه للاخطاء الوظيفية وهذا يحتاج الى سن قوانين تتناول النظام القانوني لتاديبه بدءا من التحقيق و انتهاءا بتوقيع العقوبة الانضباطية ان كان لها موجب كضمانة لعدم تعسفهم في استعمال سلطاتهم المخولة اليهم بمناسبة توليهم الوظيفة العامة وفي خضم هذه العملية يحتاج الموظف الى مجموعة من الضمانات التي تضمن له حق الدفاع عن حقوقه بوصفها واحدة من الضمانات التي كفلها دستور جمهورية العراق لعام 2005 وقانون انضباط موظفي الدولة رقم ( 14 ) لسنة 1991 للموظف.
وهذه الضمانات كما اسلفت تمتد من مرحلة التحقيق الاداري التي يكون فيها للموظف حق الاستماع الى اقواله ومنحه مكنة الدفاع عن نفسه ضد التهم المسندة اليه كما منح ضمانات اخرى لحمايته من خطورة فرض العقوبات الانضباطية وتاتي هذه النصوص من مقتضى عدم تحصين أي عمل او قرار اداري من الطعن فيه وهي ضمانة مهمة واساسية لحماية الموظف من القرارات التي تصدرها الادارة بحقه من منطلق ان حق الدفاع حق مقدس يجسد صورة العدالة التي نصت عليها المواثيق الدولية والاعلان العالمي لحقوق الانسان وهذه الضمانات هي :
1-العلم بالقرار الإداري الخاص بفرض العقوبة : ان من حق الموظف الذي توجهت اليه عقوبة انضباطية ان يعلم بقرار فرضها ويكون ذلك اما عن طريق النشر او الاعلان او التبيلغ او من خلال العلم اليقيني بمضمون قرار فرض العقوبة ولا يشترط نشر القرار في الجريدة الرسمية وان كانت قد جرت العادة على ذلك وانما يمكن ان يعد العلم واقعا اذا نشر في جريدة او نشرة معدة للاعلان من قبل الجهات المتخصصة او باي طريقة اخرى طالما ان غاية النشر متحققة وهي توفر العلم بالقرار الذي يطعن به . ويمكن ان يتم ايضا عن طريق تبليغ الموظف المعني بالقرار مباشرة وذلك في حالات القرارات الفردية المتوجهة الى فرد او مجموعة افراد ويجب ان يتم ذلك عن طريق الجهة المتخصصة التي اصدرته وان يتم التبليغ بصورة صحيحة اذ يعد التبليغ واقعا اذا وقع عليه الموظف المخاطب بالذات او وكيله في موطنه الحقيقي او المختار ، ويقع عبء الاثبات بوقوع العلم اليقيني على الادارة اذ ان الاصل هو عدم العلم لذلك فان على كل من يدعي خلاف ذلك تقديم دليل يدعم ادعاءه .
2- التظلم من قرار فرض العقوبة الانضباطية: الضمانة الثانية للموظف الذي صدرت بحقه عقوبة انضباطية هو التظلم وهو وسيلة يلجأ اليها الموظف المتضرر من القرار الاداري وتكون صورته بان يقدم طلبا او عريضة الى الادارة ( الجهة الادارية التي اصدرت القرار او الجهة الرئاسية ) يعترض فيه على القرار واسباب ومسوغات اعتراضه ويطلب الغاء القرار او تعديله او تبديله ويقوم المتظلم بتسليم طلب التظلم باليد الى الادارة او عن طريق البريد او على شكل انذار رسمي او عن طريق مبلغ .
وقد اشترط المشرع العراقي في بعض الحالات شكلية معينة للتظلم فقد اشترط ان يكون مكتوبا او ان يتم تقديمه خلال مدة معينة من تاريخ تبلغه بالقرار .
وقد اشترط قانون انضباط موظفي الدولة رقم ( 14 ) لسنة 1991 ان يكون التظلم من العقوبة الانضباطية وجوبيا لدى الجهة الادارية التي اصدرت القرار الاداري ويطلق عليه ( التظلم الولائي ) وان يتم التظلم خلال ( 30 يوما ) من تاريخ تبليغ الموظف بالقرار الصادر بالعقوبة ، والتظلم الوجوبي له حكمة عملية فهو من جهة يفسح المجال للادارة لمراجعة قرارها بفرض العقوبة ومدى عدالته ومشروعيته وبالتالي تقوم بسحبه او تبديله او تعديله ومن ناحية اخرى فان التظلم الوجوبي سيخفف العبء عن مجلس الانضباط العام اذ انه سيقلل من القضايا المرفوعة امامه للطعن بقرارات العقوبة الانضباطية .
ويجب على الادارة ان تبت بالطلب خلال ( 30 يوميا ) من تاريخ تقديمه وعند عدم البت فيه برغم انتهاء المدة يعد ذلك رفضاً ضمنياً للتظلم ، ويعد عبء اثبات وقوع التظلم من القرار الاداري الصادر بالعقوبة الانضباطية على عاتق الموظف المتظلم وعند عجزه عن الاثبات فان مجلس الانضباط العام يقوم برد الدعوى ويصبح قرار فرض العقوبة باتا ( المادة 15 / رابعا ) .
3- مراعـاة مـدد الطعـن : من اجل تحقيق الاستقرار للمراكز القانونية التي انشأها القرار الانضباطي وعدم بقاء الامر رهينا برغبة من توجهت اليه العقوبة بان يحرك دعواه متى شاء فقد حدد المشرع ميعادا لاقامة دعوى الغاء القرار الانضباطي يجب ان يتم خلالها رفع الدعوى والا فان مدة رفعها وعندئذ فان المحكمة ملزمة برد دعوى الالغاء لفوات المدة اذ يصبح القرار حينها محصنا ضد الالغاء .
وهذا ماقرره قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم ( 14 ) لسنة 1991 اذ ينبغي على الموظف الذي يرغب بالطعن ان يرفع دعواه امام مجلس انضباط موظفي الدولة خلال ( 30 ) يوما من تاريخ رفض التظلم صراحة او ضمنا او من تاريخ انتهاء مدة ( 30 يوما ) المخصصة لرد الادارة على التظلم وفي حالة سكوتها ايهما اسبق تاريخيا ..
ويقع عبءاثبات تقديم الطعن في الميعاد المحدد على عاتق الطاعن .
اترك تعليقاً