أوجه الفساد المالي
تم في المقالة السابقة ذكر أنواع الفساد الرئيسة، وهي السياسية والأخلاقية والمالية والإدارية، وقد يضيف آخرون أنواعا أخرى من الفساد، كالفساد الديني والعلمي والإعلامي والمعلوماتي والإحصائي. وعموما يجري التركيز على المستوى العالمي بدرجة كبيرة على الفساد المالي، وإن كانت أنواع الفساد الأخرى لا تقل سوءا عنه. ويبدو أن هناك توافقا بشكل كبير على محاربة هذا النوع بغض النظر عن النظم السياسية أو الشعوب أو المعتقدات التي تسود البلدان.
ويمكن تعريف الفساد المالي بأنه جميع الانحرافات المالية المخالفة للقوانين العامة أو لأحكام اللوائح والتشريعات والإجراءات المنظمة لأعمال الدولة والمؤسسات الخاصة والأفراد والمطبقة في مؤسسات الدولة والقطاع الخاص بشكل عام وغير المتسقة مع ضوابط وتعليمات الرقابة المالية. وتوجد أوجه كثيرة للفساد المالي
ولكن أهمها التالي: – الرشوة تعتبر الرشوة بلا منازع أبرز أنواع الفساد المالي، بل من أهم أدوات الفساد على الإطلاق. وتنتشر الرشوة في كل مناطق العالم وتأخذ أشكالا متعددة، وتتأرجح مستوياتها وانتشارها بدرجات متفاوتة بين الدول والشعوب وطبقات المجتمع. وقد تسمى بأسماء أخرى لتخفيف وقعها على الأنفس والإيحاء بقانونيتها كتسميتها بالكمسيون أو البخشيش أو العمولة أو النصيب أو الأتعاب. ويتم بموجبها تقاضي مبالغ مادية مقابل إنجاز أعمال نظامية، أو تجاوز الأنظمة واللوائح، أو تفضيل دافعي الرشا في المشتريات والمبيعات والمشاريع الحكومية والخاصة، أو التوظيف، أو التمويل الحكومي والخاص، أو في تحصيل الضرائب والرسوم ومستحقات المؤسسات والأفراد. وتنتج عن الرشوة جوانب سلبية كثيرة، أهمها رفع تكاليف الأعمال، وتعطيل المصالح العامة والخاصة، والحد من المنافسة.
فالشركة (أو الشخص) التي تكسب عقودا بالرشوة تلغي قوى المنافسة في السوق وتدمر الوظائف في الشركات النزيهة المطبقة لأصول الأمانة في أعمالها. وتدمر الرشوة على الأمد الطويل نفس الشركات التي تشهد هذه الممارسات الإجرامية. فالذين يسمحون بالرشا والفساد في مؤسساتهم يشوهون نظرة موظفيهم للمسموح والممنوع ويشجعون الممارسات الإجرامية داخل مؤسساتهم وضدها مما يدمرها في آخر الأمر. وتحاول دول العالم بشتى الطرق الحد من الرشوة ويعتبر بعضها أن فتح حسابات غير شرعية لاستخدامها في الرشوة أو الإفساد في المستقبل جريمة بحد ذاتها لأنه يؤسس للفساد في المستقبل.
– تضارب المصالح ينشأ تضارب المصالح من وجود مصلحة للموظف المسؤول في القطاعين الخاص والعام قد تؤثر بصورة فعلية أو محتملة على أداء عمله، أو بعبارة أخرى قد يستفيد الموظف من مركزه في تحسين وضعه المعيشي أو الاجتماعي.
وهذا يشمل المنافع التي تعود للعائلة أو الجماعة أو القبيلة أو العرق أو المحيط الجغرافي أو الأصدقاء أو مع المؤسسات التي يتعامل معها الشخص المسؤول أو عائلته. ولهذا تفرض قيود على التوظيف أو التعامل مع الموظفين السابقين أو اللاحقين وتجنب العمل في الوظائف التي تتعارض مع الوظيفة الحكومية أو العلاقة مع أي مؤسسة خاصة لها تعاملات مع جهة العمل.
– إساءة استخدام المركز الحكومي أو الخاص والموارد الحكومية والخاصة ويشمل هذا استخدام الوظيفة والمركز الحكومي أو الخاص في تجاوز الأنظمة المالية والإدارية للموظف المعني، أو أحد أقاربه، أو أصدقائه، أو في تبادل المصالح أو الحصول على منافع مالية غير مستحقة مثل استخدام السيارات الحكومية والخاصة للأغراض الخاصة للموظف أو من يفضله، واستخدام الآليات، والمعدات، والمباني، والتسهيلات الحكومية والخاصة لأغراض غير الأغراض المسموح بها.
– تطبيق الأنظمة الحكومية وأنظمة الشركات استخدام المركز الحكومي أو الخاص في تجاوز بعض الأنظمة الحكومية أو أنظمة الشركات الداخلية أو استخدام هذه الأنظمة كوسيلة لتعطيل المعاملات المالية أو أعمال المؤسسات والجهات الأخرى من أجل الابتزاز والحصول على منافع وفوائد مالية وغير مالية للأشخاص المعنيين بتطبيق الأنظمة أو أقاربهم أو أصدقائهم. وينبغي على المكلفين بتطبيق الأنظمة والإجراءات الحكومية والخاصة أن يكونوا ملمين بهذه الأنظمة وقادرين على تطبيقها وتفسيرها بصورة سليمة لكيلا يتم تشويه هذه الأنظمة واستغلالها من قبل الفاسدين.
– الهدايـا ويأتي الفساد هنا عن طريق السعي وراء أو تلقي أو قبول أي هدايا أو مميزات من أي شخص أو جهة خاصة أو عامة يمكن أن تؤثر على نزاهة العمل أو سير المعاملات المالية، بما في ذلك السلع والخدمات أو تخفيضاتها ودعوات السفر والعشاء أو بعض الخدمات الأخرى التي قد تستغل للتأثير على الموظفين.
– سرقة أو نهب المال العام والخاص وتتم سرقة أو نهب المال العام والخاص عن طريق قيام المتنفذين أو التعاون مع آخرين لأخذ الأموال والممتلكات مباشرة من خزائن الدولة أو الشركات أو المؤسسات الخاصة أو ودائعها أو نهب أملاكها أو تحميل الدولة والشركات والمؤسسات ديونا خاصة أو المبالغة في التعويضات والاحتيال في قضايا الدعم والتحويلات والمنافع الحكومية والخاصة أو عدم دفع القروض الحكومية والخاصة.
– الابتزاز حيث يقوم الفاسدون بابتزاز حاجة المراجعين إلى إنجاز معاملاتهم والحصول على مستحقاتهم للحصول على منافع نقدية أو غيرها.
– التزوير يزور الفاسدون المستندات والتواقيع وذلك للحصول على منافع ذاتية أو رفع قيم المعاملات المالية أو الشركات أو خفضها. – التلاعب واستخدام المعلومات الداخلية يتلاعب الفاسدون بالمعلومات والتعاملات المالية (كالنجش) في الأسواق أو يتعمدون نشر الشائعات والمعلومات الكاذبة أو استخدام المعلومات الداخلية في القطاعين الخاص والعام للحصول على مكاسب مالية. وقد يتم التلاعب بالأنظمة والقيود المالية من خلال إنشاء شركات أو مصارف وهمية أو ذات أغراض محددة باختراق الأنظمة، وذلك لتسهيل التحايل على القوانين المالية وجني أرباح غير مشروعة، وقد كشفت الأزمة المالية العالمية الأخيرة عن تلاعب كبير في الأسواق المالية أدى إلى حدوثها.
– غسيل الأموال وهو استخدام وسائل مالية مشروعة لتغطية التعاملات المالية الممنوعة أو غير النظامية لتضليل السلطات الرسمية وشرعنة الأموال الفاسدة. ولا تقتصر أوجه الفساد المالي على هذه الأنواع، بل هناك أنواع أخرى قد يتعسر حصرها. كما توجد أنواع من الفساد خاصة بالمجتمعات المحلية، فالتستر غير شرعي حسب أنظمة المملكة، ومع هذا يمارس بصورة واسعة بل قد يمثل الجزء الأكبر من الأعمال الصغيرة والمتوسطة. كما توجد في المملكة كثير من الأعمال الوهمية التي تتاجر في تأشيرات الإقامة أو تتقاضى رسوما من العمالة السائبة مقابل تبييض وجودها في سوق العمالة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً