ان الوقف عن العمل احتياطيا ليس من قبيل العقوبة التي توقع علي العامل لقاء مخالفة تأديبية ثبت وقوعها منه , وانما هو مجرد أجراء وقائي تحفظي تستدعيه مصلحة التحقيق بابعاد الموظف عن مكان العمل والتأثيرفي مجريات الأمور , سواء في الشهود أو جسم الجريمة , أو لكف يده وعدم مخالطته لزملائه وقد حامت حوله شبهة ارتكاب مخالفة تاديبية , كما قد يكون الوقف لسبب يتعلق بالمصلحة العامة . وللسلطة المختصة أو النيابة الادارية اللجوء الي اتخاذه في شأن العامل ان وجدت دواعي علي النحو السالف بيانه لأيقافه عن العمل , ويكون أسقاط ولاية الوظيفة عنه مؤقتاً بحيث يكف عن مباشرة المهام الموكول إليه القيام بها إذا ما تطلبت ذلك مصلحة التحقيق الذي يجري معه ويستوي في ذلك أن يكون التحقيق جنائياً يتم بمعرفة النيابة العامة أو أن يكون إدارياً يتم بمعرفة السلطات التأديبية المختصة . ومن ثم يمكن القول أن أول ما يشترط للوقف الاحتياطي أن يكون هناك تحقيق بيتم مع الموظف إدارياً في مخالفة مالية أو إدارية أو جنائياً ومعني ذلك أنه لا يجوز – بمفهوم المخالفة – وقف الموظف عن عمله لأي سبب آخر غير التحقيق، بل إن مجرد إحالة الموظف إلى التحقيق لا يكفي في ذاته لوقفه عن العمل ( الطعن رقم 3709 لسنة 44 ق جلسة 12 من نوفمبر 2000 ص 81/ 87 ) .
والأصل انه يترتب علي وقف الموظف عن عمله وقف صرف مرتبه وللسلطة التأديبية استثناء صرف المرتب كله أو بعضه بصفة مؤقتة , والمقصود بالتأقيت ليس مجرد انتهاء التحقيق وإنما التصرف في شأن الموظف نهائياً . وهذا ما قضت به المادة 60 من قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015 ” كل من السلطة المختصة ورئيس هيئة النيابة الإدارية حسب الأحوال أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التى تحددها ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف أجره ابتداءً من تاريخ الوقف . ويجب عرض الأمر فوراً على المحكمة التأديبية المختصة لتقرير صرف أو عدم صرف الباقى من أجره فإذا لم يعرض الأمر عليها خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف وجب صرف الأجر كاملاً حتى تقرر المحكمة ما يتبع فى شأنه .
وعلى المحكمة التأديبية أن تصدر قرارها خلال عشرين يوماً من تاريخ رفع الأمر إليها فإذا لم تصدر المحكمة قرارها فى خلال هذه المدة يصرف الأجر كاملاً فإذا برئ العامل أو حفظ التحقيق معه أو جوزى بجزاء الإنذار أو الخصم من الأجر لمدة لا تجاوز خمسة أيام صرف إليه ما يكون قد أوقف صرفه من أجره، فإن جوزى بجزاء أشد تقرر السلطة التى وقعت الجزاء ما يتبع فى شأن الأجر الموقوف صرفه، فإن جوزى بجزاء الفصل انتهت خدمته من تاريخ وقفه ولا يجوز أن يسترد منه فى هذه الحالة ما سبق أن صرف له من أجر .
فنجد أن المشرع لم يتطلب لصحة قرار وقف العامل من عمله ان ينص في القرار علي مدة الوقف ولا علي وجوب عرض أو صرف نصف المرتب الموقوف صرفه خلال عشرة أيام علي المحكمة التأديبية , فكل ما قضي به هو الا تزيد مدة الوقف عن ثلاثة أشهر ما لم تقرر المحكمة مد مدة الوقف لمدة أخري , وجزاء عدم العرض علي المحكمة التأديبية خلال المدة المذكورة لتقرير ما يتبع في شأن نصف المرتب الموقوف هو وجوب صرف الأجر كاملاً حتي تقرر المحكمة ما يتبع في هذا الشأن .
وللوقف عن العمل أثره علي ترقية الموظف الذي يستحق الترقية إلى الوظيفة أو الدرجة الأعلى ، إذا ما استوفى الشروط القانونية اللازمة لتلك الترقية، وعلى الجهة الإدارية عدم أرجاء أو منع الترقية بدون سبب ، وإن كان لها سلطة تقديرية في حالة الإرجاء، فالمركز القانوني للموظف لا ينشأ باستيفاء الشروط المقررة للترقية ، وإنما يحدث أثره القانوني بإصدار قرار الترقية من الجهة المختصة بذلك ووفقاً للإجراءات المحددة قانونا. ولكن قرار الترقية قد لا يصدر من الجهة الإدارية المختصة ليس بسبب انتفاء شرط من الشروط اللازم توافرها في الموظف ، وإنما لوجود مانع أو موانع تتعلق بالموظف ذاته تحول دون ترقيته ، وبالتالي فإن قرار الترقية لن يصدر إلا بعد زوال هذا المانع , وموانع الترقية هي أسباب تعود للموظف وتحول دون ترقيته على الرغم من توافر شروطها من أقدميه وكفاءة، وهذه الموانع محددة سلفا من قبل المشرع وعلى سبيل الحصر، فهي لا تتقرر إلا بنص قانوني، وهي مؤقتة بطبيعتها ، فالموظف لن يحرم من الترقية بشكل دائم ، فالأمر لا يتجاوز كونه تأجيل النظر في ترقية الموظف حتى يزول السبب أو المانع الذي حال دون ترقيته .
و قد تبدو خطورة أحالة الموظف إلى التحقيق أو وقفه عن العمل في الآثار المترتبة عليهما ، فإلى جانب ما يشيعه إحالة الموظف إلى التحقيق من جو قاتم سواء على جهة الإدارة أو الموظف المحال للتحقيق وإلى ما يترتب على وقفه عن العمل من وقف صرف نصف مرتبه نجد امتداد أثره علي ترقية الموظف المحال للتحقيق وهذا ما قد نصت عليه المادة (63) من القانون المشار اليه سلفاً حيث تقضي :”لا يجوز ترقية الموظف المحال إلى التحقيق أو المحاكمة التأديبية أو الجنائية أو الموقوف عن العمل مدة الإحالة أو الوقف، وفى هذه الحالة تحجز الوظيفة للموظف , وإذا برئ الموظف المحال أو حفظ التحقيق معه أو قضى بمعاقبته بالإنذار أو الخصم من الأجر لمدة لا تزيد على عشرة أيام، وجب ترقيته اعتباراً من التاريخ الذى كانت ستتم فيه الترقية لو لم يحل إلى التحقيق أو المحاكمة، ويمنح أجر الوظيفة المرقى إليها من هذا التاريخ “. هذا ويلاحظ أنه إذا رقي العامل الموقوف خطأ بالمخالفة للمادة السابقة فإن قرار ترقيته يكون معيبا، ولكنه لا يعتبر قرارا منعدما وعلى ذلك تتحصن الترقية بفوات ميعاد ، ولا يؤثر الوقف في استحقاق العلاوات الدورية ما لم يحرم العامل منها الستين يوما لسبب آخر، بل وتحسب مدة الوقف في المعاش مع دفع الاحتياطي المستحق عنها، والذي يحسب في هذه الحالة على أساس كامل المرتب وليس على أساس الجزء الذي قبضه العامل فعلاً خلال فترة الوقف .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً