العقاب على الامتناع في جرائم الانترنت – تجريم الامتناع .
الواقع يؤكد أن الركن المادى للجريمة يقوم كما هو متعارف عليه قانوناَ على “سلوك”، وهذا السلوك إما أن يكون إيجابيا يتخذ صورة “الفعل”، وإما يكون سلبيا يأخذ صورة “الامتناع”، ويعرف الامتناع بأنه “القعود عن أداء عمل إيجابى يحرص القانون على أدائه”.
وفلسفة “تجريم الامتناع” بجانب الفعل الإيجابى تتمثل فى أن المشرع يلزم الناس فى بعض الأحيان بالكف عن الأفعال التى تنال من الحقوق والمصالح التى يهدف إلى حمايتها، ويستوى لديه أن يقع النيل من الحق أو المصلحة محل الحماية بارتكاب الفعل المجرم أى فى صورة سلوك إيجابى أو بالتخلى عن أداء العمل الواجب أى سلوك سلبى.
فلسفة تجريم الامتناع
ولهذا كان “تجريم الامتناع” يقتدى سبق الالتزام بعمل يفرضه قانون العقوبات، فإن لم يوجد التزام أصلا أو وجد ولكن كان التزام أخلاقى أو دينى، فإن الامتناع عن أداء العمل لا يعد جريمة، ويترتب على ذلك أن من يشاهد غريقا يحوطه الموج والموت فلا ينقذه لا يعتبر قاتلا ولو لم يكن على الشاطئ غيره وكان انقاذ الغريق لا يعرضه لأى خطر بل ولو كان راغبا فى موت من غرق إذ لا يوجد عليه أى التزام قانونى بإنقاذ هذا الغريق.
أما إذا كان على الممتنع واجب قانونى يفرض عليه الحفاظ على حياة غيره وسلامته من الغرق فان الأمر عندئذ يختلف كحال السباح الذى يعين حراسة لإنقاذ الناس من الغرق، هذا ولقد حفل قانون تقنية المعلومات بفرض العديد من الالتزامات القانونية على أشخاص بصفتهم وذواتهم فالزمهم بالقيام بأعمال محددة ثم رصد عقوبة جنائية على امتناعهم أو أحجامهم عن اداء هذه الأعمال.
العقاب على الامتناع
فى التقرير التالى، نلقى الضوء على العقاب على الامتناع فى جرائم تقنية المعلومات طبقا للقانون رقم 175 لسنة 2018 حيث إنه يمكن القول بوجه عام إن كافة جرائم الامتناع فى قانون تقنية المعلومات تفترض صفة خاصة فى فاعلها بأن يكون مقدم خدمة، وهو أى شخص طبيعى أو اعتبارى يزود المستخدمين بخدمات تقنيات المعلومات والاتصالات، ويشمل ذلك من يقوم بمعالجة أو تخزين المعلومات بذاته أومن ينوب عنه فى أى من تلك الخدمات أو تقنية المعلومات، فهى من جرائم الفاعل الخاص – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر فاروق الأمير.
الحبس والغرامة لعدم تنفيذ قرار المحكمة بحجب الموقع
فى البداية فرض المشرع فى المادة 30 من قانون جرائم تقنية المعلومات على مقدم الخدمة تنفيذ قرارات المحكمة – بحجب المواقع الالكترونية – التى تبث داخل الدولة أو خارجها، بوضع أى عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أية مواد دعائية، أو ما فى حكمها مما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتشكل تهديدا للأمن القومى أو تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومى للخطر، أن تأمر بحجب الموقع أو المواقع محل البث، كلما أمكن تحقيق ذلك فنيا.
العقوبة تصل للسجن المشدد وغرامة 20 مليون جنيه
كما أن المشرع رصد عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تجاوز مليون أو إحدى هاتين العقوبتين لكل مقدم خدمة امتنع عن تنفيذ القرار الصادر من المحكمة الجنائية المختصة بحجب أحد المواقع أو الروابط أو المحتوى المُشار إليه فى الفقرة الأولى من المادة 7 من هذا القانون، وشدد المشرع العقاب إذا ترتب على الامتناع عن تنفذ القرار الصادر من المحكمة وفاة شخص أو أكثر أو الأضرار بالأمن القومى وتكون العقوبة السجن المشدد وغرامة لا تقل عن ثلاثة ملايين جنيه ولا تجاوز عشرين مليون جنيه، وتقضى المحكمة فضلا عن ذلك بإلغاء ترخيص مزاولة المهنة – وفقا لـ”الأمير”.
ومن ناحية ثانية، فرض المشرع على مقدم الخدمة وفقا للبند 2 من الفقرة أولا من المادة الثانية على مقدم المحافظة على سرية البيانات التى تم حفظها وتخزينها، وعدم إفشائها أو الإفصاح عنها بغير أمر مسبب من إحدى الجهات القضائية المختصة، ويشمل ذلك البيانات الشخصية لأى من مستخدمى خدمته أو أى بيانات أو معلومات متعلقة بالمواقع والحسابات الخاصة التى يدخل عليها هؤلاء المستخدمون، أو الأشخاص والجهات التى يتواصلون معها، ثم رصد فى المادة 32 عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ثم عدّد عقوبة الغرامة بتعدد المجنى عليهم من مستخدمى الخدمة.
حبس وغرامة مقدم الخدمة حال عدم تنفيذ قرارات جهات التحقيق
فيما ألزم المشرع مقدم الخدمة فى المادة 6 منه بتنفيذ قرارات سلطة التحقيق المسببة بشأن تسليم ما لديه من بيانات أو معلومات تتعلق بنظام معلوماتى أو جهاز تقنى، موجودة تحت سيطرته أو مخزنة لديه، وكذا بيانات مستخدمى خدمته وحركة الاتصالات التى تمت على ذلك النظام أو الجهاز التقني، ثم رصد فى المادة 32 منه عقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، لمقدم خدمة امتنع عن تنفيذ القرار الصادر من جهة التحقيق المختصة بتسليم ما لديه من تلك البيانات أو المعلومات.
للمحكمة الغاء التراخيص حال الإخلال بالعقد
بينما الزم القانون مقدم الخدمة فى البند 1 من الفقرة أولا والفقرة الثانية من البند رابعا من المادة ثانيا، بحفظ وتخزين سجل النظام المعلوماتى أو أى وسيلة لتقنية المعلومات لمدة 180 يوما متصلة وهى البيانات التى تمكن من التعرف على مستخدم الخدمة، والبيانات المتعلقة بمحتوى ومضمون النظام المعلوماتى المتعامل متى كانت تحت سيطرته والبيانات المتعلقة بحركة الاتصال والبيانات المتعلقة بالأجهزة الطرفية للاتصال، وتوفير أيه معلومات يقدر الجهاز أهميتها لحماية مستخدمى الخدمة، ويحددها قرار من الوزير المختص، ثم رصد فى المادة 33 عقوبة الغرامة التى لا تقل عن 5 ملايين جنية ولا تجاوز 10 ملايين لكل مقدم خدمة أخل بأى من التزاماته السابقة، وضاعف عقوبة الغرامة فى حالة العود، وللمحكمة القضاء بإلغاء الترخيص – هكذا يقول “الأمير”.
ومن ناحية أخرى، أوجب القانون على مقدم الخدمة طبقا للفقرة الثالثة من المادة الثانية ثالثا: مع مراعاة حرمة الحياة الخاصة التى يكفلها الدستور، يلتزم مقدمو الخدمة والتابعون لهم، أن يوفروا حال طلب جهات الأمن القومي، ووفقا لاحتياجاتها كافة الإمكانيات الفنية التى تتيح لتلك الجهات ممارسة اختصاصاتها وفقا للقانون، وعاقب مقدم الخدمة الممتنع بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وبالغرامة التى لا تقل عن 200 ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً