الاستعجال- وقف التنفيذ و طلب وقف تنفيذ القرارات الإدارية : ما الفرق؟
إن محرري قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد ( ق.إ.م.إ.) لسنة 2008 اعتبروا أنه من باب الفائدة إنشاء نظامين متميزين يجيزان المتقاضي تقديم طلب إلى القضاء الإداري بغرض تجميد بصفة مؤقتة قرار إداري: طلب وقف التنفيذ ( المادة 833) و الاستعجال- وقف التنفيذ ( المادة 919).هل أن هذين النظامين مختلفين حقا من حيث الشروط و الإجراءات ؟ استقر الرأي وسط المختصين أنه كان من الأجدر على محرري القانون الجديد إلغاء نظام وقف التنفيذ الذي كان ساريا في قانون الإجراءات المدنية لسنة 1966 ما دام القانون الجديد انشأ الاستعجال- وقف التنفيذ الذي يرمي إلى نفس الغاية و يستوجب نفس الشروط.
لا شك أن النظامين يتداخلان و لذلك قد يطرح سؤال حول النوايا الحقيقية لمحرري القانون الجديد. بالمقارنة فإن التشريع الفرنسي كان يعرف هو كذلك نظام وقف التنفيذ ( المادة 118R من قانون القضاء الإداري إلا أنه بعد إصلاح 30 جوان 2001 فإن المشرع الفرنسي أنشأ الاستعجال – وقف التنفيذ الذي عوض الأول.الاستعجال- وقف التنفيذ في القانون الفرنسي ما هو في الواقع إلا نظام وقف التنفيذ القديم مع تخفيف شروط منحه و تسهيل إجراءاته.الجديد الذي أدخله التشريع الفرنسي في الاستعجال- وقف التنفيذ مقارنة مع دعوى وقف للتنفيذ يتمثل أولا قي أن الأول يمنح من طرف قاضي فرد و ليس من التشكيلة الجماعية و قبوله لم يبقى متوقفا عل مفهومي ” الوجه الجديد الذي من شأنه تبرير إلغاء القرار الإداري المطعون فيه ” و ” الضرر الذي يصعب تداركه”. لا يوجد إذا ما يبرر الإبقاء على نظام وقف التنفيذ الذي لم يصبح له أي فائدة.
في الجزائر وفي غياب نشر المناقشات البرلمانية التي سبقت المصادقة على قانون الإجراءات المدنية و الإدارية فإنه من الصعب معرفة الأسباب القانونية و العملية التي دفعت المشرع إلى الإبقاء على النظامين على حد سواء. مما لا جدال فيه أن هذين النظامين متداخلين. تطبيقا للمادتين 833 و 919 ق.إ.م.إ. فللمتقاضي إذا آليتان منفصلتان تمكناه من وقف تنفيذ آثار قرار إداري يعتبره مخالف للقانون أو يمس بحقوقه : دعوى الاستعجل- وقف التنفيذ و دعوى وقف- التنيذ. ما هي الآلية إلي يجب إتباعها و ما هي الآلية الأكثر نجاعة.أمام القاضي الإداري يجب تحت طائلة عدم قبول الدعوى الإشارة إلى النص الذي يجب تطبيقه. من الأحسن في نظرنا خيار طريق الاستعجال- وقف التنفيذ عوضا من طريق طلب وقف التنفيذ و ذلك لسبب بسيط وهو أن شروط منحه هي شروط لينة و إجراءاته سريعة حتى و إن كان الإبقاء على التشكيلة الجماعية في الفصل في دعوى الاستعجال- وقف التنفيذ يعيق نوعا ما التدخل السريع للجهة القضائية .
بالنسبة لطلب وقف التنفيذ فإن المادة 833 ق.إ.م.إ. لا تستوجب أي شرط ما عدى ضرورة وجود دعوى في الموضوع.هل يعني ذلك أن الأمر بوقف التنفيذ يؤمر به بصفة آلية؟ طبعا لا لأنه على ضوء المادة 170-9 من قانون الإجراءات المدنية القديم المحرر في نفس الصيغة التي حرر ت فيها المادة 833 الجديدة فإن قضاء الغرفة الإدارية للمحكمة العليا و مجلس الدولة كان يستلزم نفس الشروط التي كان يطلبها القضاء الفرنسي لقبول طلب وقف التنفيذ أي 1)جدية الوسائل المحتج بها التي من شأنها حمل القاضي على إصدار حكم في الموضوع لصالح العارض 2) تقديم وجه خاص من شأنه إحداث شك جدي حول مشروعية القرار 3) الخطر من أن تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه من شأنه إحداث عواقب يصعب تداركها. هذه الشروط توجد مجال تطبيق في دعوى وقف التنفيذ للمادة 833 ق.إ.م.إ..
هذا و بالنسبة لطلب وقف التنفيذ المرفوع أمام مجلس الدولة فإن المادة 912 ق.إ.م.إ. تستوجب نفس الشروط التي يطلبها القضاء في دعوى وقف التنفيذ أمام المحكمة الإدارية فيما أن هذه الشروط هي نفسها الشروط المطلوبة في الاستعجال- وقف التنفيذ للمادة 919 ق.إ.م.إ..الفرق الوحيد هو أن المادة 919 ق.إ.م.إ. تستوجب شرط ” الاستعجال ” فيما أن هذا الشرط مطلوب ضمنيا في آلية دعوى وقف التنفيذ ما دام ” الضرر الذي يصعب تداركه” يشكل في حد ذاته الاستعجال.
المادة 919 ق.إ.م.إ. التي تنظم آلية الاستعجال- وقف التنفيذ ما هي سوى تنسيخ للمادة 521L من قانون القضاء الإداري الفرنسي فكان من المفروض أن تستتبع إلغاء نظام وقف التنفيذ للمادة 833 ق.إ.م.إ.
الأستاذ براهيمي محمد
محامي لدى المجلس
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً