غالبا ما تقع الجريمة من قبل شخص واحد اذا فكر وحده بالمشروع الاجرامي وصمم على تنفيذه ونفذ الوقائع المادية المؤدية الى الجريمة .
وفي حالات اخرى تقع الجريمة من مجموعة من الاشخاص يتعاونون على ارتكابها . وقد تتماثل ادوارهم وما يقومون به من نشاطات مادية او معنوية في تحقيق النتيجة الجرمية وقد تختلف. فقد يقتصر دور البعض على التهيئة والتحضير فيما يقوم الاخرون بالافعال المادية ، كما قد يقوم البعض بالتحريض على الجريمة فيما ينفذ الباقون موضوع التحريض ، او ربما يستخدم شخص غيره لارتكاب جريمة ويكون هذا الغير غير مسؤول قانونا عن هذه الجريمة. هذه الحالات التي يساهم فيها اكثر من شخص في ارتكاب جريمة واحدة تسمى بالمساهمة الجنائية او كما يسميها البعض الاخر بالمساهمة في الجريمة او الاشتراك فيها.
يتضح مما تقدم ان المساهمة في الجريمة تعني اشتراك شخصين او اكثر في جريمة واحدة سواء تماثلت ادوارهم او اختلفت في ارتكابها. وحتى تتحقق المساهمة لابد ان يتوافر شرطان:
1- تعدد الجناة:
وهو ان يقوم شخص بالتعاون مع غيره في تنفيذ جريمة ما، سواء تماثلت ادوارهم في الجريمة كما لوقام كل منهم بأطلاق النار على شخص المجني عليه فأردوه قتيلا، او ما اذا قام شخصان بسرقة منزل فحمل كل منهما جزء من المال المسروق.
وقد تتباين ادوارهم في الجريمة كما لوقام الاثنان بسرقة المال وحمل كل منهما جزء من المال المسروق فيما قام الثالث بمراقبة الطريق. المهم في تحقق المساهمة ان يكون اكثر من شخص ساهم في ارتكاب جريمة ما سواء اشترك بعضهم في التخطيط دون التنفيذ او اشتركوا جميعا في التخطيط والتنفيذ.
2– وحدة الجريمة:
لا يكفي الشرط الاول لقيام المساهمة الجنائية بل لابد من تحقق شرط آخر هو وحدة الجريمة المرتكبة ، وتكون نتيجة التعاون المشترك بين الجناة. كما لو تعاون شخصان على قتل ثالث وفعلا تم ازهاق روحه نتيجة هذا التعاون ، بغض النظر عن دور كل منهما في تحقيق النتيجة الجرمية . على ان وحدة الجريمة تعني وحدة ركنيها المادي والمعنوي.
يعتبر الركن المادي للجريمة التي يتعاون على ارتكابها اكثر من شخص هو وحدة النتيجة التي قصدها الجناة من تعاونهم .
فاذا ما كانت النتيجة المقصودة واحدة كان الركن المادي لها واحدا. ولا يختلف الامر بعد ذلك فيما اذا كانت هذه النتيجة قد تحققت بفعل مادي واحد كما لوقام شخصان باطلاق النار على المجني عليه فأردياه قتيلا. او ان النتيجة تحققت بأكثر من فعل مادي كما لوقام احد الجناة بكسر باب المنزل ، بينما قام الاخران بفتح الباب وسرقة الاموال ، فاعمال الجناة الثلاثة تهدف جميعها الى تحقيق نتيجة واحدة الا هي جريمة السرقة ، والتي تعتبر اعتداء على حق يحميه القانون .
مثال: عامل في البنك يتفق مع مرتكب الجريمة فيترك لهم مثلا باب البنك مفتوح ورغم أنه قام بفعل يؤدي لارتكاب الفعل إلا أنه لا يعتبر فاعل وإنما شريك لأنه فتح الباب ولم يكن متواجد وقت الجريمة ولم يعاصر الجريمة.
فالتكملة للمادة 40 من ق ع:» أو حرض على ارتكاب الفعل بالهبة أو الوعد أو إساءة استعمال السلطة أو الولاية أو التحايل أو التدليس الإجرامي «
2/ الصنف الثاني (المحرض):فهو فاعل حسب المشرع الجزائري
فالتحريض: هو دفع الجاني إلى ارتكاب جريمة، وذلك بالتأثير على إرادته وتوجيهها التي يريدها المحرض بوسائل مادية.
فلابد من تواجد في التعريف إرادتين محرِض و محَرض ( يقوم بالجريمة وفق من حرضه ) فهو خاضع لإرادة المحرض كالذي أتى بالركن المادي هو محرض فهو فاعل ( ويعاقب على أساس أنه ضعيف الشخصية ) لكن الأصل في المحرض يعتبر شريك لأن فعله سابق ولم يكون على صرح الجريمة وحتى تقوم جريمة التحريض:
1. لابد أن يكون التحريض مباشر وبالتالي مؤثر.
2. أما التحريض غير المباشر فهو لا يسأل المحرض لأنه غير مباشر لا يعتد به.
لكن الفقهاء يقولون أن هناك تحريض غير مباشر لكن فيه نوع من الإغراء ( تحريض مع وعد معين / تسليم الفاعل مال مثلا)
المادة 46 ق ع:» إذا لم ترتكب الجريمة المزمع (المراد) ارتكابها لمجرد امتناع من كان ينوي ارتكابها بإرادته وحدها فإن المحرض عليها يعاقب رغم ذلك بالعقوبات المقررة لهذه الجريمة «
قبل 1982: كان المحرض يعاقب على أساس أنه شريك في الجريمة هذا إذا ارتكبت الجريمة
إذا لم ترتكب الجريمة يعاقب المحرض وفق المادة 46 من ق ع فالمحرض يعاقب على التحريض وليس على أساس الجريمة.
فالمحرض فاعل سواء ارتكبت الجريمة أو لم ترتكب.
فالمحرض في القانون الجزائري فهو فاعل حسب المادة 46 ق ع و41 ق ع في التحريض.
3/ الفاعل المعنوي أو الفاعل بالواسطة:
المادة 45 ق ع:» من يحمل (يدفع) شخصا لا يخضع للعقوبة بسبب وضعه أو صفته الشخصية على ارتكاب الجريمة ويعاقب بالعقوبات المقررة لها «
المادة 41 تناقض المادة 46 من قانون العقوبات.
ففي الفاعل المعنوي فيه الإرادة.
أما في جريمة التحريض تنعدم الإرادة.
ماعدا ذلك فهو يعتبر شريك (أي الركن المادي /التحريض/الفاعل المعنوي).
المادة 42 ق ع:» يعتبر شريكا في الجريمة ما لم يشترك اشتراكا مباشر و لكنه ساعد بكل الطرق أو عاون الفاعل أو الفاعلين على ارتكاب الأفعال التحضيرية أو المسهلة أو المنفذة لها مع علمه بذلك «.
ساهم مساهمة غير مباشرة
-هل هذا الشريك الذي قام بفعل إجرامي هل هو تابع للفاعل أو تابع من فعل ؟.
هل للشريك إجرام خاص به أم لا ؟
وهل هذا الشريك يعاقب على جريمة خاصة به و هي إعطاء السلاح أم أنه يعاقب على أساس انه تابع لفعل الفاعل ؟ هناك عدة نظريات بهذا الشأن و هي:
1- نظرية الاستعارة. ليس للشريك إجرام خاص به و إنما يستعير إجرامه من إجرام الفاعل ففعله مرتبط بإجرام أو فعل الفاعل فهو مربوط في العقوبة بعقوبة الفاعل و التالي فالشريك ليس له جريمة خاصة به و إنما تابع لفعل الفاعل القائم بالجريمة فإذا عوقب الفاعل بالإعدام يعاقب الشريك أيضا بالإعدام . => لكن هذه النظرية غير منطقية لأن كل شخص له ظروفه الخاصة مثل . المشاركة في التزوير مع قاضي فالقاضي تشدد عليه العقوبة أكثر من المشارك أيضا المشاركة في سرقة فالشخص المعتاد ( يكرر الجريمة ) تشدد عليه العقوبة على عكس الثاني الذي سرق لأول مرة و هي نظرية مهجورة .
2-نظرية التبعية مع وحدة الجريمة معنى هذا أن الشريك له إجرام خاص به مستقل عن إجرام الفاعل و مادام يشتركان في وحدة الجريمة فإن ارتكاب الجريمة شرط لمعاقبة الشريك . فالشريك يتبع الجاني في وقوع الجريمة ماعدا ذلك فكل مستقل عن الآخر ماعدا المادة 46 ق ع( التي تعاقب المحرض حتى و لم تقع الجريمة ).المادة 44 من ق ع:» يعاقب الشريك في الجناية أو جنحة بالعقوبة المقررة للجناية أو الجنحة و لا تؤثر الظروف الشخصية التي ينتج عنها التشديد أو التخفيف في العقوبة أو الإعناء عنها إلا بالنسبة للفاعل أو الشريك الذي تتصل به هذه الظروف «.
ملاحظة: و هذا دليل على استقلال الشريك عن الفاعل .
الفقرة الثانية و الظروف الموضوعية اللصيقة بالجريمة التي تؤدي إلى تشديد أو تخفيف العقوبة التي توقع على من ساهم فيها يترتب عليها تشديدها أو تخفيفها بحسب ما إذا كان يعلم أو لا يعلم بهذه الظروف .
فالظروف الموضوعية هي العلم بالجريمة المراد ارتكابها ( كل حسب علمه ) مثلا . السرقة في الليل هي جناية. السرقة في النهار هي جنحة
– وكل يعاقب حسب سرقته في الليل ( على أساس جناية ) و في النهار على أساس ( جنحة ) كل مستقل بظروفه .
الظروف الشخصية .
المادة 43 ق ع:» بأخذ حكم الشريك من اعتاد أن يقدم مسكنا أو ملجأ , أو مكانا للاجتماع لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف عند أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص أو الأموال مع علمه بسلوكه الإجرامي «.
فالمادة 43 ق ع حالة خاصة ليس صاحبها كشريك و إنما هو قدم مسكن لمجموعة من الأشرار فيعتبر شريك في الجريمة التي اقترفها هؤلاء الأشخاص الذين ارتكبوا الجريمة ( مثلا سرقة ) فهو شريك معهم في السرقة لأنه قدم لهم الملجأ مع علمه بأنه قدم هذا المسكن لمجموعة من الأشرار مع اعتياده بذلك ( اعتياد على تقديم المأوى لهؤلاء الأشخاص ) أما إذا كان لا يعمل ولا يعتاد فهو ليس شريك فلابد من توفر شرط “العلم والاعتياد”.
الركـن الثـاني (الركـن المعنـوي):
الركن المعنوي مهم لأنه مرتبط بالعقوبة ( تظهر أهميته في العقوبة ) ومرتبط بالمسؤولية الجنائية. فهو عملية نفسية تستنتج من الظروف المحيطة بالجريمة.
عناصر الركن المعنوي:
1/ العلم
2/ الإرادة
1/ العلم: أي العلم بكافة عناصر الجريمة.
2/ الإرادة: أي إرادة ارتكاب الجريمة ( الشخص مدرك لارتكاب الجريمة ) أي لابد للشخص أن يعلم أنه يرتكب جريمة أي فعل غير مشروع ويكون هو يريد أن يرتكب الجريمة وبتوافر هذين الشرطين نكون أمام جريمة عمدية بتوفر العلم والإرادة ( عناصر القصد الجنائي ) وفي حالة تخلفهما نكون أمام جريمة غير عمدية
فإذا تحقق القصد الجنائي نكون أمام جريمة عمدية.
أما إذا لم تتوفر القصد الجنائي نكون أمام الشروع.
* الجريمة غير العمدية: إرادة دون علم فهي غير عمدية
المادة 288 ق ع:» كل من قتل خطأ أو تسبب في ذلك برعونة أو عدم احتياطه أو عدم انتباهه أو عدم مراعاته الأنظمة يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 1.000 إلى 20.000 دينار « .
* أنواع القصد الجنائي: القصد المحدود / القصد غير المحدود. كلاهما يسأل عن جريمة عمدية.
1/ القصد المحدود: إذا أراد قتل شخص محدد (س).
2/ القصد الغير محدود: كقتل أي شخص يراه في الطريق.
3/ القصد الاحتمالي: إذا مات تسأل عن الجريمة لأنه تكون جريمة عمدية أو غير عمدية.
الجرائم المتعدية القصد: تقع نتيجة أخرى غير المراد تحقيقها مثلا شخص يريد القتل يقتل الشخص يسأل جريمة عمدية.
الضرب يؤدي إلى القتل جرائم متعدية القصد ( النتيجة تخالفت ) فهي جريمة قائمة بذاتها هنا ينظر القاضي للظروف المحيطة بالجريمة ويحدد ما إذا كانت الجريمة عمدية أو غير عمدية وبالتالي يتحمل المسؤولية الجنائية ( يتحملها الشخص الطبيعي ).
هل يسأل الشخص المعنوي عن المسؤولية الجنائية ؟
يكون أهلا لتحمل المسؤولية الجنائية مثلا مثل الإنسان يختلف في الحقوق اللصيقة بالشخص فقط وله إرادة لأن إرادته من إرادة مسؤوليه وممثليه القانونيين.
إذا تصرف باسم ولحساب الشخص المعنوي يسأل الشخص المعنوي ( الشركة مثلا ).
أما إذا تصرف المدير باسمه ولحسابه الخاص يسأل المدير.
لكن العقوبة تختلف:
* بالنسبة للشركة الغرامة أو حل هذه الشركة.
* بالنسبة للأشخاص الطبيعيين الإعدام مثلا.
– هناك حالات أخرى نذكرها فيما يلي:
موانع المسؤولية الجنائية: لتخلف العلم أو الإرادة أو الاثنين معا مثل:
1/ المجنون: ليس له إرادة ولا علم وأصبح مجنون وقت ارتكاب الجريمة مثلا شخص يكون في نوبات فهو لا يسأل عن المسؤولية الجنائية ( لا يطبق عليه السجن أو الإعدام) وإنما يسأل مدنيا ( مثلا يؤخذ إلى المصحة ).
2/ السكر: الشخص السكران باختياره فهو يسأل مسؤولية جنائية
أما الاضطراري لا يسأل يشرب دواء مثلا فيصبح سكران فيفقد إرادته ووعيه.
ii- المكره: هو يظهر في ثلاث حالات:
1/ الإكراه المادي:
أن الشخص الذي يرتكب الجريمة معدوم الإرادة لا علم له ولا إرادة مثلا شخص يدفع شخص فيموت.
2/ الإكراه المعنوي:
تؤثر على إرادة الشخص وإرادته غير سليمة مثلا بأن يخطف للشخص أبناءه ويرغمه على ارتكاب الجريمة. هنا إرادته غير سليمة وليست حرة فإرادته محل ضغط.
3/ حالة الضرورة: غالبا ما تكون سببها الطبيعة حالة فيضانات، حالة حريق فيخرج من المسكن في ذلك الوقت ويرتكب جريمة ضد شخص بريء لا علاقة له بالجريمة.
iii- صغر السن:
قسمها من الميلاد إلى 13 سنة 49 و50 و 51 ق ع
ومن 13سنة 18 سنة
– شخص ارتكب جريمة وهو عمره 12 سنة لا نستطيع إلا أن نطبق عليه تدابير التربية فقط.
– أما إذا كان عمره 18 سنة فيعاقب بتدابير الأمن.
التحقيق الابتدائي:
تنص عليه المادة 64 إجراءات جزائية: أن الضبطية القضائية في حالة تلبس يعتمد عليها حيث تقوم بمعاينة أولية أو وصف للجريمة ( يجب إذن من وكيل الجمهورية يظهره عند الدخول )
– في التحقيق الابتدائي يجوز تفتيش المساكن في غير حالة تلبس لكن برضاء صريح من صاحب المسكن مكتوب بخط يده أما في حالة التلبس يفتش المسكن بدون رضا صاحب المسكن.
– في حالة التفتيش وإيجاد الأشياء يبني عليها التحقيق ولا تبقى مجرد استدلالات.
– في الحالة العادية يحجز ويوقف 48 ساعة وهذا ما نصت عليه المادة 65 إ ج ثم يقدم لوكيل الجمهورية قبل 48 ساعة.
– يمكن لوكيل الجمهورية أن يمدد الحجز إلى 48 ساعة وتصبح مدة الحجز 96 ساعة وتمدد بإذن كتابي وتضاعف هذه الآجال في حالة الجرائم التي تمس جرائم أمن الدولة 192 ساعة.
هذا النص فيه تعسف – الضبطية القضائية تفتش أحيانا دون رضاء صاحب المسكن كذلك في مضاعفة المدة فيه تعسف.
الحالة الثالثة التي تقوم بها الضبطية القضائية تتمثل في:
الإنابة القضائية: أن قاضي التحقيق ينيب ضابط الشرطة القضائية ليقوم بالتحقيق وتصبح بمثابة المكانة القانونية ( بمثابة قاضي التحقيق هو الذي قام بها ) وهو تحقيق قانوني قضائي له حجة قانونية فقاضي التحقيق لا يفتش المساكن ولكن ضابط الشرطة القضائية هو الذي ينوب قاضي التحقيق لكن بشروط:
شروط الإنابة القضائية:
1) أن يكون ضابط الشرطة القضائية مختص.
2) أن يذكر فيها نوع الجريمة.
3) يجب أن تكون الإنابة مكتوبة لا شفوية.
4) يجب ذكر التاريخ.
5) يجب ذكر نوع الإجراء.
6) يجب أن تكون موقعة ومبهرة من طرف قاضي التحقيق.
هذه الإنابة تخول له جميع السلطات حسب المادة 139 إ ج تحدد له المدة التي يتقمص فيها هذا الإجراء حيث لا يجوز لضابط الشرطة أن ينوب قاضي التحقيق في استجواب المتهم ( الاستجواب لا إنابة فيه ) ما عدا ذلك فهو مباح.
إذا كان يفتش عن نقود وجد كمية من المخدرات هذه الجريمة الثانية حالة تلبس هذا إذا جاء نتيجة إجراءات مشروعة.