المعلم والطالب … «نظرة قانونية»
منصور الزغيبي
من المعلوم أن العلاقات الإنسانية متعددة، ومن أهم أنواعها علاقة المعلم بالطالب وعلاقة الطالب بالمعلم، وهي تعتبر أهمها؛ لأنها علاقة تفوق الكثير من العلاقات الإنسانية، ولأنها علاقة يطغى فيها الجانب التربوي والتعليمي، وهذا النوع من العلاقات يحتم وجود قواعد قانونية تضبطها وترسم مسارها بالشكل الصحيح، بعيداً عن الاجتهادات التي جوهرها المزاج.
لقد أصبح من الضروري تعزيز الوعي القانوني داخل البيئة التعليمية، وخصوصاً بين المعلمين والمعلمات وكل من يقصد سلك التعليم من الجدد، والطلاب والطالبات، وهذا يكون من خلال تطوير القوانين واللوائح وتحديثها في شكل مستمر، التي ترسم مسار العلاقة بينهما بشكل يحقق هدف التعليم، لتقويم السلوك، وتعزيز حس المسؤولية والالتزام والتقيد بأخلاقيات المهنة، ومعرفة المهمات وترتيبها، ما ينعكس على العملية التعليمية وواقعها.
إن ضعف مستويات الوعي القانوني لدى المعلمين والمعلمات، وكذلك الطلاب والطالبات، ينعكس سلباً على البيئة التعليمية، ويكون واقع الأجيال هشاً وضعيفاً على المستويين السلوكي والمعرفي، وغير قادر على بناء ذاته ووطنه.
وإذا نظرنا إلى الساحة وجدنا الطرح والمعالجة والتأليف في هذا الموضوع ضعيفاً ونادراً جداً، على النقيض منه في المجتمعات الغربية التي أعطت هذا الموضوع أولية واهتماماً عالياً وجعلته أساساً لنهضتهم التعليمية، وفي 2011 صدر كتاب جميل جداً يعتبر الأول في تصنيفه، بحسب علمي، في الفترة الراهنة، ولا أعرف له موازياً، إذ تناول فصولاً مهمة وعميقة، عنوانه: «الوعي القانوني للمعلمين» تأليف الدكتور رجب العويسي.
وأشار الكتاب إلى بعض الحلول الجميلة، بعنوان فرعي مستقل: «مقترحات لبناء الوعي القانوني» في نهاية الكتاب، وهي بشكل موجز ومختصر كالتالي: ضرورة الاستعانة بذوي الخبرة في هذا المجال، لتنفيذ دورات تدريبية وورش عمل لنشر الوعي القانوني، وكذلك تعزيز ممارسات المعلم الإيجابية، وأن تكون جميع المستويات الإدارية المشرفة والمتابعة لعمل المعلم ملتزمة بالأنظمة واللوائح، وهذا يسهم في خلق ثقافة قانونية في إطار صناعة القدوات بالمؤسسة التربوية، وأيضاً تنفيذ حلقات عمل منتظمة وفي شكل دوري لإطلاع المعلمين على المستجدات القانونية، وقياس مدى الوعي القانوني لديه بها. وتنفيذ مسابقات قانونية لقياس مدى المعرفة باللوائح والتشريعات على جميع المستويات الإدارية، والتركيز على المعلم المبتدئ في تنفيذ دورات عن الوظيفة العامة، وحقوقه وواجباته قبل الالتحاق بالخدمة، وتفعيل البريد الإلكتروني وتفعيل دور الشؤون القانونية، من خلال تنفيذ خطة عملية لبناء الوعي القانوني لدى جميع شرائح الحقل التربوي، وإدخال مادة القانون من بداية المراحل الأولى لتأسيس جيل جديد قانوني.
خلاصة القول أن تعريف المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات بالقوانين واللوائح المرتبطة في أعمالهم ودراستهم وسلوكهم ومسارهم التعليمي يعزز احترام القانون لديهم والالتزام به، ويجعل للقوانين فاعلية وأثراً، ويتحقق الهدف الجوهري من تأسيسها، ومن الضروري إدراج مادة قانونية تثقيفية، وكذلك معرفة مستوى الواقع القانوني داخل البيئة التعليمية لأجل العمل على معالجته وفق آلية موضوعية، ووضع خطة مدروسة، والاستفادة من التجارب العالمية في هذا الحقل المهم جداً.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً