إذا فصل حائط بين عقارين فإنه قد يكون حائطاً مشتركاً ، وقد يكون حائطاً فاصلاً غير مشترك ولكنه مملوك خالصة لصاحب احد العقارين.
فالحائط المشترك هو الحائط الفاصل بين عقارين ويملكه صاحباهما على وجه الشيوع. وينشأ الحائط مشتركاً إذا اقامه الجاران بين عقاربهما بالاتفاق، أو كان احدهما قد اقامة ثم شارك الآخر فيه. وقد اقام القانون في المادة (1091) قرينة على الاشتراك في ملكية الحائط بالنص على انه : “الحائط الذي يكون وقت انشائه فاصلاً بين بنائين بعد مشتركاً حتى مفرقهما مالم يقم الدليل على خلاف ذلك ” ويتبين من ذلك انه يشترط لاعمال هذه القرينة تحقق شرطين.
الأول ، ان يكون الحائط فاصلاً بين بنائين فلا يفترض الاشتراك في ملكية الحائط إذا كان يفصل بين ارضين غير مبنيتين ” او بين بناء وارض غير ميتة سواء كانت فضاء أو مزرعة.
والثاني ان يكون الحائط فاصلاً بين البنائين من وقت انشائه. فلا يفترض الاشتراك في ملكيته إذا اثبت احد المالكين انه كان قد بنى ملكه ، ثم بنى بعد ذلك المالك الآخر مستتراً ببناء الاول.
فإذا تحقق هذا الشرطان افترض الاشتراك في ملكية الحائط الفاصل لمالكي البنائين حتى مفرقهما، أي حتى اعلى جزء من البناء المنخفض. ولكن هذه القرينة يمكن اثبات عكسها . فيجوز لاي من المالكين ان يثبت عكسها . فيجوز لأي من المالكين ان يثبت انه قد بنى الحائط كله في ملكه وعلى نفقته. أما إذا لم يتحقق شرطاً القرينة ، فعلى من يدعي الاشتراك في ملكية الحائط ان يثبت ذلك وفقاً للقواعد العامة ، كأن ثبت مالك الارض الفضاء ان الحائط قد اقيم بنفقات مشتركة على جزء من ملكه وجزء من مالك الجار. فإذا ثبت الاشتراك في ملكية الحائط ، سواء بمقتضى القرينة التي اقامها القانون في المادة (1091) ، أو بدليل اقامة المدعي ، فيكون الشيوع في الحائط جبرياً. وبالتالي لا يجوز لأي من المالكين طلب قسمته ولا التصرف في نصيبه مستقلاً عن العقار الذي يملكه . وهذا الحكم ، وان لم ينص عليه المشرع العراقي صراحة في النصوص التي نظم بها احكام الحائط المشترك وذلك الذي اعد له الحائط المشترك يقتضي ان يبقى هذا الحائط على الشيوع دائماً ، وبالتالي فلا يجوز طلب قسمته أو بيع أحد الشركاء نصيبه فيه مستقلاً عن العقار الذي يملكه.
احكام الحائط المشترك :
تقضي المادة (1087) من القانون المدني العراقي بأنه : “1- لكل من الشريكين في الحائط المشترك ان يضع عليه اخشاباً او غيرها بقدر ما لشريكه بشرط الايجاوز كل منهما ما يتحمله الحائط. وليس لاحد منهما ان يزيد في ذلك بدون اذن الاخر 20- وإذا لم يعد الحائط المشترك صالحاً للغرض الذي خصص له عادة فنفقة اصلاحه او تجديده على الشريكين مناصفة”. فيتبين من ذلك ان لكل من مالكي الحائط المشترك ان يستعمله في الغرض الذي خصص له الحائط حمل الاسقف ، ولهذا فإنه يجوز لكل من الشريكين ان يضع فوق الحائط (الاخشاب) أو غير ذلك من العوارض التي يسند إليها سقفه بقدر ما للمالك الآخر وذلك بشرط عدم تحميل الحائط فوق طاقته . ومن اغراض الحائط ايضاً يستثر به الجاران كل عن الآخر ” ولهذا فلا يجوز لاي منهما ان يفتح في الحائط بابا أو نوافذ. وإذا احتاج الحائط إلى صيانة او ترميم او تجديد فتكون نفقات ذلك على الشريكين مناصفة (1). وإذا وهي حائط مشترك وخيف سقوطه وأراد احد الشريكين هدمه وامتنع الآخر فيجير الآبي على الهدم (م1088 ف 1) وكانت النفقات مشتركة بينهما . واما إذا لم يخف من سقوط الحائط المشترك ، واراد احد الشريكين هدمه وامتنع الآخر ، فيمنع من يريد الهدم ، فأن فعل ذلك كون قد تصرف في ملك الغير بدون اذنه ويكون بحسب الاصل ، ضامناً طبقاً لقواعد ضمان اتلاف ملك الغير (2). وإذا انهدم الحائط بلا هادم ، واراد احد الشريكين عادة بنائه وامتنع الآخر ، يجبر الآبي على البناء ، ويجوز للشريك الآخر ، بإذن من المحكمة ، ان يعيد بناءه وان يرجع على الآبي بنصيبه من نفقات البناء (م 1088 ف2) أما إذا كان هدم الحائط أو اتلافه بخطأ احد الشريكين فأن نفقات اصلاح الحائط أو اعادة بنائه على الشريك المخطئ وحده وفق احكام القواعد العامة.
تعلية الحائط المشترك :
تتخذ مسألة تعلية الحائط المشترك اهمية خاصة في الحياة العملية. وبالنظر لما قد تثيره التعلية من منازعات ، فقد حرص المشرع على تنظيمها بنصوص خاصة. فهو ، بعد ان قرر في الفقرة الاولى من المادة (1089) القاعدة القاضية بعدم جواز تصرف احد الشريكين في الحائط المشترك بتعلية أو زيادة في البناء ، عاد واستثنى في الفقرة الثانية من المادة نفسها حالة ما إذا كان لاحد الشريكين مصلحة جدية في تعلية الحائط المشترك ، فاعليه لهذا الشريك الحق في التعلية بشرط إلا يكون من شانها ان تلحق بالشريك ضرراً بليغاً. فلا يجوز هدم الحائط لا عادة بنائه إذا كان بناء الشريك الآخر مستنداً إلى الحائط بحيث يترتب على هدمه هدم البناء أو احداث خلل به. وقد فرق المشرع بشأن حق التعلية بين حالتين :
(1) حالة ما إذا كان الحائط المشترك صالحاً لتحمل التعلية دون حاجة إلى اعادة بنائه وفي هذه الحالة يتحمل الشريك الذي يريد التعلية وحده نفقات الجزء المعلى مضافاً إليها النفقات التي تستلزمها التعلية في السفل ، أي الجزء المشترك ، لجعله صالحاً لتحمل زيادة العبء الناشئ عن التعلية ، دون أن يفقد هذا الجزء شيئاً من متانته.
(2) حالة ما إذا لم يكن الحائط المشترك صالحاً لحمل التعلية فيتطلب الامر اعادة بنائه من جديد ، وفي هذه الحالة يتحمل الشريك الذي يريد التعلية جميع نفقات هدم الحائط واعادة بنائه، وإذا اقتضي الامر زيادة سمك الحائط فتكون الزيادة بحسب الأصل ، من أرض الشريك الراغب في التعلية ولا يكون له الحق في مطالبة الشريك الآخر بشيء من ثمن الجزء الذي شغل من ارضه فلي زيادة سمك الحائط . فإذا تعذر ذلك وكان لابد أن يشغل الحائط جزءاً من ارض الشريك الآخر ، التزم الراغب في التعلية بتعويض شريكه عما شغل من ارضه.
وإذا تمت التعلية فإن الجزء غير المعلى من الحائط يظل ملكاً مشتركاً دون ان يكون للشريك الذي قام بالتعلية مطالبة الآخر بأي تعويض عما زاد في قيمة الحائط بسبب تقويته أو اعادة بنائه. اما الجزء المعلى من الحائط فيكون ملكاً خالصاً لمن قام بالتعلية. على ان المادة (1090) قد اعطت الجار الذي لم يساهم في نفقات التعلية الحق في الاشتراك في الجزء المعلى إذا هو دفع نصف جميع نفقات التعلية بما فيها ما اتفق على السفل لتقويته أو اعادة بنائه وقيمة ما يخصه من الارض التي تقوم عليها زيادة السمك ان كانت هناك زيادة . ولهذا الجار، طبقاً للمادة (1094 ف1)، ان يجبر الشريك الذي قام بالتعلية على ان يكون شريكاً في الجزء المعلى إذا دفع نصيبه مما اتفق عليه. ويبقى الحق الجار في الاشتراك في الجزء المعلى، تطبيقاً لنص المادة (1090) ما بقى سبيه ، وهو الاشتراك في السفل ، وبالتالي فإنه لا يسقط بالتقادم.
الحائط الفاصل غير المشترك :
تقضي المادة (1092 ف1) من القانون المدني العراقي بأنه: “لا يجوز للجار ان يجبر جاره على اقامة حائط او غيره على حدود ملكه ولا على ان يعطيه جزءاً من حائطه، او من الارض القائم عليها الحائط إلا في الحالة المنصوص عليها في المادة 1090 “)(3).
فيتضح ان هذا النص يقرر في شأن الحائط الفاصل غير المشترك (4)، أي الحائط المملوك ملكية خالصة لاحد الجارين ، امرين هما:
1- ليس للجار ان يجبر جاره على تحويط ملكه : فليس للجار ان يجبر جار على تحويط ملكه أو تسويره. فالمالك حر في تحويط ملكه او عدم تحويطه. ولمن يريد من الجارين ذلك فله ان يفعل ، ولكن دون ان يجبر جاره على المساهمة في ذلك . فإذا بنى حائطاً بينه وبين جاره ، بناء على نفقته وعليه وحده ان يقوم بصيانته.
2- ليس للجار ان يطلب الاشتراك في حائط الجارة : فكما لا يجوز للجار ان يجبر جاره على المساهمة في الحائط ……. الذي اقامه على نفقته ، كذلك لا يجوز له ان يجبر الجار الذي اقام ……… على الاشتراك معه في هذا الحائط أو في الارض التي اقام عليها الحائط ولو عرض عليه ان يدفع له نصف النفقات او حتى كلها (5). وقد استثنت المادة (1092 ف1) من حكمها الحالة المنصوص عليها في المادة (1090) . وهذه المادة تحول ، الجار الذي لم يساهم في نفقات تعلية الحائط المشترك ان يصبح شريكا في الجزء المعلى إذا هو دفع نصيبه مما اتفق عليه.
ويضيف القانون إلى الاحكام المتقدمة ، حكماً آخر بمقتضاه لا يكون لمالك الحائط الذي يشتر به الجار ان يهدمه دون عذر قوي . فقد جاء في المادة 1092 ف2 : ” ومع ذلك ليس لمالك الحائط ان يهدمه مختاراً دون عذر قوي ان كان هذا يضر الجار الذي يستر ملكه بالحائط”. ولكن يجب حتى تتقيد سلطة المالك في هدم حائطه ان يكون مستراً بهذا الحائط ، بحيث يكون ملك هذا الجار مسوراً من ثلاث جهات ، والجهة الرابعة هي التي يستر فيها بالحائط ، ثم يجب ان يكون هدم الحائط دون عذر قوي . فإذا كان لصاحبه عذر قوي كما لو اراد هدم منزله لا عادة بنائه فمن حقه هدمه ولو كان جاره مسترا به . ويجب اخيراً ان يعود هدم الحائط بضرر محسوس على الجار الذي يستر به كأن ينكشف ملكه من احدى جهاته بحيث لم يعد في استطاعته صون كرامة منزلة وستر مقر نسائه.
______________
1- هذا ما قضت به المادة 1087 ف2) ان القانون المدني العراقي ، وقد كان الاولى بالمشرع ان يقرر بأن هذه النفقات يتحملها الشركاء كل بمقادير حصته ، وهذا هو ما نصت عليه لمادة (814) من القانون المدني المصري والمادة (1368) من المجلة. وهذا الحكم هو الذي ينشئ مع القاعدة العامة المقررة في الشيوع وهو ايضاً اكثر دالة واقرب إلى المناطق ، وان كان المشرع العراقي على ما يبدو قد نظر إلى الواقع العملي، حيث من النادر ان تختلف حصص الشركاء في الحائط.
2- انظر المادة (178) من قانون المدني العراقي ، والمادة 918 من المجلة.
3- وقد نقل القانون العراقي هذا النص من المادة 69 من مرشد الحيوان.
4- ويجب عدم الخائط بين هذا الحائط الفاصل غير المشترك وبين الحائط المشترك من جه ، والالتزام بوضع الحدود من جهة اخرى ، وقد تقدم بيان ذلك.
5- والذي يقرره القانون المدني العراقي يخالف ما هو مقرر في القانون المدني الفرنسي.
فالمادة 663 من هذا القانون تجيز للجيران في المدن والضواحي اجبار جيرانهم على اقامة ما يحوطون به مساكنهم وحدائقهم وأفنيتهم حتى يأمنوا فضول الناس وعبث العابثين وسطو اللصوص ، وهذا ما يسمى بالتحويط الجبري.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً