العقو بات التأديبية
عقوبة تفرض على الموظف الذي يخل بواجبات الوظيفة العامة، فهي لا تمس الموظف في شخصه أو حريته أو أمواله الخاصة، بل تقع على مزايا الوظيفة فتحرمه البعض منها، وتقسم العقوبات التأديبية الى نوعين:
عقوبة معنوية: وتهدف الى تحذير الموظف وتنبيهه ويطلب منه ان ينهج نهجاً قويماً في سلوكه المستقبلي مثل التنبيه أو اللوم.
العقوبات المادية: تهدف الى حرمان الموظف من المزايا المقررة في القوانين أو حتى الحرمان من الوظيفة نفسها. لقد أخذ المشرع العراقي بمبدأ شرعية العقوبة التأديبية فأورد حصراً للعقوبات التي يجوز فرضها على الموظف في المادة (8) من القانون النافذ وهي[48]:
1-لفت النظر: هي أولى العقوبات وأخفها ويجب ان تكون مكتوبة ومسببة وتتضمن توجيهها للموظف لتحسين سلوكه الوظيفي، اما أثر العقوبة فهي تأجيل الترفيع أو الزيادة ثلاثة أشهر.
2-الإنذار: هي ثاني العقوبات ويجب ان تكون مكتوبة ومسببة وتتضمن تحذيراً للموظف من الإخلال بواجبات وظيفته مستقبلاً، ويترتب على فرض هذه العقوبة تأخير الترفيع أو الزيادة مدة ستة أشهر.
3-قطع الراتب: ويكون بحسم القسط اليومي لمدة لا تتجاوز عشرة أيام بأمر تحريري تذكر فيه المخالفة التي ارتكبها الموظف ويترتب عليها تأخير الترفيع أو الزيادة وفقاً لما يلي:
أ- خمسة أشهر في حالة قطع الراتب لمدة لا تتجاوز خمسة أيام.
ب- اما إذا عوقب الموظف بعقوبة قطع الراتب لمدة تتجاوز الخمسة أيام فإن ترفيعه وزيادته تتأخر بمقدار شهر واحد عن كل يوم من أيام قطع الراتب.
4-عقوبة التوبيخ: ويكون بإشعار الموظف تحريرياً بالمخالفة التي ارتكبها، فيجب ان تكون مكتوبة ومسببة مع ضرورة الطلب من الموظف بوجوب اجتناب المخالفة وتحسين سلوكه الوظيفي، اما عن أثرها التبعي فهي تأخير ترفيع الموظف ونيله الزيادة مدة سنة واحدة.
5-إنقاص الراتب: يكون بقطع راتب الموظف بنسبة لا تتجاوز 10% من راتبه الشهري لمدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنتين على ان تكون مكتوبة ومسببة وتتضمن تحديداً لمدة الإنقاص، ويترتب على هذه العقوبة تأخير الترفيع أو الزيادة سنتين.
6-تنزيل الدرجة: ويكون بأمر تحريري يشعر فيه الموظف بالفعل الذي ارتكبه فبالنسبة للموظف الخاضع لقوانين أو أنظمة أو قواعد أو تعليمات تأخذ بنظام الدرجة المالية والترفيع تنزيل راتب الموظف الى الحد الأدنى للدرجة التي دون درجته مباشرة مع منحه العلاوات التي نالها فـي الدرجة المنزل منها ويعاد الى الراتب الذي كان يتقاضاه قبل تنزيل درجته بعد قضائه ثلاثة سنوات من تاريخ فرض العقوبة مع تدوير المدة المقضية[49].
مثال ذلك: فإذا كان الموظف يشغل الدرجة الخامسة أعيد الى الحد الأدنى للدرجة السادسة مع احتفاظه بالمدة التي قضاها بالدرجة المنزل منها باعتبارها حقاً مكتسباً إذ يمنح العلاوات السنوية في الدرجة المنزل اليها ويعاد الى راتبه الذي كان يتقاضاه قبل فرض العقوبة بعد مرور ثلاثة سنوات على تاريخ فرض العقوبة ويعاد الموظف بحكم القانون لا عن طريق الترفيع، وهل تشترط خدمة فعلية لغرض الإعادة؟ القانون لم يشترط هذا الوصف[50]، كما لعقوبة التنزيل أثار مالية أخرى:
أ-تخفيض مبالغ مخصصات الإيفاد والسفر رقم (38) لسنة 1980.
ب-يحرم الموظف المعاقب بتنزيل الدرجة من العلاوة السنوية استناداً لقرار (368) لسنة 1987[51].
ج-الترقية الوظيفية قرار (380) لسنة 1987[52].
د-التمتع بالإجازة الدراسية حسب ضوابط منح الإجازات الفقرة (3/ب) الصادرة تنفيذاً للقرار (930) لسنة 1980[53].
7-الفصل: تنحية الموظف عن الوظيفة تحدد بقرار الفصل مع تسبيب القرار حيث وضع القانون لعقوبة الفصل أجلين اثنين هما:
أ-مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاثة سنوات في حالة ما عوقب الموظف باثنين من عقوبات التوبيخ وأنقاض الراتب وتنزيل الدرجة أو بعقوبة واحدة من العقوبات المذكورة لمرتين وارتكب في المرة الثالثة خلال خمس سنوات من تاريخ فرض العقوبة الأولى فعلاً يستوجب معاقبته بإحداهما.
ب-مدة بقائه في السجن إذا حكم عليه بالحبس أو السجن عن جريمة غير مخلة بالشرف وذلك اعتباراً من تاريخ صدور الحكم عليه وتعد مدة موقوفيته من ضمن مدة الفصل.
ولكن ماذا لو حكم على الموظف بالسجن أو الحبس عن جريمة مخلة بالشرف فهل يفصل عن الوظيفة أم تفرض عليه عقوبة العزل؟ القانون ساكت إلا أنه يمكن الاستئناس بالقرار (979) لسنة 1978 الذي نص على أنه يعد الموظف من العاملين في دوائر الدولة مفصولاً من الخدمة العامة بعد خروجه من السجن على ان يعاد الى الخدمة العامة بعد خروجه من السجن إلا إذا فقد شرطاً من شروط التعيين وإذا وجد مانع من إعادته الى العمل الذي فصل منه فيعين في عمل آخر في الدولة[54]، علماً ان الموظف بعد انتهاء مدة الفصل يعاد وجوباً الى الوظيفة العامة.
8-العزل: من أشد العقوبات التأديبية أثر لأنها تفصم الرابطة الوظيفية فصماً نهائياً فلا تجوز إعادة توظيف الموظف المعزول في دوائر الدولة لهذا يجب أن تكون مكتوبة ومسببة من الوزير ولا تفرض إلا في الحالات التي نص عليها القانون وهي: أ-إذا ثبت ارتكاب الموظف فعلاً خطيراً يجعل بقائه في خدمة الدولة مضراً بالمصلحة العامة وتقدير خطورة ومدى مساسه بالمصلحة العامة متروك لجهة الإدارة تحت رقابة القضاء. ب-إذا حكم عليه عن جناية ناشئة عن وظيفته أو ارتكبها بصفته الرسمية ويشترط لتطبيق النص الآتي:
أن يرتكب الموظف جريمة من نوع جناية[55]، وان تكون الجريمة التي ارتكبها الموظف ناشئة من وظيفته أو ارتكبها بصفته الرسمية كجريمة الاختلاس والرشوة.
ج-إذا عوقب الموظف بعقوبة الفصل ثم أعيد توظيفه فأرتكب فعلاً يستوجب الفصل مرة أخرى.
علماً تسري مدة التأخير في الترفيع من تاريخ استحقاق الموظف الترفيع وإذا عوقب الموظف بأكثر من عقوبة خلال الدرجة الوظيفة الواحدة تطبق بحقه العقوبة الاشد فيما يتعلق بتأخير الترفيع مثال: إذا عوقب موظف بعقوبتي الإنذار أو الترفيع في نفس درجة الوظيفة التي يشغلها فأنه يتأخر ترفيعه مدة سنة واحدة فقط، أما عن صلاحيات فرض العقوبات فللوزير فرض أي من العقوبات الواردة في المادة (8) من القانون، اما رئيس الدائرة أو المخول له فرض العقوبات التالية فقط وهي: (لفت النظر والإنذار وقطع الراتب بما لا يتجاوز خمسة أيام والتوبيخ).
ويكون الطعن بقرارات فرض العقوبة أمام مجلس الانضباط ويشترط قبل الطعن اما تقديم تظلم عن العقوبة خلال (30) يوماً لدى الجهة التي أصدرته بانتهاء المدة الحقيقية أو حكماً ان تقدم الطعن أمام المجلس خلال (30) يوماً من تاريخ تبليغ الموظف برفض التظلم حقيقة أو حكماً، إضافة الى ذلك قد يتعرض الموظف للعقوبات الجنائية في حالة تجاوزه حدود الوظيفة أو إتيانه فعل مخل بالوظيفة العامة منها الرشوة والاختلاس وإتلاف محررات.. الخ والمنصوص عليها في قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969، اما الأضرار التي يتكبدها المال العام بسبب إهمال أو تقصير أو مخالفة القوانين والتعليمات فيتحملها الموظف وذلك استناداً لأحكام قانون التضمين رقم (12) لسنة 2002.
انتهاء الرابطة الوظيفية
تنتهي علاقة الموظف بوظيفته بعدة حالات ووفق القوانين التي تحكم شؤونه منها على طلبه ومنها بنص القانون الآتي:
أولاً: قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل وقد نظم الحالات التالية:
1-الاستغناء: هي أولى الحالات التي وردت في القانون حيث يتم الاستغناء عن خدمات الموظف المعين لأول مرة بموجب المادة (14) إذا ثبت عدم كفاءته خلال مدة التجربة وهي سنة واحدة ونصف السنة.
2-الإقصاء من الوظيفة إذا اثبت عدم توفر شروط التعيين المقررة قانوناً الواردة في المادة (7) منه كلها أو قسم منها في الموظف المعين لأول مرة بأمر من سلطة التعيين استناداً لأحكام المادة (62) منه.
3-الاستقالة: هي عملية إدارية تبدأ بتقديم الطلب وتنتهي الخدمة بالقرار الإداري الصادر بقول الاستقالة وهو مظهر من مظاهر إرادة الموظف في اعتزال الخدمة والقرار بقبول هذا الطلب هو بدوره مظهر من مظاهر إرادة الرئيس الإداري في قبول هذا الطلب وأحداث الأثر القانوني المترتب على الاستقالة، علماً ان الموظف الذي يستقيل من دون موافقة دائرته لا يستحق حقوقه التقاعدية استناداً لأحكام المادة (1/خامساً) من قانون التقاعد الموحد[56] وهي على نوعين:
أ-الفعلية التي يحصل عليها الموظف بموافقة رئيس الدائرة بعد تقديم طلب تحريري يطلب بها إحالته على التقاعد استناداً لأحكام المادة (35) منه وعلى المرجع ان يبت خلال مدة لا تتجاوز (30) يوماً ويعد الموظف منفكاً بانتهائها، وعلى هذا فأن الاستقالة حق للموظف لا علاقة بقبولها أو رفضها بالكفاءة[57]، وأن طلب الاستقالة يجب ان يصدر برضاء صحيح فيفسده ما يفسد الرضا من عيوب ومنها الإكراه ان توافرت عناصره[58]، وأن إلغاء قبول الاستقالة بعد صدور الأمر بقبولها أمر غير صحيح قانوناً، كما ان علاقة الموظف بدائرته لا تنقطع بمجرد تقديم الطلب باستقالته، بل بقبول تلك الاستقالة.
ب-إذا انقطع الموظف عن الوظيفة أو تأخر بالالتحاق بالوظيفة بعد تبليغه بالنقل أو لم يلتحق بالوظيفة بعد انتهاء إجازته استناداً لأحكام المادة (37) منه فيعد مستقيلاً بقوة القانون من دون إرادته.
ثانياً: قانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 المعدل:
حيث نص القانون على عدة حالات لإحالة الموظف على التقاعد منها الجوازية ومنها الوجوبية.
1-الإحالة الوجوبية: قضت المادة (1/ثانياً) من القانون على إحالة الموظف الى التقاعد (بقوة القانون) في حالات*: أ-عند إكماله سن الـ(63) من العمر بغض النظر عن مدة خدمته.
ب-ثبوت عدم صلاحية الموظف للخدمة بقرار من لجنة طبية رسمية.
ج-إذا أصيب الموظف أثناء الخدمة بمرض يستوجب علاجه مدة طويلة أو كان من الأمراض المستعصية بتقرير صادر من لجنة طبية مختصة مهما بلغت الخدمة وتعد خدمة الموظف (15) سنة إذا كانت أقل من ذلك استناداً لأحكام المادة (2) من القانون. د-وفاة الموظف أثناء الخدمة، المادة (6/ثانياً) من القانون، كما أن الموظف الذي يتوفى قبل مباشرة الوظيفة مشمول بإحكام هذه المادة.
2-الإحالة الجوازية: وتتم بطلب مقدم من قبل الموظف الى الإدارة لإحالته الى التقاعد وعلى الوزير أو من يخوله أن يبت بطلبه خلال مدة (45) يوماً من تاريخ تسجيل الطلب في دائرة الموظف وبعكسه يعد محال على التقاعد وهي حالتين:
أ-إذا أكمل الموظف (50) سنة من العمر فأكثر بغض النظر عن مدة خدمته[59].
ب-إذا كانت لديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (25) سنة بغض النظر عن عمره.
وفي هذا الشأن أصدرت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة قرارها الآتي (إحالة الموظف على التقاعد من دون تقديم طلب منه ومن دون إكمال السن القانونية لا سند له من القانون لأن القرار الإداري يكون معيباً بعيب السبب)[60]، (إذا قدم الموظف طلب لدائرته لإحالته على التقاعد وسجل وارد في دائرته فإنه لا يمنح الحق لدائرته الاستغناء عن خدماته اثناء النظر بالدعوى، بل يلزمها إحالته على التقاعد وتصفية حقوقه المالية تبعاً لذلك)[61].
3-حالات خاصة للتقاعد: نصت المادة (1/سادساً) بإحالة الموظف المعين على التقاعد بمرسوم جمهوري أو بأمر مجلس الوزراء أو رئيس الوزراء أو هيأة الرئاسة بالكيفية التي تم تعيينه فيها، وهم (الوزير، وكيل الوزير، المستشارين، المدير العام.. الخ).
: قانون انضباط موظفي الدولة رقم (14) لسنة 1991 المعدل:
في الواقع هناك حالتين تنتهي بها الرابطة الوظيفية للموظف بموجب هذا القانون وهما حالة الموظف المعزول وحالة الموظف المفصول حيث سبق وأن شرحنا هاتين العقوبتين سابقاً، وحيث أن كلتا العقوبتين تفرض على الموظف الذي يخل بواجبات الوظيفة العامة وجاء بفعل خطير يستوجب توجيه إحدى العقوبتين يفرض إحداها تنتهي الرابطة الوظيفية:
أ-عقوبة العزل حيث بفرضها يتم إنها الرابطة الوظيفية للموظف نهائياً ولا يجوز إعادة توظيفه في دوائر الدولة إذا تم معاقبته بها استناداً لأحكام المادة (8/ثامناً).
ب-عقوبة الفصل إذا عوقب الموظف بعقوبة الفصل يتم تنحيته عن الوظيفة بمدة تحدد بقرار الفصل استناداً لأحكام المادة (8/سابعاً)، وقد قررت الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة في قرار لها بالآتي: (يكون الموظف مفصولاً بقدر مدة السجن وينبغي إعادته الى الوظيفة بعد خروجه من الحبس استناداً لقرار مجلس قيادة الثورة المنحل (997) لسنة 1978)[62].حيث أن عقوبتي العزل والفصل تقطعان الرابطة الوظيفية مع ملاحظة ان الموظف المعزول أو المفصول يستحق الحقوق التقاعدية عند إكماله سن الخمسين من عمره استناداً لأحكام المادة (1/خامساً) من قانون التقاعد رقم (27) لسنة 2006.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً