مقالة قانونية تناقش العدول عن الخطبة كجزء من احكام الخطبة
أ/ أحمد أبو زنط
القضاء و العدول عن الخطبة
ان الدراسة التحليلية لمحمل الأسس التي بنى عليها القضاء قراراته بالتعويض على أساس المسؤولية التقصيرية تثير في مجملها بعض الملاحطات الجوهرية التالية :
1- أن الربط التام ودون تحفظ بين الخطبة والوعد بالتعاقد وتجاهل الآحكام القضائية ماتتمتع به الخطية من خصوصية مسألة تعوزها الدقة ومبنية على مقارنة سطحية بين العقود المدنية والخطبة على الرغم من البون الشاسع بين الاثنين ليس من حيث البنيان والتركيب القانوني وانما من حيث الآثار الاجتماعية المرتبطة بكل من هذين العقدين : فاذا كان من المسلم به أن الخطبة ليست عقدا مكتمل الأركان وهي بالتالي ليست زواجا ألا أنه من الجدير الذكر أن الشارع الاسلامي افرد للخطبة أحكاما خاصة بها تلائم خصوصيتها .
والحكمة من تشريعها . وقد جعل لها طريقة تكوين وانعقاد وآثار فقهية وقانونية مختلفة عن تلك التي تختلف عن الوعد بالتعاقد .
2- ظهور أفكار فقهية جديدة شاعت وانتشرت لدىالفقهاء المعاصرين مفادها ان الخطبة هي تمهيد للزواج ومقدمة له حتى ان كثيرا من المؤلفات التي تتولى شرح نصوص قوانين الاحوال الشخصية المعاصرة لاتكاد تخلو من ترديد هذا المصطلح الفقهي الحديث . بل ان الشراح أو بعضهم ذهب الى أبعد من ذلك . فالدكتور فتحي الدريني يعطي هذا المصطلح بعدا تجديديا في حديثه عن الخطبة حين يقول :
ليست الخطبة بحكم طبيعتها وتكييفها الشرعيالا مقدمة من مقدمات الزواج ومرحلة ممهدة له وسابقة على ابرامه … وان خطورة علد الزواج وعظم شأنه وجليل اثره , وكل عقد من هذا القبيل يسبقه مقدمات ومفاوضات في المطالب والرغبات .وبالاعتماد على ذات الفكرة يرى الدكتور عبد الرحمن الصابوني أن الاختصاص في البت بدعوى التعويض المبنية على العدول عن الخطبة يجب أن يتولاها القضاء الشرعي وليس القضاء المدني معللا ذلك بأن القانون الذي يحكم عقد الزواج هو قانون الأحوال الشخصية والخطبة هنا مقدمة لعقد الزواج
3- ان نص المادة الثانية من قانون الآحوال الشخصية لم تحدد بصراحة ووضوح ماهية وطبيعة الخطية . وأن كل ماقررته هو أن الخطبة والوعد بالزواج وقراءة الفاتحة وقبض المهر وقبول الهدية لاتكون زواجا . وهذا لايعني ان المشرع اراد من ذلك اعتبارها وعد ا بالزواج .
ولاشك أن نص هذه المادة يثير التساؤل التالي : اذا لم تكن الخطبة زواجا فما هي اذن ؟ هل هي وعد بالتعاقد ؟ أم انها اتفاق من نوع خاص له سماته ومقوماته المتميزة ؟ هذه وغيرها أسئلة تركها المشرع دون اجابة .ان الخطبة بما لها من مقومات وسمات وآثار خاصة تتطلب اعادة النظرفي تكييفها القانوني والفقهي .وذلك من خلال منظور جديد ورؤية فقهية خاصة لاكسابها سمات خاصة تتناسب مع أهميتها الاجتماعية . وهذا يقتضي وقفة تحليلية ناقدة لعملية الربط القائمة حاليا بين الخطبة والوعد بالتعاقد .فالخطبة تختلف شكلا ومضمونا عن الوعد بالتعاقد بمفهومه الشرعي والقانوني . انها ليست وعدا بالتعاقد. بل عقد تمهيدي .نوان بلورة مفهوم التمهيد لعقدالزواج وـأصيله ووضعه في اطاره القانوني وبيان ما يترتب عليه من من آثار فقهية وقانونية ستؤكد صحة هذه الرؤية :واذا كان الفقه والقضاء قد تعرضا بسرعة لفكرة التمهيد لعقد الزواج وعلاقتها بمفهوم الخطبة الا ان ذلك لم يكن سوى آراء لاتزال في طورها الجنيني ولا يمثل سوى أفكار متعجلة لم تستوعب المفاهيم التي قامت عليها الخطبة .ويرى الاستاذ الدكتور عبد الرزاق الشيخ نجيب في بحثه القيم حول جوانب الموضوع أنه لابد من تطوير هذه الآراء المعاصرة واستكمالها باتجاه مفهوم العقد التمهيدي لتحقيق التوافق والانسجام وملاءمة مع الطبيعة الحقيقية للخطبة وحكمتها والغاية من تشريعها .
اترك تعليقاً