الفرق بين دعوى المنافسة غير المشروعة ودعوى تقليد العلامة التجارية وفقاً للقانون المصري
الطعن 178 لسنة 32 ق جلسة 15 / 12 / 1966 مكتب فني 17 ج 3 ق 277 ص 1919 جلسة 15 من ديسمبر سنة 1966
برياسة السيد المستشار محمود توفيق اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوى، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشى.
————
(277)
الطعن رقم 178 لسنة 32 القضائية
)أ) علامات تجارية. “دعوى التقليد”. “دعوى المنافسة غير المشروعة”. مسئولية. “مسئولية تقصيرية”.
اختلاف دعوى المنافسة غير المشروعة عن دعوى تقليد العلامة التجارية. كون الخطأ في دعوى المنافسة هو مجرد تقليد العلامة التجارية. عدم توافره إلا إذا كان التشابه بين العلامتين مؤديا لتضليل الجمهور واحتمال إيقاعه في اللبس.
(ب) نقض. “مسائل الواقع”. محكمة الموضوع. علامات تجارية. “التشابه الخادع بين علامتين”.
قيام التشابه الخادع بين علامتين تجاريتين أو عدم وجوده من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بأسباب سائغة.
————-
1 – لئن اختلفت دعوى المنافسة غير المشروعة عن دعوى تقليد العلامة التجارية إلا أنه متى كان الخطأ الذى يسنده المدعى إلى المدعى عليه في دعوى المنافسة غير المشروعة هو مجرد تقليد العلامة التجارية فإن هذا الخطأ لا يتوافر إلا إذا كان التشابه بين العلامتين بحيث يؤدى لتضليل الجمهور واحتمال إيقاعه في اللبس بين العلامتين.
2 – تقرير قيام التشابه الخادع بين علامتين أو عدم وجوده هو من المسائل التي تدخل في سلطة قاضى الموضوع ومن ثم فلا معقب عليه من محكمة النقض في ذلك ما دام قد استند إلى أسباب تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل – كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – في أن الشركة الطاعنة رفعت على المطعون ضدهما الدعوى رقم 752 سنة 1952 تجارى أمام محكمة الاسكندرية الابتدائية طالبة الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بالامتناع عن إنتاج زهرة الغسيل التي تحمل علامة القديس سان جورج وبان يدفع للشركة الطاعنة تعويضا قدره 330 جنيها وفوائد بواقع 5% سنويا بسبب استعماله علامتها التجارية ونشر الحكم في جريدتين مع أحقية الشركة الطاعنة في زيادة التعويض طالما كان إنتاج هذا النوع من الزهرة مستمرا حتى يكف المطعون ضده الأول عن إنتاجه – وقالت الشركة الطاعنة في بيان دعواها أنها تملك علامة تجارية مكونة من رسم فارس معروف باسم القديس سان جورج داخل إطار وأن هذه العلامة هي المميزة لمنتجاتها منذ زمن بعيد وقد آلت ملكيتها إليها بطريق الشراء من شركة هودير سكازان وشركاهم التي تنازلت لها عنها بموجب محضر رسمي مسجل بقلم كتاب المحكمة المختلطة في 22/ 2/ 1909 برقم 53 سنة 54 قضائية وكانت الشركة البائعة تملك هذه العلامة منذ سنة 1899 إذ سجلتها في 23/ 12/ 1899 بسجل العلامات بتاريخ 23/ 12/ 1899 بمحكمة مصر المختلطة تحت رقم 22 سنة 25 قضائية وقامت الشركة الطاعنة في 3/ 5/ 1940 بتقديم طلب إلى إدارة العلامات التجارية طالبة تسجيل علامتها المذكورة وقد تم هذا التسجيل في 3/ 2/ 1943 وأشهر عنها بجريدة العلامات التجارية بالعدد رقم 18 الصادر في 7/ 2/ 1943 وتجددت حمايتها لمدة عشر سنوات ابتداء من 30/ 5/ 1943 واستطردت الشركة الطاعنة قائلة أن المطعون ضده أخل بأصول العلامات التجارية – إذ رغم علمه بأن العلامة المذكورة والتي تمثل صور القديس سان جورج تميز منتجاتها من زهرة الغسيل – فانه تقدم في 4/ 8/ 1941 – أي بعد سنة وخمسة شهور من تاريخ تقديم طلب الشركة الطاعنة – إلى إدارة العلامات التجارية طالبا تسجيل نفس العلامة بعد تحوير بسيط فيها – ولم يذكر في طلب التسجيل أنه يسجل العلامة لاستعمالها لمادة الزهرة بل لمواد الغسيل ومنتجاته ثم فوجئت الطاعنة باستعمال علامتها التجارية بوضعها على أكياس لزهرة الغسيل مماثلة للأكياس التي تنتجها ولما كانت المادة 25 من القانون رقم 57 لسنة 1939 تخول لكل صاحب شأن الحق في طلب الحكم بشطب العلامات – التي تكون قد سجلت بدون وجه حق فقد رفعت الشركة الطاعنة الدعوى المذكورة طالبة الحكم بالطلبات المنوه عنها آنفا تأسيسا على أن العبرة في ملكية العلامة هي بالأسبقية في الاستعمال وأن الشركة الطاعنة أسبق من المطعون ضده الأول في استعمال العلامة المذكورة إذ أنها عند صدور القانون رقم 57 لسنة 1939 بادرت بتقديم طلب لتسجيل علامتها في 30/ 5/ 1940 وتم تسجيلها في 3/ 2/ 1943 وأن المادة 39 من القانون المذكور تنص على أن العلامات التي تكون مستعملة عند بدء العمل بهذا القانون وتم تسجيلها في خلال سنتين من هذا التاريخ تعتبر أنها مسجلة منذ بدء سريان القانون – وتقول الشركة الطاعنة أن ما لجأ إليه المطعون ضده الأول من تقليد علامتها التجارية يعتبر طرقا احتيالية وبالتالي منافسة غير مشروعة تستوجب مسئوليته عن التعويض عملا بنص المادة 163 من القانون المدني كما تستوجب إعادة الشيء إلى أصله أو الحكم بأداء أمر معين متصل بالعمل غير المشروع طبقا لنص المادة 172 من القانون المدني – ومحكمة الاسكندرية الابتدائية قضت في 31/ 1/ 1959 برفض الدعوى فاستأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 175 لسنة 15 ق تجارى ومحكمة استئناف الاسكندرية قضت في 28 من فبراير سنة 1962 بتأييد الحكم المستأنف – فطعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وحدد لنظر الطعن جلسة 17/ 11/ 1966 وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه وإن كان قد استهل قضاءه بتقرير قاعدة عامة مؤداها أن دعوى التقليد الجنائية تختلف في أساسها عن دعوى المنافسة غير المشروعة المدنية وأن الحكم الصادر بالبراءة في الدعوى الأولى لا يمنع من مطالبة المضرور بالتعويض استنادا إلى دعوى المنافسة غير المشروعة إلا أن الحكم حين انتقل من التقرير القانوني إلى التطبيق استلزم – لقيام الخطأ في دعوى المنافسة غير المشروعة – وجود قدر من التشابه بين العلامتين من شأنه إيقاع الجمهور في خلط ولبس ومؤدى هذا أن الحكم تطلب في فعل الخطأ في دعوى المنافسة غير المشروعة ما يتطلبه القانون في فعل التقليد في دعوى التقليد وبذلك خلط بين فعلين متميزين وبالتالي بين دعويين مختلفتين بينما أن دعوى المنافسة غير المشروعة تختلف عن دعوى التقليد فالأولى دعوى مدنية أساسها الفعل غير المشروع الذى يكفى فيه أن يكون سلوك المدعى عليه خارجا عن السلوك المألوف مما يعتبر خطأ في حكم المادة 163 من القانون المدني دون حاجة إلى تطلب وجه شبه بين العلامتين على النحو المتطلب في دعوى التقليد ومن ثم فقد جاء الحكم مخالفا للقانون كما جاءت أسبابه متناقضة – كما تنعى الطاعنة بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنه انتهى في قضائه إلى نفى التشابه بين العلامتين تأسيسا على اختلاف المظهر العام في كل منهما وعلى اختلاف الأجزاء المكونة لهما من رأس الحصان والفارس وشكل الإطار الخارجي وشكل الكتابة ولون كل من العلامتين وترى الطاعنة أنه وإن كان الحكم قد اعتمد في القول بنفي التشابه – على المظهر العام للعلامتين إلا أنه يقوم في الواقع على أوجه الخلاف بين أجزاء العلامتين مع أن العبرة بأوجه التشابه وليست بأوجه الخلاف وإذ اعتد الحكم بأوجه الخلاف أكثر من اعتداده بأوجه الشبه فإنه يكون مخالفا للقانون – هذا إلى أنه خالف القانون أيضا حين اقتصر في المقارنة بين العلامتين على الرسم وحده دون الاسم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما يأتي “وبما أنه لا جدال في أن دعوى التقليد الجنائية تغاير في أساسها دعوى المنافسة غير المشروعة المدنية وأن الحكم الصادر بالبراءة في الدعوى الأولى أي دعوى التقليد لا يمنع من الرجوع على المتسبب في الضرر بطلب التعويض استنادا إلى دعوى المنافسة غير المشروعة، لكن الثابت في هذه الدعوى أن الخطأ وهو أول أركان هذه الدعوى الأخيرة – دعوى المنافسة غير المشروعة – غير قائم في حق المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الأول) فلا يكفى لتوافره أن يستعمل هذا الأخير علامة تشابه علامة الشركة المستأنفة (الطاعنة) لكى يقوم ركن الخطأ في جانبه بل يتعين لقيامه توافر درجة من التشابه بين العلامتين توقع الجمهور في لبس وخلط بين منتجات كل من الشركتين فلا يتحقق الخطأ بمجرد اشتراك العلامتين في بعض الحروف أو الرموز أو الصور بل أنه يتحقق بالتشابه أو التطابق الذى يكون في الصورة العامة التي تنطبع في ذهن جمهور المستهلكين فإذا كان الثابت في شأن العلامتين محل هذه الدعوى كما استظهرته المحكمة من مستندات الطرفين أنهما في مجموعها متغايران تغايرا تاما من حيث المظهر العام واللون والحجم كما أنهما متغايران تغايرا تاما من حيث التفصيلات التي لا تدق على جمهور المستهلكين وهى التفصيلات الخاصة باتجاه رأس الحصان والفارس في كل منهما وشكل الإطار الخاص بالعلامتين وشكل الكتابة في كليهما وكذلك لون كل منهما – يكون القول بتوافر ركن الخطأ في جانب المستأنف عليه الأول (المطعون ضده الأول) لمجرد استعماله علامة الفارس (سان جورج) التي تستعملها الشركة المستأنفة (الطاعنة) قولا في غير محله” – ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه – حين تحدث عن الخطأ الذى أسندته الشركة الطاعنة إلى المطعون ضده الأول وهو تقليد علامتها التجارية – كركن في دعوى المنافسة غير المشروعة قد نفاه عن المطعون ضده الأول تأسيسا على عدم وجود تشابه بين علامته وعلامة الشركة الطاعنة سواء في المظهر العام أو في الجزئيات المكونة لكل منها من شأنه أن يوقع جمهور المستهلكين في الخلط واللبس بين العلامتين وأنه متى كان الأمر كذلك فإن المطعون ضده الأول لا يكون مخطئا إذ أن الخطأ لا يتوافر كأساس للمنافسة غير المشروعة إلا إذا بلغ التشابه بين العلامتين قدرا يؤدى إلى تضليل الجمهور والخلط بين منتجات الشركتين وهذا الذى قرره الحكم صحيح في القانون ذلك أنه وإن اختلفت دعوى المنافسة غير المشروعة عن دعوى التقليد إلا أنه متى كان الخطأ الذى يسنده المدعى إلى المدعى عليه في دعوى المنافسة غير المشروعة هو مجرد تقليد العلامة التجارية فان هذا الخطأ لا يتوافر إلا إذا كان التشابه بين العلامتين بحيث يؤدى لتضليل الجمهور واحتمال إيقاعه في اللبس بين العلامتين – ومن ثم فلم يخلط الحكم المطعون فيه بين دعوى التقليد ودعوى المنافسة غير المشروعة وبالتالي فلا تناقض في أسبابه ويكون النعي بالسببين الأول والثاني على غير أساس – كما أنه لا أساس لما تنعى به الطاعنة بالسببين الثالث الرابع ذلك أن الحكم المطعون فيه من أسبابه قد اعتمد في القول بنفي التشابه الذى من شأنه تضليل الجمهور على اختلاف العلامتين في المظهر العام واللون والحجم علاوة على اختلاف الجزئيات المكونة لكل من العلامتين اختلافا تاما ومن ثم فلم يقم قضاءه على اختلاف جزئيات العلامتين ولم يعتد بأوجه الخلاف أكثر من اعتداده بأوجه الشبه بل إن ما ذكره من اختلاف الجزئيات لم يكن إلا تدعيما لما انتهى إليه من عدم وجود تشابه بين العلامتين في الصورة العامة لهما فإن جميع العناصر الأساسية المكونة لهذه الصورة – ولما كان تقرير قيام التشابه الخادع بين علامتين أو عدم وجوده هو من المسائل التي تدخل في سلطة قاضى الموضوع فانه لا معقب عليه من محكمة النقض ما دام قد استند إلى أسباب تؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب بإغفاله الرد على دفاع جوهري ذلك أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون ضده حين تقدم بطلب لتسجيل علامته أغفل عمدا إدراج مادة الزهرة بين المواد التي طلب تسجيل علامته عنها مكتفيا في طلبه هذا بذكر أن الغرض منها تمييز ما ينتجه من مواد الغسيل ومنتجات أخرى حتى لا يكون طلبه محل اعتراض من الشركة الطاعنة وبعد أن تم التسجيل استعمل علامة الشركة الطاعنة لتمييز منتجاته من زهرة الغسيل ولما كان هذا العمل من جانب المطعون ضده يعتبر خطأ يتوافر به الركن الأول في دعوى المنافسة غير المشروعة فان الحكم المطعون فيه إذ أغفل هذا الدفاع ولم يرد عليه يكون مشوبا بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه حتى لو صح ما يقوله الطاعن من أن إغفال المطعون ضده الأول إدراج زهرة الغسيل بين المواد التي سجل علامته عنها يعتبر خطأ في جانبه إلا أن هذا الخطأ لا يكون ذا أثر في دعوى المنافسة غير المشروعة إلا إذا كان المطعون ضده قد استعمل علامة مشابهة لعلامة الشركة الطاعنة – أما وقد ثبت من قضاء الحكم المطعون فيه بما لا معقب عليه أن علامة المطعون ضده الأول تختلف عن علامة الشركة الطاعنة اختلافا يستحيل معه الخلط بين العلامتين فإن النعي بهذا الوجه يكون غير منتج إذ أن الدفاع الذى أغفل الحكم الرد عليه – إن صح – لا يتغير به وجه الرأي في الدعوى ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً