بواسطة باحث قانوني
الفرق بين الدعوى والطلب المستعجل
بقلم: القاضي حلمي الكخن
رئيس محكمة استئناف رام الله
نقلا عن حائط الفيس بوك الخاص بـ
مكتب المستشار للمحاماة والاستشارات القانونية – فلسطين
الفرق بين الدعوى والطلب المستعجل – محاماة نت
بقلم: القاضي حلمي الكخن
رئيس محكمة استئناف رام الله
كثيراً ما يقع الخلط بين مفهوم الدعوى وخصائصها ومفهوم الطلب المستعجل وخصائصه، فالدعوى كما عرفتها مجلة الأحكام العدلية في المادة 1613 منها (طلب أحد حقه بحضور الحاكم ويقال للطالب المدعي وللمطلوب المدعى عليه ويعرفها الفقه القديم والحديث (سلطة الالتجاء إلى القضاء للحصول على تقرير حق أو حمايته)، وعرفها جارسونيه وسيزاربرو بأنها (الحق المقرر لكل إنسان بمراجعة السلطة القضائية للحصول على حق مجحود أو مغتصب) فيما عرفها موريل بقوله (إن الدعوى هي وسيلة قانونية يمكن للشخص بواسطتها اللجوء إلى المحاكم للحصول على اعتراف بحقه وعند الاقتضاء لصيانة هذا الحق)، ويمكن القول أن جمهور الفقهاء قد عرف الدعوى بأنها (الوسيلة التي خولها القانون لصاحب الحق في الالتجاء إلى القضاء ولتقرير حقه أو حمايته).
وأيا كانت هذه التعريفات فإن هدف القضاء العادي في الأصل هو وضع حد للمنازعات التي تعرض عليه باتخاذ أحكام وقرارات فاصلة فيها بعد إتاحة المجال كافيا للمتقاضين لعرض موضوع النزاع وتقديم البينة على صحة وجهة نظر كل فريق، ويمحص القضاء ما يدلي به كل طرف، ويطبق عليه حكم القانون مبينا وجه الحق فيما يدعيه كل فريق حتى إذا ما فصل القضاء في النزاع فإن حكمه يكون قد بت في أصل الخلاف القائم بين المتداعين واضعا حدا للنزاع بينهم.
فإذا صدر حكم القضاء اعتبر ذلك عنوانا للحقيقة، إلا أن ضمانات التقاضي على اأهميتها البالغة جعلت التأخير في اتخاذ الأحكام والقرارات أمرا واقعا على الغالب مما يسبب للمتقاضين أضرارا لا يمكن تلافيها بالتعويض المادي، وأمام هذا الواقع مكن المشرع المتقاضين من اللجوء إلى طرق في التقاضي لا تتقيد بالإجراءات العادية لصون مصالحهم الظاهرة من غير تعرض لأساس حقهم الذي يبقى النزاع بصدده قائما أمام القضاء العادي، أو على الأقل مصانا لغاية تقديم الدعوى بشأنه أمام القضاء الموضوعي المختص.
فالقضاء المستعجل على هذا النحو هو قضاء وقتي لا يحسم النزاع المعروض عليه بشكل نهائي، ولا يتمتع القرار الصادر عنه بحجية القضية المقضية على أصل الحق وجوهره، بل يمكن تعديل مثل هذا القرار أو إلغائه إذا ما تغيرت الظروف أو اقتضت ذلك الأحوال المتبدلة من قبل قاضي الأمور المستعجلة ذاته، فيكون من باب أولى أن مثل هذا القرار لا يقيد المحكمة الناظرة بأساس النزاع والواضعة يدها على جوهر وأصل الحق، بل يتعلق مصيره بالحكم النهائي الذي يفصل في الدعوى لهذا فالقضاء المستعجل – كما قيل وبحق– هو نظام الإسعاف الأولي (الطوارئ) الذي يقي المراكز القانونية من الأخطار التي يمكن أن تهددها من جراء اتباع طريق التقاضي العادي.
(وقد قال ريال وهو أحد أعضاء شورى الدولة الفرنسي الذي عهد إليه في تأليف أصول المحاكمات الحقوقية في تعليل فصل القضايا المستعجلة ما معناه”، أن مدة نهار برمته أو بضع ساعات في بعض الظروف تجر أضرارا لا تعوض، وظلماً فادحا لا ظلم وراءه”.
ويترتب على ذلك أن القضاء المستعجل هو فرع من القضاء المدني، وبذلك فإن قاضي الأمور المستعجلة لا يفصل بصفه مؤقتة في المسالة المستعجلة إلا إذا كان القضاء المدني مختصا بالفصل في منازعه معينة، فعندئذ يكون القضاء المستعجل مختصا باتخاذ الإجراء المؤقت المتعلق بهذه المنازعة، فإذا كان القضاء المدني غير مختص بالفصل في أصل الحق فإن القضاء المستعجل غير مختص ولائياً هو الآخر في الإجراء المؤقت.
(والمقصود بالقضاء المدني المعنى الواسع منه بحيث يشمل جميع المحاكم النظامية بدائية وصلحية، وفي المسائل التجارية والعمالية عدا المحاكم الجنائية)، وعليه فإن الاختصاص الولائي متى انعقد لقاضي الأمور المستعجلة ينعقد له الاختصاص القضائي الذي يقوم على أساس إصدار الحكم الوقت بعد طرح النزاع أمامه بالأوضاع القانونية وبحث ظاهر المستندات المقدمة إليه، فاختصاص قاضي الأمور المستعجلة قضائيا يتقيد بالاختصاص الولائي ويدور وجوداً وعدماً بتحققه، فإذا كان قاضي الأمور المستعجلة مختصاً ولائياً، بات اختصاصه القضائي وجوبياً ولا يرد القول بأن قاضي الأمور المستعجلة غير مختص بالطلب المستعجل لمجرد التعليل بأن الأمر يستدعي البحث في موضوع النزاع، لأن بحث موضوع النزاع يخرج عن نطاق كونه قاضياً للأمور المستعجلة، ولأن موضوع النزاع مناط بالقضاء العادي (قاضي الموضوع).
وبالتالي يصبح لزاماً على قاضي الأمور المستعجلة وقد عرض عليه الطلب المستعجل أن يصدر حكمه في موضوع الطلب من خلال تلمس ظاهر المستندات المقدمة إليه في حكم يقتصر على الإجراءات التحفظية الوقتية بغير مساس بالموضوع، ويكون قراره معللاً ومسبباً وقابلاً للطعن بالطرق التي رسمها القانون.
اترك تعليقاً