ضوابط الاسترشاد بالتشريعات الأجنبية
يلجأ الكثير من القانونيين إلي الاطلاع علي التشريعات الأجنبية و الاسترشاد بما تتضمنه من أحكام ومبادئ قانونية فيما يقدمونه من مقترحات لاستحداث أو تعديل أدوات تشريعية قائمة في دولهم ، ولا ريب في أهمية الاسترشاد بالسوابق التشريعية الأجنبية وأثره في اثراء العمل التشريعي وتطوير القوانين ، إلا أنه يجب مراعاة ما يلي :
1- ألا تكون التشريعات المسترشد بها تتعارض مع أحكام النظام العام في الدولة المُسترشدة ، ومثال ذلك تشريعات الدول التي أجازت توثيق زواج أصحاب الملل التي تجيز زواج المحارم أو التي لا تقر مدد لعدة المرأة المطلقة ، وذلك لتعارضها مع أحكام الشريعة الاسلامية الغراء.
2- أن تكون عادات وتقاليد الدولة المسترشد بتشريعاتها قريبة أو مماثلة للدولة ، والمثال الشهير الذي يساق في هذا الصدد القوانين الخاصة بالتعليم ، فالدول الغربية تنظر للعلاقة بين الاستاذ والطالب نظرة تختلف عن نظرة الدول العربية لها ، فبينما تضعهما الدول الغربية علي قدم المساواة ، ترفع الدول العربية من شأن المعلم ومكانته وتوجب علي الطالب احترامه وتوقيره .
3- أن تكون ظروف ونمط الحياة والمعيشة متماثلة أو علي الأقل متشابهة في كل من الدولة المُسترشدة والدولة المسترشد بقوانينها ، ومثال ذلك الأحكام التشريعية الخاصة بإعلان الأوراق القضائية ” الكترونياً” ، ففي الدول النامية لا يمكن التعامل مع الموضوع بذات المعاملة القانونية المتبعة في الـــدول الصناعية أو المتقدمة ، والتي تعتمد فيها الحياة بشكل أساسي علي وسائل الاتصال الإلكتروني.
4 – مراعاة أن تكون التشريعات الاجنبية المسترشد بها من ذات المجموعة التي ينتمي إليها القانون في الدولة المسترشدة ، فلكل من النظم القانونية أحكامه وقواعده الخاصة به، فعلي سبيل المثال صلاحيات القاضي في تطبيق أحكام التقادم تختلف من النظام اللاتيني – والذي تنتمي إليه أغلب الدول العربية – عن صلاحياته في النظام الانجلوسكسوني ، والذي يعطي للقاضي – في حدود معينة – عدم تطبيق أحكام التقادم المسقط رغم توافر شروط القضاء به وذلك إذا أقتضت العدالة ذلك ، فعلي سبيل المثال نصت المادة (33) من قانون تقادم الدعاوي الانجليزي الصادر عام 1980 علي أنه يجوز للمحكمة ، إذا ما رأت أنه أكثر تحقيقاً للعدالة ، أن تسمح للمدعي بالسير في دعواه رغم انقضاء مدة التقادم بعد أن تجري موازنة بين إلي أي مدي سيؤدي تطبيق قواعد التفادم في الدعوي أو عدم تطبيقها إلي الاجحاف بحقوق أياً من الطرفين ، وهذا الحكم غير موجود بالتشريعات العربية التي استقت أحكامها من القانون الفرنسي ، وبالتالي فان
الاسترشاد في هذا الشأن بالقانون الانجليزي يجب أن يراعي أن سلطة عدم تطبيق أحكام التقادم المشار إليها لا تعرفها التشريعات اللاتينية.
5– الحفاظ علي ذاتية الصياغة التشريعية الوطنية وعدم الاقتباس الحرفي من التشريعات الأجنبية ، ومن المستحسن إعادة صياغة الحكم التشريعي المراد اقتباسه بما يتلاءم مع النهج التشريعي المتبع في الدولة ، مع مراعاة وحدة الدلالات القانونية للمصطلحات التشريعية المستخدمة .
اترك تعليقاً